ايها المسيحيين اسمعوا وعوا

محمد الرديني

2012 / 9 / 9

هل من خدمة يقدمها لي من يقرأ هذا المقال ليجيبني على السؤال التالي:
هل الفريق مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة فاروق الاعرجي شيعي ام سني ام مسيحي ام مندائي؟.
سأستبعد احتمال ان يكون مسيحيا فليس من المعقول ان يهاجم مع فرقة عسكرية مسلحة نوادي المسيحيين ويصيح بهم باعلى صوته”لامكان للمسيحيين في العراق”.
كما انه ليس مندائيا اذ ليس من المعقول ان يوافق سعادة دولة رئيس الوزراء على تعيين صابئي في هذا المنصب الحساس.
واستبعد ايضا ان يكون سنيا،اذ ستقوم القيامة وتقعد اذا عرف حزب الدعوة بان سنيا يتولى ادارة الامن في بغداد(يابوووووووووووووي).
ولكن المشكلة ،اذا افترضنا، انه شيعي فهو لم يتكرم علينا ويقول هل هو من جماعة الاثنا عشر ام الاسماعيلية ام القادرية ام الزيدية أم..؟
انها مشكلة محيرة فعلا.
ماعلينا..
كلنا عرفنا خلال اليومين الماضيين خبر الفضيحة التي اقدم عليها مولانا فاروق الاعرجي حين هجم بفرقة مدججة بالسلاح على مقرات نواد اجتماعية بعضها يرتادها المسيحيون.
ولكن لابأس من التكرار.
لنقف قليلا على ما فعله مولانا الاعرجي، فقد هجم على احد المنتديات المسيحية وصرخ بوجوه القوم “لامكان للمسيحيين في العراق” هذا اولا.
ثانيا انزل صورة احد الرموز الدينية المسيحية وداس عليها بعد ان بصق على صورة هذا الرمز الديني.
وبادر احد الضباط الى ضرب احد الرواد وتبعه الى الباب الرئيسي ليشبعه “راجديات”.
ثالثا: صاح احد الافراد بوجوه القوم”ماترحون الى ربعكم في استراليا والسويد”.
رابعا: تخيل احد الضباط نفسه في سباق عالمي للسيارات حين اعلن بانه سيعد من 1- 10 ليخرج الجميع ولايهم من كان مصابا بالروماتيزم او اي علة اخرى في ساقيه.
هم ماعلينا..
شعبنا اعتاد على “الكفخات” ولكنه لم يعتد على هذا الكذب المكشوف.
فقد جاء النفي قاطعا من مكتب القائد العام بحدوث ذلك وحين اروه فيلم الفيديو المصور نفى ايضا وكأنه يقول هذه احدى حيل الانترنت.
وجاء نفي آخر من مكتب محافظ بغداد الذي وصف العملية بانها “غير مقبولة وتدل على توجهنا نحو الديكتاتورية”.
عجيب..!
هل الناس تركت كل شغلها وتريد ان تتجنى على فريق بالجيش ويشغل مدير مكتب القائد العام؟
ولأني حسن النية،وهي حالة نادرة، فسأتخيل ان الامر جرى على النحو التالي:
في احدى الليالي حلم هذا الاعرجي بانه خليفة للمسلمين، طبعا الشيعة فقط،وقرر حين استيقظ من نومه ان يحقق هذا الحلم، كيف لا وهو القائد والآمر الناهي وتحت مئات عشرات الضباط والجنود.
ويبدو انه من المتابعين لخطوات السلطة الايرانية في تفريغ ايران من المسيحيين ليتفرغوا بعد ذلك الى السنة ويطردوهم الى بلاد الكفار وهي خطوات ستشمل الوهابيين والاخوان المسلمين ومن لف لفهم.
وهذا يعني ان ايران بعد سنوات قليلة ستكون شيعية “خالصة” لوجه الله تعالى وسيضمن ولاية الفقيه ولائهم جميعا خصوصا وانه ،شرعا، سيظل في منصبه حتى وفاته.
اذن لماذا لايتبع الاعرجي نفس الخطوات.. وكان ماكان.
اعتقد انه الان يتهيأ الى مواجهة السنة ثم الصابئة وبعدها للتركمان ثم اليزيدية وسيقنع من يهمه الامر بضرورة استقلال كردستان لتكون دولة نخلص من “شرها” وهكذا.
حينها سينفش ريشه امام كاميرات القنوات الفضائية ليقول” خلصنا من هم ثقيل فقد ازحنا الارهاب من بلدنا ويمكن لشعبنا “الشيعي” ان يعيش بامان بعد الان.
هناك ،طبعا، الكثيرون ممن يصفقون له ويعتبروه البطل القومي رقم 1 بالعراق اذ خلصهم من الغريم السني والمسيحيين الذين يشربون الواين الاحمر وستكون الساحة لهم يلعبون فيها كما يريدون.
كنا نعتقد ان قرار ابعاد الفريق قاسم عطا المتحدث الرسمي لعمليات بغداد جاء بعد ان ملأ الدنيا كذبا مكشوفا،حتى انه قد بزّ محمد سعيد الصحاف والمذيع المصري احمد سعيد في ايام نكسة حزيران.
ولكننا الان نطالب بعودته حالا فقد كان على الاقل لا يمارس سوى سياسة اكذب ثم اكذب حتى يصدقك القوم، بعكس صاحبنا الاعرجي الذي تخيل نفسه اعلى بطبقات من الخلفاء الراشدين لا بل حتى من هارون الرشيد وألأمين والمأمون وغيرهم.
لا احد يعرف حتى كتابة هذه السطور ما الدافع الذي دفع مولانا الاعرجي ليقوم بما قام به والذي لم تتجرأ كل السلطات التي مرت على العراق ان تقوم به؟,
لننتظر فربما يكون الفيلم الوثائقي مفبرك ويريد الاعداء التشهير به.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | 1 Comment

دمعة حرّة

هناء شني

لقد كانت حبلى طوال حياتها بأغنية شاحبة النص
ترهق الوجه بمساحيق قليلة التكلفة،، لكي تضيف فكاهة على ملامحها المتوردة حزنا
لقد اتخذت من الوقت ضيفا ثقيلا .. لا ينقطع عن سرد حكايات تنتهي دوما بموت البطل
سينتهي كل شئ..
هذه الليلة ستلد اغنيتها بمساعدة لحن مرذول يحسن اخماد صرخة مقطوعة اللسان
عند مجئ الخريف ستختار اجمل كفن .. يفيض عطفا وحنانا
ستكفن ,ايامها ولياليها،، وحكايات موت البطل
سوف لن تنسى طيّه عدة طيات واحراق كل ذرة حلم..
تجتث من النفس مخالب الوحشة

تهرب ..
وخلفها تلوح قبضة قدر متشنج..
تهرب كوحش طليق ..لتولد دمعة حرة..

