العبودية في الإسلام 7

سردار أحمد

الحلقة السابعة:
مهزلة اختلاف عورات النساء- الجزء الثاني
مما ذكر عن العورة والعري في الفقه الإسلامي:
العورة التي يجب حجبها ليست في السياق نفسه، هناك اختلاف في الأحكام فيما إذا كان المقصود ذكراً أم أنثى حرة أم جارية، وبالرغم من اختلاف الحجاب من ناحية الجنس والطبقة، فهناك اختلاف حسب الموضع: ” ثلاث عورات عورة في الصلاة… وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها… وعورة في الخلوة وعند المحارم” (حواشي الشرواني- ج2 ص112)
اختلف علماء المسلمين على تحديد العورة وما هي! قالوا عورة الجارية من السرة إلى الركبة ثم قالوا السرة والركبة ليستا من العورة، واختلفوا هل الفخذ من العورة أو لا، وقالوا القبل والدبر فقط وقالوا القبل فقط، لكن المؤكد أن عورة الجارية كعورة الرجل ومتى قرأت أي رأي عن عورة الرجل فهو ينطبق حُكماً على عورة الجارية، وإذا كانت عورة الجارية كعورة الرجل فهي كذلك حتى في الصلاة.

عورة الأمة (الجارية) كالرجل:
اتفق الأئمة الأربعة على أن عورة الأمة (الجارية) هي نفسها عورة الرجل وهي كذلك عند الشيعة.
” أن عورة الأمة كالرجل” (عون المعبود- المرأة تصلي بغير خمار- ج2 ص161) (تحفة الأحوذي- ج1 ص406) (المجموع- ج3 ص169) (نيل الأوطار- باب أن المرأة الحرة كلها عورة- ج2 ص482).
فالإسلام دين يسر!! لذا فقد يسر الأمور وجعل عورة الجارية كعورة الرجل، من السرة إلى الركبة أو ما يزيد- من العري- وكل ما يباح النظر إليه منها يباح مسه منها، لتمكين عرض صدور وأثداء وأفخاذ الجواري أمام الناس وذلك لتسهيل عملية الفحص واللمس والتقليب والتدوير عند البيع والشراء في الطرقات وساحات أسواق النخاسة وحتى بالقرب من الجوامع في مكة ودمشق وبغداد والقاهرة، قيل في تاريخ الرسل والملوك- ج2 ص77: “..فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا يحبسن بها…” فالنبي محمد حبس السبايا في المساجد.

وقيل إن الإمام مالك ذهب إلى الاعتراض على عرضهن بالقرب من المسجد الحرام في مكة أو المسجد النبوي في المدينة المنورة” وهو تصرف شخصي من الإمام مالك وليس من الدين بشيء (لأن النبي حبسهن في المساجد) والمثال التالي يوضح لنا موقفاً مشابهاً لما ذُكر حيث تغلب فيه القناعة على بعض السلوكيات السلبية التي يتحرج منها البعض لبشاعتها, ولو كانت من الدين، ” قال ابن شوذب: عرض على عمر بن عبد العزيز جوار وعنده العباس بن الوليد. فجعل كلما مرت به جارية تعجبه قال: يا أمير المؤمنين اتخذ هذه. قال: فلما أكثر قال له عمر بن عبد العزيز: أتأمرني بالزنا؟ قال: فخرج العباس فمر بأناس من أهل بيته فقال: ما يجلسكم بباب رجل يزعم أن آباءكم كانوا زناة؟!” (مختصر تاريخ دمشق- عبد الله بن احمد بن اسحق- ج4 ص119). وذكر في لسان العرب ج15 ص44: “جارية حسنة العرية والمعرى والمعراة أي المجرد أي حسنة عند تجريدها من ثيابها.”
قال الشاعر سليمان الصولة:

لولا تكعب نهدها وجمالها…….. لتوهموها من شيوخ الجامع
أي الجوامع تبتغي قلت الذي…….. جمع النهود لساجدٍ ولراكع

