يتناول في هذه الحلقة نديم قراءة لمقابلة الجنرال ميشال عون مع قناة ال
-MTV
يتناول في هذه الحلقة نديم قراءة لمقابلة الجنرال ميشال عون مع قناة ال
-MTV
* احمد رضا ايرانبور
رسالة مفتوحة من مضرب عن الطعام في سجن ليبرتي الى الأمين العام للامم المتحدة والرئيس الامريكي
ايها السيدان بان كي مون واوباما
في الحقيقة لست ادري كيف اعرف نفسي؟!
اني مضرب عن الطعام في سجن ليبرتي…؟
اني فنان مكبل…؟
اسمي: احمد رضا ايرانبور، واْكنى عند اصدقائي بانوشيروان، نحو قبل 11 سنة وقبل ان تنشب الحرب الامريكي- العراقي و في صدد اعتاق بلدي من الاضطهاد ودكتاتورية الملالي انضممت بمجاهدي خلق في العراق، علما بان خوض هذه المعركة يعرضني لاخطار وشدائد متدفقة من حدب وصوب، اني كنت طالب الاعدادية في قسم الفنون الجميلة في مدينة شيراز وكنت اتعلم الرسم والغرافيك، ومتزامنا مع ذلك كنت اعشق الموسيقى وكنت احلم وصول يوم وانا اخدم بلدي في حد المستطاع،و احاول على احياء موسيقى وطني، التي لها تاريخ متألق وقديم، و مازالت تطأها حوافر خيل استبداد الملالي، وتورم جسدها الجريح ويغرد بالوان الحزن ويصرخ في زواياها واغاريدها صرخة الوجع.
أجل انني كنت اعزف آلة موسيقية ايرانية واصبت المراد وحصلت على تطورات لافتة للنظر. وفي مهرجان الموسيقى لمحافظة فارس الايرانية، احرزت اعلى مستوى ممكن لفنان صبي بالغ من العمر 16 عاما حيث كان لدي 10 تلاميذ، وكنت ابتغي ان انهي الاعدادية وادخل جامعة الموسيقى، عجالة الكلام هي ان كان لدي طموحات بسيطة ومن اجل التلذذ لم اختر درب مجاهدي خلق الابي.
اني واصدقائي المضربون عن الطعام هنا نتعب لاعتاق ايران، عندما تخلينا عن كل ملذات الحياة، كنا نعلم جيدا ان هذا الدرب الى مدى يحملنا الآلام والمعاناة ولمواجهتها درعنا صدورنا المفعمة بالايمان.
وقديما كنا نقرأ في الكتب ان الامم المتحدة منظمة للامم برمتها، وكنا نظن انها مؤسسة تأسست على معاناة الشعوب ودماء ضحايا الحربان العالميتان الابرياء، وتبشر بقضية توفر السلام والامن والرخاء للشعوب في ارجاء العالم، واتذكر ان ما كنا نفتخر به انا واصدقائي كان شعر ”سعدي الشيرازي” ذو المغزى والمنحوت على بوابة مبنى الامم المتحدة وهو يقول ان:” بنو البشر كاعضاء جسم واحد…” وكذلك لقد سمعنا بان العديد من بنود ميثاق الامم المتحدة يحتوي على ميثاق الملك الايراني”كوروش” المشتهر بعدله الذي ورثه للاجيال القادمة.
والا ان تكسرت نظرتي العامة عندما اقتضت ضرورة ان التقي ببعض ممثلي الامم المتحدة في مخيمي اشرف وليبرتي شخصيا، لكنني ومع بالغ الاسف، طيلة السنوات الماضية الاربع، لمست لمس اليد حقيقة مريرة وهي ان هناك عناصر خاصة كمارتين كوبلر و… يحرفون الامم المتحدة وراء اغراضهم الشخصية وتنتشر اكاذيبهم تحت عنوان تقرير الأمين العام للامم المتحدة، اكاذيب كانت تقلب الحقائق وتبدل مكان الظالم بالمظلوم وتشحذ شفرة الجلاد على حلوقنا.
والى جانب نشر هذه التقارير من قبل الامم المتحدة ودون القيام باي تفحص وتدقيق فيها، هنالك كان للادارة الامريكية دورأيضا وهي وقعت على اتفاق معنا على انفراد، اتفاق كان يصرح ان ازاء تقديم اسلحتنا الى الولايات المتحدة انها تضمن حمايتنا لحين حسم موقعنا في العراق، غير انه وللاسف الشديد عندما يأتي الدور على الادارة الامريكية لا نصيب لنا سوى النسيان والخيانة بالوعود.
وفي يوليو 2009 وابريل 2011 وأمام عيون الامريكيين قامت قوات المالكي بابادتنا الجماعية مرتين ،ومن ثم في الأول من ايلول 2013 قتلوا 52 منا مكتوفي الايدي واختطفوا 7 وادعوا كذبا باننا لا علم لنا فيه، ومرة اخرى لقينا صمت الادارة الامريكية والامم المتحدة والتجأتا الى التملص من اجراء تحقيق مستقل دولي.
واني واحتجاجا على المجزرة التي حدثت بحق 52 من رفاقي الشهداء وخطف 7 منهم، الذين تبقوا في مخيم اشرف وفق اتفاق ثلاثي مع الامم المتحدة والادارة الامريكية والحكومة العراقية من اجل الحفاظ على ممتلكاتنا هناك، خضت معركة الامعاء الخاوية والى يومنا هذا يمضي 92 يوما عليها.
ولا ريب انني لن آلو جهدا وفداء لاجل انقاذ هؤلاء الإبرياء السبعة ولا حزن علي حتى ان تذوب عظامي كشموع و طوال هذه السنوات البعيدة عرف العالم المجاهدين حق المعرفة وانهم مستعدون كل الاستعداد ان يضحوا بالغالي والنفيس وما يفوق التصور من اجل القضية ورفاق الدرب، فعليه اطالبكما بالوفاء بالوعود كي لا تفوتنا الفرصة لان نتيجة المعركة هذه ووقوفنا واضحة وضوح الشمس.
