أفكار في قضية المرأة — علاقة الأضطهاد والقمع بأبداع المرأة —

الى الذين يدّعون بأن طبيعة المرأة وامكانياتها محصورة ولا تسمح لها سوى بالأنجاب وأعمال البيت فقط ولأمور بسيطة أخرى :

هناك الكثير من الناس مقتنعين بأن المرأة هي الجنس الأدنى من الرجل ويعزون السبب في هذا الى طبيعة المرأة الفسيولوجية والسيكولوجية , مدّعين بأن قلة النساء المبدعات والشلل الذي يعتريهن من كافة النواحي سواء الفكرية او الجسدية هو طبيعة فطرية لها مما يترتب من جراء هذه الطبيعة قلة النساء المبدعات , وتكاد تجزم الغالبية في اننا لا نستطيع ان نتدخل بهذه الطبيعة ونغيرها كون المرأة تحمل في داخلها جينات طبيعية منذ ولادتها متأثرة بتلك الطبيعة في ما يخص الأمومة وملحقاتها من عملية الأنجاب , مما يتوجب عليها ان تحترم امومتها وان تسخر حياتها لهذه المهمة فقط فتتحمل مسئولية خدمة الأبناء والزوج بالأضافة الى الأعمال المنزلية الأخرى , أما الرجل فعليه بالعمل ومنه حريته المطلقة ليأتي لها بالمال , هكذا استمر الوضع على تقسيم العمل والتفرد به مما تسبب في تشويه طبيعة المرأة والرجل على حد سواء .

البعض منهم يعزوها الى ان الله وضع لكل جنس حدوده ومكانته وعليه لا يمكن تخطي تلك الحدود ولا يمكن التدخل بارادة الله , أو لا يمكن التدخل بطبيعة خلقِه , أعطى المجتمع للرجل الحرية الكاملة بالحركة والأستمتاع بحياته كيفما يشاء لأن طبيعته لا يترتب عليها التزامات وقضايا تمس الشرف والخ … فالشرف حُصِر بالمرأة فقط ولا علاقة

له بالرجل والمرأة تعيبها ابسط الأشياء فيصفوها احيانا بالزجاجة قابلة للكسر بسهولة !!, متناسين تدخل المجتمع القسري المتمثل بالأب اولا واحيانا توافقه الأم على تكبيلها منذ الولادة ومنعها من الخروج وممارسة حياتها خوفا عليها , والأدهى من هذا كله يكمن في أن هذا الخوف يكون من الرجال أيضا , عليها ان تكون هادئة ومطيعة دوما من دون ان تتذمر من هذه القيود التي يريدون لها الثبات , فهي وكما جُبلوا على انها كائن ضعيف لا يستطيع حماية نفسه ويتمثل بها شرفهم , ومن ثم يأتي دور الأخ عندما تراه حرا طليقا يمارس هواياته ويتلقى التشجيع عليها , وأن اظهرت هي ميولا للقراءة أو رغبة في ممارسة هواياتها فستواجه بالزجر واتهامها بأنها تتشبه بالأولاد , عليها أن تكون انثى بالمعنى الذي يريدون فتردع بشدة ليتم الغاء ومسخ شخصيتها , أما الأخ فله الحق ليشترك بالنوادي الرياضية ويخرج وقت ما يشاء وهي تكرس حياتها لخدمته وتلبية طلباته لحين استلامها من قبل رجل آخر يتمثل بالزوج فيبقى الأخ هو المتسلط ومن بعده الزوج , ثم يأتي دور الشارع في حالة خروجها فسيزيد من خوفها عندما ترى الرجال متربصين لها بنظراتهم وكأنها مجرد فريسة لهم , واخيرا سيأتي دورالزوج الذي سيمثل نهايتها فيأخذها جاهزة ومهيأة له كجنس ادنى منه قابل للخنوع وبلا وعي ولا ارادة بمساعدة القانون الفاسد له .

تدخل بعدها في دوامة لا طائل لها في قتل ما تبقى لها من حس وشعور وهي دوامة انجاب الأبناء وما تلحقها من اعمال البيت , كونها هي التي تلد فعليها ان تمكث بالبيت مع اطفالها وتتحمل مسئوليتهم بمفردها وتعمل على خدمتهم وخدمة الزوج وستكون بلا عطاء ولا قدرة على تربيتهم لأنها غير قادرة على تجديد عقلها بخضم جميع هذه المؤثرات .

فهل نستطيع ان نضع اللوم في هذا الرضوخ على المرأة ذاتها بعد تلك القرون من الأستبداد الذي مورس ضدها , متناسين هذه التأثيرات التي تسببت لها بهذه العبودية بعد كل ما جابهته من قمع لقرون عديدة استُغل فيها تلك التركيبة البيولوجية لاجل قمعها وليفرض عليها الرجل قيودا لم يفرضها على نفسه ولتكون هي الجنس الأدنى منه .

هل تتناسى ايها الرجل الذي تدعي بأنها اقل منك ذكاءا ومقدرة , بأن الأنسان منذ ولادته يكون مزدوج الجنس أي انه لا يكون ذكر بالمطلق ولا انثى بالمطلق ؟

هل نسيت طفولتك واحساسك عندما كنت تظهر تلك الصفات الأنثوية التي تمتلكها انت بعفوية وبرائة الطفولة قبل ما يتعرض لطفولتك المحيط ويتم تشويهها وبعد ان يلاحظ بك تلك الميول في اللعب ورغبتك بمخالطة الفتيات أو أظهار تلك الميول دون خجل منها ؟ وكذلك قتل ميول الأنثى عندما تكشف عن ميولها الذكرية .

كيف تغفل عن اول مراحل تشويه الطبيعة

فأنت تمتلك في داخلك هرمون الأنوثة ايضا , كما وتمتلك هي في داخلها هرمون الذكورة , فهل ستحتقر جزئك المتمثل بالأنثى , أم انه تم قتله من قبل المحيط ؟

وكذلك الشعور الأموي لا يقتصر كما توهمت على المرأة حيث يقابله الشعور الأبوي فلكل منهما امكانيتين , لكن مجتمعاتنا تشوه وتعدم هذه الأمكانيات وتقوم بوأدها منذ الطفولة , فيقتل الأحساس بالصفات الانثوية بالذكر وبنفس الطريقة يتم قتل الصفات الذكرية بالأنثى , غافلا بأن هذه الصفات هي المكملة لنا وكطبيعة لا يجوز بترها واهمالها .

ماذا سيترتب عن انعزال المرأة عن الحياة وحصر اهتمامها على امور البيت التي لا تنمي قدراتها الفكرية لتكون خادمة ودمية بمعنى الكلمة للرجل ؟

فهناك علاقة ثابتة بين الكبت وانخفاض قدرة الأنسان على التعلم وتشويه الطبيعة الأنسانية

والمجتمع المتطور يستطيع ان يغير ويتدخل حتى في الطبيعة الأنسانية هذا لو اسلمنا في انها طبيعة بالمرأة , فكيف لو لم تكن طبيعة بها ؟

أبداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا بهم نهزم التخلف وننصر الأنسانية فؤادة العراقية (مفكر حر)؟

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

About فؤاده العراقيه

كاتبة عراقية ليبرالية
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.