• العورة من السرة إلى الركبتين:
” فرقت العترة والشافعي وأبو حنيفة والجمهور بين عورة الحرة والأمة فجعلوا عورة الأمة ما بين السرة والركبة كالرجل” (نيل الاوطار- باب أن المرأة الحرة كلها عورة- ج2 ص481)
” وفرق الشافعي وأبو حنيفة والجمهور بين عورة الحرة والأمة فجعلوا عورة الأمة ما بين السرة والركبة كالرجل…” (تحفة الأحوذي- ما جاء لا تقبل صلاة المرأة- ج1 ص406)
” وعورة رجل وأمة وأم ولد ومعتق بعضها من السرة إلى الركبة وكل الحرة عورة إلا وجهها…” (زاد المستنقع لموسى بن أحمد بن سالم المقدسي الحنبلي-1/37).
” عن النبي (ص) قال إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة” (عون المعبود- في قوله عز وجل وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن- ج9 ص148) وما رواه أبو داود أيضا بلفظ: “إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظر إلى عورتها” (تحفة الأحوذي- ما جاء لا تقبل صلاة المرأة- ج1 ص406) ” إذا زوج السيد أمته جاز له أن ينظر إلا ما بين السرة والركبة ” (الدرر السنية) “…إن زوج السيد أمته حرم عليه النظر إلى ما بين السرة والركبة…” (المهذب ج2 ص35).
“…عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يزوج مملوكته عبده؟ أتقوم عليه كما كانت تقوم فتراه منكشفا أم يراها على تلك الحال؟ فكره ذلك وقال: قد منعني أن أزوج بعض خدمي غلامي لذلك… عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) أنه قال: إذا زوج الرجل أمته فلا ينظرن إلى عورتها والعورة ما بين السرة والركبة.” (وسائل الشيعة- ج21- ص148) طبعاً الرجل في قمة الالتزام بدينه فهو لا يزوج جواريه كي لا يفقد ميزاته ومكرماته بالنظر لأثدائهن وسيقانهن و فخوذهن دون أن يغضب منه ربه.
” يجوز أن ينظر من أمة غيره ما ينظر من محرمة ولا شبهة أنه يجوز النظر إلى صدر محرمة وثديها فلا يكون عورة منها ولا من الأمة ومقتضى ذلك أنه لا يكون عورة في الصلاة أيضا لكن في التاترخانية: لو صلت الأمة ورأسها مكشوف جازت بالاتفاق ولو صلت وصدرها وثديها مكشوف لا يجوز عند أكثر مشايخنا وقد يقال: إن صدر الأمة عورة في الصلاة لا خارجها لكنه مخالف للمذكور في عامة الكتب من الاقتصار” (حاشية رد المحتار- ج1 ص436)
و “عورة الرجل هي ما بين السرة والركبة تبطل الصلاة بانكشاف أي جزء منها عند الأئمة الثلاثة أما عند مالك فتبطل الصلاة إذا انكشفت السوأتان وهما القبل والخصيتان وحلقة الدبر ولا تبطل إذا انكشف سواهما مما هو بين السرة والركبة” (فتاوى الأزهر- عورة المرأة في الصلاة- ج9 ص28).
” أجمع أهل العلم على فساد صلاة من صلى عرياناً وهو يقدر؛ وَحَدُّ عورة الرجل: من السرة إلى الركبة والأَمَة كذلك والحرة كلها عورة إلا وجهها…” (الدرر السنية ص227)
” {ما بين السرة والركبة عورة} فيشترط لصحة الصلاة ستره ولو في خلوة وفيه أن حد عورة الرجل ولو قنا من السرة إلى الركبة وكذا الأمة والمبعضة أما عورة الحرة فما سوى الوجه والكفين لخبر أبي داود وغيره الآتي لا يقبل الله صلاة حائض أي من بلغت سن الحيض إلا بخمار هذا مذهب الشافعي والجمهور وقال داود: العورة القبل والدبر فقط.” (فيض القدير- ج5 ص552).