انوشيروان ايرانبور من سجن ليبرتي
عبدالله بن مطلق بن سيف القحطاني/جدة
لم يرد مصطلح نصارى بأي مخطوطة تأريخية معتبرة لدى المؤرخين التأريخيين وانتشر هذا المصطلح بعد ظهور الإسلام وعندما بدأ الغزو الإسلامي ينطلق للبلدان المجاورة عم وانتشر هذا المصطلح بين عامة أتباع الإسلام تبعا لتسمية قرآنهم ولا عجب لأن الأقاليم كلها كانت مسيحية وذكر بعض الباحثين أن في جنوب الجزيرة كان شائعا هذا المصطلح أعني النصارى تحديدا بنجران لكن بعد رجوعي لمراجع تأريخية غير عربية سريانية آرامية وكذلك بالإنجليزية وجدت أن هذه التسمية لم ترد كاصطلاح إلا بعد ظهور الإسلام وإن كان صحيح أن نجران كان شعبه مسيحيا إلا أنهم مختلفون عن الإيمان المسيحي الحقيقي لتفشي الجهل وانقطاعهم عن الكنيسة الأم فعمت الهرطقة وميزهم بعض الباحثين باسم المريميين وقد قضى أمرهم واندثروا بعد قرن من ظهور الإسلام وهدمت كنائسهم ومحيت أثارهم،
من يقرأ مؤلفات علماء الإسلام من متقدميه ومتأخريه يلاحظ ما قلته تكرارا لما أصله ابن تيمية وللإنصاف وجدت مخطوطات إسلامية قد خطها علماء قبله بقرون لاسيما في عصر التابعين ومن جاء بعدهم وتزامنت مع عصر تدريس وتدوين الحديث والفقه الإسلامي وانتشار المدارس الفقهية وشيوع علم المنطق والكلام وبروز علماء أصول الفقه لاسيما بالعصر العباسي حيث بلغ أوج عزه! وكانت الترجمة بلغت المنتهى بذلك العصر ولعل بعضكم يتسآئل لماذا قلت المخطوطات القادحة بالمسيحية بذلك العصر واشتدت بعصر ابن تيمية ومن بعده؟ الحقيقة للإجابة على مثل هذا السؤال المهم نحتاج لعشرات من المداخلات لكن السبب الرئيس هو علة سياسية أكثر منها عقائدية! المسلمون الأوائل كانت لهم الغلبة بعدما أثخنوا قتلا وأسلمة وتعريبا بالبلدان التي تم غزوها وقامت وقويت امبراطوريتهم فاكتفوا بتكفير المسيحيين مكتفين بما ورد بقرآنهم مع بعض الشروحات هنا والحواشي هناك! أما بعصر ابن تيمية فاقتضت الظروف السياسية وحروب الفرنجة العزف على الوتر العقائدي وتم التسخين والتجييش للعلة هذه فاقتضت الحالة التوسع بالقدح والتكفير والتحريض وما أشبه اليوم بالبارحة!
عرفنالماذا بصدر الإسلام وما أعقبه من أزمان كان علماء الإسلام مشغولين عن المسيحيين بالطعن وقلنا إن الغلبة لهم قتلوا منهم أعدادا غفيرة ونهبوا وسلبوا وأخذوا البنات والصبيان سبايا وأسرى واستوطنوا ديارهم وأذلوهم ولم يكونوا بحاجة للشحن ضدهم إذ الغلبة للمسلمين لكن قام العديد من علماء الإسلام بتأليف بعض المخطوطات التي تكفر المسيحيين ويلاحظ أن هذه المخطوطات امتازت بخفة حدة الخطاب لكنها لم تخرج قيد أنملة عما ورد في القرآن أو الحديث وهذا خطأ علمي قاتل للموضوعية ! كيف العدل وأنت الخصم والحكم! ولازال علماء الإسلام بخطئهم سائرين حتى اللحظة! الباحث المنصف يأتي بالمراجع من الجانبين وإذا أراد دحض مسألة ما فالأولى أن يناقشها من مراجع مقابله لا أن يأتي بها من معتقده وكأنه حكم مسبق واجب النفاذ! المهم استمرت هذه السمة حتى عصر ابن تيمية- هذا الرجل لم تسلم منه فرق اسلامية كثيرة فقد كفر الجميع! كفر الشيعة والصوفية والمعتزلة والمرجئة والخوارج وأهل الكلام والمنطق والإسماعيلية والأباضية والأشاعرة والزيدية إلخ طعن بالكل وسفه الكل وكفر الجمع والجماعة بل أهل السنة الحقيقيون لم يسلموا من شره رغم تستره بعباءتهم!
ابن تيمية أول علماء الإسلام الذي وضع أسسا لم تكن قبله معروفة أو متداولة فمثلا مصطلح السلف! عقيدة السمع والطاعة لولي الأمر! التكفير للمسلم وغير المسلم! وجوب شن الحروب الجهادية! العجيب أن هذا الرجل رغم لذته الجارفة بالعبودية والاستعباد لولي الأمر إلا أن شره قد طال بعض ولاة أمره فسجنوه بالشام وعند الحاجة للسانه في الحروب العدوانية ضد غير المسلم فكوه وأكرموه وبالجند ألحقوه! ولكن للأمانة العلمية لابد من الإشارة أن الخليفة معاوية ومن جاء بعده قد اخترعوا مصطلح وجوب طاعة ولي الأمر لإن معاوية قد خرج على عرف المسلمين بإختيار الحاكم فكانت أول ملكية شمولية دكتاتورية مستبدة في الإسلام بعهده! وهذا مبحث آخر قد أتناوله بوقت آخر لكن علينا أن نعي الحقيقة العلمية التأريخية بدقة أن بعصر معاوية ومملكة الأمويين كان غير المسلم أمرا ثانويا بالنسبة لتفخيم عظمة الحاكم ووجوب طاعته والتسليم المطلق لإرادته وحكمه لأن الأمور مستقرة فوجب حماية المملكة الأموية من الداخل واشغال الشباب بالقتال والتوسع بما يسمونه الجهاد وكان لهم ما أرادوا بعدما بقوة السيف أذلوا المسيحيين خرجوا لشعوب وملل أخرى ونعود لابن تيمية!