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

مجلس العزاء مازال مفتوحا منذ نصف قرن

محمد الرديني

لعلنا أكثر شعوب العالم بكاءا ونواحا ولطما وصراخا، بل اننا عشنا وما زلنا نعيش تحت شعار نحن نصدر الحزن فمن يشتري ا كما فريد الاطرش اشتري الحب بالعذاب فمن يبيع.
لا أريد أن أقابل كلمة الحزن بالفرح فسيتصدى لي اكثر من 7 ملايين عراقي تحت خط الفقر و5 ملايين يتيم ومليون شاب خريج عاطل وأكثر من نصف مليون عجوز لا ينام الليل مخافة كاتم الصوت أن تخترق رصاصاته أدمغة أحفاده الصغار.
كل هؤلاء سيصرخون في وجهي وبلهجات عراقية مختلفة: ولك أنت بطران لو توك ماكل “باجه”.. ولك ترى نلعن أبو سلفاك اذا تطري هاي السالفة مرة ثانية.. من وين يجي الفرح ويومية مقتول 20 اذا مو اكثر.. من وين يجي الفرح واحنه مثل الفيل اللي يخاف من الفاره .. والله اذا جبت طاري هاي السالفة مرة ثانيه ندور على شيخ عشيرتك ونروح فصّالة .. افتهمت”.
والله ياعمي افتهمت بس انا مو قصدي الفرح ولا قصدي اتبطر عليكم..لو سامعيني الى الآخر جان ما تعبتوا نفسكم بهذا الكلام.
كل اللي اريد اكوله يتلخص بنقطتين:
اولا 99.9% من مطربينا فاشلون فاشلون وامعات ،لأنهم ساهموا بقصد او بدون قصد في تكريس الحزن في قلوبنا، وهذا الكلام منذ اكثر من 50 سنة .. ظلوا ينوحون باسم الحبيب الغائب واحنه نبكي على حظنا .. هم يرقصون واحنه نلطم على وجوهنا.. وما أن يخلصون اغانيهم بالاذاعة تعال وشوفهم بالليل.. ضحكهم واصل لابو موزة.. وحين يستضيف التلفزيون واحدا منهم فانه يجلس كالطاووس امام الكاميرا ليقول: والله انت تعرف احنه شعب تربى على الحزن، وهذا الحزن جزء من تراثنا لايمكن الاستغناء عنه ، انه حزن محبب ،شفت شلون؟ ومن راح انغير في نمط اغانينا الناس تكرهنا ولا راح نبيع ولا سي دي ونموت من الجوع، واحسن شي نمشي ويا رغبة الجمهور،شفت شلون”
نقطة نظام: انا لا ادعي ابدا بنشر اغاني الفرح لآ ابدا ليس هذا قصد الكلام، ولكني اعتقد ان الاغنية مثلها مثل اي سلاح فعال بيد الشرفاء.
سؤال مابي خيارات.
لماذا اشتهرت اغنية “وين الكهرباء يادولة القانون؟”.
فيروز التي يحبها كل الناس من اقصى الشرق الى اقصى الغرب لم تغني للفرح وانما غنت للناس.
ماتت ام كلثوم واندثرت اغانيها المشهورة.. وبعدها توفي فريد الاطرش ثم عبد الحليم حافظ وبينهم محمد عبد الوهاب ونسى الناس ماذا كانوا يغنون.
ولكن بقت أغاني فيروز وحضيري أبو عزيز وفؤاد سالم والحان كوكب حمزة وكلمات طالب غالي ومظفر النواب.
كل المطربين الحاليين “اقصد 99.9%” منهم فاشلون ومصابون بالشيزوفرينيا او السادية ولا داعي للاستدلال على ذلك فانتم تعرفونهم اكثر مني، فهذا الذي يحمل لقب الرسام وذاك المهندس وثالثهما البيطري ورابعهم أبو شامة اما الحريم فاعوذ بالله منهن ومن طوب ابو خزامة.
اتحدى أي مطرب ومنذ عشرات السنين تجرأ وغنى لاولاد الملحة او حتى أقام لهم حفلات في مناطق سكناهم مجانا.
انا مثلكم ، حين اريد ان ابكي اسمع صباح اللامي واذا اردت ان ارقص من الالم اسمع حسام الرسام واذا اراد احد الآباء الاحتفال بعيد ميلاد ابنه الثامن يطلب منه احد الحاضرين الكبار: وحياة ابوك سمعنا اغنية من أغاني جبار عكّار”.
من يقول أني بطران حين اطالب ان تكون الاغنية جزءا من لغة هذا العصر وتحكي عن هموم المواطن وتصبح وسيلة احتجاج فعّالة يكون غير دقيق في كلامه.
اعرف تماما ان هذا الامر يحتاج الى سنوات طويلة والى تعرض مطربينا الى حالة افلاس او جوع لامثيل لها ولكن الامر يستحق المحاولة خصوصا حين يبقى هذا المطرب او الشاعر في ذاكرة الناس.
فاصل ديمقراطي: ادرجت اسماء عدد من افراد عائلة بصرية معروفة في القائمة السوداء خصوصا في مديرية الهجرة والجوازات”تأشيرة،تجديد جواز،فقدان جواز ..الخ” ويقال حتى اجراءات معاملة التقاعد لمن بلغ السن القانوني لهذه العائلة ستركن في الادراج ،اما اذا حصل وضاعت الشهادة الجنسية او عدم المحكومية او هوية الاحوال فستكون فرصة امام الموظف ليتنفذ ماجاء بالتعليمات الشفهية ويمارس ساديته المعروفة.

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة الحادية عشرة

رياض الحبيّب

تناولت في الحلقات العشر الماضية موضوع تأليف القرآن مركّزاً على مراعاة مؤلِّف القرآن الفواصلَ ما بين الآيات القرآنية والذي أكّد عليه أديب العراق الكبير معروف الرصافي في كتابه “الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس” بأنّ (مؤلِّف القرآن كان يراعي الفواصل ما بين الآيات كلّ المراعاة ويعتني بها كلّ الإعتناء، لأنها هي الطابع الذي امتاز بها أسلوبه. ولا يُنكَر أنّ عنايته بالفواصل قد جاءت بكثير من المحاسن، ولكنها مع ذلك لم تخل أحياناً ممّا يُعاب) وقد ضرب الرصافي أمثلة متنوّعة على وسائل مراعاة الفواصل والتي قمت بإيرادها تفصيليّاً مع تحليلات الرصافي وتالياً تعليقاتي.
والهدف في هذا البحث المُقتضَب- قدر الإمكان- هو إثبات القرآن كتاباً من تأليف محمّد غير مُوحىً به من الله- إله أهل الكتاب، ذلك لأهداف سياسية باستغلال العامل الديني المبنيّ على فرض منطق الغيب بالقوّة، لأنّ منطق العقليّة المحمّدية وحده قد فشل في المهمّة بسبب خلوّه تماماً من الحجّة المعجزية اللازمة لإقناع الناس بوجود رسالة جديدة من الله أو بنزول دين جديد.
ومع أنّ تلكم الحلقات كانت كافية ووافية، بعدما حظِيتْ بالقبول من ذوي الإهتمام وبالرضا من أصحاب التخصص، فقد آثرت الإستمرار لتفنيد البلاغة القرآنية كآخر حجّة لدى المُفلسين من الردود السليمة على ما تقدّم من عرض، ممهّداً له- كما مهّد الرصافي- بمواضيع تعتبر أساسية ومنها:
هل سقط شيء من القرآن عند جمعه؟ أي حرق المصاحف القرآنية والمُسقط من القرآن (أي المحذوف) والمُنسى والضائع، ما يؤكّد على أن ربّ القرآن لم يتمكن من حفظ كلامه الذي زعم بأنه (في لوح محفوظ- البروج: 22) وامّا المنسوخ فيدلّ على التغيير والتبديل والإختلاف ممّا أقرّ القرآن بوجوده في البقرة: 106 (ما ننسخْ من آية أو نُنسِها نأتِ بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) حتى أنّ القرآن ذاته قد أعطى الإشارة بأنه ليس من عند الله! وقد ورد الدليل في سورة النساء: 82 (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا) والجدير ذكره عن الآية 106 في البقرة هو أنّ الله القدير قادرٌ على أن يأتيَ [من البداية] بخير منها لأنه علّام الغيوب، أمّا أن يأتي [بعدئذ] بمثلها فتبرير واضح لمسائل أبرزها: 1 نسيان محمد الآيات التي تلا على أصحابه 2 عدم تماشي فواصلها مع أسلوب القرآن 3 رغبته في تغيير رأيه الوارد في نصوص الآيات أي مضامينها! وفي نهاية الحلقة العاشرة ذكرتُ بأني سأتناول تساؤل الرصافي المشروع: هل القرآن مُنزل من السماء؟

قال الرصافي في الصفحة 583 من كتابه بأنّ القرآن استعمل عبارات النزول والإنزال والتنزيل كقوله في سورة الشعراء: 193 (نزل به الروح الأمين) والبقرة: 185 (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) والإسراء 106 (ونزّلناه تنزيلا) فتساءل: (ماذا يُراد بهذه العبارات، وهل الكلام الموحى به إلى محمد نازل من فوق، أي من جهة عالية إلى جهة سافلة؟) انتهى

وقد مهّد الرصافي للجواب على هذه الأسئلة، لكني أوجزت تمهيده وأضفت عليه- باختصار وتبسيط- كما ورد في مقالتي السابقة “من أوراق العراق- سادساً” بالقول:
لا جهة فوق القطب الشمالي للأرض- مثالاً- لتدعى مشرقاً ولا أخرى لتدعى مغرباً، إنما بدا لي العالم كلّه تحت الأفق، لأنّ الأرض كرويّة- تقريباً- أمّا الجهات فنسبيّة وأمّا خطوط الطول وخطوط العرض فافتراضيّة ولا وجود لها إلّا في الخرائط ووسائل الدراسات والبحوث. أمّا من جهة العلوّ؛ تدور الأرض في مدار-ات هي الأبعد عن الشمس من مدار-ات الزّهَرَة، وهي الأقرب إلى الشمس من مدار-ات المريخ، فمنْ يقفْ على سطح الزهرة يَرَ الأرض في السماء وكذلك الذي يقف على سطح المرّيخ، وهذه الكواكب جميعاً تسبح في الكون والأرض جزء من الكون فلا يوجد شيء أعلى ولا أسفل لأنّ هذه المسائل نسبية!

