قوبلاي خان‎

ربما لا يكون معروفاً لدى الكثيرين لكنه الإمبراطور الذي حكم أوسع إمبراطورية في العالم على مر التاريخ . قبل موته عام 1294 كان قد وسّع إمبراطورية جده جنكيزخان لتشمل حكم : كوريا , روسيا , التبت , أجزاء واسعه من الشرق الأوسط هي : باكستان وأفغانستان وايران والعراق وأجزاء واسعه من تركيا .

أثناء الهجوم على بغداد كان قوبلاي خان محاربا ً في الجيش المهاجم ويبلغ 40 من العمر , وبالهجوم المغولي على هنغاريا وبولونيا كان قوبلاي خان قد وصل بحدود ملكه الى وسط أوربا , عدا عن ذلك فقد كان طموحه أن يحتل اليابان وفيتنام وكمبوديا فيما تطلع الى إحتلال مصر في الشرق الأوسط .

منغوليا منطقه سهوب متحدره بين الجبال واقعه في وسط آسيا حارة جداً صيفاً وشديدة البروده شتاءا ً , ولد فيها الطفل قوبلاي عام 1215 ومثل جميع أطفال المغول بدأ وهو بعمر 3 سنوات بركوب الخيل , وبعد فترة قصيرة جداً قام قوبلاي بالبدء بصناعة مجده الشخصي , فرغم أنه طفل إبن 3 سنوات يمتطي حصانه القزم ( السي سي ) إلا أنه طارد أرنبا ًكبيرا ًوجندله برمحه … ثم سحبه مختالاً وألقاه عند قدمي جده جنكيز خان .

قام الجد المسرور بقابلية حفيده بخدش إصبعه ودهن بالدم المتدفق قطعة من اللحم المشوي الموضوع أمامه ثم قدمها الى حفيده ليأكلها ومعنى ذلك وفق العرف المغولي هو منح البركه لقوبلاي وإعتراف رسمي بأهليته في الصيد .

حين يصبح عمر الفتى المغولي 14 عاماً يبدأ تدريبه على القتال ويبقى محاربا ً الى أن يصل الى 60 أو 70 سنة من العمر , يحمل القوس والسهم ويعرف إصابة هدفه بدقة متناهيه وفي جميع الإتجاهات , ولهذا شاعت في العالم أخبار رهيبه عن الجيش المغولي الذي يهاجم المدن بمقاتلين يمتطون خيولهم تسبقهم الطبول الكبيره والأبواق والأجراس التي تقرع للحرب .

في بداية حياة هذا المجتمع المغولي كانت قبائله تحارب بعضها البعض , ولكن النبلاء من كل قبيله وحرصا ً على مصالحهم من أن يهاجمها جياع القبائل الأخرى قد رشحوا الشخص الأقوى من كل قبيله وإنتخبوه قائداً لهم يدعى ( الخان ) .. وهكذا تحول جنكيز الى جنكيزخان . ثم تحول جنكيزخان الى ( خان على جميع الخانات ) أو ( خان الخانات ) عام 1206 فقام بتوحيد جميع قبائل المغول تحت قيادته وإنطلق بهم نحو العالم .

كان المغول بدو رحل يبحثون عن الماء والحشائش لحيواناتهم وما شيتهم ولهذا كانوا يقتنون القليل جداً من الأشياء يحملونها مع خيامهم الدائريه المصنوعه من اللبّاد حيث يضعون لها أبوابا ً خشبيه تتجه نحو القطب الجنوبي لأنهم يعتقدون أن ذلك يجلب الحظ .

خيول المغول هي من الخيول القزمه ( سي سي ) لكنها خيول سريعة جداً وتستطيع الجري مسافات شاسعه دون أن تتعب , إضافة الى أنها مصدر غذاء للمقاتل حين ينعدم زاده فقد كانت تتحمل أن يُحدث راكبُها في جلدها جرحاً صغيرا ً ويبدأ بلعق كمية من دمها قبل أن يمتطيها مرة ثانية وينطلق .

