سأخون وطني 2

محمد الماغوط

طوق الحمامة

هل يمكن يا حبيبتي أن يقتلني هؤلاء العرب إذا عرفوا في يوم من الأيام انني لا أحب إلا الشعر والموسيقى، ولا أتأمل إلا القمر والغيوم الهاربة في كل اتجاه.

 أو أنني كلما استمعت إلى السيمفونية التاسعة لبتهوفن أخرج حافياً إلى الطرقات وأعانق المارة ودموع الفرح تفيض من عيني.

 أو أنني كلما قرأت “المركب السكران” لرامبو، اندفع لألقي بكل ما على مائدتي من طعام، وما في خزانتي من ثياب، وما في جيوبي من نقود وأوراق ثبوتية من النافذة.

 نعم فكل شيء ممكن ومحتمل ومتوقع من المحيط إلى الخليج، بل منذ رأيتهم يغدقون الرصاص بلا حساب بين عيني غزال متوسط أدركت أنهم لا يتورعون عن أي شيء.

 ولكن من أين لهم أن يعرفوا عني مثل هذه الأهواء، وأنا منذ الخمسينات لا أحب الشعر أو الموسيقى أو السحب أو القمر أو الوطن أو الحرية إلا متلصصاً آخر الليل، وبعد أن اغلق الأبواب والنوافذ واتأكد من أن كل المسؤولين العرب من المحيط إلىالخليج قد أووا إلى أسرتهم وأخلدوا للنوم.

 ولكن إذا صدف وعرفوا ذلك بطريقة أو بأخرى فأكدي لهم يا حبيبتي بأن كل ما سمعوه عني بهذا الخصوص هو محض افتراء واشاعات مغرضة، وانني لا أسمع إلا نشرات الأخبار، ولا اقرأ الا البلاغات الرسمية.

 ولا أركض في الشوارع إلا للحاق بمركب التطور.

 وإنني اقتنع دائماً بما لا يقنع وأصدق ما لا يصدق، ولا أعتبر نفسي أكثر من قدمين على رصيف أو رصيف تحت قدمين.

 وإذا ما سألوك: أين أذهب أحياناً عند المساء فقولي لهم: انني اعطي دروساً خصوصية في الوطن العربي في توعية اليائسين والمضللين.

 وإذا ما بدوت يائساً في بعض الأحيان، فأكدي لهم أنه يأس إيجابي، وإذا ما أقدمت على الإنتحار قريباً فلكي ترتفع روحي المعنوية إلى السماء.

 وإنني لا أعتبر أن هناك خطراً على الإنسان العربي والوطن العربي سوى اسرائيل، وتلك الحفنة من المثقفين و المنظرين العرب الذين ما فتئوا منذ سنين يحاولون اقناعنا في المقاهي والبارات والندوات والمؤتمرات بأن معركتنا مع العدو هي معركة حضارية وكأنهم ينتظرون من قادته وجنرالاته أن يجلسوا صفاً واحداً على كراسيهم الهزازة على الحدود مقابل صف من الكتاب والشعراء والفنانين العرب ليبارزوهم قصيدة بقصيدة ومسرحية بمسرحية ولوحة بلوحة وسمفونية بسمفونية وأغنية بأغنية ومسلسلاً بمسلسل , اركبي أول.

 لا يا حبيبتي، اركبي أول طائرة طائرة واجتمعي بكل من يعنيهم هذا الأمر في الوطن العربي، وحذريهم من الوقوع في مثل هذا الشرك، أو مثل هذه الدوامة، فصراعنا مع العدو واضح كل الوضوح في مقولة عبد الناصر الشهيرة: ” ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة” . والصراع المحتدم الآن بين أكبر دولتين في العالم وأكثرهما غنى بالشعراء والكتاب والفنانين، ألا وهما روسيا وأمريكا حول سباق التسلح إلا الدليل القاطع على صحة هذه المقولة.

 ولذلك فأنا ككل عربي، مستضعف ومستهدف من جميع الجهات، أتابع هذا السباق باهتمام بالغ، وأتابع بنفس الاهتمام كل ما يطرأ على عالم الأسلحة من تطور في الشكل والمضمون والفعالية. وان كان ما يزال للدبابة بالنسبة لي ولجيل الخمسينات برمته مكانة خاصة في نفوسنا ولا نستطيع بمجرد أن ظهرت أسلحة جديدة أكثر رشاقة وفعالية منها أن ننساها بكل هذه البساطة، فبيننا وبينها عشرة عمر.

 وإذا كانت الدول الأقل غنى منا قد وفرت لكل مواطن دبابة واحدة على الأقل. فحريّ بنا نحن العرب، وقد وهبنا الله تلك الثروات والموارد التي لا تنضب، أن يصبح لكل مواطن عربي في المستقبل لا دبابة واحدة بل خمس دبابات على الأقل:

 واحدة إلى يمينه.

 وواحدة إلى يساره.

 وواحدة أمامه.

 وواحدة وراءه.

 وواحدة فوقه.

 وبذلك يرتاح ويريح.

‎محمد الماغوط (مفكر حر )؟‎

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

أنجيلينا جولي تتبرع بمئة الف دولار للاجئين السوريين

انجيلينا جولي تتبرع بمئة الف دولار للاجئين السوريين

طلال عبدالله الخوري 21\6\2012

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

تعلَّم-ي بحور الشعر (6) الهزج

بقلم: رياض الحبيّب

خاص – موقع لينغا

ما أروع الحوار الذي يؤدّي إلى نتيجة ترضي جميع الأطراف وما أطيب التفاهم! روى لي صديق لبناني من الكهنة، كان يعيش عيشة راهب في دير ما في الشرق الأوسط، أنهُ قام في بداية التسعـينيّات بتأسيس تنظيم من الشبيبة أطلق عليه اسم «جيش العذراء» حتى ذاع صيت الجيش في المنطقة، ما أدّى إلى قيام ضابط في جهاز الأمن باستدعاء الكاهن للإستفسار عن خلايا التنظيم وتحديد مدى خطورته على أمن الدولة. كان السؤال الأوّل: من هو قائد جيشكم؟ الكاهن: يسوع المسيح. الضابط: حسنًا؛ مَن هُم ضبّاط الجيش؟ الكاهن: شخصي المتواضع وثلاث راهبات. فوضع الضابط إحدى رجليه على الأخرى مسترخيًا ودعا الكاهن إلى التفضّل بالجلوس، ثمّ سأل مبتسِمًا: ومن هم الجنود؟ الكاهن: شبّان من المنطقة وصبايا. الضابط- سؤالًـا أخيرًا كي يكمل التحقيق: والسلاح؟ الكاهن: الصَّليب. فهزّ الضابط رأسه مقتنعًا ومُطمَئِنًّا
 
وقرأت مرة تعليقًا على إحدى مقالاتي في أحد المواقع الالكترونية؛ زعم المعلّق به أن المسيحية ديانة إرهابية! نظرًا لقول المسيح: {لا تظنوا أني جئت لألقي سلامًا على الارض. ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا}- متّى 34:10 وقوله: {أمّا أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فاٌءْتوا بهم الى هنا واٌذبحوهُمْ قدامي}- لوقا 27:19 فشكرت المُعلِّق على إثارة هذين الموضوعَين “هناك” قبل انصرافه إلى التهريج بهما في الشوارع والمواقع، لإثارة الشبهات ضد المسيحية المعروفة بديانة المحبة والسلام. وكان جوابي على الشبهة الأولى ما معناه- باختصار: ليتك يا أخي أكملت قراءة الأصحاح لتعرف قصد السيد المسيح بهذا السيف! لم يصنع سيفًا مادِّيًّا حديديًّا بل سيفًا روحيًّا خلاصيًّا. فكل إنسان يتَّبع المسيح يتعب وقد يلاقي مضايقة واضطهادًا من أقرب الناس إليه، لكن سيف المسيح حدّ فاصل بين اثنين هو: إمّا الخلاص الأبدي للحياة مع المسيح وإمّا الموت الأبدي في بحيرة النار والكبريت. أمّا جوابي على الشبهة الثانية فكان ما معناه: ليتك قرأت الأصحاح من البداية؛ إذ ورد ذِكر هذه الآية في سياق مَثل ضَرَبَهُ السيد المسيح، إذ كان يُحَدِّث الجموع التي احتشدت حوله بالأمثال. لذا لا يجوز اقتطاع نصٍّ مقدّس من السياق لتفسيره وفق مزاج خاص؛ إنما للكتاب المقدّس تفاسير من مُفسِّـرين معتمَدين من الكنيسة. فإن كانت هناك شروح عدّة لديوان شعر واحد (كدواوين اٌمرئ القيس والمتنبي وأبي العلاء المَعَرِّي) فالكتاب المُقدَّس أولى من كتب الدنيا بأن يكون لكل آية فيه معنى وشرح وتفسير للتعليم والإرشاد والتبشير
 