وأردف الرصافي {المتوفى سنة 1945} أي قبل طيران أوّل إنسان- يوري گاگارين- إلى الفضاء الخارجي والدوران حول الأرض في 12 أبريل1961 على متن مركبة الفضاء السوفيتية (فوستوك1) في الصفحة 584:
(ولذلك، أي لعدم قدرتنا على الخروج من عالمنا الأرضي، نرى الشمس فوقنا دائماً وأبداً وليست هي في الحقيقة فوقنا ولا تحتنا، إنما الأرض التي نحن على ظهرها تظهر لنا الشمس في النهار وتحجبها عنا في الليل بسبب حركتها المحورية، وذلك أن الأرض في أثناء دورانها على محورها يكون من جرّاء كرويتها نصفها متجهاً إلى الشمس فتظهر الشمس لمن هم على هذا النصف المتجه إليها فيكون النهار في هذا النصف، ويكون الليل في النصف الآخر. ثم يزول بحركة الأرض هذا الاتجاه رويداً رويداً حتى يتجه النصف الآخر إلى الشمس فتظهر لأهله ويكون الليل في النصف الثاني. فإذا كان ما قرره علم الفلك صحيحاً فليس للشمس طلوع ولا غروب، وليس في الأرض شرق ولا غرب، إنما هذه أمور تقع ظاهرة بالنسبة إلينا وناشئة من حركة الأرض على محورها ليس إلّا! فبالنظر إلى هذا تنعدم الجهات وإنما وجودها نسبي لا وجود لها في الحقيقة. أما الحقيقة الثابتة فهي الوجود الكلي المطلق اللانهائي {أي الله} الذي هو أعظم من أن تحيط به جهة دون جهة وأجلّ من أن يضمّه خير دون خير، فهذا الفضاء اللانهائي تسبح فيه هذه الأجرام التي لا يعلم عددها إلا الله ومنها الأرض التي نحن فيها، وكلها جارية في نشوئها واندثارها على نواميس طبيعية لا تقبل التعديل ولا التغيير. ويعبّر أهل الأديان عن هذه النواميس بقدرة الله، وهو تعبير عاجز يحوم حول الحقيقة ولا يستطيع أن يقرب منها، فخالق الكائنات الأعظم أجلّ وأعظم مما قاله عنه أنبياء البشر وأجلّ وأعظم مما نسبوه إليه) انتهى.

[تعليقي: علمتُ من كتاب الرصافي بأنه مؤمن بوجود الله واصفاً إيّاه بالحقيقة المطلقة اللانهائية، أمّا الأديان عنده فقد أصبحت من الخرافات- في ضوء تبحّره بالإسلام لا غير]

أمّا جواب الرصافي على ما تقدّم:
لقد تعودنا أننا إذا أردنا أن نعظم شيئاً أو أحداً نسبناه إلى العلو ووصفناه بالعالي، وإن كان ذلك الشيء من الأعراض التي لا تقوم ولا تنتقل بنفسها من مكان إلى مكان، وإنما تعودنا ذلك لأننا في حياتنا الفانية نرى العلوّ عزاً، ونرى العالي عزيزاً لا ينقاد وصعباًً لا ينال. والنزول في اللغة العربية يستعمل ضد الصعود، فحصوله يستلزم انتقالاً من جهة عالية إلى جهة سافلة، وبعبارة أخرى من فوق إلى تحت، ولكنْ قد نستعمله لمجرد التعظيم وإن لم يكن هناك علوّ ولا سفل، كما قد وصفنا الله بالعالي والمتعالي لمجرد التعظيم، مع أن الله مُنزّه عن أن يكون في جهة دون جهة، ومُنزه أن يكون في مكان دون مكان، فتعبير القرآن بالنزول والإنزال في الكلام الموحى به من الله لا يقصد به إلا التعظيم والتشريف جرياً على ما تعوّده الناس من نسبتهم الشيء إلى العلو إذا أرادوا تعظيمه وتشريفه، لأن الله عظيم واجب التعظيم، فإن الآتي منه يستوجب التعظيم أيضاً، فنسب إلى العلوّ كما نسب الله أيضاً، فعبّر عن حصول الوحي بالنزول أو الإنزال.

وتأييداً لهذا نتكلم عن بعض ما قاله القوم في هذا الباب: إن للقرآن اصطلاحات خاصة في استعمال الكلمات، فقد خرج في كثير من الألفاظ عن معانيها اللغوية إلى معان أخرى خاصة به كالصلاة والصيام والزكاة وغيرها، وكذلك النزول والإنزال. فقد ورد الإنزال في القرآن على وجه لا يستلزم هبوطاً من علوّ إلى سفل، إذ جاء استعماله في أمور كائنة في الأرض ولم تهبط من السماء كقوله في سورة الحديد: 25 (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) وفي سورة الأعراف: 26 (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم) وفي سورة الزمر: 6 (وأنزل عليكم من الأنعام ثمانية أزواج) ولا ريب أن الحديد واللباس والأنعام كلها من الأشياء الكائنة في الأرض، فالإنزال هنا بمعنى الخلق، وإنما عبر عن خلقها بالإنزال للتعظيم. واعتيد تصور الخالق عالياً للتعظيم أيضاً، فاستعمال الإنزال في هذه الأمور قد يكون استعمالاً مجازياً أو هو اصطلاح قرآني خارج عن المعنى اللغوي لغرض من الأغراض البيانية. ولا ريب أن العالي إذا أعطى أحداً شيئاً كان عطاؤه إنزالاً إلى المُعطى له. فإذا كان علوّه اعتبارياً لا مكانياً كان إنزاله اعتبارياً أيضاً لا حقيقياً. وكذلك يقال في قوله في سورة الفتح: 4 (وهو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) أي جعلها في قلوبهم، وقوله في الأعراف: 160 (وأنزلنا عليهم المنّ والسلوى) أي رزقناهم المنّ والسلوى أو أوجدنا لهم المن والسلوى، وقوله في سورة القصص: 24 (ربّ إني لما أنزلت إلي من خير فقير) أي لما أعطيتني من خير أو لما يسّرت لي وهيّأت من خير، إلى غير ذلك من الآيات التي لم يكن عدوله فيها إلى التعبير بالإنزال إلا لتعظيم الله الذي لم تكن هذه المنزلات إلا منه أي بأمره وإرادته. فلماذا لا يكون إنزال القرآن من هذا القبيل أيضاً، بأن يكون بمعنى الإلهام؟ وإنما عبّر عنه بالإنزال تعظيماً للملهم، خصوصاً إذا قلنا بأن القرآن هو المعاني لا الألفاظ- كما ذهب إليه فريق من علماء الإسلام، حتى أن أبا حنيفة قال بصحة صلاة من قرأ في صلاته القرآن بالفارسية! فمعنى قولنا: إن الله أنزل القرآن على النبي محمد أنه ألهم معانيه، ثم عبّر النبي عن تلك المعاني بألفاظ عربية وقرأها على الناس. ولا ينبغي للمؤمن بالله حق الإيمان إن كان محترماً للعقل ومخلصاً في الإيمان أن يخرج بإنزال القرآن عن حد هذا المعنى! وقد ذهب إليه فريق من علماء دين الإسلام من الذين يحترمون عقولهم ويخلصون لله إيمانهم.

