وفاء سلطان
تصلني رسائل كثيرة بالبريد الإلكتروني. يُثير بعضها غثياني لكنّه، في الوقت نفسه، لايُثير دهشتي، فمن يعرف السبب لا يعتريه العجب!
الإنسان ناتج ما يسمعه وما يستخدمه من لغة، وما الرجل المسلم الذي ورث لغة الإسلام في جيناته إلا ناتجا حقيقيا لتلك اللغة.
فتشت طويلا عن رسالة أستطيع أن أنشرها ولا أخدش بها حيائي وحياء قارئي، فلم أجد سوى تلك التي تلقيتها من السيّد علي الطائي، وها أنا أنشرها حرفيا بأخطائها وركاكتها، فكان الله في عون قارئها!
السيّد علي، ولحسن الحظ، لم يخدش حيائي. لكنه، ولسوء الحظ، استهزأ بعقلي، وهما خياران أحلاهما مرّ!
………………..
السلام عليكم
السيدة وفاء سلطان:
من خلال اطلاعي على عدد من كتاباتك من خلال موقع الحوار المتمدن
1- قد اتفق معك في بعض القضايا واختلف في أخرى
2- سيدتي إننا كلنا نريد التغير إلى الأفضل ولكن هناك أمور تتعلق بالعقيدة التي يؤمن كل منا بها
3- وكتاب الله نعالى القران الكريم هو اقدس ما لدى المسلمين وايماننا بة لا يتزعزع لن ذلك من صلب العقيدة
ولكن فية آيات قد نسخت من الله تعالى ونزلت مكانها آيات اخرى لاحقا او ان فيها تدرج في الحكم او التشريع
ان مشكلتنا نحن المسلمون ليست في القران ولكن فيمن نصبوا انفسهم مفسرين وماولين لكتاب الله
انة تعالى عندما يصف نفسة بالجبار يصفها ايضا بالسم والغفور والرحيم والسلام
ولا ننسى ان الكثير من الايات القرانية نزلت بحادثة او لسبب معين في ذلك الوقت وهنا لا يجوز التعميم
4- ان لغة العرب في ذلك الوقت أي نزول القران الكريم لم تكن فيها نقاط اعجام ولا حركات اعراب بل كانت خالية من أي شئ وهذا امر ثابت وان لهجات العرب كانت مختلفة ويعود الفضل في وجود نقاط الاعجام وحركات الاعراب الى ابو الاسود الدؤلي والتلاميذتة وأخيرا الى الخليل بن احمد الفراهيدي
لذا ما زلنا نرى ان كلمات في القران تكتب شكلا وتلفظ شكلا اخر
وهذا يعود الى ان الخليفة الثالث عثمان بن عفان عندما قرر توحيد المسلمين على قراةء واحدة للقران امر ثلاثة نفر من قريش وزيد بن ثابت الانصاري لكتابتة
وقال لهم قولا مشهورا ( اذا اختلفت في شئ مع زيد فردوة الى لغة قريش فانة نزل بها )
وعلى ضوء ذلك يحدثنا التاريخ ان الصحابي ابين مسعود رفض تنفيذ امر الخليفة اولا وهو من هذيل ولفتهم فيها اختلف عن لغة قريش ولكن بعد فترة وافق واحرق مصحفة المكتوب بلغة هذيل وكان واليا على الكوفة
وهناك أحاديث مروية عن الرسول الكريم صلى الله علية وسلم وهى صحيحة تؤكد ان القران نزل بسبعة أحرف وفي ذلك تسهيل للمسلمين الأوائل في حفظ القران وتلاوته
– ان المشكلة ليست الإسلام كدين ولكن فيمن نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين ووكلاء الله على الأرض والعباد وأصبح كلام بعضهم مقدسا أكثر من كلام الله تعالى
– هنا تكمن المصيبة التي ابتلي بها الإسلام والمسلمون
– وتحول البعض من عبادة الله العظيم الى عبادة البشر
وان شاء الله تعالى يكون لنا تعليقات اخرى لتوضيح بعض الامور في حالة تلقيت استجابة منك
مع خالص الود
علي الطائي
*****************************
أحترم حق الناس في أن يقدّسوا ماشاؤوا. قدّس الحجر أو الشجر أو البشر وثق بأنني سأقدسها معك طالما تُسعدك ولا تضرّني.