أمّا في الشعر فقد أخبرني صديق من الشعراء بأنه (يتجنّب أوزان الشعر مِن جَرّاء الزُّحَافات والعِلَل المُلحقة بالبحور مكتفيًا بالقوافي) على أنّ أوزان الشعر صعبة أمّا قوافيه فأسهل بكثير. لكن فات عليه ما هو أصعب بكثير؛ ما اضطرّني إلى مصارحته بالتالي 1. لا تحتاج في الكتابة ليسوع وعن يسوع إلى وزن وقافية 2. إنّ حاسّة الموسيقى ضعـيفة لديك! وموسيقى الشعر العربي هي التي ميَّزت روعته بإيقاعاتها المؤثِّرة فأطربت القلوب وشدّت الألباب. حتى ظهر لي في ما بعد أن صديقي قد أساء فهْم كُلٍّ من الزحاف والعِلَّة. فوجدت هذه المقالة مناسبة لشرحهما له باختصار ما أمكن، مع تبيين ضرورة وجود كلٍّ منهما، في الشعر العمودي وفي شعر التفعيلة، للحصول على تنويعات جميلة في كل بحر من بحور الشعر العربي، الفريدة من نوعها في الأدب العالمي. هذا لأنّ الحديث عن الهزج قصير وسهل الهضم لدى القارئ-ة
 
– – –
 
أوّلًـا؛ الزحاف: هو تغيير طفيف في التفعيلة، غير لازم لها وغير ضروري. يشمل تفاعـيل شطر البيت وعجزه من التفعيلة الأولى إلى ما قبل الأخيرة ولا يُشترَط إجراؤهُ في جميع الأبيات. كحذف حرف واحد من التفعيلة الأساسية (أو أزيد) وكإسكان حرف متحرّك فيها. والزحاف على نوعين: منفرد ومزدوج
 
تغييرات الزحاف المنفرد ثمانية: الخبن، الوقص، الإضمار، الطّيّ، القبض، العقل، العَصْب، الكفّ. أمّا تغييرات المزدوج أربعة: الخَـبْل، الخَـزل، الشَّـكل، النَّـقص
 
ثانيًا؛ العِلّة: تغيير أيضًا يشبه الزحاف، لكنها تخصّ العروض والضَّرب فقط لازمة لهما، أي تخصّ آخر تفعيلة الشطر وآخر تفعيلة العجز المتضمِّنة القافية. فإذا كانت العروض المستخدمة فَعِلُنْ وجب استمرارها في جميع الأبيات، كذلك الضَّرب. لكن قد يحصل في بعض الأبيات تغيير بسيط في هذا الشرط؛ ذكرت مثالًـا عليه في حلقة بحر الكامل وتحديدًا فَعِـلاتُنْ (بتحريك حرف العين وإسكانه) في قول الأخطل التغلبي. والعِلّة تكون إمّا بالزيادة على ثلاثة أنواع: الترفيل، التذييل، التسبيغ. وإمّا بالنقص على تسعة: الحَذف، القطف، القصْر، القطع، التشعيث، الحذذ، الصَّلم، الكَسْف، الوَقف
 
وقد سبق تعريف مصطلحات من أنواع الزحاف والعلة في ما مضى وسوف أعَرِّف عن غيرها كُلًّـا في حينه. عِلمًا أنها متيسِّرة على الإنترنت لمن أراد-ت الإطِّلاع
 
فوائد الزحاف والعِـلَّة
 
حصلنا من الزحاف في بحر الطويل- مثالًـا- على فعولُ من قبض فعولُنْ، كما حصلنا من العِلَّة على عروض مقبوضة (مَفاعِلُنْ) وعلى ضَربين جديدين مفاعِلُن وفعُولُنْ بالإضافة إلى مَفاعِيلُنْ. فأصبح لدينا معروفًا في قصائد الشعر العربي ثلاثة أنواع من بحر الطويل بدلًـا من واحد. كذا الحال مع سائر البحور. فمن الزحاف والعلة نحصل على تفاعيل أخرى لائقة وأعاريض مختلفة وضروب جديدة. لكن يجب على الشاعر الجديد قراءة الكثير من القصائد العمودية من العصور القديمة، كالأموي وما قبله والعبّاسي وما بعده، ليعرف أماكن الزحاف والعلة في كلّ بحر، كي لا يخلط بين بحر وآخر! لأنّ ما يجوز من زحاف أو علّة في بحر ما، قد لا يجوز في غيره. بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على هويّة البحر لمنع التباسه مع بحر آخر يُشبهُ الأوَّل بدرجة عالية؛ كالشَّبَه بين الكامل والرَّجز وبين الوافر والهَزَج وغير ذلك
 
وعلى الشاعر الجديد أن لا يتخذ من الشذوذ الواقع في شعر قديم قاعدة له فينظم الشعر عليها ويحتجّ بها، لأنّ مِن أهل العِلم مَن يحكم عليه بقلّة الاطِّلاع ومحدوديّة التمكّن وعلى قصيدته بالضَّعـف والسَّـذاجة
 
الشعـر الناجح
 
كتبت ما تقدَّم آمِلًـا في أن يُقدِّم الشاعر المسيحي والشاعرة المسيحيّة اللذن يكتبان باللغة العربيّة ليسوع وعن سيرة يسوع شِعرًا كامِلًـا، روحيًّا وأدبيًّا وفنِّيًّا وعَروضيًّا، يليق بيسوع الحَيّ والكامل والمُخَلِّص من جهة. ويصلح من جهة أخرى أن يكون امتدادًا حديثًا لقصائد شعراء النصرانيّة الروّاد الذين منهم أصحاب المعلَّقات العشر. أو امتدادًا لشعر التفعيلة (الموزون) الذي يمكن كتابته بدون قافية. أو فليكتبا شعرًا بلا وزن ولا قافية؛ قد يكون جيِّدًا وقد يُعتبَر اٌمتدادًا حسَنًا لأناشيد أيّوب الصّابر وموسى النبي وداود الملك وسُليمان الحكيم. وإلّـا فليكتبا لطفًا بلغة غير العربيّة. ذلك كي يُقالَ لهُما: نعمْ؛ يحقّ لكما أن تهزجا باسم يسوع، إذ غـرْتُما على اٌسمه غَـيْرَة شديدة. فما رضيتما بأن يُذكَرَ اٌسمُهُ، الذي تسجد له كل ركبة في السماء وعلى الأرض، في محاولات شعريّة هابطة! إنما اٌستحقّ اسم يسوع أرقى أنواع الأدب
 
بَحْرُ الخُزَعْـبَلات
 
ذلك لأنّ الشعر المكتوب بقافية، خاليًا من الوزن الشَّعْري وبطريقة كتابة القصيدة العَموديّة، يُعتبَر محاولة بائسة لا مستقبل لها وشكلُهُ يخدع غير المُطَّلع على أوزان الشعر. وقد يُعتبَر إساءة إلى الشعر العربي الأصيل عبر تشويه وجه القصيدة الجميل. قد يُشبهُ شكلُ المحاولة سَجْعَ الكواهن والكُهّان إذا ما تمّت كتابتها بطريقة أفقـيّة. لكنّها لن تؤدِّي إلى ولادة قصيدة جديدة، لأنها بدون وزن. ولن تؤدِّي إلى ولادة أسجوعة جديدة، لأنها مكتوبة بتسلسل عمودي. لهذا السبب وذاك كان الشعر المقفَّى غير الموزون ملتبس المنظر ودرجته في سُلَّم الأدب هابطة. ولا شكَّ في أنّ رائد تلك المحاولة كان قليل الإطِّلاع على الشعر وكانت لديه مشاكل في حاسّة التذوّق. أي أنّه في التصنيف الأدبي أعمى وأصَمّ! بينما قال المتنبِّي- من بحر البسيط
 
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي * وأسْمَعَتْ كلماتي مَن بهِ صَمَمُ
 
فقد اعتاد العرب على تسمية الشعر الموزون والمقفى بالقصيدة. أمّا المحاولة المُعترض عليها قد تُصَنَّف ضِمن الخواطر تأدُّبًا، لكنّ شكلها الخدّاع يُبعدُها عن منازل الخواطر الشِّعريَّة. فلا اٌستحق مُبتدِعُها (ومن حذا حذوه) لقب شاعر، لأنّ الشاعر معروف في الأقلّ برهافة الحِسّ وبحسن التذوّق. ولا أمكن ضمّ محاولته إلى باب الشِّعْر، لأنها (بذلك الشكل) قد افتقرت إلى فنّ كتابة القصيدة، إذ لا بَحْرَ لها. لكني، نظرًا لوجود محاولات كثيرة من مثلها، قمتُ آسِفًا بتصنيفها ضمن بحر ليس من بحور الشعر، هو بَحْرُ الخُزَعْـبَلات. قال الكاتب الآيرلندي أوسكار وايلد: (طوبى لمن لم يكن لديه ما يقول فصمت) قلت: أحسنت. وطوبى لمن حافظ على ماء وجهه
 
