نابليون بونابرت, اكبرعبقرية عسكرية بالتاريخ, كان لديه حكمة تقول:” لا تقاطع عدوك ابدا اذا كان يدمر نفسه”
jamais interférer avec un ennemi quand il est en train de se détruire
هذه هي من دون شك سياسة الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الاوسط, والتي اطلق عليها اوباما تضليلاً سياسة ” القيادة من الخلف”.
كنا تسألنا في بداية الثورة السورية فيما اذا كانت اميركا ستستخدم المستنقع السوري لإغراق الولي الفقيه الايراني ومعه الولي الفقيه الروسي “بوتين” والذي يتبنى ايديولوجية دينية جديدة وهي “معاداة اللبرالية الغربية” بعد ان كفر بمعتقده الشيوعي القديم, وكان المقال بعنوان:” هل سيتم إغراق الولي الفقيه بالمستنقع السوري؟“.
بالواقع الفرق بين السياستين ضئيل حيث ان في الثانية تحتاج لان تستثمر جهدا ما في اغراق الاعداء, اما في الاولي فكل ما تفعله هو عدم مقاطعته عن تدمير نفسه بنفسه, وهذا بالضبط ما تفعله اميركا واسرائيل في منطقتنا وهي عدم مقاطعتنا في تدمير انفسنا بانفسنا.
لقد سخر وهزء اوباما من الاغبياء اللذين يدعون بان اميركا ضعفت بعهده, لانه يعرف تماما بان اميركا قويت بعهده, وحققت كل ما تريد من دون ان تصرف سنتا واحدا او قطرة دم اميركية واحدة, فقد صرح في لقاء مع “بلومبرغ فيو” قبل عدة اشهر قائلاً: “إني أستهتر بالفكرة القائلة بأن إيران كسبت في سورية بطريقة أو بأخرى.. أعني، إنك تسمع الناس يقولون أحياناً، “إنهم يكسبون في سورية.” ؟ كان هذا البلد صديقهم الوحيد في العالم العربي، وهو عضو في جامعة الدول العربية، وقد أصبح الآن أنقاضاً, ذلك يستنزفهم لأنهم في حاجة إلى إرسال المليارات من الدولارات.. ووكيلهم الرئيسي، حزب الله، الذي كان يتمتع بوضع مريح وقوي جداً في لبنان، يجد نفسه الآن تحت هجوم المتطرفين السنة… هذا ليس جيداً بالنسبة لإيران. إنهم يخسرون مثل أي طرف آخر, والروس يجدون صديقهم الوحيد في المنطقة ركاماً وفاقداً لشرعيته أيضاً” انتهى الاقتباس.
هذه بالضبط سياسة ” لا تقاطع عدوك اذا كان يدمر نفسه:”.
علقت وزارة الخارجية الاميركية على تصريحات المعتوه “بشار الاسد ” عندما ظن نفسه بانه قادر على الحسم العسكري : ” أنها لا توافق الأسد تحليله بأن النزاع المسلح في سوريا يمر حالياً بـ “مرحلة انعطاف” لصالح نظامه، مشيرة إلى أن ما يجري فى سوريا هو “حرب استنزاف”. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية حينها، أن “تحليلنا يبقى على حاله، أي أنها حرب استنزاف وأن ما من طرف استطاع أن يحرز أو أن يحافظ على مكاسب مهمة”. وأكدت أنه سيكون من الخطأ الاعتقاد أن كفة الانتصار فى ميزان الحرب تميل لصالح الأسد.
هذه بالضبط سياسة ” لا تقاطع عدوك اذا كان يدمر نفسه:”, وكلنا يتذكر كيف ان اميركا تراجعت في اللحظة الاخيرة عن ضرب نظام عائلة الاسد الاجرامية لتجاوزها الخط الاحمر المرسوم لها بعد استخدامها الكيماوي ضد الاطفال والنساء الامنين لماذا؟ الجواب لكي لا تقاطع نظام الأسد والولي الفقيه وروسيا عن تدمير انفسهم بانفسهم, اما هذه الخزعبلات والحجج الواهية التي تذرعوا بها فلا تقنع الطفل الصغير.
نلاحظ انه منذ بضعة ايام تم توسيع حرب الاستنزاف لأعداء اميركا في المنطقة بقدرة قادر؟ وانضم المستنقع العراقي ليشكل امتداد للمستنقع السوري وبذلك يصبح متسعا لكي يغرق به الى جانب الولي الفقيه الايراني والروسي وعائلة الاسد وحزب الله, والارهابيون الاسلاميون, واذا ظل اردوغان على سياسته الاستبدادية في تركيا, حالما بأوهام الخلافة العصملية الاسلامية, فان المستنقع يتسع له ايضا.
