إلى البارونة كاثرين أشتون

الشرق الاوسط

الجرائد المصرية لم تذكر من بعيد أو قريب ما قلته من أن الاتحاد الأوروبي دفع لمصر مليار يورو لتدعيم الديمقراطية منذ عام 2007 حتى الآن، وأن أجهزة التدقيق المالي في الاتحاد الأوروبي عجزت عن تتبع الكيفية أو المصارف المالية التي أنفق فيها نصف هذا المبلغ تقريبا. مصدر معلوماتي هو برنامج الأستاذ يسري فودة الذي ناقش الأمر مع أحد ممثلي الاتحاد المقيم في مصر. ابتداءً كمصري محب للديمقراطية، أقدم لكِ ولشعوب أوروبا شكري العميق. وأطلب من سيادتك في المنح المقبلة، أن ترسلوا لي نصيبي على حسابي في البنك (سيصلك رقم الحساب بالبريد الإلكتروني) وهو نفس الطلب الذي أطلبه من هيئات المعونة في العالم كله. ما فهمته هو أنك مستاءة، أو أنكم جميعا في أوروبا مستاؤون من عجز إدارات الحسابات عندكم عن تتبع المبالغ التي أرسلتموها للشعب المصري، اسمحي لي أن أدافع عن الحكومة المصرية بغير تعصب أو شوفينية. عندما «يعجز» مدققو المالية عندكم، هل تكون الحكومة المصرية هي المسؤولة عن عجزهم؟ ألا يعني ذلك قلة خبرتهم وانعدام مهنيتهم أو على الأقل عجزهم عن فهم خصوصيتنا وطريقة إدارتنا لأعمالنا وخاصة في مجال الهبات والمعونات الداعمة للديمقراطية؟ هناك إيحاء مرفوض في كلماتكم، بأن الفلوس التي عجزتم عن تتبعها، قد دخلت جيوب بعض الموظفين قبل الثورة وربما بعدها. أنا أعتقد أن المحاسبين عندكم يتوهون في الأرقام بسبب أسماء مشاريعنا الديمقراطية بالتحديد. فهم يتتبعون مثلا حسابات مشروع «الفنكيش المزفلط» غير أنهم يخلطون بينه وبين «الفنكيش المحفلط» فتكون النتيجة الخلط بين الحسابين، من الصعب على العقل الأوروبي أن يفرق بين المحفلط والمزفلط خاصة أن اللغات الأوروبية ليس فيها (ط) ولقد حدث بالفعل في الآونة الأخيرة دمج بين المشروعين تحت اسم جديد هو «الشعكبوس الوطني» وكان يجب علينا بالفعل إخطار كل الجهات الممولة للمشاريع الديمقراطية، غير أن بعض الموظفين أهملوا ذلك، فكانت النتيجة أن المدققين الماليين عندكم لم يتعرفوا على المبالغ المنصرفة للفنكيش المحفلط أو المزفلط. وحتى بعد أن تنبهوا إلى أن كل الأرصدة أضيفت إلى مشروع الشعكبوس الوطني، كان المشروع نفسه قد تم إلغاؤه، ثم صدر قرار رئاسي بعودة الفناكيش الأولى التي تتيح للموظفين الحصول على حوافز أكبر وهو ما يساعدهم على صنع ديمقراطية أفضل.

هكذا ترين يا سيدتي أن فلوس دافع الضرائب الأوروبي، قد أنفقت كلها لتحقيق الخير الديمقراطي، وأن العجز عن تتبع مبالغ كبيرة منها ليس أكثر من نتيجة حتمية لصراع الثقافات والحضارات. كلمة حساب عندنا تشعرنا بالرعب من يوم الحساب، وعندما يأتي لنا شخص ويقول لنا – كما تفعلين الآن -: أنا عاوز أحاسبكم على الفلوس اللي أخدتوها..

عندها نفقد صوابنا لأن مجرد هذا السؤال يشعرنا بأننا نقف على أبواب جهنم. أنتم خيرون ونحن خيرون، وليس بين الخيرين حساب.

About علي سالم

كاتب سيناريست وصحفي مصري ليبرالي جريدة الشرق الاوسط
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.