كتيرة هي الأشياء اللي أدهشتني من اول قدومي للولايات المتحدة.. عراقة وفخامة واشنطن، سحر و جمال فرجينيا، بساطة و طيبة أهل ميريلاند، و ريحة تاريخ الحرية في فيلادلفيا..
بس اكتر الأشياء اللي أبهرتني حتى اليوم، هو الجالية السورية المقيمة في هالبقعة من العالم ..
آلاف من خيرة ابناء الوطن سوريا، سير و قصص نجاح لا تنتهي ، وجوه مؤثرة في مجتمع من الصعب انو ما تلاحظها..
مجتمع سوري متماسك، محب ، متقبّل للآخر، طموح ، ناجح ، مؤثر و متوازن..
تذكرت اليوم بعد اتصالي بأحد هذه العائلات ، تذكرت قصة صارت معي في مطار دمشق الدولي من اكتر من عشر سنين..
مئات السوريين الفوضويين على مسارات وزن الشنط، الشاطر اللي بدّو ياخود دور التاني ، و الأخ اللي بدّو يدفع لعتّال الشنط لتمريرو قبل غيرو، و الشب اللي عم يصرخ بعامل الوزن و عم يبهدلو و يسب عليه و يعاتبو على اكتشاف الحمولة الزايدة اللي معو، عداكون عن ريحة السيكارة الطالعة من دخان ركاب الطيارة ، و قصة الغريب اللي بيطلب منك اتشيل عنّو حمولة زيادة ما بدّو يدفع غرامتها، و ما بدّي احكي بالأهل اللي تاركين اولادهون عم يبحتوا من البكي بدون ابداء اي محاولة لتنشيف دموعهون، و اللي عم ياكول سندويشة و يرمي الورقة عالارض ، و الحسناء اللي عم تفصفص بزر و تكب الوسخ عالارض ..
تركنا مطار دمشق ، و وصلنا لمطار شارل ديغول في العاصمة الفرنسية باريس..
نفس مئات الفوضويين السوريين اللي كانوا عم يتمتعوا بفوضويتهون، اتحوّلو بعد سبع ساعات سفر و بقدرة قادر الى اكتر الشعوب قدرةً على التأقلم مع الأجواء الجديدة..
اللي كان عم يدخّن في مطار دمشق صار بينزعج من ريحة السيكارة في مطار باريس ..
و الام اللي فالتة ابنها يبكي لتنشف دموعوا في مطار دمشق، صارت الام المثالية في مطار باريس ..
و الفوضوي اللي كان عم يوبّخ عامل الوزن في مطار دمشق، صار سيد القانون قدّام الموظف الأشقر في مطار باريس..
ليش هيك عم يصير؟؟
دائماً هالسؤال بيجي على راسي بدون ما اجهد نفسي بالبحث عن الجواب ..
بس اليوم قررت لاقي الجواب و شارككون فيه..
نحنا السوريين شعب حضاري بالفطرة.. شعب الله واهبو قدرة على التأقلم في اي مجتمع محكوم بالقانون لأنّو شعب بيحترم القانون ما بيخاف منّو ..
مشكلة السوري في سوريا، مواطن حضاري أصيل و لكن عايش في مملكة محكومة بالفوضى و الرشوة و الرذيلة و الخوف..
أعطوا السوريين هذا البلد سوريا و اللي بيحكمها القانون و العدل ، و شوفوه لوين بياخدها..
تريد لسوريا أن تُحكم بالقانون والعدل !…أتريد أن تسبب لإسرائيل السكتة القلبية