الأمر مع القرآن يختلف، نحن هنا لسنا مختلفين على قدسيته وحسب، بل خلافنا أعمق بكثير وهذا ما يحتاج إلى توضيح.
الكتاب أي كتاب، سماويّ- كما يدعي البعض- أو بشري هو عبارة عن رسالة يرسلها المؤلف إلى قرائه.
أبسط قواعد الكتابة تقتضي أن يفهم القارئ رسالة الكاتب بشرا كان أم إلها، وأبسط أخلاق الكتابة أن تكون الرسالة المكتوبة واضحة هادفة بنّاءة.
إذا افترضنا جدلا بأن هناك إلها يكتب ويرسل ما كتبه لعباده، لن يختلف اثنان منّا بأن ما يكتبه ذلك الإله يجب أن يعكس حكمته وقدرته.
يُفترض أن يدرك الإله قدرة البشر على الفهم فيراعي عندما يكتب محدودية تلك القدرة كي يستطيع أن يصل برسالته إليهم.
ويُفترض أن يكتب بحكمة، فلا يثرثر كي يصل إلى هدفه دون أن يضيّع وقته ووقته قرائّه.
القرآن من أكثر الكتب في تاريخ العالم التي لعبت دورا في هدر وقت قرائه وسلب أخلاقهم.
لم يحترم أبسط قواعد الكتابة، ولم يلتزم بأبسط أخلاقها. دمّر ولم يبن.. سلب ولم يعط.. أفلس ولم يثقّف.. ضلّ ولم يهد!
ما الحكمة من أن يرسل الله كتابا يحتاج إلى ملايين التفاسير والتأويلات كي يستطيع أن يصل برسالته إلى قارئه؟
ألم يكن الله قادرا على إرسال رسالة واضحة لا تحتاج إلى بشر كي يؤولوها ويفسروها، خوفا من الضياع في داهليز التأويل والتفسير؟
ألم يكن الله قادرا على أن يوحي لـ “نبيّه” بأن يفسر لأتباعه كل أية على حدة، أم كان ذلك النبي نفسه لا يعرف التفسير؟
لماذا لم يوعز الله لـ “نبيّه” ليكتب القرآن قبل أن يموت كي يُجنب الناس الضياع بين النقل والتنقيط والتحريك والتفسير، وما آل إلى ذلك من حجج واهية تفضح أكثر مما تُستر.
خلال عشرين عاما نسخ الله آياته وغيّر قوله، وخلال أربعة عشر قرنا من الزمن لم يسمح لأحد بأن ينسخ أو يُغير!! أليس الله أدرى بحاجة الناس عبر الزمن إلى النسخ والتغيير؟!!
كيف يحتاج الله إلى أن ينسخ أقواله خلال وقت قصير جدا بالنسبة لديمومة الله، ولا يسمح للإنسان أن ينسخ تلك الأقوال خلال عمر طويل جدا بالنسبة لحياة الإنسان؟
كيف يكتب الله كتابه بلغة قبيلة لا علاقة لها بسكان الأرض من قريب أو بعيد، ثمّ يفرض على العالمين أن يقرأوه بلغة تلك القبيلة فهموه أم لم يفهموه؟ إنها لمهزلة!
ما الحكمة من قراءة كتاب دون فهمه؟!
من يقرأ تبريرات المسلمين لما جاء في كتابهم من عجز لغوي وأخلاقي يجد نفسه أمام طفل أوقع صحن من الطعام فكسره وطرطش به أرض المطبخ، ثم راح يحاول أن يخفي فعلته بدفش أجزاء الصحن في زوايا المطبخ.
آثار الجريمة التي اقترفها القرآن بحق عقل المسلم قد طرطشت كل أجزاء حياته، وتمتد الآن لتطرطش العالم بأثره.
يحاول ذلك الطفل أن يُقنعني بأن القرآن نزل بلغة أهل قريش وعلينا أن نراعي ذلك بينما جاء في القرآن نفسه: إنا أنزلناه قرآنا عربيا….