بكل التقديرات كانت والدة قوبلاي إمراة ولا كل النساء , فقد تحملت مسؤولية تعليمه والتأكد من أنه يستطيع القراءه والكتابه , كما علمته التقاليد الصينيه لأن المغول كانوا معجبين بمدن الصين وحقولها المنظمه التي تتوارى خلف سور الصين العظيم الذي صمم خصيصاً ليصد عن الصين هجمات المغول .

بعد وفاة زوجها الخان فضلت والدة قوبلاي أن لا تتزوج لكنها طلبت الحكم في المقاطعة بنفسها . ومنذ تسلمها الحكم أصبح كل همها هو كيفية تحويل أولادها الأربعه الى قادة عظام من بعدها , ولهذا علّمت قوبلاي المراهق وأخوته أهمية حمايتهم وسلامتهم الجسديه , وكانت متسامحة دينيا ً بشده وأورثت تسامحها الديني هذا الى جميع أولادها .

عندما أصبح عمر قوبلاي 21 سنه منحته أمه مقاطعه ليحكمها وبمرور الوقت إكتسب سمعة عالية داخل جميع إمبراطورية المغول , فقد كان يستغرق عاماً في التخطيط لمعركه مقدرا ً كل زاوية تتعلق بما يعد له من قتال . ومثل جده جنكيزخان كان يأمر جنده بدخول المدن دون قتال فإن تعرضوا الى مقاومه فإنهم يذبحون سكان تلك المدينة بالكامل . لكنه كحاكم كان يعد عادلاً بشكل غير عادي .. صحيح أنه يسيطر على المدن بالقوه لكنها حالما تصبح تحت إمرته فإنه يحكمها بضمير ولا يحاول إستغلال خيراتها بما يثريه على حساب شعبها .

بجانب تأثير والدة قبلاي على حياته فقد كان لزوجته الثانيه تأثير كبير عليه . كان قوبلاي متزوجاً من 4 نساء وله عدد لا يحصى من المحضيات لكن ( جابي ) زوجته الثانيه كانت هي الأقوى بينهن , كانت تحلم بأن ترى نفسها إمبراطورة على دولة كبيره , ولهذا فقد كانت مستشارة زوجها ومطلعة على أدق أسراره , مثل حملاته الحربيه وخططه العسكريه وقرارات السياسيه , ولهذا كانت ترتدي الملابس العسكرية طول الوقت كالرجال وهي مدربة تدريباً عالياً على القتال , وكانت حازمة جداً لكنها متسامحة في نفس الوقت , وتتعارك مع زوجها وتنهره اذا هاجم جيشه مدينة ما بطريقة همجيه , ولهذا فمن بين 100 ولد أنجبهم قوبلاي من جميع نسائه إختار إبنها ليصبح ولي عهده .

بوصولنا الى العام 1260 كان قوبلاي قد حاز على ثقة نبلاء المغول ولهذا تم إنتخابه ( خان الخانات ) وكان له من العمر 45 عاما ً . عندها أحاط نفسه بالأذكياء ممن يستحقون الثقه من المعلمين الكونفشيوسيين , والنسّاك البوذيين , وعلماء المسلمين , ولامات التبت , وعلماء الترك . عيّن من جميع هؤلاء مجلسا ً من 40 مستشارا ً وأمرهم أن يكتبوا له 40 إقتراحاً ونصيحه يعمل بها , ثم ترسل هذه الإقتراحات في رسائل مختومه . حين فتح الرسائل فإنه كافأ بسخاء شديد أصحاب الأفكار والنصائح التي أعجبته , لكنه لم يستغن عن خدمة من لم تعجبه آرائهم .

كان متسامحاً دينيا ً مع جميع الأديان دون إستثناء ولهذا لقبه الناس ب ( الخان العظيم ) أما عن ديانته هو فقد إحتفظ لنفسه بها سراً طيلة فترة حكمه ولم يعرف أحد أنه كان وثنيا ً لا يؤمن بشي .

عوضا ً عن إعدام من يخرج على طاعته وإرادته مثلما يفعل جميع الحكّام كان قوبلاي يأمر هؤلاء الخصوم بحلق شعر رأسهم أو ترك البلاد , ولهذا نال لقب الناس له ب ( العادل ) رغم عدم إحترام بعضهم له أو كرههم له كمحتل .