للإنصاف ابن تيمية أتى بما لم تأت به الأوائل وأقول يقينا لم يأت بعده مثله اللهم من قلده واتخذه قدوة له وأعني محمد بن عبدالوهاب قبل قرون ثلاثة! وقاربه بالمنهج سيد قطب! لكنه بالثمرة لم يباريه!- وهذا أيضا مبحث آخر قد تتسنى لي فرصة معالجته في قابل الأيام - ونعود لذي بدء ونقول: ابن تيمية امتاز عصره بسمتين أثرتا على فكره ومعتقده وتوجه أولاهما أن مملكة الإسلام توسعت حدا أوجب أن نسميها امبراطورية وقطب شبه أوحد إلا أنها بحقيقة الأمر ممالك داخل امبراطورية وأن الخليفة يملك ولا يحكم بعرف عصرنا! الخليفة ودار الخلافة رمزان جامعان ليس إلا! السمة الثانية أن كثيرا من ثورات وحركات التحرر قد قامت وانتفضت وحاول المسيحيون أن يرفعوا سيف وجبروت الإسلام عنهم لاسيما بالشام وفعلا نجحوا برفع الاستعباد الإسلامي عن ديارهم وسجل التأريخ بشرف شجاعة وبسالة الشعب المسيحي السرياني الآرامي بجبل لبنان حيث لقرون أعادوا دولتهم واستردوا هويتهم وكانوا مثالا للشرف والشجاعة والإقدام -وهذابحث آخر- وقد يسأل أحدكم سؤالا مشروعا: ما علاقة فقيه كابن تيمية بهذا التسلسل التأريخي ولماذا ربطت ابن عبدالوهاب وسيد قطب أصلا ببحثك العقائدي؟
للإجابة على السؤال السابق علينا أن نرجع للوراء قروناحتى وقت نبي الإسلام الكريم محمد وهذا سيفسر لنا كثيرا من القضايا الغامضة والخفايا! فمعرفة ظروف تأسيس الإسلام الاجتماعية والتأريخية والإقتصادية وبظل قبائل عربية متناحرة تعشق الحرب والسبي والغزو يحل لنا مثل تلك القضايا ويكشف مستور الخفايا ويفضح الخزايا! وبالتأكيد لن أفصل إنما أشير! لأني أعيش بعش الدبابير! والعاقل لايقترب من عشها مخافة أن تلسعه لسعة قاتلة مالها من الله رادة! المهم الإسلام أعلنها صراحة على لسان إلهه أنه دولة ودين وأن السيف لابدأن يرفع والخيل لابدأن تعد للأبد! وهذا ما حصل بدءا من تأسيس نبي الإسلام محمد نفسه مملكته مرورا بالممالك المتعاقبة من الأمويين والعباسيين والعثمانيين – طبعا كانت هناك ممالك داخل هذه المملكة الكبرى كالسلاجقة والحمدانيين والفاطميين والتوحديين والدولة الأموية بالأندلس التي بدورها كانت طوائف وممالك إلخ لكن أيضا قد يسأل أحدكم سؤالا ذكيا مهما وبمحله: ما علاقة هذا السرد التأريخي بالشأن العقائدي الذي هو محل بحثنا ؟ والأهم ما موقع المسيحيين من هذا كله ؟ أم تتفاخر علينا بكونك باحث تأريخي؟ لأن صاحب بالين كذاب؟
الباحث بالمعتقدات لابد أن يعرف تأريخها وظروف تأسيسها وبدايات النشأة والأحداث المتعاقبة وتأريخ المخطوطات والمقارنة ليكون بحثه دقيقا موثقا بالبراهين التأريخية لذا كل باحث بالأديان لابد أن يكون باحثا تأريخيا بالضرورة لكن الباحث التأريخي لايلزم بالضرورة أن يكون باحثا بالأديان لأنه قد يكون تأخصصه علم الأجتماع أو النظم السياسية أو الوقائع أو علم الجغرافيا أو الجيولوجيا إلخ ، المهم التأريخ يخبرنا أن جل مايعرف بالعالم العربي اليوم كان معتنقا للإيمان المسيحي وبجواره امبراطورية الفرس – ايران – وكان أكثر من نصف مناطقها الشمالية مسيحيون وأغلب سكانها مجوس يعيدون النار وبها بعض الملل الأخرى بأتباع قليلون، إذن الشعوب بتلك الأقاليم وأعني بلاد الرافدين – العراق – والشام وتركيا وشمال وغرب أفريقيا وجل سواحلها كانوا مسيحيين مع تواجد للوثنيين في وسط وأدغال القارة الأفريقية! أنا ذكرت هذه المناطق تحديدالأن سيف الإسلام وصلها! وبالطبع المناطق الجنوبية من القارة الأوربية المعروفة بقرطبة أو الأندلس بالمصادر العربية الإسلامية! أظن الآن بعد هذا السرد التأريخي نرجع لابن تيمية لنسلط عليه الضوء بعد معرفتنا لواقعه!
في عصر ابن تيمية كانت الظروف السياسية معقدة والخلافات مشتعلة على السلطات والممالك وكانت النزاعات بأعلى درجات سخونتها فكان لزاما على ابن تيمية أن يبتدع فكرا جديدا يتواكب وتلك الحقبة فعمد إلى ابتداع فكرة السلف كمنهج عقائدي مقرونا بعقيدة الطاعة للإمام وقد استفاد من عقيدة الولاء والبراء الموجودة أصلا بمعتقده ضد الأخر من غير المسلم! لكن ماذا يفعل بالمسلم المخالف له بالفكر؟ أعاد إحياء فكر الخوارج – طائفة خرجت على الإمام علي بن أبي طالب وهم فرق متعددة الفكر يستحقون لاحقا أن نفردهم ببحث مستقل – المهم استفاد من فكرهم وتوسع بالتكفير ووجوب طاعة ولي الأمر والخروج عليه – لاحظ أن هذه النغمة ازدادت وتيرتها بأيامنا هذه عقب الربيع العربي المبارك المتواصل – ابن تيمية توسع بمنهج التكفير لكل من خالف الإمام أو أعترض على جوره فأصل منهجه الفكري الذي غدى مدرسة قائمة بذاتها واستمرت حتى اليوم – قطعا محمد بن عبدالوهاب مؤسس مايعرف اليوم بالفكر الوهابي التكفيري قد أحياه بعد قرون من وفاة ابن تيمية! المهم ابن تيمية لاق فكره قبولا واسعا لدى حكام الإسلام بعصره وكانت حروب الفرنجة بمثابة طوق نجاة لفكره ومعتقده!!