ثم يذهب أبعد من ذلك فيستهزأ بعقلي محاولا إخفاء المزيد من فضائحه باللجوء إلى حكاية الجمع والتنقيط والترقيم والتحريك، وهي حكاية تافهة ولم تعد قادرة على أن تُجيب على سؤال أو تستبدل الشك باليقين!
عندما أقرأ القرآن تُصيبني حالة رهيبة من الذهول فأتساءل: كيف يقرأ عاقل ذاك الكلام ولا يقف عنده؟!!
تقول إحدى آياته:
“يا آيها المزمل، قم الليل إلاّ قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا…”
تضع تلك الآية قارئها أمام ثلاث خيارات أسهلها مستحيل:
قم الليل إلا قليلا؟!!
نصفه أو انقص منه قليلا؟
أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا؟
لا يخرج هذا الكلام المبهم عن كونه بيت من الشعر ترك المعنى في قلب الشاعر!
أيعقل أن تكون تلك اللغة إلهية؟ أيعقل أن تكون تلك الخيارات إلهية؟ أيعقل أن يكون ذلك اللف والدوران رسالة واضحة هادفة بناءة؟!!
ما هي النتيجة التي جناها المسلم من تكرار تلك الآية على مدى أربعة عشر قرنا من الزمن؟
الإنسان ناتج لغته والمسلم ناتج قرآنه!
لغة مبهمة صعبة الفهم أنجبت إنسانا مبهما صعب الفهم. عندما أقرأ لبعض الكتاب المسلمين ألمس آثار تلك النتيجة واضحة، إذ يعجز معظهم عن ايصال فكرته إلى قارئه فيلف ويدور حول الفكرة ويحاول جاهدا دون جدوى، فلقد اعتاد على الغموض وتغليف الحقائق مهما بدا مؤمنا بها. والنتيجة نفسها عندما تحاور مسلما، إذ يستحيل أن تأخذ منه حقا او باطلا. البعض يعزي ذلك السلوك إلى الخوف، وقد يكون منصفا لكن الحقيقة تكمن في كونه ناتج للغة مبهمة صعبة الفهم.
عندما تكون غامضا مع طفلك وتلجأ إلى المواربة واللعب بالألفاظ واستخدامها في غير موقعها سينتج عن تصرفك هذا مخلوق غامض موارب وغير قادر على ايصال نفسه للآخرين.
والنتيجة نفسها عندما يعجز إله عن ايصال رسالته إلى بشره بوضوح ودون مواربة، سينتج عن رسالته تلك بشر مواربة غامضة وغير قادرة على التعبير عن ذاتها.
الإمساك بناصية اللغة والقدرة على التعبير هي، وبإجماع الكثيرين من علماء النفس الإجتماعي
Social Psychology
من أهم الخصائص التي تلعب دورا في نجاح الأشخاص. فالشخص القادر على ايصال رسالته إلى غيره أكثر قدرة على النجاح من الشخص المبهم العاجز عن التعبير.
عندما يكون المعلم قادرا على التعبير عن أفكاره يكون معلما ناجحا؟
عندما يكون الطبيب قادرا على ايصال فكره إلى مريضه يكون طبيبا ناجحا.
عندما يكون القائد قادرا على شرح وجهات نظره يكون قائدا ناجحا.
عندما يكون الكاتب قادرا على كتابة أفكاره يكون كاتبا ناجحا.
عندما يكون الوالد واضحا وقادرا على شرح الآداب والأخلاق يكون والدا ناجحا ويساهم في إنجاب أولاد مؤدبين خلوقين وناحجين.
وعندما يكون الكتاب مكتوبا بلغة واضحة وسهلة يكون كتابا ناجحا ويساهم في خلق قارئ واضح وسهل.
لنقرأ معا الآية 57 سورة النور:
” يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبغلوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم”.
* ليقول لي عاقل مسلم أين تبدأ الجملة في تلك الآية وأين تنتهي، أين الفاصلة.. أين النقطة …ما الحكمة التي تعلمها من تلك الآية على مدى أربعة عشر قرنا من الزمن.. وما الحكمة من أن نُكثر من قرائته كما كان مربونا يكررون علينا؟
لو كتب طفل في المرحلة الإبتدائية تلك الهلوسة الفكرية في موضوع الإنشاء، كيف سيكون موقف المعلم عندما يكون ذلك المعلم واضحا وقادرا على أن يعي ما يقرأ؟!!