رغم إتساع ملكه لكنه بقي يحلم بحكم جميع الصين , لكن الصينيين كانوا قد بنوا سور الصين العظيم لصد هجمات المغول … فكيف العمل ؟ وضع قوبلاي خطة لمهاجمة سور الصين تتلخص في إختيار مكان نائي من السور حيث يقوم رماة السهام المغول بقتل الحرس الذين يرابطون أعلى السور , فيما تقوم المنجنيقات برمي المقالع الناريه الى داخل السور لمنع إقتراب أية قوة إسناد الى المنطقه .. في نفس الوقت الذي تحمل فرق أخرى من الجيش المغولي المدامك والمعاول لعمل ثغرة في السور والتسلل منها الى داخل المدينه . وهكذا فبوصولنا الى العام 1271 إحتل قوبلاي جميع الصين وأسقط إمبراطورها وأعلن نفسه الإمبراطور الأول على الصين من سلالة ( يوان ) المغوليه .

ومع هذا فقد كانت فرصته في البقاء إمبراطورا ً ضعيفة جداً وهو لا يمتلك أكثر من كم ألف جندي مغولي مقاتل … يحيط بهم 60 مليون عدو صيني , ولهذا فقد كان على قوبلاي أن يتحول الى حاكم من طراز الحكّام الذين يقبلهم الصينيون . عندها خلع الملابس المغوليه وارتدى ثوبا ً بسيطاً أبيض اللون من الحرير الخالص , وبدأ يقرأ الفلسفه الصينيه وعلّم نفسه أن يغير أسلوب حياته الى الأسلوب الصيني تماماً .. وأخيرا ً قرر أن يبني عاصمته في الصين فجند لذلك 2800 معماري .. فكانت عاصمة الصين المعروفه الى حد اليوم : بيجين .

قصره في بيجين يضم 400 غرفه زينت كلها برسومات التنين , وفرشت بالحرير , أما كرسي العرش فقد تم تجنيده بجلد خيول بيضاء , وتم تدريب أسد وترويضه على أنه حالما يدخل الإمبراطور القاعه فالأسد يقوم من مكانه وينتظر حتى يجلس الإمبراطور على كرسي العرش فيتحرك الأسد ويأتي ليجلس عند قدمي الإمبراطور . قاعة إستقبال الضيوف فقد روِّض نمر ليتجول فيها بهدوء بين الحاضرين .

في فصل الصيف كان الإمبراطور ينتقل مع عائلته الى مقر عرشه الصيفي في مدينة ( زنادو ) التي تبعد حوالي 40 كيلومتر عن مقره الشتوي , وفي العرش الصيفي كان الإمبراطور يقضي المزيد من الوقت في حدائق القصر التي كان يربي فيها 500 نسر مدرب على الصيد , ووسط هذه الحديقه تقع ( قبة السعاده ) وهي خيمه دائريه مغوليه ثمينه , يعيش فيها الإمبراطور كما كان يعيش سابقاً كخان مغولي , وكان يحتفظ في هذا المكان بعشرة آلاف مهر أبيض , وكان شرابه المفضل هو ( الكوميس ) وهو خمر مصنوع من الحليب بعد تخميره .

في عيد ميلاد الإمبراطور كان يقيم حفله يدعو اليها 40 ألف مدعو , وكان يحميه أثناء هذه الإحتفالات 12 ألف جندي حمايه , وإضافة الى واجب الحمايه كان كل واحد منهم يحمل إناء خزفي يجمع فيه أية قشه أو ريشه أو أي ما يعكر نظافة السجاد المطعم بالذهب , وكان يمنح لكل واحد من هؤلاء الحرس 13 زي مختلف يلبسها بحسب منهاج موضوع لحفل عيد الميلاد الباذخ الذي تمتد حفلاته حتى تتداخل مع بعضها .

كان محبا ً للفنون ولهذا فقد أمر برسم اللوحات ومنح الحريه الكامله للفنانين للتعبير عن آرائهم بدون أي رقيب .

