مُناظرة بين داوكنز ولينوكس ( 2)

مُناظرة بين داوكنز ولينوكس ( 2 )

Debating

أستمر في تفريغ محتوى الشريط الأصلي التالي

http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=VrOKDy421fY

وهو يحوي مناظرة جدليّة علميّة فلسفيّة بين عالمين ذوي شأن من جامعة إكسفورد البريطانيّة العريقة , هما ريتشارد داوكنز ( في البايولوجي , وغير مؤمن أو .. لا ربوبي )وجون لينوكس ( في الرياضيات , ومؤمن )الجزء الأوّل من الشريط مع ملاحظاتي ستجدونهُ في الرابط التالي

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=292256

**************كان آخر سطر في الجزء الأوّل هو قول/ جون لينوكس التالي :أنا أؤمن بأنّ الكون مفهوم عقلانيّاً , لأنّ الإله الخالق وراءه .حسناً , فكيفَ تُفسّر أنتَ مفهوميّة الكون العقلانيّة ؟ يُجيب ريتشارد داوكنز : حسناً جون , أنتَ قُلتَ أنّي اُؤمن أنّ الكون حادث غريب , وأنّ هذا هو عكس ما تؤمن بهِ .لسنواتٍ كثيرة , بل بالأحرى لقرون عديدة , كان من الظاهر إستحالة أن يكون الكون حادثاً غريباً , فكان يكفي أن تنظر للأحياء وللتنوّع البديع الذي نراهُ في هذا المتحف ( يُشير الى موجودات قاعة متحف التأريخ الطبيعي في جامعة إكسفورد التي يتواجدون فيها ) .ويضيف , كلّ شيء يبدو مُصمماً , فكان من السُخف تماماً القول أنّها وِجدت من حادث غريب .ثمّ جاء داروين وأثبتَ أنّها ليست من حادث غريب , وليست مُصممة كذلك . بل هناك طريقة ثالثة تتمثل في علم الأحياء , بالتطوّر , بالإصطفاء ( الإنتقاء ) الطبيعي Natural selection  والتي ينتج عنها شكل شبيه بما هو مُصَمّم . إنّهُ ليس مُصمّم , نحنُ نعرف هذا الآن . ونعرف كيفَ حصل . لكنّهُ يوحي بالتصميم كثيراً  !بينما النظام الكوني لم يلتقي داروينهُ بعد  !فنحنُ لانعرف بعد كيفَ نشأت قوانين الفيزياء والثوابت الفيزيائيّة . بالتالي يُمكننا أن نتسائل ,إن كانت حادثاً غريباً أم أنّها مُصمّمة ؟ وبالمقارنة مع البايولوجيا يمكننا أن نتوّرع عن الثقة الزائدة بأنّها مُصمّمة لأنّنا أخطأنا قبل ذلك قبل ق.التاسع عشر,عندما ظننا أنّ الأحياء مُصمّمة.الآن بخصوص النظام الكوني , وأنّهُ إمّا حادث غريب .. أو مُصمّم  ؟ لقد جادلتُ كثيراً , بأنّهُ حتى لو لم نكن نعرف كيف نشأ الكون , يبقى ليس من المُفيد إستجلاب فكرة صانع للكون .لأنّ الصانع هو بحّد ذاتهِ يتطلب تفسيراً لوجودهِ  !ورغمَ صعوبة تفسير أصل بسيط في الكون , أيّ كيفيّة وجود المادة والطاقة والثابت الفيزيائي والتواجد الكيميائي .بالرغم أنّه يصعب تفسير ظهور البساطة للوجود .لكن من الأصعب جداً تفسير نشوء ( شيء)  بمستوى تعقيد الإله  !يصعب تفسير نشوء إله ربوبي , وأصعب من هذا تفسير نشوء إله مسيحي , يهتم بالخطايا ويجعل نفسهُ يولد من العذراء . ***********ردّ جون لينوكس حسناً هناك ثلاث أو أربعة محاور , أوّلها ما فعلهُ داروين .. الخ ولكن بالطبع كما يبدو لي أنّكَ إعترفت بأنّ داروين لم يُفسّر أصلَ الحياة , ولا أصلَ الكون . وأنا أريد البدء من هناك أنتَ تقول , لانعرف كيف نشأت الكون لكن حين يقوم علماء الكون والفيزياء بدراستهِ , فدراستهم بذاتها وعِلمكَ أنتَ أيضاً يفترض أنّ الكون قابل للفهم عقلانياً .