[تعليقي: ما تقدّم من كلام الرصافي يدلّ على نفي وجود جبريل كواسطة بين الله وبين محمد، أي انّ الله ألهم محمّداً بالقرآن خلال خلوته في غار حراء للتفكير بما أوتي من خيال واسع وقويّ- ولا دخل لجبريل بالأمر- فقرّر في الليلة التي أسماها القدر، في شهر رمضان، بتأليفه مفصّلاً في خلال حياته التي استمرت ثلاثاً وعشرين سنة- قضى اثنتي عشرة سنة منها بمكة وإحدى عشرة بالمدينة- وما كان عليه سوى القيام بصياغته بأسلوبه لجعله قرآناً يُقرأ ويُحفَظ في الصدور؛ ليس كما الشعر لأنّ محمداً سيُعدّ شاعراً شأنه شأن شعراء الجاهلية، وليس كما سجع الكهّان لأنّ شأنه يصبح شأن أي كاهن!- راجع باب القرآن ص 551 في كتاب الرصافي- وهذه هي الواسطة التي تقوم بها الدعوة أي الصور الكلامية المصاغة والمسبوكة. ونفي وجود جبريل يتنافى مع الآية 97 من سورة البقرة (قل من كان عدوّاً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين) علماً أنّ جبريل لم يُذكر بالإسم في القرآن إلّا في الآية المذكورة والتي تلتها وفي الآية المرقمة 4 في سورة التحريم وأنّ هاتين السورتين مدنيتان. ولقد أجبت في إحدى الحلقات على جنس الملائكة- وهو النار قرآنيّاً- ومنهم جبريل فقلت أنّه من جنس إبليس وسائر الجنّ وأعيد كتابة الدليل القاطع كما ورد في سورة الأعراف:
ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين (١١)
قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نار وخلقته من طين (١٢)
فلا فرق ما بين الملائكة سوى أنّ إبليس لم يكن من الساجدين لآدم، إذاً جبريل مخلوق من نار، بهذه النتيجة لا يمكن لمحمد أنْ يميّز ما بين جبريل وبين إبليس لأنّ كليهما مخلوقان من نار! أمّا الله فهو (نور السماوات والأرض- سورة النور: 35) وأمّا آدم فمخلوق من طين. وبالعودة إلى سورة الشعراء: 193 نقرأ في تفسير الجلالين {“نَزَلَ بهِ الرُّوح الْأَمِين” جبْريل} وفي تفسير الطبري للآية المذكورة {إن الروح الأمين هو الذي نزل بالقرآن على محمد، وهو جبريل} وهنا تفسير القرطبي:
{إن القرآن لتنزيل رب العالمين نزل به جبريل إليك؛ كما قال تعالى: “قل من كان عدوّاً لجبريل فإنه نزله على قلبك”- البقرة : 97- أي يتلوه عليك فيعيه قلبك. وقيل: ليثبت قلبك} فهل نستنتج أنّ الروح في القرآن يعني النار؟ لو كان كذلك لما تردد محمد في إجابة سائليه عن الروح في الآية 85 في سورة الإسراء (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) هذا بغضّ النظر الآن عن الوحي وصوره أو عن طريقة اتصال الله بالبشر والوارد في سورة الشورى: 51 (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليّ حكيم) كي لا يتشعّب الموضوع]

لكنّ هنا قصة الخلوة في حراء وبدء الوحي- كما في الصفحة 138 من كتاب الشخصية المحمديّة:

((كان من نسك قريش في الجاهلية أن يذهب من أراد التحنث منهم ممن كان من المتألهين أو المتحنفين إلى حراء، وأن يأخذ معه الزاد فيطعم هناك من جاءه من المساكين، وكانوا يفعلون ذلك في شهر رمضان، قال ابن الأثير: وأول من تحنث بحراء عبد المطلب فكان إذا دخل شهر رمضان صعد حراء وأطعم المساكين، ثم تبعه على ذلك من كان يتأله كورقة بن نوفل وأبي أمية بن المغيرة (السيرة الحلبية 237:1) وكان محمد بعد تزوجه خديجة– كما صرح به صاحب السيرة الحلبية– يذهب إلى حراء ويطعم المساكين جرياً على هذه العادة (المصدر السابق) وقد ذكروا أن محمداً حُبّبت إليه الخلوة، وإن ذلك كان في المدة التي كان فيها مبشراً بالنبوة. وقد علمت أن هذه المدة هي الأشهر الستة التي هي النصف الأخير من السنة التاسعة والثلاثين من عمره. ومن حبه للخلوة في هذه المدة يُستدَل على أنه قد صمم على القيام بالدعوة، وكانت فكرة النبوة قد اختمرت في نفسه ونضجت كما تقدم بيانه. فحُبّه للخلوة أمر طبيعي لأنه أصبح في حاجة إلى التفكير في وضع الأساس الذي تقوم عليه الدعوة. وفي هذه المدة التي حببت فيها إليه الخلوة اتفق أن جاء شهر رمضان الذي كان يخرج فيه إلى حراء جرياً على عادة المتألهين من قريش، فرأى محمد أن مجيء رمضان وهو في تلك الحالة من حب الخلوة فرصة له ينتهزها للاختلاء في حراء والانقطاع فيه عن الناس ليتسنى له التفكير فيما يريد. فخرج إلى حراء كما ذكروا في كتب السير في هذا الشهر، أعني شهر رمضان الذي ينبغي أن يكون آخر الأشهر الستة الأخيرة من السنة التاسعة والثلاثين، أو أول شهر من السنة الأربعين، لأنهم ذكروا أنه تنبأ على رأس الأربعين كما جاء ذلك في حديث أنس بن مالك، وهنا غلطة من الرواة يجب تصحيحها وهي أنهم ذكروا أنه خرج إلى حراء ومعه أهله أي خديجة أما مع أولادها أو بدونهم، ولا يجوز أن يكون ذلك صحيحاً لأنه ينافي الغاية المقصودة من خروجه إلى حراء وهي الخلوة، ولا تتأتى له الخلوة ولا الانقطاع عن الناس إذا كان أهله معه في حراء، وقد صحّحنا ذلك في غير هذا الموضع، انظر مقالنا بعنوان (قوة خياله) أي [الصفحة 95 في كتاب الرصافي الذي على الإنترنت]

قضى محمد في غار حراء ست عشرة ليلة من شهر رمضان، فلما كان في الليلة السابعة عشرة جاءه جبريل. ولنذكر لك كيف جاءه كما ذكره ابن إسحق من رواية وهب بن كيسان عن عبيد بن عمر بن قتادة عن رسول الله:
قال رسول الله: فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب، فقال: إقرأ، قلت: ما أقرأ، قال: فغتني به حتى ظننت انه الموت [غتّه أي غمّهُ وخنقهُ- المنجد في اللغة والأعلام] ثم أرسلني فقال: إقرأ، قلت: ماذا أقرأ، ما أقول ذلك إلا افتداء منه أنه يعود لي بمثل ما صنع بي، فقال: (إقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم* علّم الإنسان ما لم يعلم) (سورة العلق 1-5) قال: فقرأتها ثم انتهى فانصرف عني، وهببتُ من نومي فكأنما كتب في قلبي كتاباً، قال: فخرجت حتى إذا كنت في وسط الجبل (السيرة الحلبية 238:1 باختصار) الخ… الحديث

إن قوله (جاءني جبريل وأنا نائم) وقوله في الأخير (وهببت من نومي) صريح في أن ما رآه هو رؤيا منامية، وأنها ليست من قبيل تلك الرؤيا الخاصة به التي يراها في أثناء نوبته العصبية.

وإذا علمت ما كان يتفكر فيه وهو في حراء لم تتعجب من رؤياه هذه، بل لم ترَ شيئاً طبيعياً أكثر منها.

لاريب أن محمداً بعد تصميمه على القيام بالدعوة ما كان يفكر إلا في وضع الأساس الذي تقوم عليه الدعوة، وهذا الأساس يدلنا عليه القرآن، فنحن إذا تدبرنا القرآن جيداً عرفنا هذا الأساس ما هو.

وذلك أننا إذا صرفنا النظر عمّا في القرآن من قصص الأنبياء وأخبار الأولين، وجدناه يضرب على وترين، ويتكلم عن أمرين عليهما مدار الكلام فيه دائماً وأبداً، أحدهما وحدة الإله وترك الشرك ونفي الأنداد، والثاني الحياة الأخرى وما يتعلق بها من البعث بعد الموت والجزاء والجنة وجهنم.
فإن محمداً جعل هذين الأمرين أساساً للدعوة، إذ كان يقول للناس آمنوا بالله وحده لا شريك له، فإن آمنتم فأنتم في الجنة، وإن لم تؤمنوا فأنتم في جهنم، فإنكم مبعوثون بعد الموت لا محالة. ولم يفتكر فيما عدا ذلك في أول الأمر بل تركه لما تجيء به الحادثات من البواعث والدواعي، وذلك يسمّونه بأسباب النزول.
وبعد وضع الأساس على هذا النحو أخذ محمد يفتكر في الصورة التي تقوم بها الدعوة، وبعبارة أخرى في الواسطة التي يؤدي بها الدعوة)) انتهى

—————

إذاً قصّة جبريل وهميّة من خيال محمد الذي كانت له القدرة الفائقة في التصوّر وتجسيد الخيال لدرجة جعله حقيقة ناطقة ومسموعة!
فلا نزل جبريل ولا صعد وليس له اتجاه فلا أتى صوب الأرض من جهة الزّهَرَة ولا من جهة المرّيخ!
والمزيد عن النزول والإنزال والتنزيل في حلقة قادمة قريباً-
مع محبتي

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة العاشرة

رياض الحبيّب

أكتب في هذه الحلقة أمثلة أخرى اٌستكمالاً لهذا القسم من البحث في موضوع ما تمّ إسقاطه من القرآن عند جمعه في زمن عثمان بن عفان- الخليفة الثالث- كما ورد في كتاب “الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدّس” لمؤلفه أديب العراق الكبير معروف الرصافي. وهذا استناداً على ما نقل الرصافي عن كتاب “الإتقان في علوم القرآن” لمؤلفه جلال الدين السيوطي وعن كتاب “إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون” أو “السيرة الحلبية” لمؤلفه علي بن برهان الدين. وتسهيلاً للعرض فقد أوجزت الأمثلة بنقاط ذكرها الرصافي وعلّق عليها ثمّ قمتُ بالتعليق فيما بعد.