البديل عن الشعـر الموزون: المَنثورة الشِّـعـريَّة
 
والجدير ذكره بالمناسبة؛ إطلاق تسمية “قصيدة النثر” على كل محاولة شعرية لا وزن لها ولا قافية، تلك التي اعتمدها عدد كبير من شعراء الحداثة العرب، بإغـفال المفهوم الأساسي للقصيدة. إنها أيضًا محاولة تشويش أساءت إلى اسم القصيدة، لأنّ الشعراء خلطوا بين القديم والحديث تحت عنوان “قصيدة نثرية” وتحت غطاء التجديد أو التحديث. لذا أقترح عليهم تعديل التسمية إلى «منثورة شعـريّة» من شأنها أن تحفظ لهم ماء وجه الشعر الذي يكتبون وأن تجنِّبهم الإساءة إلى تراث الشعر العربي الذي به يفتخرون. والإقتراح يشمل الشعر العالمي المُترجَم إلى العربية، الذي تأثر به روّاد الحداثة العرب شكلًـا ومضمونًا، ما دفعهم إلى الكتابة تحت عنوان قصيدة نثرية
 
– – – – –
 
سادسًا: بَحْرُ الهَـزَج
 
وزن الهزج مَفاعِيْلُنْ ستّ مرّات لكنه لم يستعمَل إلّـا مجزوءً، أي أربع مرّات. لهُ عروضٌ واحدة مَفاعِيْلُنْ وضربان؛ الأوّل مثلها والثاني مَفاعِيْ المنقولة إلى فَعُوْلُنْ
 أوّلًـا؛ العروض الصحيحة المجزوءة مَفاعِيْلُنْ وضربها مثلها أي
 مَفاعِيْلُنْ- مَفاعِيْلُنْ * مَفاعِيْلُنْ- مَفاعِيْلُنْ
 
مِثالًـا؛ من قصيدة للشاعر المُهلهِل (ت 531 م) وردت في «شعراء النصرانية» للأب لويس شيخو اليسوعي ج 1 ق 2 ص 175 يرثي بها كُلَيبَ أخاه، مطلعُها
 
رماكَ اللهُ مِن بَغْـلِ * بمَشحُوذٍ مِن النَّبْلِ
 
رَماكَلْـلـا- هُمِنْبَغْلِي * بمَشحُوذِنْ- مِنَـنْـنَـبْـلِي
 
يجوز في الهزج كفُّ مَفاعِـيْلُنْ (مَفاعِـيْلُ) حتى في العروض
 
قتلتُمْ سَـيِّدَ النّاسِ * ومَن ليسَ بذي مِثلِ
 
قتلتُمْسَـيْ- يدَنْناسِ * وَمَنْلَيْسَ- بذيمِثلِيْ
 
مَفاعيلُنْ- مَفاعيلُ * مَفاعيلُ- مَفاعيلُنْ
 
يِدَنْناسِ= مَفاعيلُ= العروض. بذيمِثلِيْ= مَفاعيلُنْ= الضَّرب
 
وقد أشبعت كسرة لام “بذي مِثلِ” بالياء كي تنطبق عليها التفعيلة مَفاعِـيْلُنْ لأنها تتضمّن القافية. ومثل هذا الإشباع يجري على جميع القصائد وفي جميع البحور. أمّا في التفاعيل التي لا تتضمّن القافية فقد يكون الإشباع مقبولًـا ولازمًا للضرورة الشعرية في مكان ما وغير مقبول في مكان آخر. والإشباع في الحركة من الجوازات الشعـرية المألوفة. لكن على الشاعر الجديد أن يعلم أن إشباع حركة الضمّ واوًا (لهُ= لهُو) ممكن فوق حرف الهاء الذي تنتهي به الكلمة- إسمًا أو فعلًـا أو حرفًا- وأنّ إشباع الكسرة الواقعة تحت الهاء ياءً (فيهِ= فيهي) ممكن أيضًا. والحالة نفسها لميم الجمع (هُمُ= هُمُو) أمّا إشباع الفتحة الواقعة على نهاية الكاف- مثالًـا- بالألف فغير مقبول (أخاكا المقصود بها أخاكَ) لا هو ولا إشباع الكسرة، التي تحت الكاف، بالياء
 
لاحظ-ي أنّ الضمّة التي على هاء الله في مطلع القصيدة قد بقيت في التقطيع بدون إشباع، أي بدون مدٍّها بحرف الواو، بينما اقتضت الضرورة الشعرية في البيت التالي إشباع ضمّة هاء “كفؤهُ” بالواو
 
وقلتُمْ كُفؤُهُ رِجْلٌ * وليس الرَّاسُ كالرِّجْلِ
 
وقلتُمْكُفْ- أُهُوْرِجْلُنْ * وليسَـرْرا- سُكَرْرِجْلِيْ
 
أُهُوْرِجْلُنْ= مَفاعيلُنْ. لو بقيَت الضمة بدون إشباع (أُهُرِجْلُنْ= فَعِلاتُنْ) لـاٌختلَّ الوزن
 
وليسَ الرَّجُلُ الماجدُ مِثلَ الرَّجُلِ النَّذلِ م
 
وليْسَرْرَ- جُلُلْماج- * دُمِثـلَرْرَ- جُلِـنْـنَذلِيْ
 
مَفاعيلُ- مَفاعيلُ * مَفاعيلُ- مَفاعيلُنْ
 
م= مدوَّر. والتدوير ممكن في كل بحر ولا سيّما المجزوء منه، لكنّه غير مستحبّ ولا مألوف في التامّ- باٌستثناء عدد قليل من البحور لعلّ أبرزها الخفيف
 – – –
 
ثانيًا؛ العروض الصحيحة المجزوءة مَفاعِيْلُنْ وضربها المحذوف فَعُوْلُنْ أي
 
مَفاعِيْلُنْ- مَفاعِيْلُنْ * مَفاعِيْلُنْ- فَعُوْلُنْ
 
مِثالًـا؛ من أبيات في كتاب «يتيمة الدهر» للأديب الثعالبي
 
متى أشفي غليلي * بنَيلٍ مِن بخيلِ
 
غزالٌ ليسَ ليْ منهُ * سوى الحُزنِ الطَّويلِ
 
غزالُنلَيْ- سَليمِنهُ * سِوَلْحُزنِطْ- طَويلِي
 
مَفاعِيْلُنْ- مَفاعِيْلُ * مَفاعِيْلُنْ- فَعُوْلُنْ
 
حَمَلتُ الضَّيمَ فيهِ مِنْ * حَسودٍ أو عَذولِ
 
حمَلتُضْضَيْ- مَفِـيْهِيْمِنْ * حَسودِنْأوْ- عَذولِي؛ لاحظ-ي الإشباع في: فيهِ
 
جميلُ الوجهِ أخلاني * مِن الصَّبْر الجميلِ
 
وما ظَهْري لباغي الضَّيـ…مِ بالظهر الذلول م
 
لاحظ-ي أنّ ظاءَ الظَّهر أختُ الطّاء وأنّ ضاد الضَّيم أخت الصّاد
 
أمثلة أخرى على بحر الهزج
 
هنا قطعة أبيات للأديب ابن عبد ربِّه، العقد الفريد ج 5
 
أيا مَنْ لامَ في الحُبِّ * ولم يَعلمْ جَوى قلبي
 
مَلامُ الصَّبِّ يُغويهِ * ولا أغوى من الصَّبِّ
 
فإني مُتُّ في هِندٍ * مُحِبًّا صادق الحُبِّ
 
وهِندٌ ما لها شَـبَهٌ * بشَرْق لا ولا غرِب
 
إلى هِندٍ صَبا قلبي * وهِنْدٌ مثلُها يُصْبي
 
ولديّ ثلاث ملاحظات هنا؛ الأولى: يُسَمّى عند بعض العروضِيّين التالي؛ البيت الواحد والوحيد مُفرَدًا أو يتيمًا. والبيتان نُتْـفة. والأبيات من ثلاثة إلى ستّة قِطعة. أمّا القصِيدة من سبعة أبيات فصاعِدًا
 الثانية: من الجوازات في الشعر صَرفُ ممنوع من الصرف للضرورة الشعريّة، كقيام الشاعر بصرف اسم العلم- هند
 الثالثة: لقد اضطرّ الشاعر إلى زيادة “لا” بقوله: (بشرقٍ لا) لتمشية الوزن
 – – –
 
وهنا قطعتان من ديوان الشاعر أبي نؤاس
 
دموعيْ مَزجَتْ كاسي * وما أظهَرْتُ وسواسي
 
ولكن نطقتْ عَينيْ * فنمَّتْ عن هوى القاسي
 
وقالوا فيَّ بالظَّنِّ * فنكَّـسْـتُ لهُمْ راسي
 
ومَنْ يَسْـلمُ يا حُبِّيَ مِن ألسِنةِ الناسِ؟ م
 
وهَبْني بُحْـتُ بالحبِّ * فهَلْ في الحُبِّ مِن باسِ؟
 
فمِن الجوازات الشعرية أيضًا تخفيف الهمزة من أجل القافية، كتخفيف همزات كأسي ورأسي وبأسِ
 – – –
 