“…في المنهاج وشرحه لابن حجر في باب شروط الصلاة عورة الأمة ولو مبعضة ومكاتبة وأم ولد كعورة الرجل ما بين السرة والركبة في الأصح وعورة الحرة ولو غير مميزة والخنثى الحر ما سوى الوجه والكفين وإنما حرم نظرهما كالزائد على عورة الأمة لأن ذلك مظنة الفتنة ويجب في الخلوة ستر سوأة الأمة كالرجل وما بين سرة وركبة الحرة فقط إلا لأدنى غرض كتبريد وخشية عبار على ثوب تجمل.” (تفسير الألوسي- ب31 ج13 ص405).
“يجوز له النظر إلى مواضع الزينة منها مما عدا ذلك: وهي اليدان إلى المنكبين والرجلان إلى الركبتين والصدر والثديان والرأس وشعره. وما جاز النظر إليه من المحارم جاز غمزه ولمسه ودهنه وكل ذلك مع عدم الشهوة. فهذه عورة المرأة مع محرمها. وأما عورته معها فكعورة الرجال مع الرجال لعادة المسلمين أنهم لا يسترون ظهورهم ولا بطونهم عن محارمهم وكذا عورة الأمة والمدبرة وأم الولد والمكاتبة كعورة الرجل مع الرجل إذا أمن على نفسه الشهوة.” (التاج المذهب لأحكام المذهب، زيدية- ج6 ص82)
” الذي يلزم الحرة أن تستر من بدنها مع ذوي محارمها ما بين سرتها وركبتها وكذلك يلزم مع النساء كلهن أو يستتر بعضهن من بعض ما بين السرة والركبة” (النكت والعيون- ب31 ج3 ص169)
“…يجوز لذوى المحارم النظر إلى ما فوق السرة ودون الركبة من ذوات المحارم…” (المجموع- ج16 ص134)
“أما المحارم فالصحيح أنه يباح نظر بعضهم إلى بعض لما فوق السرة وتحت الركبة” (فتح الباري لأبن حجر-ج15 ص56) (تحفة الأحوذي- ج7 ص102)
” قال أبو حنيفة رحمه الله يجوز أن يمس من الأمة ما يحل النظر إليه أما إن كانت المرأة ذات محرم له بنسب أو رضاع أو صهرية فعورتها معه ما بين السرة والركبة كعورة الرجل…” (تفسير الرازي- ب30 ج11 ص303)
” إن العورة التي يندب سترها في الخلوة العورة المغلظة وهي تختلف باختلاف الأشخاص فهي السوأتان بالنسبة للرجل والأمة وتزيد الأمة الأليتان والعانة وتزيد الحرة على ذلك بالظهر والبطن والفخذ وعلى هذا فستر الظهر والبطن والفخذ في الخلوة مندوب في حق الحرة دون الرجل والأمة…” (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير-فصل الشرط الثالث وهو العورة- ج2 ص301)
” العورة المغلظة وهي من رجل سوأتاه من المقدم الذكر والأنثيان ومن المؤخر ما بين أليتيه ومن الأمة من المقدم قبلها وعانتها ومن المؤخر أليتاها ومن الحرة من المقدم من تحت صدرها إلى ركبتها ومن المؤخر من محاذي سرتها إلى ركبتها وستر المخففة ليس شرطا اتفاقا وهي من الرجل ما بين السرة والركبة سوى السوأتين ومن الأمة كذلك سوى ما تقدم ومن الحرة جميع بدنها سوى ما تقدم إلا وجهها وكفيها وهذا بالنسبة للصلاة .
وعورة الرجل بالنسبة للرؤية من رجل أو محرم ما بين سرته وركبته ومن أجنبية جميع بدنه إلا أطرافه وعورة الأمة للرؤية من كل راء ما بين سرتها وركبتها وعورة الحرة للرؤية من مرأة ما بين سرتها وركبتها ومن محرمها ما زاد على أطرافها ومن أجنبي ما زاد على وجهها وكفيها.” (منح الجليل شرح مختصر الخليل- ج1 ص475)