منذ عهد قوبلاي أصبح الخزف الأبيض المنقوش بالأرزرق معروفاً وهذا الخزف تم تصميمه وتصنيعه وتصديره في عهد قوبلاي .

سنوات عهده تعد سنوات الصين الذهبيه كتبت خلالها مئات المسرحيات التراجيديه لمسرح بلاط الإمبراطور قوبلاي , ومسرحيات كوميديه مليئه بمشاهد الأكروبات والبهلوانات والمهرجين والممثلين والصامتين .

كان يحترم العلماء ولأنه كان يسرف في الطعام والشراب الفاخرين فقد كان يتابع بإهتمام تواجد عدد من أمهر الأطباء حوله , وكان الأطباء يتلقون تعليمهم الطبي في الأكاديميه الإمبراطوريه الصينيه للعلوم الطبيه , ثم يتدرجون بعد تخرجهم وحسب المهاره الى 36 درجه أكاديميه في الطب .

كما قام علماؤه بتدوين كل ما كانوا يعرفونه عن العالم , مثلما إهتم بعلوم الفلك ولهذا تم في عهده وضع تقويم سنوي أكثر دقه .

إهتم بتطوير الزراعه في بلده فأسس مجلسا ً أعلى للإشراف على الأمور الزراعيه وكان هذا المجلس يوفر للفلاحين الآلات والأدوات والمواد التي تساعدهم على تحسين منتجاتهم الزراعيه . مثلما أسس مجلسا ً للضمان الإجتماعي لرعاية الفقراء والأيتام والأرامل وكبار السن .

طوّر نظام البريد بحيث تصل الرسائل بأسرع ما كانت تقدر على فعله وسائل النقل في ذلك الزمان .

إهتم براحة المسافرين فأمن الطرق بالحرس وجهزها بدور الإستراحه , يفصل أحدها عن الآخر مسافة 30 كيلومترا ً .. مجهزه بالطعام والخيول المرتاحه بما يؤمن نقل المسافر مسافة 350 كيلومتر في اليوم الواحد .

تنبه الى أهمية التعليم فسن قانون إلزامية التعليم على جميع الصبيان والبنات , الفقراء منهم والأغنياء فلا يسمح لهم بمغادرة المدرسه حتى ينجحوا في إمتحان القراءة والكتابة والحساب .

جمع كل العملة الذهبيه والفضيه التي كان يتداولها الناس وأصدر عوضا ً عنها ولأول مرة في التاريخ العملة الورقية المطبوعه على البردي ويمكن إستعمالها في جميع أنحاء إمبراطوريته .

قام بحفر قناة تربط عاصمته بيجين بنهر اليانغستي ليسهل على الناس إستعمال وسائط النقل المائيه في الإنتقال من والى بيجين , وكانت عملية الحفر سريعه جداً أجّر لها مليون عامل حفر , وتعتبر القناة الى حد اليوم أطول ممر مائي من صنع البشر في العالم .

شجّع التجاره وكان يطمح الى المزيد من المستوردين من جميع أنحاء العالم يشترون الخزف والتوابل والحرير والورق والسجاد والأدويه والذهب والمجوهرات الصينيه , ولهذا أمّن طريق الحرير البري والبحري لضمان وصول البضاعه الى وسط أوربا , ولأجله شقَّ الطرق عبر الجبال وبنى الجسور فوق الأنهار ووفّر قوافل الحراسات البريه والبحريه المرافقه للقوافل التجاريه .

في بلاطه كان يرحب بالأجانب ويدعوهم الى قص أخبار بلدانهم عليه , وكان يرجوهم أن يكونوا صادقين معه وبلا أدنى خوف منه . واحد من الأوربيين الذين أعجبوا شخصياً بالإمبراطور قوبلاي خان كان الرحّاله الإيطالي ( ماركو بولو ) الذي كان بعمر 21 سنه حين قابل الإمبراطور , فقد كان في رحلة مع والده وعمه الى ( كاثاي ) وهو الإسم القديم الذي كان الأوربيون يسمون به الصين . وبعد رحلة طويله وصلوا الى بلاط الإمبراطور قبلاي عام 1275 .