جِـنـانٌ حَصَّلتْ قلبـي* فما إنْ فيهِ مِن بَاقِ
 
لها الثّـلْثـانِ من قلبي * وثُـلْـثـا ثُـلْثِـهِ الـبَـاقي
 
وثُـلْـثـا ثـلْـثِ مـا يبقى * وثُـلْـثُ الثّـلْـثِ للسّاقي
 
فتبـقى أسْـهُـمٌ سِـتٌّ * تُجَزّا بين عُـشّاقِ
 
ملاحظات 1. صَرف الشاعر اسم العلم جنان 2. خفف همزة الفعل تُجَزَّأ، لأنّ بقاءها بدون تخفيف يؤدي إلى تغيير هويّة الهزج إلى الوافر (تُجَزَّءُبَيْ= مُفاعَلُتُنْ) لكنَّ أبا نؤاس كان دقيقًا 3. إنّ شاعرًا كبيرًا كأبي نؤاس لم يجد مَلاذًا له من تكرار “قلبي” في بيتين متتاليين وتكرار ”يبقى أو تبقى” أمّا الأصعب فهو تكرار “باقِ” في وقت أجاز أهلُ العروض تكرارَ القافية بعد البيت السابع من القصيدة 4. ترَكَنا الشاعرُ في حيرة معرفة هويّات العُـشّاق فأيّ عُـشّاق قصَدَ؛ أعُـشّاق جنان- محبوبته التي كانت جارية- أم عُـشّاق شعره أم عُـشّاق الخمر؟ لعَلّ ما تقدّم يجعلني أشك في نسب هذه القطعة لأبي نؤاس5. انصراف مواقع الكترونية كثيرة (عن هذه الملاحظات) إلى حلّ اللغز الحسابي الموجود في قطعة الشاعر، لمعرفة عدد أسهُم قلبه الولهان
 
* * *
 
وقفة هامّة بين الهزج والوافر
 
يجوز في الوافر العَـصْبُ (مَفاعِـيْلُنْ) بشرط الإبقاء على مُفاعَلُتُنْ واحدة بدون عَصْب. لكن لا يجوز في الهزج استعمال مُفاعَلُتُنْ إطلاقًـا. لذا كان نظم الشعر على الوافر أو على مجزوئه أكثر سلاسة وتاليًا كان كلاهما أكثر اٌنتشارًا من الهزج بكثير
 
يجوز في الهزج استعمال مَفاعِـيْلُ- كما تقدّم، لكنْ لا يجوز في الوافر استعمال مُفاعَلُتُ (الناتجة من كفّ مُفاعَلُتُنْ) إطلاقًـا ولا تجوز فيه مَفاعِـيْلُ إطلاقًـا
 
* * * * *

Posted in الأدب والفن | 2 Comments

كن عربي الدين عيسوي الأخلاق

جهاد علاونة

جاء في كتاب:(تحف إخوان الصفا وخلان ألوفا):( كن عربي الدين عيسوي الأخلاق). وهن خمسون رسالة أو مقالة -المصدر:مجلة الجدار-بيروت-العدد الأول,1994م.

هل ستحكم على أخلاقي من خلال شخصيتي أم من خلال الديانة التي أنتسب إليها؟ وهل للأخلاق علاقة بالدين؟ يبدو للجميع بأن الموضوع نسبي جدا فأنا لستُ أكثر الناس جمالا في أخلاقي ولكن هذا لا يعني أنني سيئ الطباع والأخلاق وإنما يعني بأن هنالك دائما شيء إضافي هو الأفضل مني أو منك.

جماعة إخوان الصفا لم تعجبهم أخلاق المسلمين وكانت أكثر شيء مؤلم بالنسبة لهم ولكي يجملوا الدين الإسلامي ظهروا في القرن العاشر الميلادي في البصرة وهم مجموعة علماء كتبوا هذه الرسائل بحرية وأخفوا أسماءهم الحقيقية وكانت هذه العبارة التي ذكروها هي أجرأ عبارة كُتبت باللغة العربية عن أخلاق المسيحيين ويا ليت كل العالم اليوم يقرأ هذه الرسائل وخصوصا هذه العبارة التي تقول :كن عربي الدين عيسوي الأخلاق.

ومن المعروف عن العرب حتى اليوم غلظتهم في التعامل وحبهم للشهوات وتلهفهم للغدر والتلاعب على كافة الأصعدة وهذا كله أعرفه من خلال ملاحظاتي وخبرتي وتجربتي الشخصية ومن الممكن أن تكون تجربتي الشخصية غير كافية لإصدار مثل هذا الحكم على أخلاق العرب المسلمين الذي قال نبيهم :(وما بعثتُ إلا لأتمم مكارم الأخلاق) في الوقت الذي لا نرى فيه هذه الأخلاق واضحة أو باديةً على وجوه أغلبية المسلمين اليوم, وأرجو أن أكون مخطئا في وجهة نظري ومن الممكن أنني لو جربتُ غير الذين جربتهم وخبرتهم في حياتي أن تكون لي وجهة نظرٍ أخرى,والله أعلم, ومن الممكن أن لا تكون هذه العبارة لإخوان ألصفا قدحا وذما بأخلاق المسلمين فمن الممكن أيضا أن تكون أخلاق المسلمين جيدة وأخلاق الإغريق جيدة ولا بئس عليها ولكن من الأهمية بمكان أن تكون أخلاق المسيحية هي الأفضل من بين جميع أخلاق الأمم,وتجربة جماعة إخوان الصفا من خيرة العلماء أثبتت صحة ما يقال عن الأخلاق العيسوية بأنها الأفضل من بين الجميع,وفي الحقيقة نحن دائما نسمع بعض المقارنات بين الناس أي الرجال أو النساء أفضل خُلقاً؟ فمن الممكن أن تكون أخلاقك أنت عزيزي القارئ أفضل من أخلاقي ولكن هذا لا يعني أن أخلاقي سيئة كليا,ومن الممكن أن نقارن أخلاق المواطن الياباني بأخلاق المواطن الفرنسي وأن تكون أخلاق الفرنسي أكثر خفة وقبولا من أخلاق غير الفرنسي, كذلك من الممكن أن تكون أخلاق المواطن الأردني هي الأفضل أو أخلاق السعودي أو الخليجي هي الأفضل ولكن هذا لا يعني بأن غيرهم سيئا كليا, أما بخصوص عبارة إخوان الصفا فمن الممكن وهذه حقيقة دامغة أن تكون فعلا أخلاق المسيحيين هي الأفضل من بين جميع أخلاق الأمم والأديان مجتمعة ,إنها تجربة مجموعة علماء عرب من القرن العاشر الميلادي قد تكون شاهدا على ما يدعيه بعض الناس حول أخلاق العرب المسلم أنها أقل في المرتبة من أخلاق المسيحيين…وكافة المسلمين حين أتناقش معهم عن سلوك غالبية المسلمين وشهواتهم الجنسية وحبهم للإجرام والغدر بالمثقفين والتنكيل بهم يقولون في النهاية حين أحكم قبضتي عليهم: (يا أخي خذ من أقوال الشيوخ ولا تأخذ من أفعالهم) وكن أنت خلوقا, بمعنى أن المسلم العربي لا يستطيع إلا تجزئة الدين بين الدين نفسه وبين الممارسات الأخلاقية اللاذعة, علما أن الدين الإسلامي يتباهى بأخلاق الشيوخ ورجال الدين الإسلامي,وإذا كنا سنأخذ مثلا بدين العرب وهو الإسلام ولا نأخذ أخلاقهم فما هو الدين أصلا إلا الأخلاق؟ فإذا سقطت أخلاق المسلمين فهذا معناه أن الدين نفسه ينهزم أمام أخلاق المسيح والمسيحية,ومن المعروف جيدا عن إخوان الصفا وخلان ألوفا أنهم جماعة من علماء المسلمين الذين اجتمعوا واتحدوا على ألوفا وعلى ألصفا وأخذوا عهدا على أنفسهم بأن يحاولوا التوفيق بين الدين الإسلامي والفلسفة الإغريقية,وحاولوا جاهدين رفع مستوى الدين الإسلامي وتطهيره من الشوائب التي علقت به من ممارسات بعض الناس وفي النهاية لم يستطع أي أحدٍ منهم أن يثبت تاريخيا بأن أخلاق المسلمين هي الأفضل ورفعتها وحتى يتجنب إخوان الصفا الفشل الذريع في مشروعهم وهو مقارنة الأديان أو حوار الأديان أو بالعربي الفصيح التوفيق بين الأديان وبين الفلسفات قالوا في النهاية:خذوا دين العرب ولا تأخذ أخلاق العرب, إنها كانت محاولة يائسة من مجموعة علماء تآلفوا واتفقوا وتحالفوا على التصالح مع الدين الإسلامي والتوفيق بينه وبين كل المذاهب كما يحاول اليوم بعض الكُتّاب التوفيق بين العقل وبين الدين الإسلامي,وأظن بأن محاولة التوفيق هذه بحد ذاتها تكون اعترافا بأن الإسلام نفسه غير متفق مع أحد لا مع المنطق ولا مع العقل وكل المحاولات ستبقى للأبد تحاول التوفيق بين الدين الإسلامي وبين الحرية أو الديمقراطية علما أنه في القديم لم يستطع أحد التوفيق بين المذاهب الإنسانية الراقية وبين الدين الإسلامي ورسائل إخوان الصفا وخلان ألوفا ستبقى شاهدة على ذلك ومحاولات الديمقراطيين اليوم من حيث التوفيق بين الدين الإسلامي وبين الحرية والديمقراطية ستبقى شاهدة على ذلك لعصورٍ متتالية.