• السرة – الركبة – الفخذ- ليست بعورة:
“…أن أبا عاصم العبادي حكي عن بعضهم أن الركبة من العورة دون السرة…” (شرح الوجيز- ج4 ص86)
” روى الدارقطني في سننه عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت النبي (ص) يقول: “ما فوق الركبتين من العورة وما أسفل من السرة من العورة”. وروى أيضا: من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: “ما تحت السرة إلى الركبة من العورة”. (الدرر السنية ص212)
الذي حدثناه علي بن معبد ، وعلي بن شيبة قالا : حدثنا روح بن عبادة قال : حدثنا ابن جريج قال: أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره عن أبي محذورة في حديث الأذان أن رسول الله (ص) {وضع يده على ناصية أبي محذورة، ثم أمرها على وجهه، ثم بين ثدييه، ثم على كبده، ثم بلغت يد رسول الله (ص) سرة أبي محذورة}” (مشكل الآيار للطحاوي- ج4 ص266)
” أبدى الحسن بن علي رضي الله عنهما سرته فقبلها أبو هريرة رضي الله عنه” (نصب الراية في تخريج احاديث الهداية- ج12 ص17)
“… ان ابا هريرة رضى الله عنه قال للحسن ارفع قميصك عن بطنك حتى اقبل حيث رأيت رسول الله (ص) يقبل فرفع قميصه فقبل سرته” (السنن الكبري للبيهقي- ج2 ص232)
” إن السرة ليست بعورة أن النبى قبل سرة الحسن بن على، وأن أبا هريرة سأل الحسن كشف سرته فقبلها، وقال: أقبل منك ما رأيت رسول الله يقبله، ولو كانت عورة ما قبلها أبو هريرة ولا مكنه الحسن منها، وقال الآخرون: ليس هذا بحجة؛ لأن عورات الصبيان ليست بمحرمة؛ لأنه لا يلزمهم الأحكام والحدود.” (شرح ابن بطال- ب2 ج3 ص32)
” ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا اتزر أبدى عن سرته” (المبسوط- كتاب الاستحسان- ج12 ص357)
” السرة والركبة ليسا بعورة ” (تفسير اللباب لأبن عادل- ب30 ج12 ص84) أي المقصود هنا بالعورة تحت السرة وفوق الركبة.
أما فيما يخص الفخذ فقد اختلفوا هل من العورة أو ليست من العورة:
” قال رسول الله (ص) لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت” قال أبو داود هذا الحديث فيه نكارة” (سنن أبي داوود- ج11 ص28) وذهب آخرون على إن العورة هما السؤتان فقط أي القبل والدبر فقط.
” واستدل القائلون بأن الفخذ عورة بهذين الحديثين: أ-عن محمد بن جحش قال: مر رسول الله (ص) على معمر، وفخذاه مكشوفتان فقال (يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة) رواه أحمد والحاكم والبخاري في تاريخه، وعلقه في صحيحه، ب-وعن جرهد قال: مر رسول الله (ص) وعلي بردة وقد انكشفت فخذي فقال:( غط فخذيك فإن الفخذ عورة) رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي (فقه السنة- ج1 ص126)”
