قصة و حكمة من زياد الصوفي.. 26

القصة:

بعد 12 سنة و بعدني لهلأ ما بيمر أسبوع إلا بفيق بالليل و العرق عم يشر من كل جسمي، باتطلع بحيطان غرفتي و بقول الحمدالله و برجع بنام..

الزنزانة رقم 10 بسجن فرع التحقيق العسكري.. بينفتح الباب الصبح و بينادي السجان زياد الصوفي تعا عالتحقيق..

الطماشة الكاوتشوك السودا بعدها معلمة على وشي، و ندب الكلابشة محفور وشم على إبهام أيدي اليسار بس حتى ما أنسى..

بيطالعني عمكتب العقيد محمود الحسين، العقيد اللي ما بعرف عنو شيء إلا ريحة bien etre الرخيصة اللي كان يحطها. ريحتو قربت علي كتير و ما حكي و لا كلمة، بس حسيت ببصاقو على وشي..و قلو للمساعد خذو لهالابن الكلب و أخو اللي هيك و هيك عالمنفردة، و لا حدا يذكرني فيه..

دخلت بممر قصير بيحوي خمس انفراديات عى كل جنب، شدلي الكلبجة على أيدي و قلي: والله يا حيوان لحتى عضامك يتخو هون..

انفرادية بالكاد تقدر توقف فيها بدون ما تحني ضهرك، و ما ممكن تتمدد فيها لقصرها، مع جورة صغيرة كتواليت و ست صراصير سود كانو باستقبالي، و فتحة صغيرة بسفل الباب منشان يرمو الأكل، مع جملة مكتوبة على صدر الغرفة لمسجون قديم، كان الله بعون اللي جاية بعدي..

رمالي بطانية ريحتها ما الها مثيل..استخدمتها لأقعد عليها..

مر وقت طويل أنا و نايم، لما فتحت عيوني على صوت وحدة عم أتغني.. وقفت عالباب لشوف من وين مصدر الصوت..اكتشفت بعدها أنو زنزانة الحريم قريبة علي كتير.. و وحدة من جوا كل يوم بتنادي: يا عبدو جبلي كعك..

وقت اللي تناديلو لعبدو بدها كعك أعرف أنو الدنيا نهار صارت، و لما أسمعها عم أتعني أعرف انو الليل إجا..

26 يوم كاملين قضيتهون بالانفرادية، ما بعرف شو هية المي لاتحمم، و ما انفتح علي الباب حتى احكي مع حدا، حتى أخي ما سمحلو بزيارتي بفترة أقامتي بالمنفردة..

إجا الصبح بيوم من الأيام و بسمع جاري بالزنزانة اللي صوبي عم يقلو للسجان: و لك تضرب انت و جرايدكون، ما بتستاهل أمسح فيها ط….

و السجان عم يقلو: يا استاذ هيك التعاليم نجبلك الجريدة كل يوم الصبح .. لحد هاليوم ما بعرف مين كان جاري بس عالاغلب شي سياسي معارض..

26 يوم خلصو، حاولت فيها للأمانة دور عأي شي اقتل حالي فيه، وصلت لمرحلة أنو خلص هون كل عمري رح يكون.. و أحسن أنو أنهي حياتي بأي طريقة..

بينفتح الباب و بيطلع نفس المساعد ، يللا قوم يا حيوان حاجتك..

بالفعل حاجتي.. و ما عرفت أنو عنجد حاجتي إلا لما رجعوني عالزنزانة رقم 10 بين الناس و الكل عم يهرب من ريحتي..

الحكمة:

بين السجن الصغير المسكر، و بين سوريا الكبيرة المفتوحة..مافرق معي شي إلا ريحتي..

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.