أنا عار .. والعار يجب ان يُغسل (صرخة مكتومة)

انا عار والعار يجب ان يُغسلft14 (2)
يتصورون , بعد ان تعلموا , بأن الشرف يكمن في الجسد والحفاظ عليه وتقديسه , وانه اي الشرف لا علاقة له بالعقل وكيفية تطويره , هكذا تصوروا ولكن مع تصورهم واعتقادهم هذا لن يستطيعوا الحفاظ حتى على اجسادهم بالرغم من مبالغتهم بتغطيتها وحجبها , ومن ثم صاروا يفعلون ما لا يؤمنون به ولكن بالخفية فقط , والخفية صارت شعارهم التي تستر افعالهم كما سترت اجسادهم كما توهموا , شعارهم الذي يتباهون به هو الحجاب , فارتبط حجاب المرأة مع حجاب افعالهم , فتعرّت به غرائزهم وتعرت رغباتهم في ذلك الجسد الذي جعلوه مقدسا ومن ثم غلبت عليهم غريزتهم بل وفاقت هذه الغلبة جميع التصورات فلن يستطيعوا الحفاظ حتى على عقولهم التي بها سيكون تفكيرهم السليم وخلاصهم الوحيد من تلك الغرائز والرغبات التي استحوذت على تلك العقول , فخسروا بهذا القضيتين .
……………………………..
انا عار والعار يجب ان يُغسل // صرخت بكل ما أوتيت من قوة في ليلة زفافها وهي مرعوبة لخوفها من العقاب المنتظر, استجمعت هذا الخوف الكامن بداخلها لسنوات وتقيأت ذلك الجبل الذي ترعرع بألمها وخوفها وصمتها فكبر وتناسل مع كل لحظة عاشتها وحملت منه شخصيتها المهزوزة دوما من شدة القهر الذي وقع وهي تنتظر في اي لحظة حكم اعدامها , خوفها من هذه اللحظة كان يلازمها لسنوات نهشت بروحها وهي ملتزمة الصمت وسط محيط يغفر اخطاء الرجال لو حاولوا التمادي والخطأ , ولكنهم لا يغفرون لها ان خطأت واياً كان نوع خطأها وأن كانت هي المجني عليها وعليها ان تتحمل لو اخطأ الرجل بالرغم من انها ناقصة عقل كما وصفوها , تنفست دون ان تملىء رئتيها بالهواء , ارادت ان تلهو حالها حال بقية الأطفال حينما تربص لها ذلك الرجل عندما كانت طفلة , باغتها في غفلة من امرها بعد ان غلبت عليه غريزته لينتهك فريسته بعد كبت وجوع طويلين . ……..
خرجت صرختها المدوية دون ارادة منها ودون ان تستطيع كتمها بعد ان وصلت لنقطة الحسم وانعدام المفر , فكيف لها ان تخفي تلك الجريمة التي كانت هي مجرد ضحية لها , وضحية لمجتمع اعطى الحق لرجل لن يجد من يردعه , كانت بطلة لقصة دون ان تدري باحداثها فصارت هي المفعول بها لتدفع من حياتها وكرامتها وانسانيتها ثمنا لجريمة غيرها.
مع صرختها تلك دارت في ذهنها صورا سريعة لتلك الحادثة التي حفرت جرحاً في روحها عجزت السنين من ان تداويه فصار جرحها يحمّل يوما بعد يوم من القيح الكثير, ويكبر معها وينزف بين الحين والحين , وهي تتحمل بصمتها ذلك الألم لأنعدام دوائه وسط محيطها , كان يندمل احيانا ولكن هذه الأحيان لم تكن كثيرة , ليرجع وينزف ثانية لأقل سبباً .
صورا كانت تأتيها على شكل كوابيس في الليالي الطويلة تتمثل برجال تحمل رأس ذئباً ومخالب طويلة تنغرس في جسدها كلما حاولت الأبتعاد عنهم , تغويها تلك الأجساد الجميلة احيانا بملابسها الأنيقة , تتعجب لأجسادهم وتلك الأناقة الملفوفة بها , ولكنها تنذعر حينما تنظر الى تلك الرؤوس الغالبة عليها شكل الذئاب الجائعة التي تتربص لتحركاتها , لا زالت آثار تلك الأنياب التي غُرست في جسدها الغظ قبل ان يتلوث بها , مضافا لها ما تراكم من زبد ريقها بعد ان سحبها كفريسة راغباً بالتهامها بعد جوع طويل , تذكرت كلمات والدتها اثناء ما كان يسحبها والتي كانت تحذّرها من جنس الرجال ومحاولة الابتعاد عنهم , وفكرت بأنها منيتها المحتومة عليها , ولكن بالرغم من انها كانت تعمل بتلك النصائح مرغمة دوما وبالرغم من خوفها من جنس الرجال لم تسلم منهم لصعوبة الأبتعاد , كونها لو ارادت هذا فعليها ان تدفن نفسها وهي بالحياة بقمقم مظلم لأجل ان لا يراها الرجل وتثير مكامن ضعفه وشهواته , فصار من الصعب تطبيق نصائح والدتها التي توارثت هي ايضا من والدتها , هكذا دارت دوامة الخوف بها من شيطان الرجل عليها وعلى والدتها وجدتها دون ان يفكروا بأخراج هذا الشيطان الكامن في الرجل وقتله .
ركعت امامه بكل ما امتلكت من عبودية واستسلام لا حكم عليها بها ووجهها تكتنفه علامات الرعب , ركعت وهي ترتدي ثوب زفافها الناصع البياض كون هذا اللون يمثل النقاء والسلام لكنهما مزيفين , لون ابيض لا يعكس واقع الحياة المرير التي ستكون في انتظارها , ثوب زفافها كان ابيض بلون كفنها .
قالت له ( استر عليّ الله يستر عليك , اقتلني ولا تفضحني ) , ولكن هيهات لفحولته ولرجولته ولشاربه ولكل ما ينطق به تاريخه وما تلقاه من محيطه من ان يفهم توسلاتها .
قبل ان تحكي قصة مظلوميتها شعرت بصفعة قوية وجهت من قبل زوجها بعد ان طعنت فحولته التي اهتزت عندما شعر بأن هذه البضاعة كانت مغشوشة , فكر هو بأن هذه الأنسانة التي تركع امامه لابد وان تكون منحطة باخلاقها كونها لم تستطيع ان تبتعد عن شيطان يمكث في عقل رجل لا تعرفه , فكانت هي من حبائل شيطانه وسببا لغوايته , توالت الصفعات الى ان ادمت وجهها فلابد للدم من الظهور في ليلة كهذه .
وأذا الموؤدة سألت بأي ذنب قتلت !! , كيف يوجه السؤال للموؤدة بالرغم من انها ميتة , ولا يوجه للقائم بالوأد ؟
وما الفرق بين وأد البنات ما قبل الأسلام وبين وأدها اليوم , بعد ان اعطيّ الحق للرجل دوما كون الله وضع له شهوة أخذت عقله وسحبت المسؤولية عنه ؟

ابداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا بهم نهزم التخلف وننصر الانسانية

فؤادة العراقية (مفكر حر)؟

About فؤاده العراقيه

كاتبة عراقية ليبرالية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.