” واحتج من لم ير الفخذ من العورة وقال هي السوأتان فقط بما أخرجه مسلم من حديث عائشة بلفظ قالت: كان رسول الله (ص) مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه” (عون المعبود- النهي عن التعري ج9 ص37)
” ” قال زيد: {نزل على النبي (ص) الوحي وفخذه على فخذي حتى كادت أن ترض فخذي} أما إنه يكره كشفها فإن مالكا وغيره قد روى حديث جرهد أن النبي (ص) قال له: {غط فخذك، فإن الفخذ عورة}، وهو حديث مشهور.” (أحكام القرآن لأبن العربي- مسألة ستر العورة في الصلاة ج3 ص495)
” والصحيح أن الفخذ ليس بعورة؛ {لأنها ظهرت من النبي (ص) يوم جرى في زقاق خيبر ولأن النبي (ص) كان يصلها بأفخاذ أصحابه ولو كانت عورة ما وصلها بها}. (احكام القرآن لأبن العربي- ج3 ص495)
” وفي البخاري عن أنس أن رسول الله (ص) حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله (ص).” (تفسير اللباب لأبن عادل- ب26 ج7 ص307)
الخلاف ” في أن ما زاد على القبل والدبر هل هو عورة مثقلة أو مخففة ؟ فقال علماؤنا وأبو حنيفة: إن القبل والدبر عورة مثقلة والفخذ عورة مخففة.” (احكام القرآن لابن العربي- ج3 ص495)
” عند أبي حنيفة لو ظهر من العورة المغلظة قدر درهم بطلت صلاته ولا باس بظهور ما دونه ولو ظهر من العورة المخففة قدر ربع عضو بطلت الصلاة ولا باس بظهور ما دونه قال المغلظة السوأتان والمخففة ما سواهما” (شرح الوجيز- ح4 ص82)
” إن عبد الله ابن الصامت ضرب فخذي وقال: إني سألت أبا ذر فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: إني سألت رسول الله (ص) كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: (صل الصلاة لوقتها) إلى آخر الحديث.
” قال ابن حزم: فلو كانت الفخذ عورة لما مسها رسول الله، من أبي ذر أصلا بيده المقدسة؟ ولو كانت الفخذ عورة عند أبي ذر، لما ضرب عليها بيده، وكذلك عبد الله بن الصامت وأبو العالية. وما يستحل لمسلم أن يضرب بيده على قبل إنسان، على الثياب ولا على حلقة دبر إنسان على الثياب، ولا على بدن امرأة أجنبية على الثياب، البتة… ثم ذكر ابن حزم بإسناده إلى حبير بن الحويرث، أنه نظر إلى فخذ أبي بكر وقد انكشفت، وأن أنس بن مالك أتى قس بن شماس، وقد حسر عن فخذيه.” (فقه السنة- ج1 ص126)
وباعتبار أن الإسلام ليس واضح المعالم (بالنسبة للمسلمين)، وفيه الكثير من الفروقات والاختلافات والاجتهادات، فهناك من رجح الجمع بين ما قيل واعتبار إنّ العورة قسمان عورة مخفّفة وهي الفخذان وعورة مثقلة وهي السوءتان، وأجاز من ثمّة كشف المخفّفة مع من تستلزم أنشطتهم كشفها وسترها في محاسن الأخلاق وأماكن تجمّع الناس. أمّا القول بأنّ الفخذ عورة مطلقا أو إنّه ليس بعورة مطلقا فلم يتفق عليه السادة حفظهم الله.