الآن , صححني إن كنتُ مُخطئاً , يبدو لي أنّ اللاربوبيّة تقول :أنّ الأفكار في عقولنا هي مجرد نتاج لعمليّة بلا عقل ولا دليل .فإن كان الأمر هكذا فيبدو لي أنّهُ من الصعب تصوّر قدرتهم على إخبارنا بأيّ شيء حقيقي عن أنفسنا . أعتقد ( ستيفن پنكر ) هو من قال أنّ التطوّر لهُ صلة بالنجاح في التكاثر , وليس لهُ صلة بالحقيقة !و( جون غراي ) وهو لا ربوبي أيضاً على حدّ علمي , قال قبل وقت ليس بعيداً , أنّ المشكلة في الداروينيّة إذا أخذتها بشكلها المُتطرّف فهي ستُضعِف فكرة أنّنا نستطيع الإعتماد على تفكيرنا .إذاً يبدو لي , أنّ لاربوبيتكَ تُقلّل من شأن العقلانيّة ذاتها , تلك التي نفترضها أنا وأنتَ حين ندرس الكون ! *******ريتشارد داوكنز يقول :  دعني اُجيبكَ عن ذلك .يبدو لي من السُخفِ حقاً القول , أنّهُ مادامت الأدمغة تطوّرت بالإصطفاء الطبيعي , فمعنى ذلك تقويض قدرتنا على فهم أيّ شيء .لماذا يحدث هذا أساساً ؟ الإصطفاء الطبيعي يبني أدمغة قادرة على البقاء . والأدمغة القادرة على البقاء هي التي تبقى في العالم . يقاطعهُ لينوكس مُتسائلاً : لكن أين هو مبدأ الحقيقة ؟ كيف يُمكن للأدمغة تمييز الأشياء الحقيقية ؟ إنْ كانت تلك الافكار تُختزل بالفيزياء والكيمياء وفسيولوجيا الاعصاب  فكيف تُبيّن الحقيقة ؟ يُجيب داوكنز بحزم : الحقيقة هي مايحدث في الواقع !الحيوان الذي حاولَ البقاء ولم يُميّز بين الحقيقة والزيف بشكلٍ ما على مستوى البقاء لديهِ , فلن يستطيع البقاء .الحقيقة معناها أنّكَ تعيش في العالم الحقيقي . وتتصرّف في العالم الحقيقي بالطريقة البديهيّة في العالم الحقيقي .حينَ ترى صخرة في طريقكَ لن تتجه لإختراقها . ستموت إنْ فعلتَ ذلك  وإذا قفزتَ من جبل , ستموت ,  تلك حقيقة !ومن المفهوم تماماً أنّ الإصطفاء الطبيعي سيفضّل لدى أيّ حيوان الأدمغة التي تُميّز الحقيقة وتتصرف بناءً عليها .يُجيب جون لينوكس لكنّي لاحظتُ الكثير من إخوتي البشر يؤدون جيداً من خلال قول الأكاذيب .يقاطعهُ داوكنز : هذهِ نقطة منفصلة !يُكمل لينوكس : نعم إنّها نقطة منفصلة , لكنّي لا أرى كيفَ يُمكن للإصطفاء الطبيعي أن يُنتج هذهِ الحقيقة ؟ الآن عوداً الى هذا بحّد ذاتهِ , أنتَ تقول أنّ ( صورة التصميم الخادعة ) هذه , وبالطبع أنا أرى كتاباتكَ آسرة جداً بسبب التشبيهات والمقاربات التي تستخدمها , وهي قدرة أحسدكَ عليها .وأنتَ تقول في مكانٍ ما , أنّهُ من المُغري جداً أن نُصدّق بأنّ الكائنات مُصمّمة . لكن داروين كشفَ لنا أنّ التصميم هو إيحاء خادع .ولكنّي مهتم جداً بما يُماثل قول ( سايمون موريس ) مؤخراً , بأنّكَ لو نظرتَ للمسارات التطوّريّة فستجدها تستدل في فضاء معلوماتي ضخم بدّقة مُدهشة . ولهذا هناك بصمة تصميم على ذاك المستوى .أعني .. لو أنّ تلك الآليّة ( الإصطفاء الطبيعي ) التي تتحدث عنها والتي لاتشرح أصل الحياة , لو كانت ذكيّة بشكل مُدهش , فإنّها هي بحّد ذاتها تعطي دليلاً على وجود عقل ورائها .يُجيب داوكنز :إنّ الغاية الكُليّة للإصطفاء الطبيعي الدارويني , هو أنّها تعمل بدون تصميم , وبدون بصيرة , وبدون إرشاد . يُقاطعهُ لينوكس : لكن هذا إفتراض !