من باب الإنصاف والأمانة العلمية أورد حقيقة علمية تأريخية اقتنعت بهابعد قضاء سنوات ليست بالقصيرة من البحث العلمي الموضوعي بالمعتقدات أن الكنيسة الكاثوليكية بحاضرة الفاتيكان المقدس قد تم اختطافها إن جازالتعبير من قبل الملوك الطغاة في العصور الوسطى ولعبوا دورا سيئا نسبه بعض الباحثين غير الدقيقين للكنيسة وهذا خطأ علمي وجب التنويه له ولعل ما يثبت هذه الحقيقة العلمية أن حروب الفرنجة رفعت الصليب المقدس شعارا لها ومولت حملاتها مع الضرائب مما عرف بصكوك الغفران ناهيك عن العشور وأملاك الكنيسة الخاصة بأعمال البر والأحسان والخدمة وكانت هذه الحملات لأسباب سياسية واقتصادية ولاعلاقة لاسم السيد المسيح الذي رفعوه ظلما بها، وعودة لابن تيمية الذي كان يتنقل ما بين بغداد ودمشق والقاهرة أقول بظل تلك الظروف السياسية الداخلية والأوضاع الإجتماعية السيئة والأحداث الخارجيةبدأ نجم ابن تيمية يلمع وكثر أتباعه خاصة أن الحكام معه لأنه روج لفكر البيعة والطاعة إياه! فبدأ يكتب المخطوطات القادحة المكفرة المحرضة! وبما أن الحكام الطغاة معه للعلة إياها! راجت مخطوطاته كالنار بالهشيم وكان أسوأ عصر مأساوي مر بمسيحيي الشرق.
قد يستغرب بعضكم لماذا أطنبت بذكر وقائع تأريخية أكثر منها عقائدية بمداخلاتي؟لأوضح حقيقة تأريخية اتسم بها معتقد الإسلام ولأثبت من التأريخ نفسه قبل النقل والعقل – أقصد الأدلة النقلية والعقلية واعتذر هذه الثقافة التي درستها- أن الإسلام انتشر بحد السيف وكان هدفه الأسمى إقامة الممالك والغزو لأجل الغنائم والسبي والتوسع قدر الإمكان لتكثير الأتباع وتكبير الرقعة الجغرافية الإستيطانية على حساب أهل الأرض الحقيقيين من المسيحيين وقد نجح المسلمون وتمكنوا من استيطان وتعريب وأسلمة كافة الأقاليم التي غزوها وأثخنوا سيوفهم بأهلها الآمنين المسالمين من المسيحيين! والتأريخ ياسادة الأسود يعيد نفسه اليوم وإن اختلفت المعايير وتجددت العلل وتفننت طرق المكر وتقاطعت المصالح وتغيرت المسميات-نعود مجددا لابن تيمية الذي عرفناكيف كان عصره وعصر تلميذه ابن القيم الذي فاق معلمه بحقده على المسيحيين حيث نظم قصيدة طويلة بالفصحى لازال السلفيون حتى اللحظة يتغنون بها! ابن تيمية حتى يخدع سذج المسلمين عمد لتلك المخطوطات التي كتبها ونشرها مستغلا الأوضاع فبدأ تأريخ أسود دموي ضد المسيحيين أبسط مايوصف به حرب إبادة وتطهير ديني!
ثبت بالدليل التأريخي أن الكنيسة الأم الكاثوليكية تم اختطافها من طغاة حكام الممالك الأوربية لقرنين وزيادة واستغلوا المكانة العظمى للكنيسة بقلوب ملايين المؤمنين فعمدوا للنهب باسم الكنيسة فسنوا ما عرف بصكوك الغفران ونهبوا العشور وأموال وأوقاف الكنيسة ليمولوا حروبهم التوسيعية وعمدوا لرفع الصليب المقدس تغدغة لمشاعرالسذج من الشباب والجهال وتم لهم ماأرادوا وبدأت حروبهم مع الشرق ! واستغل ابن تيمية الحدث ليصفي حساباته مع المسيحيين بالشرق وقد رأينا كيف خط عشرات المؤلفات المحرضة والمكفرة فأثخن المسلمون سيوفهم بالمسالمين الآمنين من المسيحيين الذي لاناقة لهم ولاجمل أصلا بحروب الفرنجة! وبالفعل استمرت مأسآة المسيحيين قرونا عديدة حتى عصر العثمانيين! الذين في مذبحة واحدة قتلوا أكثر من مليون مسيحي! وهذه المذبحة على أساس ديني وليس عرقي كونهم أرمن! وهذا خطأ علمي وقع به كثير من الباحثين المعاصرين بدليل أن العرق الكردي من المسيحيين ذبحوا أيضا بتلك المجازر! ونعود للب الموضوع! ونقول: من خلال ما سرد من وقائع تأريخية لاحظنا أن العداء لكل ما هو غير مسلم عقيدة عند إله الإسلام! فكيف؟ وهل انقلب السحر على الساحر؟
النصوص الإسلامية التي تكفرغير المسلم كثيرة ويغلب عليها التحريض على البغض والكره وقلها تندرج تحت قاعدة ومبدأ الولاء والبراء وأكثر علماء الإسلام تأصيلا لهذا المبدأهو ابن تيمية وسار على نهجه تلاميذه لكن محمد بن عبدالوهاب قاربه لحد بعيد وإن كان الأخير أثره أشدمن الأول حيث صاهر بين المعتقد والسياسة والحكم! فحلت المصائب ولم يسلم العالم كله من شر الفكر الوهابي التكفيري حتى اللحظة! ومن سوء الدهر أن هذا الفكر التيماوي الوهابي منتشر وينتشر بوسائل كثيرة مستفيدا من الثروة النفطية الهائلة! في سنوات معدودة أنفق الوهابيون مايقارب المئة مليار دولار لنشر معتقدهم ولازالوا بكل البسيطة!- سنعود لاحقا لهذه الجزئية وسنكشف دوهم بشراء أراضي وأملاك مسيحيي لبنان! أعدكم إن سلمت من الإعتقال- نعود لابن تيمية ونقول:الرجل جمع الأتباع على أساس ديني ونجح! أصل لمعتقد الطاعة وفاق علماء الأمويين! لكن المعضلة أن فكره المتشدد لم يقبله البسطاء! ولم يستسغه كثير من العلماء! فعمد للتستر بمذهب أهل السنة! وغازل السلطة بعقيدة الطاعة العمياء والبيعة للإمام وفلح! فغير نهجه وجهده موقتا من غير المسلم للمسلم المخالف لفكره!فماذا فعل؟
عزف ابن تيمية معزوفته! منهج السلف الذي أثبتنا بالدليل التأريخي أنه من ابتداعه وأصبغ عليه هالة القداسة والفخامة المصطنعتين!وأنه خلط هذا المنهج مع ماتوارثه العلماء من علماء البلاط الأموي وأعني طاعة الإمام! وخلط عجينته بأمر ثالث: عقيدة الطاعة ومنهج ومصطلح السلف الذي هو صنعته وربيبه! ثم أضاف فكرالخوارج ليأخذ منه جزئية واحدة لتخدمه وتتواكب مع سلاحه التكفيري للمسلم المخالف له بالرأي والفكر! فعلا شن ابن تيمية حملة تكفير لجميع مخالفيه من خلال مخطوطاته ودروسه! لكن كان بحاجة لقوة تحمي فكره وتروج له! غازل السلطة بالفكر السلفي إياه! ووجوب الطاعة! لاحظ في بداية الثورة المصرية العظيمة المباركة كان أشهر سلفيي مصر المدعو محمد حسان وغيره من مشاهير السلفيين بمصر يحرمون المظاهرات وعدم الخروج على الإمام- حسني مبارك إمام وخليفة بنظرهم!- وعندما اقترب نصر الثوار والشعب المصري العظيم من خلع مبارك قلبوه له ظهر المجن وشتموه! وتغير منهجهم معه على النقيض! قبح الله النفاق وأهله! وكذلك فعل سلفيو الساعدي القذافي وسلفيو الشام والخليج واليمن! إذن ابن تيمية غازل السلطة وكفر المسلمين المخالفين لكنه كان بحاجة لغطاء!