ربّ القرآن ينسخ كلامه
وفي الإتقان 26:2 أخرج الطبراني- في الكبير- عن ابن عمر قال: قرأ رجُلان سورة أقرأهما إيّاها رسول الله، فكانا يقرآن بها، فقاما ذات ليلة يصلّيان فلم يقدرا منها على حرف، فأصبحا غاديَين على رسول الله فذكرا ذلك له، فقال لهما: إنها ممّا نُسِخَ فالهَوا عنها.

[تعليقي:
1 قول محمد للرجلين (فالهوا عنها) مغلوط نحويّاً والصواب: فاٌلهَيا عنها
2 ما سبب غياب كتّاب الوحي عن كتابة السورة المذكورة؟ هل انشغل محمد بأمور الدنيا عن أمور السماء؟
3 لم يكرر محمد قراءة السورة للرجلين لأنها ربّه- كما يبدو- قد تراجع عن كلامه
4 وتالياً فمُحمّد يُدوّن ما يحلو له وما يتناسق مع أسلوب كتابة القرآن- بغضّ النظر عمّا أوحِيَ إليه حرفيّاً]

التوبة والأحزاب من السور المنقوصة
وفي الإتقان 65:1 عند الكلام على عدد السّوَر: قال المستدرك عن مالك:
إنّ أوّل براءة [أي سورة التوبة] لمّا سقط معه البسملة قال: فقد ثبُت أنها كانت تعدل سورة البقرة لطولها

[تعليقي: 1 إذاً أصبح لدينا سورتان كانتا في الواقع تعدلان سورة البقرة لطولهما: الأحزاب والتوبة
2 إن كان ربّ القرآن حافظاً لكلامه فكيف يسمح بإسقاط شيء من كلامه؟ إلّا ما كان المقصود بالجملة التي في سورة الحِجر (وإنّا له لحافظون) حافظين له في السماء فعندئذ عليّ أن أقول له: إحتفظ بما عندك فلا حاجة لي به لأنّ كلامك منقوص ولأنك غير قادر على حفظه من البشر الذين تدّعي بأنك خالقهم! فدعني أعِشْ كما أريد (أنا) لا كما تريد (أنت) وتالياً لا يهمّني بعد ما تقدّم أن أسألك مَنْ أنت!]

الإسقاط ممّا في السور قد تمّ في خلال حياة محمد
فمن هذه الروايات [يقول الرصافي] نعلم أنّ القرآن قد أسقِط منه شيء لا يُستهان بكثرته كما تقدّم في حديث ابن عُمَر (قد ذهب منه قرآن كثير) ونعلم أيضاً أنّ الذي أُسقِط منه لم يكنْ كلّه مسقطاً بعد وفاة النبي عندما أمر عثمان باستنساخ المصاحف، بل منه ما أسقِط وهو حيّ يوحى إليه!

ومن الغريب [يستطرد الرصافي] أنّ علماء الإسلام جعلوا هذا الذي أسقط من القرآن من المنسوخ تلاوة لا حُكماً، قالوا ذلك وهم يعلمون أن النسخ لا يكون إلّا في الأمر والنهي أو ما تضمّن معناهما. أمّا الخبر الذي ليس بمعنى الطلب فلا يقع فيه النسخ، وليس في هذا الذي قالوا أنه منسوخ ما يتضمن حكماً يصحّ نسخه إلّا آية الرّجم

[تعليقي: ما تقدم كان رأي الرصافي في أقوال العلماء، أمّا رأيي فإنّ الله علّام الغيوب لا يأتي بكلام ثمّ ينسخه بعدما علم بأنّه غير صالح في ذلك الزمان وذلك المكان، إنّما النسخ أي التغيير والتبديل والتعديل وتالياً التدليس والإفتراء فمن أفعال البشر]

ما بين المُنسى والمنسوخ
والظاهر [يستنتج الرصافي] أنّ محمّداً كان يصوغ في بعض الأحيان آيات فيجعلها قرآناً! ثمّ يبدو له أنها لم تُرصَف الرّصف الذي يُريده للقرآن فيهملها حتى تُنسى، ولم يأمر كتّاب الوحي بكتابتها كآية الرجم وآية (يتوب الله على من تاب) ولا ريب أنّ القرآن فيه عدا النسخ الإنساء، كما يدلّ عليه قوله (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها…) فآية (يتوب الله على من تاب) هي من قسم المُنسى لا من قسم المنسوخ، ومن ذلك أي من المنسى ما قاله أصحاب بئر معونة الذين قُتِِلوا، فإنهم لمّا أحاط بهم العدو قالوا (اللهم بلّغ عنّا نبيّنا إنّا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنّا- الإتقان 26:2) فجعل النبي قولهم هذا قرآناً يُتلى! ثمّ أُنسيت تلاوته، وفي رواية أن النبي لمّا جاءه خبرهم قام فحَمَدَ الله وأثنى عليه ثم قال: إنّ إخوتكم قد لقوا المشركين وقتلوهم، وإنهم قالوا: ( ربّنا بلّغ قومنا إنّا قد لقينا ربّنا ورضينا عنه فرضِيَ عنّا وأرضانا) فأنا رسولهم إليكم إنهم قد رضوا عنه ورضي عنهم. وقد ذكروا عن أنس أنّ ذلك كان قرآناً يُتلى، ثمّ نُسِختْ تلاوته كما في السيرة الحلبية 172:3 والصحيح [في رأي الرصافي] أنْ يُقال: (ثمّ أنسِيَ) لأنّ نسخ التلاوة مع بقاء الحُكم لا معنى له ولأنّ هذا ليس ممّا يقع فيه النسخ.

[تعليقي:
1 قول الرصافي (والظاهر أنّ محمّداً كان يصوغ في بعض الأحيان آيات فيجعلها قرآناً! ثمّ يبدو له أنها لم تُرصَف الرّصف الذي يُريده للقرآن فيهملها حتى تُنسى) يدلّ على أنّ محمّداً كان متقناً أسلوبه في تأليف القرآن، أمّا الفواصل {التي تقابل القوافي في الشعر العمودي} بين الآيات في السورة الواحدة فقد سبق للرصافي شرحها- في الحلقات الأولى من هذا البحث- إذ أوضح كيف كان محمد يهتم بفواصل القرآن كلّ الإهتمام ويعتني بها كلّ الإعتناء
2 يُلاحَظ فيما تقدّم أنّ محمّداً كان يحمد ربّه ويُثني عليه لأنّ أصحابه قتلوا أصحاب بئر معونة لا لسبب إلّا لأنهم مُشركون- في نظر محمد وكما دلّ الحديث- فهل هذا الحدث من دلائل الرحمة أم من دلائل النقمة؟
3 يُلاحظ أيضاً اختلاف ما بين قول أصحاب بئر معونة وبين ما روى عنهم محمد في الرواية الأخرى]

من النّصّوص ما تحوّل إلى قرآن كما ورد في سورة آل عمران
وقد وقع في المُنزل ما هو على العكس من هذا، أي ما لم يكن في أوّل الأمر قرآناً ثمّ جُعِلَ قرآناً، وذلك أنّ النبي أرسل دحية الكلبي بكتاب منه إلى قيصر ملك الروم بالشام، وهذا نصّاً الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أمّا بعد، فإني أدعـوك بدعاية الإسلام. أسلمْ تسلمْ يؤتِكَ الله أجرك مرتين. فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيّين، ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلّا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فإن تولّوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون- السيرة الحلبية 244:3

يعلّق الرصافي:
إنّ قوله: يا أهل الكتاب… إلخ كلام كتبه في كتابه إلى قيصر يُخاطب به قيصر وأتباعه من أهل الكتاب وذلك في السنة السادسة للهجرة. ولم يكن هذا الكلام قرآناً يُتلى! وفي السنة التاسعة، لمّا وفد على النبي وفد نجران، وهم نصارى، أنزل الوحْي بهذا الكلام وزيد في أوله {قل} فجُعِلَ قرآناً يُتلى، فهو آية من الآيات القرآنية في سورة آل عمران كما في السيرة الحلبية 244:3 فإن قلتَ لماذا لم يجعله قرآناً في أول الأمر، قلتُ لأنه لم يكن عند كتابته الكتاب إلى قيصر من داعٍ إلى إنزال وحي بقرآن، وإنما هو كلام أملاه على الكاتب يدعو به أهل الكتاب إلى الإسلام. ثمّ إنهُ رآى بعد ذلك أنه كلام منطبق على أسلوب القرآن كلّ الإنطباق، وقد حصل الداعي إلى إنزال وحْي بقرآن، فأنزله وحْياً وجعله قرآناً، بخلاف تلك الآيات التي مرّ ذكرها، فإنها أنزلت بالوحْي لتكون قرآناً، ولكنها لمّا تبيّن بعد ذلك ابتعادها عن الأسلوب القرآني، ولا سيّما آية الرّجم، أُنسِيَتْ أو نُسِخَتْ تلاوتها كما يقولون.