• القبل والدبر فقـط:
” اختلفوا في العورة ما هي؟ فقال ابن أبي ذئب: هي القبل والدبر فقط وهو قول أهل الظاهر وابن أبي عبلة والطبري لقوله تعالى: {لباسا يواري سوءاتكم} وقوله: {بدت لهما سوءاتهما} [الأعراف: 22] وقوله: {ليريهما سوءاتكم} [الأعراف: 27].” (تفسير اللباب لأبن عادل- ب26 ج7 ص307)
“…وعن أحمد ومالك فى رواية: العورة القبل والدبر فقط وبه قال أهل الظاهر وابن جرير والإصطخرى.” (فتح الباري- كتاب الصلاة)
“… أما عند مالك فتبطل الصلاة إذا انكشفت السوأتان وهما القبل والخصيتان وحلقة الدبر ولا تبطل إذا انكشف سواهما مما هو بين السرة والركبة” (فتاوى الأزهر- عورة المرأة في الصلاة- ج9 ص28)
” أن العورة السوأتان أي القبل والدبر فالواجب عند الامام أحمد سترهما فقط” (إعانة الطالبين- ج4 ص252)
” عن أحمد ومالك في رواية العورة السوأتان فقط” (فيض القدير- ج4 ص531)
” قال أبو حنيفة وقال قوم: العورة هما السوأتان فقط من الرجل” (بداية المجتهد- ج1 ص95)
“…وقال داود: العورة القبل والدبر فقط.” (فيض القدير- ج5 ص552).
من شروط الصلاة: “ستر العورة {وهي القبل والدبر للرجل} والمراد بالقبل: القضيب والأنثيان وبالدبر: المخرج لا الأليان” (الروضة البهية إمامية- ج1 ص135). القبل والدبر فقط وقت الصلاة !!!
” عن الزركشي قال: عورة الأمة: الفرجان كالرجل… قال الشيخ تقي الدين: لا يختلف المذهب أن ما بين السرة والركبة من الأمة عورة. قال: وقد حكى جماعة من أصحابنا: أن عورتها السوأتان فقط كالرواية في عورة الرجل.” (الإنصاف- باب ستر العورة- ج2 ص224)
من شروط صحة الصلاة بالإجماع ستر العورة، و حد العورة من الرجل: العورة التي يجب على الرجل سترها عند الصلاة، القبل والدبر، أما ما عداهما من الفخذ والسرة والركبة فقد اختلفت فيها وجهات النظر. وقيل عن عورة الصلاة في الخلوة: “إن المغلظة التي يندب سترها في الخلوة تختلف باختلاف الأشخاص فهي السوأتان بالنسبة للرجل وتزيد الأمة الأليتين والعانة وتزيد الحرة على ذلك بالظهر والبطن والفخذ. وعلى هذا فستر الظهر والبطن والفخذ في الخلوة مندوب في حق الحرة دون الرجل والأمة.” (حاشية الصاوي على الشرح الصغير- ستر العورة- ج1 ص480)
” عائشة لم تر بأسا بالتبان، للذين يرحلون هودجها، والتبان كرمان، سراويل صغير يستر العورة المغلظة” (أضواء البيان- ب27 ج5 ص117) و(صحيح البخاري- ج5 ص426).