حيّاهم الإمبراطور بحفاوه وسألهم عن أخبار أوربا وعاداتها وأديانها وحروبها .. ومن جميع عجائب الصين التي شاهدها ماركو بولو في قصر الإمبراطور أو خارجه لم تصبه الدهشه الشديده إلا من شيء واحد هو : العمله الورقيه التي بإمكانها أن تشتري أي شيء .. وبدون مقابل .

لمدة 20 عاما ً كان الإمبراطور قوبلاي خان يتنقل من نجاح الى نجاح أكبر منه .. لكن السعادة لا تدوم , ففي العام 1279 توفيت زوجته المحبوبه ( جابي ) عندها فقد الإمبراطور بوصلته في الحياة , كان كسير القلب ويفتقد نصائحها الثمينه التي أوصلته الى كل هذا المجد .. وبعدها بوقت قصير مات ولده منها , عندها فقد الإمبراطور إهتمامه بالحياة وأصبح خاملاً .

شنَّ على اليابان 3 حملات كبرى فشلت جميعها فشلاً ذريعاً , ومن أجل جمع أكبر عدد من المقاتلين رفع سن الخدمة العسكريه الى عمر 80 سنه , ورغم هذا لم يحقق أي نجاح مع اليابان .

مرض الإمبراطور فجأة .. أظنه أصيب بالنقرس .. فقد بدأت أقدامه بالتورم حتى بات المشي مؤلما ً له بشده , ولهذا لم يعد يرتدي غير الأحذية المصنوعة من جلود الأسماك الطريه وكانت تصنع له في كوريا .

زاد وزنه الى الحد الذي جعله لا يستطيع إمتطاء حصان ولهذا كان عليه أن يراقب عمليات الصيد التي يحبها ممدداً على وسائده في مقصورة خشبيه محمله على ظهر فيل .

مات الإمبراطور عام 1294 وعمره 79 عاما ً فحملت جثته قافلة كبيرة جداً من المشيعين لتعود بها الى منغوليا لدفنها عند الجبال هناك , كان الإمبراطور يدرك أن الصين ليست بلاده ولا يدري ما سيحدث لجثته بعد حين إن هو دفن في الصين , ومكان دفن جثته مجهول حتى اليوم .

سلالة ( يوان ) المنغوليه التي أسسها الإمبراطور قوبلاي خان لتحكم الصين , حكمت بعده 74 سنه عندها أسقطتها سلالة ( منغ ) الصينيه وطردت جميع المغول من الصين وأعادتهم الى بواديهم في منغوليا .

ماركو بولو ألّف فصلاً عن رحلته الى ( كاثاي ) وبدأ به كتاب ( رحلات ماركو بولو ) ونشره عام 1298 فنسخ الكتاب يدويا ً وتوزعت نسخه في جميع أنحاء أوربا .

تعمم الكتاب أكثر حين طبع عام 1477 فكان الكتاب هو الدافع لكريستوف كولومبوس للإبحار الى الصين عام 1492 وهو يحمل كتاب ماركو بولو معه طيلة الرحله .

ونفس كتاب ماركو بولو كان قد الهم الشاعر كوليرج بعد تناوله جرعة كبيرة من الأفيون على كتابة قصيدته الشهيره ( قوبلاي خان ) التي قال فيها :

في زَنادو أصدر قوبلاي خان

قراراً ببناء قبّـةِ ابتهاج فخمـةٍ:

حيث جرى النهر المقدَّس، ألفْ،

خلالَ كهوفٍ لا يستطيع إنسان إدراكَ مداها

أسفلَ إلى بحرٍ لا تطلع عليه شمسٌ

لذا أُحيطتْ عشرةُ أميالٍ

من الأرض الخِصْب بحيطانٍ وأبراجٍ:

ووُجدت هناك حدائقُ زاهرةٌ بجداولَ مُتـعرِّجةٍ

حيث أزهر كثيرٌ من شجر البّخور

وهنا كانت غاباتٌ قديمة كالتِّلال

تحتضن بقعاً خضراءَ مشمسةً

ولكنْ آه ! تلك الفجوة الرومانسية التي انحدرتْ

أسفل التّلّ الأخضر عَبْرَ غابة من شجر الأرز!