[تعليقي:
تدلّ رسالة محمد إلى قيصر على أنّ محمّداً هو المعتدي على حريّات الشعوب في العقيدة والعيش الكريم فلا يقولنّ أحد أنّ محمداً وخلفاءه من بعده شنّوا الحروب على الشعوب الأخرى لأسباب دفاعية، إنما الأسباب هجوميّة بحتة وغايتها توسيع الإمبراطوريّة المحمّدية تحت غطاء الدين المحمّدي وعصمة ربّ القرآن!]
____________

الحلقة القادمة: هل القرآن مُنزل من السماء؟

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

تحيا كندا ويسقط قاتل الأطفال

تحيا كندا ويسقط قاتل الأطفال

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

البَيْنُ جَرَّعَني نقِيعَ الحَنظلِ

أبو تمّام الطائي

 

البَيْنُ جَرَّعَني نقِيعَ الحَنظلِ * والبين أثكلني وإنْ لمْ أثكلِ

 

ما حسرتي أنْ كُدتُ أقضي إنما * حسراتُ نفسي أنني لمْ أفعَلِ

 

نقِّل فؤادَكَ حيثُ شِئتَ من الهوى * ما الحبّ إلّـا للحبيب الأوّلِ

 

كمْ منزلٍ في الأرض يألفهُ الفتى * وحنينُهُ أبدًا لأوّل منزلِ

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

قررت ان اكتب عن..الهوى…!

هناء شني

عندما تقع في غرامي ..
وهذا س يحدث قريبا جدا.
سترى بأم عينك
الجنة التي حدّثك عنها,,جدك..
وانت راكع على سجادة الصلا.

.هنا بين احضان قلبي ..جنتك..!
اقترب,,!
بلل حلقك ب نبيذي الشهي .!
طهّر روحك وقلبك ا
وادخل .

.من بوابة العشق الاخضر..
نم على العشب الندي..
ل يمتزج بجلدك..
اطرد كل اهات الماضي
حطم قيود المستقبل الهرم
لتخلق طفل لن يرى قط
فجر حزين..!
وشمس تعسّه..!

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

الولايات المتحدة الامريكية الوهابية

محمد البدري

لا اعتقد ان يعارضني احدا من اليساريين اصحاب منهج وحدة النقائض في صياغة اسم الدولة الاعظم بالشكل الذي اتي بالعنوان. فالولايات المتحدة تحمل في ارثها التاريخي مجمل التطورات العالمية منذ فجر التاريخ رغم قصر عمرها منذ ولادتها كدولة مستقلة بعد حرب الاستقلال. ولن نكون مغالين إذا ما اضفنا انها استوعبت الارث المعرفي لمجمل البشرية ليس فقط حفاظا عليه في المتاحف والمكتبات إنما ايضا ضمن الماكينة السياسية لمؤسساتها الاكاديمية والعلمية التي تخدم سياساتها داخليا وخارجيا.

وبغض النظر عن مدي ثقافة رجل الشارع في مدنها الكبيرة والصغيرة فانه وطبقا لقاعدة تقسيم العمل لا يهتم مواطنها الا بما هو مصلحي ويصب في حصيلته او في حسابه البنكي ويترك ما عدا ذلك لمن له مهمة وظيفية اعلي مسؤول هو عنها بتقاضية عليها توليها أجرا من مؤسسة راس المال الضخمة التي لا توظف الا من يعظم ويصب في مصلحتها. ولتحقيق هذا الهدف نشأت وعبر صيرورة التطور الي مرحلة الراسمالية منظومة حقوقية يتساوي فيها الجميع ضمانا للاحساس بالامان داخل مؤسسة الاستغلال الراسمالي لقوة العمل إبقاءا عليها وضمانا لاستمرارها.

لا يري اليساريين، وخاصة المتشدددين منهم كالاستاذ الفاضل فؤاد النمري مثل هذا الاجراء الا كخدعة لبقاء الظلم الاجتماعي قائما وهو ما عبر عنه في كتابه علي موقعه بقوله عن الحق ووصفه له بانه مفهوم برجوازي باطل. لكنهم ولو طبقوا قليلا من قوانين الجدل لاكتشفوا ان كل المكتسبات قانونية أو اجتماعية ستصب في النهاية وبعد استهلاك طاقة الراسمال وطاقة نمطه الانتاجي في استحقاقات التحولات الي نمط جديد يرتقي فوق القسمة الغير عادلة للملكية وللحق علي السواء لكن بناءا علي ما تكتسبه الطبقات من قدرات انتاجية وليس بالسطو علي ما لا يستطيعوا هضمه وابتلاعه للارتفاء بالانتاج والعائد الي مستويات اعظم مما تحققة الراسمالية الحالية. لهذا فان نقد الراسمالية في هذه المرحلة منوط بفهم الياتها المتجاوزة لمفهوم العمل الذي يعرفه الجميع كما يعرفون آبائهم.

فالنظم السياسية العسكرية التي قفزت فوق التاريخ وحطت رحلها بامتلاك مقدرات الانتاج باجراءات كالتأميم مثلا انتهت كلها الي طبقة من اللصوص والفاسدين عبر هو عنهم باسم البرجوازية الوضيعة في كتاباته الغزيرة علي موقع الحوار المتمدن. الان يجري استكمال سيناريو وقف نمو هذه المجتمعات باستخدام الدين مثلما استخدمت القومية العربية علي مدي نصف قرن كامل. وهنا تكمن مشكلة العرب الملتحفين دوما بالاسلام. فهذه الهوية وتلك الايديولوجية الدينية تحمل في باطنها عقما لفرز طبقات اجتماعية تكون قادرة إما علي انتاج معرفة بسبب الانسداد الاسلامي أو تطويرا لاليات الانتاج القائمة حديثا مثلما كان الامر قديما منذ استولي العرب علي تلك الاراضي الشاسعة واداورها بكونها محلبا لادرار اللبن.

ومع تطور العالم شرقا وغربا وانتقالة من الجهل للمعرفة ومن البدائية للرقي ظلت المنطقة بما فيها من ثروات مخفية في باطنها تنتظر من يستطيع اكتشافها والاستفادة منها وهو ما جري بعد الحرب العالمية الاولي بسبب الانتشار الامريكي والذي تعاظم بعد الحرب الثانية ولم يعد هناك من مكان في العالم الا وبه بصمة من الانتاج الامريكي معرفيا وسلعيا. وهنا تكمن المفارقة المدهشة في التحالف بين اكثر الدول تقدما في التقسيم السياسي والاجتماعي للعمل وبين منطقة تزخر بثروات ضخمة في حاجة لمن يستخرجها واصحابها لا يعرفون سوي الشفاء ببول الابل بشربه والتناكح باربعة والصلاة لخمس واضاعة شهر كامل من السنة باسم الصوم واعتبار ان تعداد المجتمع حسابيا هو 50% من تعداده الحقيقي حفاظا علي شرفه المحتكر علي من له عضو ذكري.