ولنقرأ آية أخرى:
” إنّ الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون إنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله مثلا يضل به كثيرا…..”
* أين المثل الذي ضربه؟ وماذا بخصوص البعوضة وما فوقها؟ وهل الله بشر كي يستحي أو لا يستحي؟
عندما نضرب مثلا نضربه لتوضيح فكرة ما وليس لزيادة غموضها؟ فأي فكرة تلك التي أوضحها مثل البعوضة؟!!
عندما تقرأ تفاسير “كبّار علماء المسلمين” تُصاب بحالة ذهول عقلي!
يقول مثل افريقي: عندما تحاول أن تفسر شيئا سيئا تزيده سوءا.
تعال نقرأ تفسير الجلالين لتلك الآية حرفيا:
“بَعُوضَة” مُفْرَد الْبَعُوض وَهُوَ صِغَار الْبَقّ “فَمَا فَوْقهَا” أَيْ أَكْبَر مِنْهَا أَيْ لَا يَتْرُك بَيَانه لِمَا فِيهِ مِنْ الْحُكْم “فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ” أَيْ الْمَثَل “الْحَقّ” الثَّابِت الْوَاقِع مَوْقِعه “مِنْ رَبّهمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّه بِهَذَا مَثَلًا” تَمْيِيز أَيْ بِهَذَا الْمَثَل وَمَا اسْتِفْهَام إنْكَار مُبْتَدَأ وَذَا بِمَعْنَى الَّذِي بِصِلَتِهِ خَبَره أَيْ : أَيّ فَائِدَة فِيهِ قَالَ تَعَالَى فِي جَوَابهمْ “يُضِلّ بِهِ” أَيْ بِهَذَا الْمَثَل “كَثِيرًا” عَنْ الْحَقّ لِكُفْرِهِمْ بِهِ “وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا” مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِتَصْدِيقِهِمْ بِهِ “وَمَا يُضِلّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ” الْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَته.
……
* هل هذا التفسير لغة مقروءة؟!! وإلى متى سنُدخل أجيالنا في حالة من الهلوسة الفكرية والهذيان العقلي التي تنتهي بالإنسان معتلا وبالمجتع كله مصحّا عقليّا؟!!
…………………
ولننتقل إلى آية أخرى:
“يا أيها الذين آمنوا اوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام”
* هل من عاقل مسلم يجيبني على سؤال: ما علاقة الإيفاء بالعقود بتحليل أكل البهائم؟!
هل الآية جملة واحدة أم جملتين وما العلاقة بين الإثنتين؟! لقد كثر هذا الهذيان اللغوي في مواقع كثيرة من القرآن، فلنقرأ معا آية أخرى:
“وإن خفتم ألا تعدلوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع…”
ما علاقة العدل في اليتامى بنكاح النساء؟!! لنقرأ ما أجاد به علينا الجلالين، باعتباره أقل سوءا من غيره وأكثر وضوحا:
وَإِنْ خِفْتُمْ” أَنْ لَا “تُقْسِطُوا” تَعْدِلُوا “فِي الْيَتَامَى” فَتَحَرَّجْتُمْ مِنْ أَمْرهمْ فَخَافُوا أَيْضًا أَنْ لَا تَعْدِلُوا بَيْن النِّسَاء إذَا نَكَحْتُمُوهُنَّ “فَانْكِحُوا” تَزَوَّجُوا “مَا” بِمَعْنَى مَنْ “طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع” أَيْ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثًا وَأَرْبَعًا وَلَا تَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ “فَإِنْ خِفْتُمْ” أَنْ لَا “تَعْدِلُوا” فِيهِنَّ بِالنَّفَقَةِ وَالْقَسْم “فَوَاحِدَة”
…
* هل من عاقل مسلم يقرأ لي هذا التفسير ويفسره؟!!
لقد حاول جهابذة المفكرين المسلمين أن يفسروا القرآن كي يخرجوا القارئ من حيرته وعجزه عن فهمه، فزادوا بتفاسيرهم حيرته وعجزه عن الفهم.
……..
Anthony Robbins
رجل أعمال أمريكي، ويعتبر من أشهر خمسين رجل أعمال في العالم.