• القبل فقـــط:
يجوز للرجل قبل شراء الجارية أن يمسها في جميع بدنها عدا (القبل) ويمكنه لمس عجيزتها أيضاً..!!
“….يحل له أن ينظر إلى كل شيء فهيا ما عدا فرجها.” (مصنف عبد الرزاق- ج7 ص287)
“… عن نافع أن ابن عمر كان يكشف عن ظهرها وبطنها وساقها ويضع يده على عجزها.” (مصنف عبد الرزاق- ج7 ص286)
ذهب الساق وخرجت الركبة وكذا السرة لم تعتبر عورة، تلاها عند البعض الفخذ ثم ذهب الدبر…. فلم يبقى غير القبل!! أي أنك لو ذهبت إلى منزل من منازل الصحابة ( رضوان الله عليهم) أيام العز والحضارة الإسلامية، وطرقت الباب فيجوز أن تفتح لك جارية عارية تماما كما خلقها الله تعالى جل جلاله، لكن يدها على قبلها فتعتبر محجبة، ويجوز لها شرعاً الظهور أمام العوام بالكيلوت فقط، وحسب ذلك يجوز النظر للصور ومشاهدة مشاهد الفيديو التي تظهر فيها الأثداء والسيقان والفخوذ بشرط أن تكون للجواري (أي ممكن لقنوات الجنس التلفزيونية أن تدرج بدل رمز القناة كلمة جواري فتكون حلال إسلامياً) لكن لذلك شرطان أولاً يجب أن لا يظهر القبل وثانياً يجب النظر بلا شهوة، أي ليس لكم أن تفعلوا كما فعل النبي حين مرت تلك المرأة في الشارع فاشتهاها كما ذُكِر في الحلقة السابقة “مرت بي فلانة، فوقع في قلبي شهوة النساء”.
ذٌكِر في تاريخ المستبصر- ج1 ص57: ” تبخر الجارية و تطيب و تعدل و شد وسطها بمئزر و أخذ المنادى بيدها و يدور بها في السوق و ينادي عليها و يحضر التجار الفجار يقلبون يدها و رجلها و ساقها و أفخاذها و سرتها و صدرها و نهدها. و يقلب ظهرها و يشبر عجزها و يقلب لسانها و أسنانها و شعرها ويبذل المجهود. و إن كانت عليها ثياب خلعها و قلب وأبصر و في أخر الأمر يقلب فرجها و جحرها معاينة من غير ستر و لا حجاب. فإذا قلب و رضي و اشترى الجارية تبقى عنده مدة عشرة أيام زائد و ناقص فإذا رعى و شبع ومل و تعب و قضى و طرء و انقطع وطره يقول زيد المشترى لعمرو البائع: بسم الله يا خواجا بيني و بينك شرع محمد بن عبد الله فيحضر عند الحاكم فيدعى عليه العيب.” يذكرنا هذا بزواج النبي محمد من زينب بعد أن قضى منها زيد وطراً {…فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا… الأحزاب 37}.
وذُكِرَ في شبكة القطيف الثقافية بمنتدى الحوار الإسلامي عن الصور العارية:” قصور الأمويين في الشام والفرات والأردن كلها تحتوي على حمامات فيها صور نساء عاريات وأوضاع مجامعة غاية في الدقة كما وصفها علماء الآثار وقد نُقل بعضها إلى أوربا وهي معروضة هناك كحمام الحلابات في الأردن الذي يقال انه اختفى قبل عشرين سنة وحمام قصر عمرة الذي يقال بأنه موجود فعلا الآن في الأردن وفيه صور نساء عاريات. وهذا كما ترون في زمن دولة إسلامية قريبة العهد من زمن الرسول. ولم تكن تلك الرسوم ناشئة عن فراغ و إنما هي نتيجة إفراز مدرسة فنية رعتها الدولة الأموية. وهذا يدل على شيئين الأول هو شهوانية ونزق رعاة تلك الدولة… والأمر الثاني هو عدم وجود الدليل عند الفقهاء في حينه على أن عورة الصورة هي عورة محترمة يجب غض النظر عنها فلذلك لم يشنع أحد على هذا الموضوع بينما تم التشنيع على أنواع الفجور والملاهي الباطلة والمستقبحة من بني أمية.”
وقد اهتم الشرع الإسلامي بعباد الله المسلمين وضرورة السمو بهم عالياً، وسن لهم قوانين مثلاً لتنبيههم على ضرورة عدم فتح الأحاديث والحوارات عند كشف العورات والتغوط:
” لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عوراتهما يتحدثان فإن اللّه يمقت على ذلك‏” (تفسير القرطبي- ج5 ص336) و(سنن أبي داوود – مسند أحمد- السنن الكبرى للبيهقي- كنز العمال…الخ)
” لا يقعد الرجلان على الغائط يتحدثان يرى كل منهما عورة صاحبه فإن الله يمقت على ذلك” (عون المعبود- ج1 ص19)
كل ذلك عن العورة ذكر في الفقه والشرع الإسلامي، لا أدري لماذا كُتُب العورة والحجاب الحديثة والمقالات الكثيرة لا تذكر أي شيء من ذلك! أليس هذا هو الإسلام؟! أم أن ذكر ذلك يدعو للخجل، وتقشعر له الأبدان؟
يقول الشاعر طانيوس عبده:

أذبت كل جامدٍ في وجهها…….. حتى الذي كان به من حمره
وصيرتك حجةً حتى غدت……..عاريةً لا تختشي معرَّه
تنزع كُم الثوب كي تبدي لمن…….. يهوى الجمالَ أبطها وشعره
ويحسد البطن بروز نهدها……..فتكشف الصّدر لحد الصره

يــتــبــع

About سردار أمد

سردار أحمد كاتب سوري عنوان الموقع : http://www.serdar.katib.org
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.