بهذه الشروط بين أمريكا والوهابية اي بين طرفي معادلة استثمار النفط في بلاد العرب والمسلمين نشأت علاقة شاذة تعهد الناكح فيها برعاية المنكوح والحفاظ علي حكم آل سعود بكل طاقاته. ولم تمانع الولايات المتحدة الناكحة في ان ينتشر الفكر الوهابي في اي موقع به اناس مسلمون طالما انهم علي قناعة منهم بان الدين نشأ في اراضي السعوديين وبالتالي فاهلها ادري باسرار هذا الدين العظيم وطالما ان التخلف والجهل سيسود من جراء هذا العمل الدعوي. هكذا انتشر الدعاة بالزي السعودي وباتت مفاهيم رعي الابل واحتقار المرأة وتغييب العقول وتحقير الانسانية وابتذال العلم مما لا يخجل منه الدعاة أو المتلقين للدعوة وبجانبها سب امريكا في وقت واحد باعتبارها دولة علمانية كافرة. فالغطاء الامريكي بسب اعظم دولة حديثة كفيل بستر العورة الاسلامية. والاهم ان الثروة مع ابتذال توزيعها كافية لاقناع ان البركة لا تاتي الا من هؤلاء الجهلة الدعاة فتزداد اعداد الحجاج والمعتمرين وتسيل الدموع وتخضب اللحي في باحة البيت العتيق ويقابلها فتح زجاجات الشمبانيا في البيت الابيض. ورغم ذلك تنفلت من بعض العقول في لحظة خاطفة من الصدق مع الذات لمحات قلية من القادرين علي الامساك بها واستحضار العقل في مناخ معتم من الغيبوبة. فغياب العقل وستر عورة الفهم كفيلة بالا يفهم أحد شيئا مما يقال او يجري طالما الامور تتم مسرحتها في ساحات مقدسة وفي اراضي مباركة. ففي ساحة الحرم الشريف ارغي الشيخ وازبد وخضبت لحيته بالدموع أثنا قنوت الشيخ الفضيل في شهر رمضان الكريم بعد صلاة التراويح. تهجد الرجل وتهجدت معه افئدة المستمعين وبكي في دعائه وبكي معه كثرين من المصلين فقراء واغنياء، غرباء وسعوديين. وبعد خروجه من ساحة الحرم شاهده أحد المصريين الذين ضحوا بكثير من اموالهم لقاء عمرة رمضان ورآه يمتطي سيارة مرسيدس فارهة بسائقها ورجل امنها المرافق في سيارة اخري مماثلة. فسأل: هيا العربية دي بتاعت الشيخ؟
قالوا: نعم
فرد سريعا دون تردد او تفكير وقال: آمّال كان بيعيّط ليه ؟

البكاء وتخضيب اللحي وانهمار دموع التقوي والورع تملا كتب التراث الاسلامي فالصورة المنقولة توحي بفقر وفاقة اهل الاسلام قديما وظلت الصورة يكتبها الفقهاء والمؤرخين حفاظا علي سلطة الحاكم رغم تبدل حالهم وحدهم دون باقي الرعية من جراء نهب اموال الرعية. وهو ذاته ما ترعاه الولايات المتحدة الامريكية حاليا. فشيخ واحد كفيل باخضاع المصلين طالما هم مؤمنين.

فتاريخ الاسلام يمتلئ بتجارب تخلط الدين والسياسة لصالح الخليفة وجوقة اصحاب اللحي المخضبة. ، حديثا وبزعامة امريكا يجري استخدام الدين من اجل مصالح الرأسمالية العالمية. ولهذا السبب بالذات يجري نشر الدعوة الاسلامية حيثما وجد من يمكن استنزاف ثروته، أو لابقائة خارج الطبقات التي ستعي وضعها فتثور عليه وعلي فساد أهلها. وللتمويه ولعمل الشرك الخداعية كما في المعارك العسكرية اتفقت الوهابية والرئيس الامريكي علي وضع اسم الصليبية علي الحملة الامريكية قبل غزو العراق ردا علي جريمة الوهابية علي برجي التجارة في نيويورك. ولان بوش لا يستعين بالوهابية والجهلاء كمؤسسة معرفية علمية أكاديمية لاتخاذ قراراته السياسية فان الفكرة قدمتها له المؤسسات الاكاديمية وصناع المعرفة. بهذا اصبح الدين وخاصة في صورته الاكثر تخلفا في خدمة العدوان خاصة لانه يحمل عدوانا مضمرا مغلفا برحمة كاذبة هي التي بسببها يتم الخداع بتخضيب اللحي. تجري التعبئة وتحفيز الكراهية من هذا التحليل في موضعين متكاملين مثلما يجري تجميع طائرات الاير باص في اكثر من موقع جغرافي، اولهما في مكة المكرمة والثاني في واشنطن دي سي. ولهذا يمكن كيف خرج شعار ان حج الفقراء يكون لمكة وحج حكام العرب وعلي راسهم حكام آل سعود الي البيت الابيض.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment

نبي الأهرامات – صلي الله عليه وسلم – .

صلاح الدين محسن

ما ذكرني بقصة نبي الأهرامات – صلعم النيل – سوي هذا الخبر . المنشور يوم 16 من اغسطس الماضي 2012 . عن وكالة اخبار المجتمع السعودي :
300 حالة إدعاء نبوة في السعودية : في لقاء صريح بأعضاء ملتقى إعلاميي الرياض
http://www.news-sa.com/snews/4841—–300————-.html#.UC0PW9dY16Q.facebook
كان هذا هو الخبر الجديد .. دعونا نحدثكم عن الواقعة القديمة وقصة مقالنا عنها . الذي ننشر موضوعه اليوم وللمرة الأولي :
في احدي سنوات العقد الاخيرمن القرن الماضي – في التسعينيات – . صعدت لمكتب ادارة مجلة ابداع – باحدي عمارات وسط القاهرة . المجلة من اصدارات وزارة الثقافة المصرية . وكان يرأس تحريرها . الشاعر الكبير ” أحمد عبد المعطي حجازي ” ويدير التحرير ” الشاعر حسن طِلب ” . دخلت فوجدت ” أ . طِلب ” يجلس خلف مكتب موجود بالصالة , بينما ” أ . حجازي ” واقفا يتحدث واياه , يبدوانه كان قد وصل لتوه ..
ألقيت التحية . اخرجت المقال من الحقيبة . وناولته مفتوحا . للأستاذ حجازي . راح يقرأ سطورا منه علي الفور . تركته ليقرأ علي مهل , وشكرته , وانصرفت لمتابعة أشغالي ..
لم ينشر المقال .. ( ونحن نعرف محاذير النشر في ذلك الوقت ) .

ذاك المقال الذي لم ينشر . كان يتكلم عن ظهور نبي ببلاد الأهرامات – مصر – .
كتبناه حينها علي ضؤ ما نشرته الصحف المصرية عن ذاك النبي . الذي تعرض للقمع والقبض عليه . بمعية جهاز ” مباحث أمن الدين ” , الجهاز المشهور باسمه الحكومي : ” مباحث امن الدولة ” ..

فماذا عن ذاك النبي المصري ؟ وماذا حقق , وما هي الظروف التي مارس دعوته في ظلها ؟
حسبما أتذكر . ظهر في احدي قري محافظة البحيرة – شمال مصر – . ويعمل نجارا . وحاز علي ايمان أهل القرية . بنبوته , و عدد من القري الأخري القريبة منها . مما أصاب أجهزة الدولة بالفزع .. فهرع جهاز الامن وألقي القبض عليه ..
وهذا ما جعلني أتساءل : جهاز لأمن الدولة هذا ؟ أم لأمن الدين ؟ وما هي علاقة أمن الدولة بنبي ظهر أو نبي اختفي , نبي قام , ام نبي نام ؟!!