شركته تبيع لغة….نعم لغة! فهو خطيب متميز يتقن فنّ الكلام و يجيد أصول الحديث. تسجل خطبه وتباع بالملايين كل عام. ينصب حديثه على إثارة عزائم الناس كي يقودوا حياة ناجحة وأكثر انتاجا.
يقول في كتابه
Awaken the Giant Within
كي توقظ العملاق الذي في داخلك:
اللغة إمّا جسر وإما حائط!
وبناء على مقولته تلك، لو لعبت لغة القرآن دور الجسر في حياة المسلمين لنجحوا في أن يلحقوا بركب البشر، لكنها على العكس كانت حائطا سدّ أمامهم كل منافذ الحياة.
علم اللغة كعلم الحساب. عندما نضيف رقما إلى رقم نحصل على رقم جديد، وعندما نضيف كلمة إلى كلمة يُفترض أن نحصل على معنى جديد، وإلا ما الغاية من صف الكلمات؟!
عندما يصاب الإنسان ببعض الإضطرابات النفسية وعلى رأسها الفصام الشخصي
Schizophrenia
يفقد قدرته على التواصل اللغوي ويمر بحالة من الهذيان الفكري تُدعى في لغة الطب النفسي
Words salad
اي سلطة الكلمات، يختلط فيها الحابل بالنابل كسلطة الخضراوات.
لديّ شريط مسجل لمريض مصاب بالفصام، سأحاول أن أترجم لكم بعضا من مقاطعه:
هذا ما حدث في سااااااان… ما ما ماونتين والطيور تزوجت ويتني هيوسطن…اسمع ..اسمع.. مركبة فضائية لأن ضلعي أتت من مكان ابيض…
يسأل الطبيب: من هي ويتني هيوسطن؟
يجيب المريض: لا أعرف …هل تحب المركبة الفضائية؟
……..
هذا ما يحدث عندما يصاب المرء بخلل دماغي، فهل كان محمد مصابا بخلل دماغي؟ هذا ما حاول أن يجيب عليه الطبيب الأمريكي التركيّ الأصل، المختص بالأمراض النفسية والذي أطلق على نفسه اسما مستعارا
Dede Korkut
في كتابه:
Life Alert, the Medical case of Muhammad!
يهدي المؤلف الكتاب إلى ذكرى الرجل العظيم، على حد تعبيره، مصطفى كمال أتاتورك. ويؤكد فيه، وبالإعتماد على حياة محمد وأقواله، بلغة علمية سلمية وواضحة إحتمال إصابة محمد بشكل من أشكال الصرع يدعى باللغة الطبية:
Complex Partial Seizures
، وينجم ذلك الإضطراب عن أذيّة في الفص الصدغي للدماغ
Temporal lobe
عندما قرأت ذلك الكتاب تبددت حيرتي بخصوص “البعوضة وما فوقها”!
……….
لقد استشهد الطبيب كوركوت في الصفحة الأولى من الكتاب بأقوال لبعض المشاهير، أهمها قول لأتاتورك نفسه:
Islam, the theology of an immoral Arab….is a dead thing
الإسلام, كعقيدة لرجل عربي غير أخلاقي….ولد ميتا!
لقد توصلت إلى ما توصل إليه أتاتورك يوم كنت في السنة الأولى من المرحلة الإعدادية، وكان مدرس مادة التربية الدينية الإستاذ عبد القادر سليمان رجلا مرعبا، مجرد النظر إلى لحيته الطويلة غير المشذبة وعينيه الجاحظتين يبعث في قلب الإنسان الرعب.
كان يتلو علينا ،وفق إيقاع موسيقي يطرب السامع ويذهب بعقله، الآية التي تقول: “وإذا الموؤدة سئلت بأيّ ذنب قُتلت”
فرفعت يدي وسألت: استاذ! لماذا يسأل الله عز وجلّ الأنثى بأي ذنب قُتلت، ولا يسأل الذكر بأيّ حقّ قتلها؟!! وبلمح البصر انهال عليّ ضربا بعصاه، ثمّ طردني خارج الصف وهو يجعر: لعنة الله عليك يا كافرة! أتعلمين الله كيف يسأل؟ فغرق الصف في نوبة من الضحك أمّا أنا فبكيت. بكيت على سوء أخلاقه ولم أبك لأنني مارست حقي في أن أسأل! قلت يومها في سريّ: نعم سأعلم ذلك الله كيف يسأل!