يُكمل داوكنز : لا ليس إفتراضاً . بل هكذا تعمل بالضبط .قبلَ أن يأتي داروين كان من الواضح أنّهُ حتى لو حدثَ التطوّر , فلابّد من قوّة مُرشدة لتُخبر الحيوانات والنباتات كيفَ تتطوّر .الإصطفاء الطبيعي هو قوّة عمياء , فما يبقى حيّاً يبقى !ويُمكننا بالإدراك المتأخر أن نُلاحظ أنّ الحيوانات الباقيّة هي القادرة على البقاء . فلديها الجينات التي تجعلها تبقى .سايمون موريس لن يُنكر هذا , وأنا أتفق مع وجهة نظرهِ حول التطوّر التقاربي . أنا وهو على الطرف المتشدّد بين الداروينيين في تأكيدنا على قدرة الإصطفاء الطبيعي بأن يسترشد نحو نتائج مُحدّدة . لو ألقيتَ نظرة حول هذا المتحف سترى حيوانات جرابيّة من إستراليا , تشبه بشكلٍ خارق حيوانات غير جرابيّة . أنا وسايمون مُهتمّين بهذا . لكن هذا نتيجة إصطفاء طبيعي .الإصطفاء الطبيعي  natural selection هو قوّة آليّة عمياء تلقائيّة .لا أستطيع أن أقول أنّها غير مُرشدة , لكنّها لاتحتاج الإرشاد .النقطة الجوهرية هي أنّها تعمل بلا إرشاد . يسأل لينوكس : ولكن يمكن أن تكون مُرشدة Guided  ؟ أم هل تلغي هذا تماماً ؟ يُجيب داوكنز : لا … أعني لماذا القلق وأنتَ تملك تفسيراً كاملاً لا يتطلّب الإرشاد ؟  يقاطعهُ لينوكس : لماذا تستخدم كلمات مثل عمياء وتلقائيّة ؟ ساعتي هذهِ عمياء وتلقائية … ولكن تمّ تصميمها   !الكلمات نفسها لاتلغي الفكرة !والإنطباع الذي أشعر بهِ وهو ما يتضح لنا , هو أنّ عمليّة التطوّر راقيّة جداً .حتى أنّها بذاتها تُقدّم دليلاً على وجود عقل منطقي ورائها .لكن هل فهمتكَ صواباً حين قلتَ أنّكَ تُنكر هذا لأنّكَ لديكَ سبب مبدأي في رفضهِ ؟ وهو أنّ كل شيء من وجهة نظركَ يجب أن ينتقل من الأبسط الى الأعقد ؟ ولهذا فحجتكَ الاساسيّة في كتاب ( وهم الإله ) لو فهمتها بشكلٍ صحيح / هي أنّ الإله بالتعريف أكثرُ تعقيداً ممّا يُحاول تفسيرهِ , وبالتالي لابّد أن يكون لهُ تفسير ؟  يُجيب داوكنز :نعم هذهِ نقطة رئيسة أردتُ وضعها , لكن دعني أعود لما كُنتَ تقولهُ عن الإرشاد .حين ترمي حجراً ويقع على الأرض , أنتَ كعالم سوف تفسّر هذا بالجاذبيّة . أنتَ لن تحلم بالقول أنّ هناك إله يدفعهُ للأسفل . هذا بالضبط ما تقولهُ عن التطوّر . لأنّنا نفهم التطوّر بنفس مستوى فهمنا للجاذبيّة , بل ربّما بمستوى أفضل !يُجيب لينوكس :لا …وهذهِ نقطة مهمة جداً لأنّي  لاحظتُ في الكثير من كتاباتكَ أنّك ترفض الإله في التفسيرات العلميّة . حين إكتشف نيوتن قانون الجاذبيّة لم يقل / رائع الآن لا أحتاج الى الله  !

*********إنتهى الجزء الثاني وملاحظتي الوحيدة : أليست طريقة بديعة للحوار؟ فمتى سنرتقي إليها ؟

تحياتي لكم رعد الحافظ22 يناير 2012

About رعد الحافظ

محاسب وكاتب عراقي ليبرالي من مواليد 1957 أعيش في السويد منذُ عام 2001 و عملتُ في مجالات مختلفة لي أكثر من 400 مقال عن أوضاع بلداننا البائسة أعرض وأناقش وأنقد فيها سلبياتنا الإجتماعية والنفسية والدينية والسياسية وكلّ أنواع السلبيات والتناقضات في شخصية العربي والمسلم في محاولة مخلصة للنهوض عبر مواجهة النفس , بدل الأوهام و الخيال .. وطمر الروؤس في الرمال !
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.