قلنا إن ابن تيمية كان بحاجة لغطاء شرعي! هو ضمن السلطة الحاكمة فعمد في الأمور الفقهية لتبني مذهب الإمام أحمد بن حنبل ليوحي للأتباع أنه من أهل السنة! إختياره لمذهب الحنابلة ليس عبطا بل لذكاء فأحمد بن حنبل توارث أهل السنة والجماعة محبته وتعظيمه ولم يبلغ أحد مبلغ قيمته لا في متقدمي ولا متأخري علماء السنة وقدره حتى هذه اللحظة فالرجل مشهور أنه أسد أهل السنة وإمامها الأوحد! إذن ابن تيمية صوريا تبنى في الفقه من عبادات ومعاملات وأحكام فقهية مذهب الحنابلة لكنه بحقيقة الأمر يالعقائد مختلف عن الإمام ابن حنبل! واذكرعندما كنت أدرس بكلية الشريعة بالرياض في الفقه أن مجلدات الإنصاف في معرفة الراجح من مسائل الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل- هذا عنوان المجلدات- أذكر أن الفتاوى الكبرى لابن تيمية بمجلداته كانت تخالفه! بالمجمل! إذن حتى في الفقه خالفه! لكنها عباءة كان يكتسيها! ولازال أهل السنة من الفقهاء يعدونه منهم ليس في العقيدة بل والفقه وأنه حنبلي المذهب ومجتهد! وهذا خطأ علمي واضح للباحث المنصف كما هو حال محمد بن عبدالوهاب!إذن نجح ابن تيمية في مبتغاه واكتملت لعبته وأخذت طابعا شرعيا فماذا فعل؟
قديستغرب بعضكم لماذا أطنبت بذكر ابن تيمية ولمحت وأشرت وصرحت عن محمد بن عبدالوهاب! ولاشك أنه استغراب بمحله! لكن كان معرفة منهج ابن تيمية مهما وتأريخه مع المسيحيين هو الأهم لأربط بين الماضي والحاضر! فما يحصل للمسيحيين وحصل في العراق على وجه الخصوص كان نتاجا طبيعا لمثل هذه العقيدة التي إكتوى بأتون جحيمها السنة قبل الشيعة والصوفية وغيرهم! الأدهى أن محمد بن عبدالوهاب نفسه لم يخرج قيد أنملة عن فكر ابن تيمية لكنه في باب البراء والولاء فاقه تشددا -كلمة خفيفة عن وصف حقيقة فكره لأني في عش الدبابير- وفاقه بعشرة أمور مكفرات للمسلم نفسه إذا فعل إحداها! ولعل بعضكم الآن بدأ يعي غرضي من السرد التأريخي الموثق! إذن محمد بن عبدالوهاب وارث مدرسة ابن تيمية فاق استاذه في العقيدة وكان أثره شديدا لاسيما أن إقليم نجد يتسم أغلب سكانه بالبداوة والغلظة والتقوقع للذات والقبيلة كما هو حال العرب في بداية دعوة نبي الإسلام الكريم محمد، فمن هو ابن عبدالوهاب؟ وكيف كان أثر دعوته على المسلمين من غير التيماويين -نسبةلابن تيمية- وكيف أثرت دعوته على المسيحيين بعصرنا هذا؟ وهل مايحدث لمسيحيي العراق من تهجير بسبب الوهابيين؟
التحدث عن الوهابية فكرا وسياسة ومنهجا وواقعا ذوشجون وفنون! لكنه بذات الوقت ذو محاذير ليس على الآخرين بل علي أنا شخصيا وأعتقد أن جميعكم يعرف العلة ولايجهل الملة! سأطلب من الجميع بمودة أن يقرأ كل منكم كتب التوحيد التي ألفها محمد بن عبدالوهاب وهناك كتاب واحد مختصر في التوحيد له وحينها ستعرفون كنه الرجل وفكره وللأسف درسنا كتبه ولازالت مقررة في مناهج مدارسنا حتى اللحظة! كان الحديث عن ابن عبدالوهاب سيأخذنا للتحدث عن سيد قطب وفكر الحاكمية في الإسلام وتكفيره للمجتمع ناهيك عن التحدث عن الجماعات الإسلامية في القرن الماضي كالإخوان والشوقيين وجماعة التكفير والهجرة والسلفية بأنواعها والمنظمات الإرهابية لكن لم يكن الحديث عنها يتأتى إلا بالتحدث عن المحذور وأعني الوهابية لاسيما الآن وربط مايحصل لمسيحيي العراق والشام ومصر بأرض الواقع ،فافعلوا النصيحة وافهموا القصة الصحيحة واتعظوا من النتيجة.،
لا أؤمن بفكرة الإنسان الأرقى والأعلى والأشرف , حسب عرقهِ ودينهِ وعشيرتهِ .
إنّما لو قيسَ ((السمّو)) حسبما يقدّمهُ ذلك الإنسان من خدمات للبشرية سواءً كانت علميّة او طبيّة أو حتى أدبيّة أو سلميّة , فأنا أوّل المُنحنين إحتراماً لذلك الإنسان المُبدع !
