أسلحة روسيا الإلكترونية تضرب أوكرانيا

أليك روسbeuty

عندما كنت طفلا صغيرا، كنت أنا وأترابي نمارس بعض ألعاب القتال والعراك البريئة، التي كنا نلتزم خلالها وبشدة بقواعد غير مكتوبة: على سبيل المثال، يمكنك تسديد اللكمات، ويمكنك ركل خصمك، وتستطيع حتى خنق عدوك خلال المعركة، غير أنه ليس بإمكانك استخدام أي نوع من أنواع السلاح، فلو أقدم أحدنا على الإمساك بحجر صغير أو عصا، فسوف يلقى حتما سخرية وازدراء من رفاقه، وقد يتعرض إلى عقاب شديد من جميع المشتركين في لعبة القتال تلك.

وبالمثل وخلال فترة الحرب الباردة، كانت هناك بعض الضوابط والقواعد بالغة الأهمية غير المعلنة والتي كانت تمثل أساس الصراع الدائر وقتها. كان من الطبيعي أن تندلع الحروب بين الدول التابعة لكل من المعسكرين الأميركي والسوفياتي، غير أنه لم يكن عاديا أن يتواجه جنديان أميركي وسوفياتي وينخرطا في قتال مباشر خشية أن يتعرض التوازن غير المستقر – خلال الصراع بين تلك الدول التابعة – بين أكبر قوتين في العالم لخطر الإصابة بخلل ما.

أما اليوم، فيدخل استغلال الأسلحة الإلكترونية في إطار خطة، أصبحت مقبولة على نطاق واسع (حتى ولو على مضض) وتشكل جزءا من استراتيجية بعد الدول في ممارسة نفوذها، في الوقت الذي لا يمكن تصنيف تلك الاستراتيجية ضمن أشكال الصراع المسلح التي تندرج تحت مسمى الأعمال الحربية.

ودعونا نفند هذه الفرضية لنرى إلى أي مدى تبدو صحيحة.

أحدث الأمثلة على الهجمات الإلكترونية يتضح في السلاح الإلكتروني الذي أطلقته روسيا والمسمى بالثعبان، والمعروف أيضا بـ«أوربوروس»، وهي أفعى في الأساطير الإغريقية. وقد سبب سلاح «أوربوروس» الإلكتروني خسائر كبيرة في أنظمة الحكومة الأوكرانية. الأمر المثير بشأن سلاح «أوربوروس» الإلكتروني أنه يحمل خصائص استخباراتية (من حيث القدرة على المراقبة والتجسس) وكذلك خصائص حربية (من حيث إنه له قدرة على تدمير شبكات الكومبيوتر).

ومن خلال استهداف الحكومة الأوكرانية بسلاح «أوربوروس» الإلكتروني، يستطيع الروس شن هجوم مؤثر وفعال، من دون إعلان الحرب فعليا، ومن دون أن تصدر أية ردود أفعال من دول أخرى، باعتبار أن ذلك الهجوم يدخل في نطاق الأعمال الحربية.

غير أن تأثير ذلك السلاح الإلكتروني لن يستمر إلى الأبد، إذ إنه إذا بقيت بعض قدرات «أوربوروس» في العمل، فإن ذلك يعني أننا سنرى ما إذا كان سيستمر التمسك بقواعد المعارك الإلكترونية أم لا. ففي حال قيام الروس بنشر أسلحة إلكترونية لها قدرات تدمير الشبكات في دول أخرى، فمن المتوقع أن تتحرك واحدة من تلك الدول لترد على ذلك الهجوم، حيث لا يختلف إطلاق سلاح إلكتروني عن إطلاق صاروخ من الصواريخ المستخدمة في الحروب التقليدية.

لم يتسبب غياب مجموعة من المعايير والاتفاقيات – التي يجري الالتزام بها على نطاق واسع – والتي تحكم استخدام الأسلحة الإلكترونية، في إطلاق المدافع والصواريخ، لكن الحال لن يستمر طويلا على ذلك الوضع. ويبقى من المؤكد أننا نحتاج إلى شيء أكثر من الضوابط والقواعد للتحكم في الأسلحة الإلكترونية.

* زميل كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا

بالاتفاق مع «غلوبال فيو بوينت»
نقلا عن الشرق الاوسط

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.