مكانٌ موحشٌ قاسٍ ! تحت قمرٍ آخذٍ في المَحاق، كمكان مقدَّس

وفتّان دوماً، مسحور بامرأةٍ نادبةٍ حبيبَها الشيطانَ!

ومن هذه الفجوة، باضطرابٍ عارم دون توقّف

كما لو أنَّ هذه الأرضَ كانتْ تتنفّس بلهاثٍ ثقيل مُتسارع

تفجَّرَتْ بغتةًً نافورةٌ ضخمةٌ:

بين فتراتِ تقطّعها السّريع انفجرتْ

قِطَعٌ ضخمةٌ قافزةٌ كبَرَدٍ وثّاب

أو كهشيم القمح المتناثر تحت ضربات الدرّاسة:

وبين هذه الصّخور الراقصة انبثقَ

النهرُ المقدّسُ فوراً وإلى الأبد

خمسةَ أميالٍ متعرِّجةً بحركة محيِّرةٍ

خلالَ غابةٍ ووادٍ جرى النهر المُقدَّس

وبعدها وصل الكهوف التي لا يدرك إنسان مداها

وغارَ في جَلَبةٍ في بحرٍ لا حياةَ فيه:

ووسط هذه الجَلَبة سمع قبلاي من بعيد أصواتَ

أسلافِه متنبّئةً حرباً !

في منتصف طريقه طفا ظلُّ قُبّةِ الابتهاج على الأمواج

حيث سُمع ما اختلط

من النافورة ومن الكهوف

كان معجزةً لاختراعٍ نادر

قبّةُ ابتهاج مُشْمِسةٌ بكهوف من ثلج

صبيّةً بسُنطور

رأيتُ ذات مرةٍ في الرؤيا

فتاة حبشيّة

وعلى سُنطورها نقرتْ

مغنيّةً جبلَ أبورا

هل أستطيع أن أحْيِِيَ في داخلي

سيمفونيّتَها وأغنيتَها

بمثل هذا الإبتهاج العميق قد تملكني

بذاك، بموسيقى هادرة وطويلة

أريد أن أبني تلك القبّـةَ في الهـواء

تلك القبّة المُشمسة! تلك الكهوف من الثلج !

وكلُّ من سمع يجب أنْ يراها هناك

والكلّ يجب أن يصرخَ، حذارِ! حذارِ

عيناه المتوّهجتان، شعرهُ المُستَرسِل!

اِنسجْ دائرةً حوله ثلاثَ مراتٍ،

وأغمِضْ عينيْك برَهبة مُقَدَّسة

لأنّه تغذّى على المَنِّ

وشرب حليب الفردوس  ميسون البياتي – مفكر حر؟

About ميسون البياتي

الدكتورة ميسون البياتي إعلامية عراقية معروفة عملت في تلفزيون العراق من بغداد 1973 _ 1997 شاركت في إعداد وتقديم العشرات من البرامج الثقافية الأدبية والفنية عملت في إذاعة صوت الجماهير عملت في إذاعة بغداد نشرت بعض المواضيع المكتوبة في الصحافة العراقية ساهمت في الكتابة في مطبوعات الأطفال مجلتي والمزمار التي تصدر عن دار ثقافة الأطفال بعد الحصول على الدكتوراه عملت تدريسية في جامعة بغداد شاركت في بطولة الفلم السينمائي ( الملك غازي ) إخراج محمد شكري جميل بتمثيل دور الملكة عالية آخر ملكات العراق حضرت المئات من المؤتمرات والندوات والمهرجانات , بصفتها الشخصية , أو صفتها الوظيفية كإعلامية أو تدريسة في الجامعة غادرت العراق عام 1997 عملت في عدد من الجامعات العربية كتدريسية , كما حصلت على عدة عقود كأستاذ زائر ساهمت بإعداد العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الدول العربية التي أقامت فيها لها العديد من البحوث والدراسات المكتوبة والمطبوعة والمنشورة تعمل حالياً : نائب الرئيس - مدير عام المركز العربي للعلاقات الدوليه
This entry was posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.