ومعلوم أنّ الجوائز عموماً , مع الشهرة والإحترام العالمي للمُبدع , تقع في قمّة (سلّم أو هرم ماسلو ) للحاجات البشرية ,المكوّن من خمس طبقات , ضمن حاجات تحقيق الذات .
وفي ظنّي لا جائزة في هذا العالم , تُضاهي جائزة نوبل بشهرتها وأهميّتها في مجالاتها الستة (الطبّ ,الكيمياء ,الفيزياء ,الإقتصاد ,الأدب ,السلام ) ,توّزع سنوياً كمكافئة للمُبدعين على جهودهم الرائعة في هذا الكوكب الأزرق .
نعم جائزة نوبل هي جائزة الجوائز ليس بقيمتها المادية فحسب ,إنّما بقيمتها المعنوية الكبيرة الناتجة عن إهتمام العالم أجمع بها .
وقيمة المؤسسات و العلماء والأدباء والسياسيين الذين نالوها .
ومنهم على سبيل المثال (مدام كوري , آينشتاين , كالفن , زويل , برناردشو , بيرتراند رسل , تشرشل , همنغواي , باسترناك , سارتر , فريدمان , غورباتشوف , مانديلا , عرفات , كارتر .. الخ , في قائمة طويلة قد تصل ألف شخص ومؤسسة ) .
كذلك تزداد أهميّة هذهِ الجائزة بالذات , بسبب صاحب الجائزة نفسه (( الفرد نوبل )) الذي كان عالماً وصناعيّاً قلّ مثيلهُ , ولهُ شخصياً العديد من براءات الإختراع .وتلك الرغبة النبيلة التي سكنتهُ وصكّها في وصيّتهِ بتشجيع العلم والعلماء والبحث العلمي والسلم العالمي .
خصوصاً بعد أن عَلِمَ بإنّ إختراعهِ الأهّم (( الديناميت )) الذي أوجده لأجل فتحِ الأنفاق والتُرّع والقنوات لتسهيل الحياة ( كما حصلَ فعلاً في جميع انحاء العالم ) , قدّ تمّ إستغلالهِ في الحروب والقتل والتدمير أيضاً , الأمر الذي أزعجهُ , فكتب يقول :
[ ديناميتي هذا سيقود لاحقاً الى السلام ..أفضل من ألف مُعاهدة سلام .
فحينما يُدرك المرء أنّ كلّ جيوش العالم يمكن تدميرها بهذا المُنتج , سيكون حتماً على إستعداد لصنع السلام الذهبي ] .
وهذا الكلام يعكس على الأقلّ طريقة تفكير (الفرد نوبل ) بإنّ العقلاء حتماً سيتجنّبون طرق الموت والدمار .
******
جوائز نوبل 2013
قيمة الجائزة هذا العام حوالي ( 1.25 مليون دولار ) في كلّ فرع .
أوّلاً / الطب
فاز الأمريكيان “جيمس روثمان” و”راندي شيكمان” , إضافةً الى الألماني” توماس سودوف” بجائزة نوبل للطب هذا العام .
وذلك حسب إعلان لجنة تحكيم الجائزة ( في معهد كارولينسكا ) في ستوكهولهم .
وكوفئ العلماء الثلاثة وجميعهم يشتغل في جامعات أمريكية على إكتشافهم للنظام الرئيس لنقل المواد في الخليّة كالهرمونات والأنزيمات وكذلك إكتشافهم لنظام ضبطه .
وقالت لجنة التحكيم أنّ هذا الإكتشاف يساعد في فهم العديد من الأمراض من بينها التوترات العصبيّة والمناعيّة , فضلا عن مرض السكري .
*****
ثانياً / الكيمياء
ثلاثة علماء أمريكيين (لكن من اُصول مُهاجرة) فازوا بالجائزة هم
مارتن كاربلوس ( 83 عام ) , ومايكل ليفيت ( 66 عام ) , وآرييه ورشيل ( 72 عام ) .
الأوّل من أصل نمساوي والثاني من أصل بريطاني والثالث من أصل إسرائيلي .
هؤلاء العلماء مُتخصصين في صنع نماذج للتفاعلات الكيميائية .
وفوزهم جاء بسبب تطويرهم لبعض تلك النماذج متعددة النطاقات للأنظمة الكيميائية المعقدة .
وقد نجحوا مؤخراً في الجمع بين الفيزياء الكلاسكية (النويتنيّة) والفيزياء الكميّة التي تحكمها قواعد مختلفة تماما .
وقالت لجنة نوبل ( في الاكاديمية السويدية الملكية للعلوم ) في بيانها :
أنّ علماء الكيمياء كانوا فيما مضى يضعون نماذج الجزئيات بالاستعانة ب كُرات بلاستيكية وب عيدان !
بينما اليوم توضع تلك النماذج بالاستعانة بالحواسيب .
وهذهِ النماذج التي تُحاكي الحياة الحقيقية ,أصبحت ضرورية لكثير من التقدّم الذي يحرزه علم الكيمياء .
فالحاسوب اليوم هو أداة بذات أهميّة الأنبوب بالنسبة لعلماء الكيمياء .
وتابعت اللجنة تقول : إنّ عمليات المحاكاة صارت واقعية الى حدّ باتت فيه تتوقع نتيجة الإختبارات التقليدية .وأنّ الفائزين الثلاثة كانوا قد وضعوا في سبعينات القرن الماضي اُسس لبرامج تُستخدم لفهم هذه العمليات وتوقعها .
*****
ثالثاً / الفيزياء
(( الجائزة هذا العام كانت حول شيئاً صغيراً ,لكنّه يصنع الفرق كلّه ))
هذا ما قالهُ (( ستافان نورماك )) السكرتير الدائم للأكاديمية الملكيّة السويدية للعلوم .
فاز العالمان / البريطاني بيتر هيغز , والبلجيكي فرانسوا إنغلرت
بجائزة نوبل في الفيزياء تقديراً لجهودهم في تأكيد نظرية هيغز بوزون .
في الواقع , فإنّ تأكيد هذهِ النظرية إستغرق نصف قرن من الزمان .
فتخيّلوا الجُهد المبذول والإصرار على البحث العلمي لتحقيق نهضة وسعادة البشرية !
كان نفس العالمان في فترة الستينات من بين مجموعة من علماء الفيزياء الذين طرحوا آلية لتفسير السبب في وجود كتلة لجسيمات البناء الأولية للكون .
