اقرأوا جيدا ماقاله المالكي امس

محمد الرديني 

لعل ماقاله امس رئيس الوزراء نوري المالكي يعد الاخطر والاهم منذ ولايته الاولى.

الخطورة تكمن في انه بعث برسالة تحذير الى المؤسسة العسكرية مبطنا فيها العقوبات الصارمة من التفكير بالانقلاب عليه مشيرا الى ان بعض كبار الضباط تمردوا على اوامرهم العسكرية.

فقد اعترف في كلمة له في احتفالية اقامتها وزارة الدفاع بمناسبة المؤتمر السنوي لرئاسة اركان الجيش´هناك انفلات وتمرد على الاوامر وتسييس وهذه المؤسسة قد تخذلنا”.

الجيش يستلم أوامر تصدر وتنفذ في حينها.. لا مراجعة ولا مناقشة في قضايا الأوامر العسكرية وحينما تكون في معركة او الجبهة القضية لا تتحمل ان يتوقف المأمور ليناقش الأمر ويجادل ويعترض لأن ما يترتب على هذه المجادلة اسوأ حتى من الالتزام والعمل حتى لو كان القرار فيه خطأ”.

ماذا يعني هذا؟

اذا صحت التقارير التي كتبت بهذا الشان ونقلها عيون المالكي اليه فانه اول مايعني ان حالة من الشك في مصداقية وطريقة تصريف الامور العسكرية من قبل القائد العام للقوات المسلحة خصوصا وانه استعمل قاعدة نفذ ثم ناقش وهي الطريقة الديكتاتورية التي لاتصلح لهذا العصر بعد ان استنزفت كل مقومات وجودها.

والاخطر من ذلك تهديده لهذه المؤسسة بالغربلة والتصفية ، انه لم يقل صراحة سيستعمل المنخل لغربلة كل من تسول له نفسه التمرد على الاوامر العسكرية ولكنه قالها بشكل مبطن ولكنه واضح..

وبغض النظر عن ملاحظاتنا على هذه المؤسسة المخترقة والشك في ولاء بعض فروعها لأهم مبادىء الحفاظ على الوطن والولاء اليه فقط الا ان ذلك لايمنع من القول ان هذه المؤسسة لايمكن الاعتماد عليها بعيدا عن مساندة الشعب، فقد طبل الكثيرون سابقا خارج العوراق وداخله بان الجيش العوراقي هو خامس جيش بالعالم من حيث التعبئة والتجهيز والقوة ولكن الذي حدث بعد ذلك نسف كل هذه الاساطير ففي ساعات ادار هذا الجيش العرمرم ظهره للشعب واتبع من دفع له اكثر.

لست في صدد الانتقاص من هيبة هذا الجيش ولكني بصدد التاكيد ثم التاكيد ثم التاكيد على ان الذي لايلجأ الى الشعب في كافة المشاكل السياسية والاجتماعية ويحتضن حفنة من الضباط لحلها سيخسر حتى ولو كان كل اولاده على راس المسؤولية في هذه المؤسسة العسكرية او تلك .

لاندري عن اي معركة يتحدث رئيس وزرائنا وهل عندنان الان غير معركتنا مع اللصوص والحرامية والبنى التحتية ورواتب المتقاعدين وتسرب الاطفال من المدارس والخريجين الذين يتسكعون في الشوارع والارامل اللواتي يبحثن بكل الوسائل عن مصدر رزق وهذه كلها لاتحتاج الى جيش وانما الى قليل من الغيرة والشهامة والولاء للوطن ولا ولاء لغيره.

لسنا بحاجة الى حروب فقد كفانا ما وصلنا اليه نريد لاطفالنا ان يشبوا في بلد امن مستقر وينهلوا من العلم والمعرفة ماشاءوا الاستزادة.

لنقرا ماقاله المالكي بعد ذلك:

“جيش بلا ضبط لا قيمة له، وسيخذلنا هذا الجيش اذا لم يكن منضبطا واذا لم تكن عوامل الضبط شديدة”.

وأن “هناك حالات عن ظاهرة انفلات في الجيش ولا اخفيكم تصلنا معلومات عن وجود مثل هذه الظواهر سواء كان في عدم الالتزام بالدوام والحضور في الوحدات او الالتزام بالأوامر او التمرد عليها او تسييس بعض القرارات التي تصدر من الآمر والتعامل معها بخلفية طائفية وسياسية”.

انها لعبة فجة تلك التي لجأت اليها السلطات السابقة والحالية باحتضان الجيش لحمايتها وفي النهاية خذلهم الجيش وباتوا مجرد ذكرى عابرة.

فاصل تصويري: في العصور الغابرة كان قوات الجيش والشرطة تصاب بالرعب من رؤية كاميرا تصوير كايزال هذا الرعب يعشعش في افئدتهم رغم ان الكاميرا تستطيع ان تصور على بعد عشرات الاميال دون ان يشعر احد بذلك.. اتمنى ان يروا بعض الحلقات من عالم الحيوان (انتاج بي بي سي) وكيف يتمكن الفيل من تصوير بقية الحيوانات.     تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.