
هجرة المسيحيين بأسبابها الكثيرة لا يمكن إنهاؤها بمجرد الدعوات إلى مساعدتهم في سوريا وحثهم على العودة من دول اللجوء.
مسيحيو سوريا بين الموالاة والمعارضة
قسوة الحرب السورية التي اتخذت إضافة إلى بعدها السياسي بعدا دينيا وطائفيا أظهرت الخلل القائم في بنية المجتمع وألقت بثقلها على كافة مكوناته التي اتخذت مواقعها كأقليات وأكثرية تتساكن على قلق وريبة، ليكون للمسيحيين السوريين نصيبهم من تداعياتها التي أحيت الذاكرة الأليمة للكوارث الإنسانية والمجازر التي تعرض لها مسيحيو المشرق، وأججت لديهم الشعور بأنهم أصبحوا هدفا للإبادة وأن الهجرة هي الطريق الوحيد للخلاص.
تأثر حجم الوجود المسيحي بالأوضاع السياسية المختلفة التي مرت على سوريا منذ الاستقلال، فبعد أن كانوا يشكلون حتى العام 1967 ما يعادل 30 بالمئة من السكان أخذت هذه النسبة بالانحدار حتى بلغت في العام 2005 ما بين 10 و12 بالمئة من سكان سوريا التي يعتبرها المسيحيون مهد المسيحية وانطلاق الرسالة في أرجاء المسكونة، وفيها أهم مقدساتهم من كنائس وأديرة وأضرحة، وتحتضن دمشق الكرسي البطريركي لأنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس، بالإضافة إلى كرسيي أنطاكية والقدس والإسكندرية للروم الملكيين الكاثوليك.
الهجرات الإفرادية السابقة تحولت مع اشتداد الحرب وطول مدتها إلى هجرات جماعية، فلم يبق من مسيحيي سوريا إلا ما يقدر بـأقل من 8 بالمئة من عدد السكان، وقد بلغت نسبة اللاجئين المسيحيين 825 ألفا من أصل 5.5 مليون سوري حسب إحصائيات الأمم المتحدة عام 2016، والتي تعّد نسبة كبيرة مقارنة بتعدادهم الذي قدر في العام 2005 بـما يعادل مليوني مسيحي.
رغم أن هجرة مسيحيي سوريا عن أرض أجدادهم لا تنفصل أسبابها العامة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والدينية (موجة الأصولية والتطرف) عن هجرة مسيحيي المشرق، لكنها اتخذت مركز الصدارة في الاجتماع الذي شهدته مدينة باري جنوبي إيطاليا في 7 من يوليو الماضي، بدعوة من البابا فرنسيس والذي يعد الحدث المسكوني الأول منذ مجمع أفسس في العام 431 للميلاد الذي يدعو فيه أسقف روما إلى الصلاة مع جميع بطاركة ورؤساء كنائس الشرق “الكاثوليكية والأرثوذكسية”.
Continue reading →