وتتنبأ هذه الآلية بوجود جُسيم صارَ يُعرف اليوم بإسم “جُسيم هيغز” بعد إكتشافهِ مؤخراً في عام 2012 .
وقد تضمّنت طريقة العمل إنشاء آلة, هي الأكبر والأكثر تعقيداً في تأريخ البشرية .
إنّها مُصادم الجُزيئات الذي يعرف بإسم ((مُصادم الهادرون الكبير)) الذي يقع في (( مختبر سيرن )) في نفق دائري يبلغ طوله 27 كم , جزء منه يقع في سويسرا ,والآخر في فرنسا .
وإستغرق بناؤهِ نحو 10 سنوات وبمشاركة آلاف العلماء والمهندسين .
في الواقع (العالِم ) الذي سُمّي الجُسيم المُكتَشَف على إسمهِ (بيتر هيغز 84 عام ) ولِدَ في نيوكاسل . لكن (فكرتهِ الفذّة) الخاصة بشرح لماذا يعتقد أنّ المادة في الكون لها كتلة ؟ راودتهُ وهو في أدنبرة عام 1964 .
وكانت نظريتهِ تتضمّن (أو تبحث ) عن جُسيم مفقود في النموذج المعياري للفيزياء . ذلك هو الجُسيم الذي تحدثنا عنهُ و أسموه (( جسيم هيغز )) بعد إكتشافهِ فعلاً !
أمّا العالِم البلجيكي (( فرانسوا إنغلرت )) فكان قد نشر بعد بضعة أسابيع من ظهور نظرية هيغز,نظريته الخاصة وبشكل مستقل عنها لكنّها مُشابهة لها تقريباً .وشاركهُ يومها زميلهِ ( الراحل ) روبرت برود .
وهناك ثلاثة علماء آخرون في مجال الفيزياء هُم (جيرالدغورالينك وتوم كيبل وكارل هاغن ) قدّموا إسهامات أساسية في هذه النظرية .
وتحدثوا في حفل الإعلان عن إكتشاف جسيم هيغز عام 2012
لكن البحث الذي قدمه العلماء الثلاثة نُشِرَ بعد بحثي (هيغز و إنغلرت) .
على كُلٍ فإنّ (ديفيد كاميرون) رئيس الوزراء البريطاني بعد تهنئتهِ للعلماء الفائزين أعلن عن سعادتهِ الكُبرى بمكانة الجامعات البريطانية الرائدة في العالم والتي أُعّد فيها مثل هذا البحث المهم .
*************
رابعاً الإقتصاد
ملاحظة : اُضيفت جائزة الإقتصاد إلى جوائز نوبل الحالية عام 1968 من البنك المركزي السويدي , تكريماً لذكرى الفريد نوبل !
***
نالها هذا العام ثلاثة باحثين أميركان هم :
يوجين فاما , لارس بيتر هانسن , روبرت شيلر .
وقالت لجنة نوبل : إنّ الجائزة مُنحت للباحثين الأمريكيين الثلاثة نظراً لتحليلهم التجريبي عن “أسعار الأصول”.
وكانت أبحاث كلّ واحد من هؤلاء العلماء قد وَضَعت الأساس للفهم الحالي لأسعار الأصول .
وكان الإقتصادي الأوّل (يوجين فاما ) وهو من جامعة شيكاغو , قد حظيّ بإشادة اللجنة المانحة للجائزة , وذلك لإثباتهِ صعوبة التنبؤ بأسعار الأسهم على المدى القصير من خلال إدخال معلومات جديدة بشكل سريع إلى الأسعار . وأشارت اللجنة إلى أن النتائج التي توصّل إليها السيد فاما كان لها تأثيرعميق على الأبحاث التالية ,كما أنّها غيّرت من ممارسات السوق .
أمّا الإقتصادي الثاني (لارس بيتر هانسن ) وهو أيضاً من جامعة شيكاغو , فقد نال الجائزة بسبب نجاحه في تطوير طريقة إحصائية أمكنها إختبار نظريات حول تحديد أسعار الأصول .
أمّا الإقتصادي الثالث ( روبرت شيلر ) وهو من جامعة ييل .
فقد فاز بالجائزة نظراً لإكتشافه في ثمانينيات القرن الماضي / أن أسعار الأسهم تشهد تقلبات أكثر بكثير من أرباح تلك الأسهم .
*******
خامساً / الأدب
أليس مونرو ( 82 عام ) الكاتبة والأديبة الكندية الكبيرة , واُستاذة القصّة القصيرة المُعاصرة , هي التي فازت بالجائزة الأبهى عندي بين الجوائز( لا أعرف لماذا ؟ ) .
قال عنها الأمين العام للأكاديمية السويدية ( بيتر إنغلاند ) :
ليس أفضلَ منها مَنْ كتبَ لنا القصص القصيرة التي نحملها معنا في الباص أو القطار .لا يمكن مقارنتها مع مُعاصريها , فهي مختلفة عنهم كثيراً . ربّما (( تشيخوف )) هو وحدهُ الأقرب للمقارنة .
[ أنطون تشيخوف : طبيب وكاتب مسرحي ومؤلف قصصي روسي و أشهر كُتّاب القصص القصيرة على الإطلاق .مات شاباً ( 44 عام ) ككثيرمن المُبدعين .إستمّر في مهنة الطبّ حتى عندما أصبح أشهر وأعظم الأدباء .هو الذي كان يقول : الطبّ زوجتي والأدب عشيقتي ]
والفائزة هذا العام ( أليس مونرو ) هي السيّدة ( ال 13 ) من بين (110) أديب فازوا بهذه الجائزة منذُ يوم إستحداثها عام 1901
أهمّ مؤلفاتها هما روايتي : “الحياة العزيزة” و”رقصة الظلال السعيدة”
وهي بدأت بالكتابة بعد تخرّجها من الجامعة وزواجها السريع الذي قادها لتصبح أمّ لثلاثة أبناء ,تقول :
كنتُ أستغلُ الساعات القليلة (ما بعدَ الظهيرة) التي ينام فيها الأولاد لأكتب قصصي القصيرة .
وتصف نفسها بأنّها كاتبة صعبة متشككة prövande
تندمُ على عباراتها وتعود لتصوغها من جديد قبل نشرها .
يُذكر أنّ جائزة نوبل للأدب نالها العام الماضي الروائي الصيني مو يان ( أوّل صيني يفوز بالجائزة وتحتفل به بلادهِ ) .