لقد فشل إخوان الصفا في ذلك فتجنبوا أخلاق العرب وأخذوا فقط بدين العرب وشجعوا على ضرورة الالتزام بالأخلاق المسيحية كمحاولة منهم جاهدة لتقريب مفهوم الدرس الجديد لتتمكن مجموعة من طالبي العلم أن يفهموا طبيعة التعامل الجديدة, والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : أيهما أهم الدين أم الأخلاق؟ أي أيهما يأتي أولا :الدين أم الأخلاق؟ هل الدين بالمرتبة الأولى أم الأخلاق؟ طبعا الكل يقول بأن الأخلاق أولا والدين يأتي ثانيا.

قام المجروطي في القرن الرابع الميلادي بتأليف كتاب أسماه:(رسائل إخوان الصفا وخلان ألوفا) وهذه المعلومة للجميع لكي لا تلتبس الأمور على أحد.

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 2 Comments

سأخون وطني 1

محمد الماغوط

ما هذا ؟

 أمة بكاملها تحل الكلمات المتقاطعة وتتابع المباريات الرياضية، أو تمثيلية السهرة ، والبنادق الاسرائيلية مصوبة إلى جبينها وارضها وكرامتها وبترولها.

 كيف أوقظها من سباتها، وأقنعها بأن أحلام إسرائيل أطول من حدودها بكثير، وان ظهورها أمام الرأي العام العالمي بهذا المظهر الفاتيكاني المسالم لا يعني أن جنوب لبنان هو نهاية المطاف؟

 فهي لو أعطيت اليوم جنوب لبنان طوعا واختيارا لطالبت غدا بشمال لبنان لحماية أمنها في جنوب لبنان.

 ولو أعطيت كل لبنان لطالبت بتركيا لحماية أمنها في لبنان.

 ولو أعطيت تركيا لطالبت ببلغاريا لحماية أمنها في تركيا.

 ولو أعطيت أوروبا الشرقية لطالبت بأوروبا الغربية لحماية أمنها في أوروبا الشرقية.

 ولو أعطيت القطب الشمالي لطالبت بالقطب الجنوبي لحماية أمنها في القطب الشمالي.

 وملآت حقائبي بالخرائط والمستندات والرسوم التوضيحية ويممت شطر الوطن العربي أجوب أرجاءه مدينة مدينة وبيتا بيتا.

 وحدثتهم كمؤرخ عن نوايا اسرائيل العدوانية وأطماعها التاريخية في أرضنا وأنهارنا ومياه شربنا. وعرضت عليهم كطوبوغرافي الوثائق والمستندات السرية والعلنية وباللغات العربية والانكليزية والتركية … ولكن، لا أحد يبالي.

 ثم تحدثت إليهم كفنان. وعرضت أمامهم أشهر اللوحات التشكيلية والرسوم الكاريكاتورية التي تصور اسرائيل كمخلب قط للاستعمار، كرأس جسر للإمبريالية، كأفعى تلتف، كعقرب يلسع، كحوت، كتنين، كدراكولا، كريا وسكينة … تقتل وتفتك وتتآمر … ولا أحد يبالي.

 ثم تحدثت إليهم كخبير طاقة. وحذرتهم من أن منابع النفط هي الهدف التالي لإسرائيل. وأننا، كعرب، قد نعود إلى عصر الحطب في المضارب، ونفخ النار بالشفتين وطرف الجلباب … ولا أحد يبالي.

 ثم تحدثت إليهم كطبيب، عن تسميم الطلاب والطالبات في الضفة الغربية، والجثث المفخخة في مجازر صبرا وشاتيلا. وعن التنكيل المستمر بأهلنا في الأراضي المحتلة، ومصادرة البيوت، وطرد السكان، وتحديد الاقامة، ومنع السفر، ومنع العودة، واغلاق المدارس، وتغيير المجالس البلدية، وقمع المظاهرات، واطلاق غاز الاعصاب، والقنابل المسيلة للدموع، والمسيلة للتخلف … ولا أحد يبالي.

 ثم تحدثت إليهم كأب. ونبهتهم إلى أن كل مدرسة في الوطن العربي قد تصبح مدرسة بحر البقر، وكل كاتب أو شاعر قد يصبح كمال ناصر أو غسان كنفاني. وكل رئيس بلدية أو دائرة حكومية قد يعود إلى بيته على عكازين كبسام الشكعة وكريم خلف … ولا أحد يبالي.

 ثم تحدثت إلى الفلاحين كفلاح. وإلى العمال كعامل. وإلى التجار كتاجر. وإلى اليمينيين كيميني. وإلى اليساريين كيساري. وإلى المزايدين كمزايد. وإلى المعتدلين كمعتدل. وإلى العجائز كعجوز. وإلى الأطفال كطفل … وقلت لهم أن اتفاق شولتز مثله مثل اتفاقيات كامب ديفيد واتفاق سيناء وكل الاتفاقات التي تمت من وراء ظهوركم. فهو مصوغ بدقة متناهية كابتسامة الجوكندا بحث لا أحد يعرف إذا كان يبتسم لنا أم يسخر منا. ولذلك فان دولا عربية متخاصمة لم يكن يتصور أحد أنها يمكن أن تتصالح … قد تصالحت بسببه. وأن دولا اخرى صديقة لم يكن يتصور أحد أنها قد تختلف، قد اختلفت بسببه … ولكن للتحركات السياسية حدودا. وللجهود الدولية معايير لا يمكن الاخلال بها. وأن مؤتمر الشعب العربي الدائم وقضيته المركزية فلسطين لا يستطيع أن يستمر في عقد جلساته الطارئة إلى ما لا نهاية ما لم يلق استجابة من هنا أو دعما من هناك.

 وان المقاومة الوطنية في لبنان مهما كانت باسلة، لا تستطيع وحدها القضاء عليه ما لم تعمم هذه التجربة في كل بلد عربي.

 وقصصت عليهم أحسن القصص عن البطولة والفداء. والروعة في أن يكون الإنسان ثائراً من أجل وطنه ينصب الكمائن ويطارد الأعداء في شعاب الجبال. وفي فترات الاستراحة يضم بندقيته إلى صدره ويقرأ على ضوء القمر الرسائل الواردة إليه من الوطن، إذ في كل صفحة خصلة شعر من خطيبة، أو ورقة يابسة من حبيب.

 وقرأت عليهم بنبرة مؤثرة وغاضبة أجمل قصائد المقاومة والنضال، لناظم حكمت ولوركا وهوشي منه ومحمود درويش وسميح القاسم… ولا أحد يبالي.

 الكل ينظر إليّ تلك النظرة الحزينة المنكسرة كغصن وينصرف متنهداً إلى عمله.