و تري ما هو الفرق بين نبي بلاد الأهرامات – صلعم النيل – . الذي ظهر في العقد الأخير من القرن العشرين الميلادي , وبين نبي الحجاز – صلعم مكة – . الذي ظهر في منتصف القرن السابع الميلادي . منذ 1433 عاما ؟
لعل الفروق . هي كالآتي :
1 – نبي الأهرامات . لم يستخدم السيف أو الجزية – نبي مكة والحجاز . استخدمهما .
2 – نبي الأهرامات . اشتغل نجارا . بينما نبي مكة والحجاز . اشتغل راعي أغنام , ومسيراّ لتجارة سيدة ثرية , تزوجته فيما بعد لكونه كان شابا في سن 25 بينما كان عمرها 45 وسبق لها الزواج قبله مرتين اثنتين – ما علينا من موضوع زواجه وزواجها ذاك – .
3 – نبي الأهرامات . واجه قمعاَ غير مقدور عليه : جهاز امن دولة . بالمعني الحديث – . أما نبي مكة والحجاز . فقد واجه مقاومة قبلية . أمكنه التغلب عليها في النهاية . بالحيلة والخديعة في صلح الحديبية . وبقطع الطريق علي القوافل .
4 – نبي الأهرامات . لم يجد من يجرؤ علي مؤازرته والدفاع عنه .. أما نبي مكة والحجاز . فوجد من يدافع عنه . أحد وجهاء مكة – عمه عبد المطلب , وسيدة أعمال ثرية – خديجة بنت خويلد . وكانت قد تزوجته – .
5 – نبي الأهرامات . عمل في ظروف صعبة للغاية . وبجهود ذاتية تماما . وكان في مواجهته . دين يعتنقه 90% من شعب مصر .وتحميه الدولة باعلامها , وتعليمها . وبنص في دستورها باعتباره الدين الرسمي . بالاضافة لجهاز الأمن , والنيابة , والقضاء , والقانون .. كل هؤلاء كانوا في حماية الدين المواجه لدين نبي الأهرامات . ذاك النجار الريفي البسيط !..
6 – كانت قوة و معجزة نبي الأهرامات .. كبيرة للغاية .. لانه استطاع الحصول علي ايمان عدة قري في وقت وفي زمن كان فيه محاطا بكل هذه الترسانة . فانظروا حجمها وقوتها :
أ – وجود اذاعة حكومية متخصصة في تلاوة كتاب نبي مكة والحجاز ” القرآن ” ليلا ونهارا .
ب – وجود الشيخ الشعراوي . أشهر داعية ديني صلعمي . في القرن العشرين , والذي له حديث ديني بتليفزيون الدولة . ينتظره كافة المؤمنين بدين محمد . الناطقين بلغته . وفي وقت كانت أجهزة التليفزيون قد انتشرت بالقري كما بالمدن .
ت – وجود مسجد – علي الاقل – . بكل قرية مصرية . وله خطيب يتقاضي راتبا شهريا من الدولة . لأجل وعظ الناس والصلاة بهم : بموجب دين نبي مكة والحجاز ” محمد ” ..
ث – وجود جامعة الأزهر بمصر .. وهي أكبر جامعة بالعالم تقوم بتدرس عقيدة نبي مكة والحجاز .. , ووجود معاهد تعليمية متخصصة تتبع تلك الجامعة بمختلف محافظات مصر ..
ج – التعليم الحكومي الرسمي . يدرس تعاليم ومباديء . دين نبي مكة والحجاز , في المرحلتين الابتدائية والاعدادية . بجميع مدن وقري مصر …
ح – نشاط الطرق الصوفية – – التابعة لدين نبي مكة والحجاز . محمد – وباقي الجماعات الدينية . مشتعلا بكافة أنحاء مصر , و لا يستثني قرية مصرية واحدة …
في مواجهة كل هذه الترسانات الدينية .. استطاع هذا النبي المصري الأعزل . أن يحوز ثقة وايمان أهالي قريته وعدة قري مجاورة ويجعلها تؤمن بانه نبي , بعكس كل ما تعلموه وعرفوه من ان محمد , هو خاتم آخرالانبياء والمرسلين !!..
فتري : لو لم يقبض جهاز الأمن , علي هذا النبي المصري . ويحيله للتحقيق .. . لاي مدي كان يمكن أن يصل . علي مستوي الدولة ؟ لو لم يكن دين نبي مكة . يحيا بمصر في حماية جهاز الأمن . فاي مصير كان ينتظره . بعد ظهور نبي الأهرامات ..؟!
لا ندري ان كان ذاك الرجل لا يزال موجودا ؟ وهل يمكن لاحدي القنوات الفضائية الحرة الشجاعة . أن تجري معه لقاءً .. وتستطلع آراء أبناء القري الذين سبق ان آمنوا به .

الجدير بالذكر هو : ليس هذا النبي هو الوحيد الذي ظهر في مصر . فعندما كنت بالسجن السياسي . – ما بين عامي 2001 : 2003 – قابلت ضمن الموجودين بالسجن . عدد من أتباع اثنين . تمت محاكمتها بتهمة ادعاء النبوة : ” الشيخ سيد ” , و ” الشيخة منال ” ..
وكان من ضمن اتباع ” الشيخ سيد ” . طالب بكلية الهندسة , و ضابط بالجيش , و محامي , وبائع أسماك مشوية , وموظف , و صيدلي مليونير .. – وغيرهم – .. أما النبي ” الشيخ سيد” نفسه , فقد كانت شغلته : مدير العلاقات الخارجية باحدي الهيئات الحكومية الهامة والحساسة – هيئة متخصصة في مجال الطاقة -..
و من أتباع الشيخة منال . بالاضافة لزوجها , رجل حاصل علي الدكتوراة في الاقتصاد !

وظهور هؤلاء الأنبياء الثلاثة في مصر . ليس افتراءا من مصر . علي محمد والاسلام . فكما قرأتم في الخبر ببداية المقال , ظهر في السعودية في الآونة الاخيرة 300 ثلاثماة نبي كريم – ثلاثمائة صلعم – في مقابل ثلاثة صلاعم فقط من مصر – . أما في زمن ” محمد ” نفسه . فقد كان ينافسه علي النبوة . من بلاده . أنبياء عدة . منهم مسيلمة – الذي أسموه بالكذاب . وكان وجيها حكيما عظيما بين قومه – , والأسود العنسي , وسجاح – وهي سيدة شجاعة وخطيبة بارعة . وجدت لها انصارا يؤمنون بنبوتها حينذاك – . كما كان من هو أفضل كل هؤلاء بمن فيهم محمد صلعم , ولكنه لم ينزل كمن نزلوا حلبة الصراع علي النبوة . انه الشريف العفيف , الشاعر , الوجيه الطاهر المُبجّل : ” أمية بن ابي الصلت ” – قد يكون لنا عنه حديثا خاصا في مقال آخر …

— تعليقا علي عمليات القبض , علي المصريين الثلاثة بمعية الدولة , بتهمة ادعاء النبوة .. كنت في تلك الأوقات . أسمع همسات وتساؤلات يقول اصحابها :
لماذا قبضوا عليه – أو عليها – ؟!
فتأتي اجابة : لأن اناساً من شتي الطبقات والمستويات . يتركون دين محمد .. , ويتبعون النبي الجديد !
فيرد آخر : أتري محمد . نبيا من زجاج . ويحمونه بالمباحث والنيابة والمحاكم , وميليشيات الأمر بالمعروف ,التابعة للجماعات الدينية . خوفا علي النبي الزجاجي , من ان يتكسر ؟!
ويعقب ثالث : ان الدولة لازم تحمي الاسلام ؟
فيرد عليه رابع : وهل الاسلام دين من القش . يمكن أن يشتعل ويحترق ويذهب رماده , بمجرد ظهور أي دين آخر .. ولا يمكنه الصمود والبقاء الا في حماية أجهزة الدولة , وكتائب ثيران الانغلاق الذهني , وكباش التعصب العقائدي ؟!
—- كانت تلك اسئلة واجابات وحوارات تدور همسا . حول ظهور هؤلاء الأنبياء المصريين الثلاثة الكرام – عليهم أفضل الصلاة وازكي السلام – ..

علي أية حال . رئيس مصر الآن هو رجل اسلامي . ينتمي لأهم جماعة دينية محمدية بمصر . ويمثلها بالسلطة . ومصر بصدد تاسيس دستور جديد للبلاد . وباستطاعته أن يؤكد ان كان الاسلام دينا من الفولاذ – وليس من قش , وان كان محمد نبيا من ذهب وليس من زجاج . بان يقرر :
الغاء عقوبة ازدراء الأديان . من قانون العقوبات . والغاء المادة الدستورية الثانية التي تنص علي أن مصر دولة اسلامية . وابدالها بنص ” مصر بلد يحترم حرية العقيدة الدينية . تطبيقا لمواثيق حقوق الانسان الدولية . وكل انسان حر في اختيار أو ابدال ديانته , أو اختيار اللادينية . هذا شأن خاص , ولا دخل للدولة به . ولا يكتب بالمستندات الرسمية . ومهمة الدولة هي أن تكفل الحماية لكل مواطنيها . أيا كان الدين أو اللون أو الجنس أو الأصل العرقي ” ..
فهل الرئيس الشيخ ” د . مرسي ” يمتلك حقا . مثل هذه الثقة في قوة عقيدته , وقدرتها علي الصمود , ولديه من الشجاعة والثقة بالنفس . ما يساعده علي اتخاذ قرار من هذا النوع ؟
هل يوجد صحفي أو اعلامي شجاع . من داخل أو من خارج مصر . يوجه له هذا السؤال . علي الهواء ؟
– وألا يجب أن يوجه هذا السؤال كثيرا – لكل من : شيخ الأزهر , وللمفتي , وللشيخ القرضاوي – رئيس اتحاد علماء المسلمين – , وأيضا لرئيس المحكمة الدستورية العليا بالبلاد . وكذلك ألا يجب أن يوجه هذا السؤال لملك السعودية . وباستمرار و في كل المناسبات ؟.
– ما عدا السهو والخطأ –

Posted in الأدب والفن, فكر حر | 1 Comment