أنا السبب

أنا السببْ 

في كل ما جرى لكم

يا أيها العربْ

سلبتُكم أنهارَكم

والتينَ والزيتونَ والعنبْ

أنا الذي اغتصبتُ أرضَكم

وعِرضَكم ، وكلَّ غالٍ عندكم

أنا الذي طردتُكم

من هضْبة الجولان والجليلِ والنقبْ

والقدسُ ، في ضياعها ،

كنتُ أنا السببْ 

نعم أنا .. أنا السببْ

أنا الذي لمَّا أتيتُ : المسجدُ الأقصى ذهبْ 

أنا الذي أمرتُ جيشي ، في الحروب كلها

بالانسحاب فانسحبْ

أنا الذي هزمتُكم

أنا الذي شردتُكم

وبعتكم في السوق مثل عيدان القصبْ 

أنا الذي كنتُ أقول للذي

يفتح منكم فمَهُ

Shut up

***

نعم أنا .. أنا السببْ .

في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ .

وكلُّ من قال لكم ، غير الذي أقولهُ 

فقد كَذبْ

فمن لأرضكم سلبْ ..؟ 

ومن لمالكم نَهبْ .؟

ومن سوايَ مثلما اغتصبتكم قد اغتَصبْ …؟ 

أقولها

صريحةً

بكل ما أوتيتُ من وقاحةٍ وجرأةٍ

وقلةٍ في الذوق والأدبْ

أنا الذي أخذتُ منكم كل ما هبَّ ودبْ

ولا أخاف أحداً

ألستُ رغم أنفكم

أنا الزعيمُ المنتخَبْ ..!؟

لم ينتخبني أحدٌ لكنني

إذا طلبتُ منكم

في ذات يوم ، طلباً

هل يستطيعٌ واحدٌ منكم

أن يرفض لي الطلبْ ..؟

أشنقهُ

أقتلهُ 

أجعلهُ يغوص في دمائه حتى الرُّكبْ

فلتقبلوني ، هكذا كما أنا 

أو فاشربوا

“من بحر العرب”

ما دام لم يعجبْكم العجبْ

ولا الصيامُ في رجبْ 

فلتغضبوا إذا استطعتم

بعدما قتلتُ في نفوسكم روحَ التحدي والغضبْ

وبعدما شجَّعتكم على الفسوق والمجون والطربْ 

وبعدما أقنعتكم

أن المظاهراتِ فوضى ليس إلا وشَغَبْ

وبعدما علَّمتكم أن السكوتَ من ذهبْ

وبعدما حوَّلتُكم إلى جليدٍ وحديدٍ وخشبْ 

وبعدما أرهقتُكم

وبعدما أتعبتُكم

حتى قضى عليكمُ الإرهاقُ والتعبْ

***

يا من غدوتم في يديَّ كالدُّمى وكاللعبْ 

نعم أنا .. أنا السببْ

في كل ما جرى لكم

فلتشتموني في الفضائياتِ

إن أردتم والخطبْ 

وادعوا عليَّ في صلاتكم وردِّدوا

‘ تبت يداهُ مثلما تبت يدا أبي لهبْ ‘ 

قولوا بأني خائنٌ لكم

وكلبٌ وابن كلبْ

ماذا يضيرني أنا ؟!

ما دام كل واحدٍ في بيتهِ 

يريد أن يسقطني بصوتهِ

وبالضجيج والصَخب أنا هنا ، ما زلتُ أحمل الألقاب كلها

وأحملُ الرتبْ .

أُطِلُّ ، كالثعبان ، من جحري عليكم فإذا

ما غاب رأسي لحظةً ، ظلَّ الذَنَبْ .!

هل عرفتم من أنا ؟؟؟؟ 

أنا رئيس دولة من دول العربأحمد مطر (مفكر حر )؟‎

About أحمد مطر

أحمد مطر شاعر عراقي الجنسية ولد سنة 1954 ابناً رابعاً بين عشرة أخوة من البنين والبنات، في قرية التنومة، إحدى نواحي شط العرب في البصرة. وعاش فيها مرحلة الطفولة قبل أن تنتقل أسرته وهو في مرحلة الصبا، لتقيم عبر النهر في محلة الأصمعي. يجد كثير من الثوريين في العالم العربي والناقمين على الأنظمة مبتغاهم في لافتات أحمد مطر حتي أن هناك من يلقبه بملك الشعراء ويقولون إن كان أحمد شوقي هو أمير الشعراء فأحمد مطر هو ملكهم وفي رحاب القبس عمل الشاعر مع الفنان ناجي العلي، ليجد كلّ منهما في الآخر توافقاً نفسياً واضحاً، فقد كان كلاهما يعرف، غيباً، أن الآخر يكره مايكره ويحب مايحب، وكثيراً ماكانا يتوافقان في التعبير عن قضية واحدة، دون اتّفاق مسبق، إذ أن الروابط بينهما كانت تقوم على الصدق والعفوية والبراءة وحدّة الشعور بالمأساة، ورؤية الأشياء بعين مجردة صافية، بعيدة عن مزالق الإيديولوجيا. وقد كان أحمد مطر يبدأ الجريدة بلافتته في الصفحة الأولى، وكان ناجي العلي يختمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة. ومرة أخرى تكررت مأساة الشاعر، حيث أن لهجته الصادقة، وكلماته الحادة، ولافتاته الصريحة، أثارت حفيظة مختلف السلطات العربية، تماماً مثلما أثارتها ريشة ناجي العلي، الأمر الذي أدى إلى صدور قرار بنفيهما معاً من الكويت، حيث ترافق الإثنان من منفى إلى منفى. وفي لندن فَقدَ أحمد مطر صاحبه ناجي العلي الذي اغتيل بمسدس كاتم للصوت، ليظل بعده نصف ميت، وعزاؤه أن ناجي ما زال معه نصف حي، لينتقم من قوى الشر بقلمه
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.