 ماذا أفعل أكثر من ذلك لأثير نخوتهم وغضبهم ومخاوفهم؟

 هل أضع على وجهي قناعاً يمثل سنّي بيغن الأماميتين المشؤومتين؟ أم أضع عصابة سوداء على عينّي مثل موشي دايان، وأقفز حول أسرّة الأطفال في ظلام الليل؟

 هل أعرض في الساحات العامة صورا شعاعية لما يعتمر في صدر شارون وبيريز وارينز وايتان وغيرهم من ضغينة وحقد على هذه الأمة وما يبيتون لها ولشعوبها من قهر وذل وجوع ودمار؟

 هل فقدت الشعوب العربية احساسها بالأرض والحرية والكرامة والانتماء إلى هذه الدرجة؟

 أم أن الارهاب العربي قد قهرها وجوّعها وروّعها وشرّدها سلفا أكثر بكثير مما فعلته وما قد تفعله اسرائيل في المستقبل؟

‎محمد الماغوط (مفكر حر )؟‎

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

يوميات صحفي … سائق تاكسي 11

محمد الرديني

الخياط والوطن

البعض منا يملك عقلية تآمرية يحسد عليها وليس من المجافاة القول ان امثال هؤلاء هم شجرة الديكتاتورية في الوطن العربي حين يتسنى لهم استلام السلطة. ان هؤلاء يتمتعون فعلا يعقلية تخطط لاتجاهات تصب كلها في مسار الانانية وحب الذات والبحث عن المكاسب الشخصية حتى ولو كانت على حساب الاخرين وكرامتهم.
بعضنا يعتقد – سامحهم الله- ان اختيار الوطن البديل هو تماما مثل ذاك الذي يذهب الى الخياط لتفصيل بدلة – لاادري لماذا يسميها البعض بذلة- حسب المواصفات التي يريدها. وسيكون حال الخياط مثل حذاء ابو القاسم الطنبوري او مثل سمك (الصبور) عند اهل البصرة في العراق: ملبوس او مأكول مذموم.
فاذا اخطأ الخياط في المقاييس ستنقلب الدنيا ولا تقعد ولا اقل من اطلاق صفة الجهل اوالرعونة على هذا الخياط البائس اما اذا سها عن اتباع التعليمات المقررة في مقاييس هذه البدلة فاقل مايقال عنه انه خياط اجوف اما اذا لم تعجب البدلة صاحبها لسبب يجهله الخياط فانه – اي الخياط- لاينتمي الى هذا العصر.
وهذا الحال بالنسبة لبعضنا حين قرروا او رمتهم ظروفهم الى الهجرة حيث المنافي البعيدة. فهم يريدون وطنا حسب مقاييسهم وامزجتهم والا فلعنة الله على هذا الخياط الجاهل.
هناك مهاجرون عرب يستقتلون للحصول على لقب لاجىء، لايهم البلد الذي يمنحهم هذا اللقب المهم ان يصلوا الى هناك وبشتى الاساليب المشروعة وغير المشروعة، انهم مثلا – وهذا مايكتبوه في اوراق طلب اللجوء ضمن مسببات الهجرة- مناضلون يطاردهم النظام الحاكم  اينما  حلوا يريد اهدار دمهم بعد ان شعر بخطرهم النضالي والايديولوجي والسياسي، انهم لايجدون لقمة الخبز في بلادهم بل انهم محاصرون حتى من الهواء الذي يمر على بيوتهم. وتكر اللعبة من (مناضل) الى أخر ويحصل الكثيرون منهم على اللجوء حيث تتاح لهم لقمة خبز شريفة وبيت نظيف وحقوق يكفلها القانون وربما عمل لايحلمون به في بلدهم.
ويبدأ هولاء بعْد الايام والسنين، هاقد مرت سنة ثم سنة اخرى ولم يبق على التجنيس الا بضعة اشهر، تمضي هذه الاشهر وتصلهم بعد ذلك رسائل رقيقة من وزير الهجرة يطلب منهم الحضور الى حفل التجنيس وفي ذيل الرسالة عبارة نادرا ماتؤثر فيهم تقول : لنا الشرف لانكم اصبحتم من مواطني هذا البلد(…) وترفق مع هذه الرسالة استمارات طلب جواز السفر لمن يرغب في الاستمتاع بعطلة خارج وطنه الجديد.
وفي ذلك المساء يكون المخطط قد وصل الى ذروته فهم حين يستلمون وثائق تجنيسهم يعودون الى بيوتهم مسرعين لملء استمارات طلب جواز السفر وبعد ايام تراهم غادروا بلدهم الجديد الى حيث بلدهم الاصلي ولكن بجلد جديد. انهم الان مواطني بلد اخر ولكنهم يقيمون في بلدهم الاصلي  حيث بات الهواء الذي يمر على بيوتهم نقيا صافيا وبقدرة قادر عفت عنهم السلطة الحاكمة وبات الاضطهاد في خبر كان وحتى انهم باتوا يضيقون بلقمات الخبز التي باتت تنهال عليهم من كل حدب وصوب. وتتضح الرؤيا شيئا فشيئا فهم لم يكونوا مناضلين ولاجياع ولا مضطهدين، انهم بايجاز كانوا يبحثون عن جلد جديد يسلخون به جلدهم القديم ويقولوا للاخرين: هاقد جئنا الى ارضكم نبحث فيها عن مغانم جديدة.
وحين تسألهم : من انتم ؟ يجيبون: نحن اناس كتبت علينا الهجرة والغربة ولكننا تغلبنا عليها بدهاء اصحاب الخبرة في التلون.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

ماذا لو فاز مرسي برئاسة مصر ؟!

صلاح الدين محسن

ماذا لو فاز برئاسة مصر . مرشح جماعة الاخوان المسلمين ” دكتور محمد مرسي ” ؟!
هذا ما نتوقعه :
سيكون مصيره نفس مصير البرلمان السابق . الذي فاز فيه بالاغلبية جماعة الاخوان المسلمين .. ( الحل ) …
و كذلك سيكون مرسي رئيسا بلا رئاسة مثلما كان البرلمان بلا سلطة حقيقية عدا سلطة اظهار الاسلاميون لما عندهم مما يضحك الدنيا علي مصر واسلامييها وشعبها .. ( تعرفون ما حدث في الشهور القليلة التي عاشها برلمان الاخوان . وفي النهاية تم حل ذاك البرلمان , و كان الرابح من فوز الاسلاميين بأغلبية البرلمان هو : المجلس العسكري والنظام الحاكم . اذا بدا كما لو كان حقا محبا للديموقراطية , محترما لارادة الشعب ! ) !

كان الحكم العسكري لمصر . يحمل لللاسلاميين الغافلين . شهادة وفاة برلمانهم من قبل الانتخابات – مخالافات قانونية ودستورية كثيرة , كفيلة بنفخ البرلمان ليطير في الهواء , كأنه لم يكن .. وهذا ما كان بالفعل . وذهب البرلمان واسلامييوه , واصبحوا في خبر كان ..
كذلك الحال بالنسبة للدكتور مرسي – مرشح الاخوان – لو ( لو ) فاز بالرئاسة . سيحدث الآتي :
سيحتفظ النظام ومجلسه العسكري . لنفسه بحقائب الوزارات السيادية – الدفاع والداخلية والعدل ) وهكذا يكون مرسي مجرد رئيس صوري – علي الورق – ليس بمقدوره عمل اي سياسة ذات فعالية . ولا خطوة واحدة ذات قيمة , الا باذن المجلس العسكري – الوزارات السيادية , العسكرية – الحاكمة من وراء ستار –
فلن يكون آداء دكتور مرسي – ممثل جماعة الاخوان – في الرئاسة , بأفضل من آداء برلمان الاخوان – المنحل – ! والدليل هو . عندما سالوه – مرسي – أثناء الحملة الانتخابية . عما سيفعله تجاه مشكلة مياه النيل . كانت اجابته ليست اجابة رجل أكاديمي . أستاذ بكلية الهندسة – كلا , وانما شيخ أزهري . اذ قال ” المطر سيزيد , ولن يتدخل احد بيننا وبين دول منبع النيل . وسنرفع ايادينا للسماء ونقول يارب ” كلام ناس بركاويين ماشيين بالبركة وع البركة .. وما هكذا تدار مصالح الشعوب في العصر الحديث .
وبعد شهور قليلة من وجوده بلا فعالية فوق كرسي الرئاسة .. يكون مخطط جهاز امن العسكر قد اكتمل . تركت القضايا المرفوعة ضد دكتور مرسي . لتأخذ دورتها في القضاء ( حالته الصحية , وعدم قانونية ترشيحه للرئاسة بحكم انتمائه لجماعة دينية محظورة , وهروبه من السجن أثناء احداث الثورة في العام الماضي . وأولاده الحاملون لجنسية دولة اجنبية .. الخ . فيصدر حكم قضائي – وربما عدة احكام , في خلال يومين او ثلاثة . ببطلان ترشحه – ووجوده – في منصب رئاسة الدولة ..
وكما تم ابلاغ البرلمان الاخوان .. بحله وبمنع دخول اعضائه المبني ,, كذلك سيتم ابلاغ دكتور مرسي . بعزله وبعدم جواز دخوله لمبني الرئاسة الذي سيحاط بقوات البوليس والأمن .
وبذلك يبدو الحكم العسكري – المجلس العسكري- . كما لو كان قد احترم وعده بتسليم السلطة لمدنيين ! , وكما لو كان قد احترم صندوق الانتخابات , وارادة الشعب .. ! ونجحت الحيلة والخطة الأمنية ( وهي في حماية المدفع والدبابة والطائرات الهليوكبتر … ) .

وسيفهم من لم يفهموا .. انهم قد تعاركوا وتخاصموا في الاختلاف حول انتخاب من للرئاسة ؟ : مرسي , أو شفيق .. ! وكانه يوجد فرق بين الاثنين ؟! وبالطبع سوف يندمون علي تجاوزاتهم ضد بعضهم , واساءة البعض للأدب ضد الآخرين . بسبب مسالة ليست سوي لعبة امنية قائمة علي الخبث والمكر . المعروفين عن جهاز عمره يرجع لعام 1952 .