كان بإمكان اميركا واسرائيل ان تعرقل وصول الاخوان للحكم في مصر؟ ولكنها لم تفعل وباركت للشعب المصري انتخابهم لهم لماذا؟ لان اميركا تعرف بان تداخل الدين بالسياسة كفيل ان يدمر اي بلد! لذلك لم تقاطع الشعب المصري بتدمير نفسه! هذه بالضبط سياسة ” لا تقاطع عدوك اذا كان يدمر نفسه:”.
كان بإمكان اميركا ان تفشل انقلاب السيسي ولكنها لم تفعل, وباركت لمؤيدي الانقلاب والعسكر ما قاموا به لماذا ؟ لان اميركا تعرف بان الحكم العسكري كفيل بتدمير اي بلد, لذلك لم تقاطعهم؟ هذه بالضبط سياسة ” لا تقاطع عدوك اذا كان يدمر نفسه:”.
كان بإمكان اميركا ان تمنع بوتين من احتلال القرم, وتجزئ اوكرانيا والسيطرة على القسم الشرقي الموالي لها, ولكنها لم تفعل لماذا؟ لأن اميركا تعرف بأن الاحتلال القديم مكلف, وعلى دولة الاحتلال رعاية الدولة التي احتلتها, وكل مناجم ذهب سبيريا وغازها وثروات روسيا لن تكفي لحمل هذا العبئ على روسيا وسيتم استنزافها (بالمناسبة هذا سسبب خروج اسرائيل من لبنان ومن غزة وليست المقاومة كما يهرف الممانعون), وستدمر روسيا نفسها بنفسها, وهذه بالضبط سياسة ” لا تقاطع عدوك اذا كان يدمر نفسه:” التي يعتمدها اوباما والعبقرية السياسية الاميركية.
من هنا نرى بان الدولة العظمى لا تخسر ابدا ( راجعوا مقالنا: أميركا دولة سوبر لا تخسر ابدا ) وهي تكسب حروبها بالمجان ومن دون ان تصرف سنتا واحدا, وان اميركا لا تتأمر علينا وليست بحاجة أصلا لان تتأمر علينا, لان الانظمة الاستبدادية في المنطقة تدمر نفسها بنفسها وتدمر بلدانها وشعوبها واميركا لا تقاطعها, وهذه بالضبط سياسة ” لا تقاطع عدوك اذا كان يدمر نفسه:”.
مواضيع ذات صلة: هل سيتم إغراق الولي الفقيه بالمستنقع السوري؟
خير الكلام .. بعد التحية والسلام ؟
١: بداية تحياتي لك على المقال الذي أصاب الحقيقة في مقتل ، فيما يجري من حوالينا ؟
٢: بحكم كون مصر أكبر الأقطار المستعربة سمحت أمريكا للإخوان بالاستيلاء على السلطة فيها لسببين ، لكشف قيادات الخط ألاول وهذا ماحدث ، والثاني كشف خلاياهم النائمة وأماكن تواجدها بعيدا عن إجتهادات المخابرات ؟
٣: ساذج من يعتقد أن السيسي أقدم على فعلته من دون ضوء أخضر من جهة نافذة في أمريكا بعيدا عن الرئيس ؟
٤: بالنسبة لإيران فكل الدلائل تشير أنها قد سقطت فعلا في فخ غبائها ، وما غض الطرف من قبل الغرب عن سلوكها في أكثر من مكان (التهادن والمسكنة ) إلا ا الطعم الذي سارت إليه برجليها دون أن تدري ، والآن يستحيل عليها الخروج من هذا المازق بوجه أبيض ؟
٥: بعد الذي حصل لها في المنطقة خاصة ( سوريا والعراق) ستلعن الساعة التي أيدت فيها ألأسد والمالكي ، لان نهاية ما يجري سيصب في صالح الثورة الإيرانية القادمة إن عاجلا أو أجلا ، وما يحدث في سوريا والعراق الان سيكون فعلا ربيعا لما سيحدث في إيران ؟
٦: وأخيرا على ضوء مايحدث في بلداننا من شلالات للدماء بمباركة رجال الدين ، أن مصيرهم إن عاجلا أو أجلا هو القتل بطريقة العمل الشعبي كما يقول العراقيون ؟
اشكرك صديقي وزميلي الكاتب الفاضل سرسبندار السندي على مروركم العطر وإبداء الرأي والتشجيع
تعليقكم قد اضاف للمادة واغناها
كل المودة