ما الحكمة من أن يسأل الله أنثى لم يُكتب لها أن تُبصر النور عن الذنب الذي قتلت به، ولماذا لا يسأل قاتلها عن السبب الذي قتلها به؟
إن تلك الآية تعكس في باطنها احتقار قائلها لقيمة المرأة وحقها في الحياة، وتصرف النظر عن جرائم الرجل بحقها. لقد اشارت إلى احتمال ارتكاب الأنثى ذنبا ولم تشر من قريب أو بعيد إلى الجريمة التي ارتكبها الذكر، فتصوروا لو جاءت على الشكل التالي:
وسنعاقب الذكر الذي يوأد أنثاه على تلك الجريمة!
ليس شرطا أن يكون الله شاعرا، وأن يراعي في آياته قواعد القافية والسجع كي يستطيع أن يصل برسالته إلى بشره!
………………..
نعم لقد ولد القرآن كتابا ميّتا لغويّا وأخلاقيا!
تسعون بالمائة مما جاء فيه من لغة كان مكررا وغير قابل للقراءة والفهم، والباقي يفتقر إلى شرعية أخلاقية وقانونية.
عندما نختلف على القرآن ليس خلافنا على قدسيّته، إذ يحق لأيّ انسان أن يقدس ما يشاء. لكن خلافنا يكمن في مفهومنا للقيم والأخلاق والمبادئ.
الغزو في قرآنكم قانون وفي مفهومي رذيلة……..
السبي (اغتصاب المرأة الأسيرة) في قرآنكم فضيلة وفي مفهومي رذيلة….
الغنائم في قرآنكم قانون، وفي مفهومي رذيلة…
نكاح ماطاب لكم وما ملكت أيمانكم في قرآنكم قانون، وفي مفهومي رذيلة….
القتل والقتال في قرآنكم فرض، وفي مفهومي رذيلة….
تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف في قرآنكم قانون، وفي مفهومي رذيلة….
طمس الوجوه في الأدبار في قرآنكم برهان على قدرة الله، وفي مفهومي لغة هابطة ورذيلة….
طلاق المرأة بالثلاث في قرآنكم حق من حقوق الرجل وفي مفهومي رذيلة…
إرضاع المرأة للرجل كي في قرآنكم حلال وفي مفهومي حرام ورذيلة….
إيتان الرجل للمرأة أنى شاء في قرآنكم شريعة وفي مفهومي رذيلة…..
تكفير الناس ووصمهم بالمغضوب عليه والضالين في قرآنكم استقامة وفي مفهومي رذيلة….
“الحرّ بالحرّ والعبد بالعبد والإنثى بالإنثى” في قرآنكم قانون وفي مفهومي ظلم ورذيلة….
فحياة الإنسان من حيث القيمة واحدة، عبدا كان أم حرّا.. ذكرا كان أم أنثى!
عدم قبول شهادة المرأة كشهادة الرجل في قرآنكم قانون وفي مفهومي ظلم ورذيلة….
وهكذا تبدأ القائمة لكنّها لا تنتهي…!
……….
يا سيدي! إن كنتم ترون الخلل في المسلمين وليس في الإسلام نفسه، أقول:
بارك الله المسلمين فهم، بكلّ خللهم، أفضل بمليون مرة من كتابهم. فلو اتبع المسلمون كتابهم بحذافيره لإحتجنا إلى ملايين المصحات العقلية كي تحجر ما يزيد عن بليون مسلم. لكن، ولحسن الحظ، 80% منهم ليسوا عربا ولم يقرأوا القرآن يوما في لغته الأم، و80% من العشرين الباقية لا يعرفون عنه شيئا، ويرتلونه على طريقة استاذي عبد القادر سليمان.
يحتاج العالم اليوم إلى مواجهة من قرأه ويؤمن بما قرأه، وإلى إعادة تأهيل من يؤمن بأنه كتاب إلهي دون أن يقرأه.
إنها مهمة قاسية، لكنها ليست مستحيلة!