وهكذا ستكون نهاية من خانوا الثورة وتحالفوا مع النظام الفاسد طمعا في تسلم للسلطة . فتعاونوا علي تصفية الثورة , ودحر الثوار ..

العسكر أمامكم , وتجار الأديان وراءكم , وفي القانون الدولي نجاتكم :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=303557

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

اللهجه العاميه جميله

جهاد علاونة

مالكم يا جماعة الخير؟ أي هو أنا كفرت لمّا قلت يجب أن نتعامل باللغة العربية العامية فاتهمتموني بالكفر وبالزندقة وبترديد كلام أسيادي!!! انتوا وأسيادي ومع أعداء التقدم والتطور والحضارة على راسي من فوق لا أفرّقُ بين أحدٍ منكم وأحترم الجميع وأأخذ عنكم النصح وأريد أن أكون واحدا منكم ولا أريد أن أعيش مستوحشا في وحدتي أريد أن أكون واحدا من الناس وأنتم تمنعونني من ذلك بسبب سوء الظن بي,لا تكفرونني وقولوا عني ضال وتمنوا لي الهدايه من الله ولا تتمنوا لي السوء, والبعض منكم قال لن نترك اللغة العربية,أي أنا ضربت حدى منكم على إيده على شان يترك اللغة العربية؟,أنا حين دعوتكم لم أدعكم لهجر اللغة العربية بل إلى تطوير اللغة العربية,ثم إني أُريدُ أن أسألكم سؤالاً:هل اللغة العامية مش عربيه؟اللغة العامية التي أدعو إليها هي في الأصل لغة عربية وهي ليست سنسكريتية في شيء ولا هي مالطية ولا هي إيطالية بل هي لغتكم العربيه التي تقدسونها كل التقديس علما أن اللغه تماما ليست مقدسه ولا توجد في العالم لغه مقدسه هذا فقط موجود في اللاشعور الجمعي والأنا المتعالي للأعلى الذي تتمتعون به,كل لغات العالم تتطور لأن وسائل الإنتاج تتطور وطرائق الحياة تتغير وتفرض هذه القواعد حدودا جديدة للمجتمع المدني الحديث,هل اللغه الانكليزيه مثلاً اليوم هي نفسها التي كانت قبل 700سنه؟ثم هل الإنكليز والإسبان والروس والصين لا يدخلون الجنه لأنهم لا يتقنون اللغه العربية الفصحى؟ ستجدون في الجنه أناس من كل الملل والنِحل ومن كل اللغات الحيه والميته وإذا تحدثتم باللغه العربيه العاميه لن يدخلكم الله النار, هل قرأتم آيه قرآنيه تقول بأن غير المتحدث باللغة العربية الفصحى لا يدخل الجنه؟ الناس يدخلون الجنه بأعمالهم وليس بلغاتهم, يعني ممكن يدخل النار عالم نحو,وأبو جهل كان يحكي العربيه الفصحى ومع ذلك يقال بأنه سيدخل النار,إذاً اللغه ليست مصدرا للجنه وللنار وإنما الاعمال هي مصدر الجنه والنار التي تتحدثون عنها.

هذا هو ما تؤمنون به وتدعون إليه ولم أسمع محاضره دينيه تقول بأن الجنة حُفت باللغات وإنما بالأعمال, يا جماعة الخير كانت أوروبا كلها تكتب باللاتينيه ولكن مع عصر البخار وانتشار الصناعه والتطور تركت أوروبا لغة الإنجيل وبدأت كل دوله تكتب بلغتها العاميه الأم وحين ترجم(تاندال) الإنجيل لأول مرة دعاه بابا الفلتيكان وسأله عن السبب قائلا له:لماذا تترجم الإنجيل إلى اللغه الفرنسيه؟ قال له العالم تاندال: أريد من الصبي الذي يدز المحراث في باريس أن يفهم الإنجيل أكثر منك,وانتشر الانجيل بعد ذلك في كل اللغات العربيه والفرنسيه والروسيه وما شابه ذلك, الناس تدخل الجنه بأعمالها وليس بلغاتها, يعني يوم القيامه مش راح الله يسألني عن (ألفية ابن مالك) ولا عن كتاب(الكتاب) ولا عن أبي علي الكسائي ولا عن (خلف الأحمر) راح يسألني عن عملي وعن ماذا قدمت للبشريه من خير, ولم تتراجع أوروبا للوراء عندما استعملت لغتها العاميه بل على العكس تقدمت للأمام وظهر أدباء وفلاسفه جدد أشهرهم شكسبير والشاعر شوستر الذان كتبا باللغه الانكليزيه وكانت اللغه الانكليزيه في بريطانيا في ذلك الوقت هي اللغه العاميه ولم تحدث أي انشقاق إلا الفوضه البسيطه الخلاقه التي أوجدت مجتمعاً عصريا وقدم شكسبير أفضل الأعمال إلى اليوم وأعظمها والتي يتسابق العلماء اليوم إلى ترجمتها وبيان أهميتها.

أنا لم أدعكم لقراءة نشرات الأخبار باللغه الفرنسيه أو لاتمثيل مسلسل كوميدي باللغه الاسبانيه أو فيلم كرتوني للصغار باللغه اليابانيه كل ما هنالك أنني قلت بأنكم تستعملون اللغه العاميه وبنفس الوقت تستغربون وتشعرون بالسخريه إذا خاطبكم أحدهم وهو من أبناء جلدتكم باللغة العربية الفصحى, فأين هو الكفر الذي دعوت إليه؟ أنتم تقدسون اللغة العربية الفصحى وأنا أحترمها ولا أكن لها العداء وأدعو للغه العاميه وإلى تسكين أواخر الكلمات وإلى رفض استعمال (الهمزة) التي لم تكن قريش تستخدمها إطلاقا,يعني قبيلة قريش والتي منها الرسول لم تكن تستخدم الهمزه على الإطلاق وإنما جاء استعمالها مؤخرا وكانت بعض القبائل تستبدل الهمزة بحرف(ع) وأحيانا بحرف (ق) بالمثال على ذلك كلمة:مسئول أو مسؤول وهذا جائز على الشكلين على النبرة وعلى الواو والمهم أن بعض القبائل كانوا يقولون (مسعول) بدل مسئول,وبدل (دقيقه) كانوا يقولون (دئيئه) وبدل (واقف) كانوا يقولون (وائف) وهنالك شخص أوقف سيارته قبل يومين أمامي وأنا ماشي وسألني عن اتجاه القبله لأنه يريد أن يصلي وسألني هذا السؤال(الإبله وين اتجاها لو سمحت؟) ويقصد ب(الإبله) طبعاً(القِبلهْ) وهذا سائد اليوم ومستعمل بكثرة وكانوا يستبدلون القاف بالهمزة والهمزة بالقاف, والشاهد الآخر(قعد) (أعد) والجنس الناعم اليوم ما بحكيش معاكم إلا بالهمزه بدل (قلت) يقلن(أُلت) وبدل (قاعده ) يقلن(آعده) وهذه كلها لهجات رسميه جدا ومعترفٌ بها وكلما كان المجتمع مدنيا ومتحضرا أكثر كلما زاد من استعمال الهمزة,وهل سمعتم هذه الطرفه عن النحاة حين قالوا (لم تكن قريش تهمز الخرئ) وإنما كانوا يقولون(خرى) لوحدها, مالكم يا جماعة الخير على رجلٍ مثلي تزيدون من العداء له كلما جاءكم ببصيصٍ نورٍ يلمع بين جوانحه؟ ما لكم تقتلون النبيين بغير حق وتحرفون الكلم عن مواضعه,العلماء ورثة الأنبياء وأنا لا أقول لكم إلا ما قاله المتنبي: ما مقامي بأرض نخلة إلا كمقام صالحٍ في ثمود, أنا لم أنكر عليكم تراثكم ومعايير الأخلاق المجتمعية السائده بينكم وكل ما هنالك أنني أقول لكم إن اللغه العاميه التي تتحدثون بها هي لغه جميله وراقيه,ولا أحلى من هيك لغه, ويجب أن نستعملها بكثره ولم أقل لكم استعملوا اللغه الصينيه وأقول لكم بأن اللغه تتطور والأخلاق تتطور كما يتطور التلسكوب والأدوات الطبيه والعلميه,مالي أنا وللغه الصينيه لم أدعكم للغه الصينيه, لغتكم جميله ومشاء ألله عليها , غداً يوم القيامه حين نقف أنا وأنتم أمام الرب ستدانون بسبب إدانتكم لي, أنا لم أدعوا إلى استعمال اللغة الروسيه أنا أدعو إلى استعمال اللغه العربيه العاميه وأقسم على ذلك والله على ما أقوله شهيد,أنا دعوت إلى استعمال اللغه العربيه العاميه التي تنطقون بها هنا وهناك وفي كافة المحاور,وتساءلت فقط لماذا تشعرون بالسخريه حين أحدثكم باللغة الفصحى, أعتقد بأن شعوركم الحقيقي يأخذكم نحو الحقيقه.

اللهجه العاميه جميله استمعوا إلى أجمل الأغاني الفيروزيه والكلثومية والعبد حليميه والأطرشيه والنانسي عجرميه والأغاني السوريه والعراقيه والأردنيه وكلها باللهجات العاميه وفيها مشاعر عظيم وأحاسيس مرهفة,ومع ذلك ليست بالفصحى….يلله توكلوا على الله واتبعوني.

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

هشتكنا وبشتكنا يا ريّس !

رعد الحافظ

مع أنّ النتائج النهائية لم تُعلَن بعد , لكن يبدو أنّ د. محمد مرسي العيّاط , في طريقهِ للفوز بأوّل رئاسة للجمهورية , في مصر ما بعد الثورة .
مهما حاولتُ التظاهر بأدب الحوار والدبلوماسية في الحديث , فلن يُمكنني اليوم , نطق كلمة مبروك للشعب المصري .
لذلك إخترتُ اُغنية عادل إمام في مسرحية الزعيم كعنوان لهذا المقال .
مبروك على ماذا ؟
على حُكم الإخوان ؟ الذين سيحاربون جَمال هذهِ الحياة ؟
بينما القلب يعشق كلّ جميل , وياما شفتِ جمال يا عين , في مصر !
أم على الصراعات المتوقعة بين العسكر والإخوان في الصورة الأولى ؟
وبين عموم الشعب المصري بقواه الثورية والتقدميّة / ضدّ الجماعات الظلاميّة / في الصورة الثانيّة , وهي الأعمّ والأشمل والأوضح ؟
***********
كان نفسي أقول مبروك لكِ يا مصر , ويا شعب مصر العظيم .فأنتم الروّاد في المنطقة ويقتدي بكم الجميع .
لكن الليلة الماضية مرّت ثقيلة عليّ , رغم المكالمات الهاتفيّة مع أصدقائي لتحليل كلّ خبر من مصر .
وإنتهت فعلاً بما شعرتُ بهِ من ضياع أصوات كثيرة ( حمدي صباحين ومناصريه مثلاً ) , كانت ستغيّر النتيجة النهائيّة ( 52 % مُرسي , 48 % شفيق ) المتقاربة كما توّقعت الغالبية .
تذكروا أنّ خيرت الشاطر وكثير من قيادة الجماعة هدّدوا علناً باللجوء للعنف والميدان في حالة خسارة مرشحهم العيّاط .
وعلى رأيّ د. عبد الرحيم علي / في لقاء مع توفيق عكاشة , أنّ حلّ مجلس الشعب المصري بقرار من المحكمة الدستورية العليا / آية من آيات الله , فليتقبّل الإخوان هذا القرار وليتعظوا بهِ , فقد أرادوا الإطاحة بشخص واحد هو أحمد شفيق فأطاح الله بهم جميعاً !
أنا أسأل / من يقدر على الذكاء وخفّة الدم المصري ؟
ما علينا .. الحياة تستمر , وما جرى ليس نهاية العالم والتأريخ !
مصر التي قامت يوم 25 يناير 2011 , لن تنام مجدداً على ضيم الجماعة هذهِ المرّة .
يعني بتعبيرهم الجميل / مش ح نخلص من مصيبة ( مبارك ) ونقع في داهيّة ( الإخوان ) !
إسمعوا هذهِ السيّدة المصرية تقول لهم :
يا ويلكم .. ويا سواد ليلكم , لو كنتم عاوزين تستعبدوني / هذا لسان حال كلّ مصريّة حرّة !
***********
شريط مهم
http://www.youtube.com/watch?v=nWPVJZYEDqM&feature=share
المفكر السوداني / الحاج ورّاق يقول في لقاء مع خيري رمضان ما يلي
كلّ جماعة إسلاميّة تعتقد أنّها متحدثة بإسم الله .
عندما يحاججوكَ الآن على التلفزيون / هذا أمر هيّن .
لكن عندما يصلوا السلطة ويصبح في يدهم جهاز الأمن وأمن الدولة والمباحث , ويعتقدوا أنّك خارج عمّا يُريدهُ الله / فهذه هي المأساة .
عندها لن يكتفوا بأن يقولوا لكَ آرائك تافهة .
إنّما سيجعلوكَ تتمنى , لو لم تخرج من رحم اُمّك !
وهذا ما حدث في السودان وكلّ مكان حكمَ فيه الإسلامويون !
هذهِ ليست مرارة شخصيّة / هذه مرارة كلّ السودانيين الذين يشكلون المعدّل الثاني للهجرة في العالم . صوتوا ( بأنفسهم ) لدولة الإخوان المُسلمين , بينما يهربوا ( بأرجلهم ) اليوم الى إسرائيل تحت لعلعة الرصاص هاربين من جنّة الإخوان .
ويضيف الحاج وراق : الإخوان يتصرفون مثل الفراعنة
ما اُريكم إلاّ ما أرى ! يعتقدون أنّ آرائهم مُقدّسة .
مثلاً الإمام / حسن البنا , كان يعتقد بعدم جواز تعليم المرأة / في رسائل الدعوة والداعيّة .كان يقول : يجب أن نعلمّهم سورة النور والحجرات فقط
فهل يمكن أن تُقنع المرأة المُعاصرة بذلك ؟
شاهدوا الشريط / كلام مهم وجميل وهاديء وعاقل !
*************
الحاكميّة لله
حسناً فليحكم العيّاط /محمد مرسي بإسم جماعتهِ ومرشدهِ الأعلى , ولنرى كم يصمدون ؟
وهل صورة إيران الملالي بعيدة علينا ؟ تلك كانت تجربة واضحة في اللحم الحيّ .
لكنّي اُراهنكم , لن يطول الأمر في مصر ثلاثة أو أربعة عقود كما هو الحال في إيران البائسة .
لا .. يا أعزائي , هذهِ مصر مُش أيّ كلام .
سترون وتسمعون كيف أنّ اُغنية أو تمثيلية أو فلم أو مسرحيّة أو حتى نكتة بسيطة من مواطن مصري عادي / تكفي لزلزلة عرش الإخوان الواهي .
بينما فضائحهم اليوميّة تكفي لإسقاطهم بالقاضيّة .
بلد فيهِ علاء الأسواني وسيّد القمني وخالد يوسف وعمر الشريف وعادل إمام ويسرا وإلهام شاهين وشريهان وآلاف مثلهم / لن يُعمّر فيها الإخوان طويلاً .
اللهم إنصر المصريين على الإخوان / ألا إنّ حزب الإخوان هم الخاسرون .
قالوا : وإنْ فازوا بالإنتخابات ؟ قال : وإن فازوا !

تحياتي لكم
رعد الحافظ
18 يونيو 2012

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment

أغنية لباب توما ..

محمد الماغوط

حلوه عيونُ النساءِ في باب توما
 
حلوه حلوه
 
وهي ترنو حزينةً إلى الليل والخبز والسكارى
 
وجميلةٌ تلك الأكتافُ الغجريةُ على الاسّره ..
 
لتمنحني البكاء والشهوة يا أمي
 
ليتني حصاةٌ ملونةٌ على الرصيف
 
أو أغنيةٌ طويلةٌ في الزقاق
 
هناك في تجويفٍ من الوحلِ الأملس
 
يذكرني بالجوع والشفاه المشرده ،
 
حيث الأطفالُ الصغار
 
يتدفقون كالملاريا
 
أمام الله والشوارع الدامسه
 
ليتني وردةٌ جوريةٌ في حديقة ما
 
يقطفني شاعرٌ كئيب في أواخر النهار
 
أو حانةٌ من الخشب الأحمر
 
يرتادها المطرُ والغرباء
 
ومن شبابيكي الملطَّخة بالخمر والذباب
 
تخرج الضوضاءُ الكسوله
 
إلى زقاقنا الذي ينتجُ الكآبةَ والعيون الخضر
 
حيث الأقدامُ الهزيله
 
ترتعُ دونما غاية في الظلام …
 
أشتهي أن أكون صفصافةً خضراء قرب الكنيسه
 
أو صليباً من الذهب على صدر عذراء ،
 
تقلي السمك لحبيبها العائد من المقهى
 
وفي عينيها الجميلتين
 
ترفرفُ حمامتان من بنفسج
 
أشتهي أن أقبِّل طفلاً صغيراً في باب توما
 
ومن شفتيه الورديتين ،
 
تنبعثُ رائحةُ الثدي الذي أرضَعَه ،
 
فأنا ما زلتُ وحيداً وقاسياً
 
أنا غريبٌ يا أمي .

‎محمد الماغوط (مفكر حر )؟‎

Posted in الأدب والفن | Leave a comment