وفي العام الأسبق أصابت الشاعر السويدي / توماس ترانسترومر صاحب عبارات ( العُتمة تمضي مُضيئة / العجلات تدور ترفض الموت / عندما فجأةً لطمني البرد إسوّدت اللحظة ولا تزال كمثلِ علامةَ فأسٍ في جذع / لا كلمات … لكن لغة )
وقبل ذلك بعام كان قد فاز بها الأديب البيروفي / ماريو فارغاس لوسا
صاحب قصص ( الفردوس على الناصية الأخرى و حرب نهاية العالم و حفلة التيس .. وغيرها كثير ) .
****
سادساً ( وأخيراً ) .. جائزة نوبل للسلام
منظمة الأسلحة الكيمياوية , فازت بالجائزة تكريما لجهودها الحثيثة في سبيل القضاء على تلك الأسلحة المُحرّمة دولياً .
أعلنّ ذلك ( توربيون ياغلاند ) ,وهو رئيس لجنة نوبل للسلام .
وبالمنسبة , هذهِ الجائزة الوحيدة التي تُمنَح في أوسلو عاصمة النرويج من دون باقي الجوائز الخمسة التي تُمنح ويقام حفلها السنوي المهيب في ستوكهولم .
وعملياً صارت جائزة نوبل للسلام هي الأشهر والأهمّ بقيمتها المعنوية والسياسية .
( من الفائزين السابقين بهذه الجائزة / روزفلت , مارتن لوثر كنج , الأم تيريزا ,ليخ فاليسا , كيسنجر , السادات ,عرفات , رابين ,غورباتشوف , مانديلا ( الذي رحلَ عن عالمنا قبل 5 أيام ) , أوباما ,منظمة اليونيسيف , منظمة الصليب الأحمر ,.. الخ )
وكان من بين المرشحين للجائزة لهذا العام كُلاً مِن :
1 / ملالا يوسف ,الطفلة الباكستانية الشهيرة ( 16 عام ) والتي تُمثل قسوة وبشاعة مُتطرفي الأديان ,ضدّ الطفولة والنساء والإنسانية عموماً .
وكان الرأي العام السويدي يميل لفوز هذهِ الطفلة .
2 / الطبيب الكونغولي , دنيس موكويغي المُختص بأمراض النساء والذي كرّس حياتهِ لمساعدة المغتصَبات ,بحيث عالج مايزيد عن 30 ألف ضحيّة , وتعرّضَ (وعائلته) لمحاولة إغتيال .
3 / تشيلسي مانينغ (أو برادلي مانينغ سابقا) لو شئتم . وهو الجندي الأمريكي (المتحوّل) الذي اُدين بتسريب (( وثائق ويكيليكس )) السرّية .
4 / ماغي جبران ,خبيرة الحاسوب المصرية
التي تخلّت عن عملها الأكاديمي لتصبح راهبة قبطية وتؤسس منظمة خيرية للأطفال.
كذلك ترشّحَ لهذه الجائزة كلاً من :
بيل كلينتون ( الرئيس الأمريكي الأسبق ) .
و بان كي مون ( الأمين العام للأمم المتحدة ) الذي لا يستحق بنظري أيّ جائزة مُهمة فدوره يقتصرعلى طريقة (الشجب والمعارضة ) , والدليل الحالة السوريّة !
حتى موقع الإتصال الإجتماعي ( فيسبوك ) كان مُرشحاً لهذهِ الجائزة .
لكن الذي فاز بالنهاية بهذه الجائزة هي منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية , كما تقدّم , ومقرّها (لاهاي) وتعمل حالياً على تدمير الأسلحة الكيمياوية في سوريا .
في الواقع كانت هذه المنظمة ( التي تأسست عام 1997 ) قد أسهمت في تدمير نحو 80% من مخزون الأسلحة الكيمياوية في العالم أجمع !
فقط 7 دول متبقية الى يومنا لم توّقع على إتفاقية نزع الأسلحة الكيمياوية هي / أنكولا , مصر , إسرائيل , بورما , كوريا الشمالية , جنوب السودان , وسوريا .
*****
الخلاصة :
أهمّ ملاحظة لي عن جوائز هذا العام هي التالية :
علماء الكيمياء الفائزين هذا العام كانوا قد بدؤوا بحوثهم في سبعينات القرن الماضي , يعني قبل أربع عقود .
بينما علماء الفيزياء ( و خصوصاً بيتر هيغز مكتشف الجُسيم الجديد ) كانوا قد بدؤوا أبحاثهم في ستينات القرن الماضي , قبل 49 عام بالضبط
وليس هذا أغرب ما في القضية .
الأصعب والأغرب أنّهُ في حالة الفيزياء تطلّب الأمر ( أقصد فقط لأجل تنفيذ فكرة هيغز ) إنشاء مختبرات ومُصادم نيوترونات ومباني وأنفاق تحت الأرض وقد صرفوا مليارات من الدولارات قبل أن يتوّصلوا الى إستنتاجهم الأخير .
فهّلا عرفنا قيمة عَملهم وعِلمهم وبحثهم العلمي /هل يعني هذا شيء لنا ؟
أرأيتم كيف يتباهى (كاميرون) بإنجازات جامعات بلادهِ وعلمائها ؟
طبعاً لا داعي للتذكير بعدم وجود جامعة عربية واحدة بين ال 500 جامعة الأولى في العالم !
على الجهة الثانية , أنا أنظر كيف تضيع مليارات الدولارات سنوياً في بلداننا البائسة النائمة في العسل , وفي مظاهر التطرّف في التديّن الذي ينقلب في النهاية لكثرة المُبالغة فيه الى عداء بين الطوائف الإسلاميّة نفسها . بحيث تصبح مصائر شعوبنا بين أيادي حسن نصرالله والخامنئي والقرضاوي والزفتاوي .
والتباهي يكون في هذهِ الحالة كمْ قتلَ ونسفَ وفجّر من الطرف الآخر شفتم في حياتكم , غباء بشري أكبر من هذا ؟
فمتى يا تُرى ستنهض شعوبنا من سُباتها الأزليّ وتلفظ كلّ المسوخ مرّة واحدة .. والى الأبد ؟
***
اُمسية الحفل المُهيب !
قبل دقائق بدأت مراسم الحفل السنوي .وأرى أمامي على شاشة التلفاز العائلة الملكية وباقي الحشد ( حشدٌ من الأسماء حفنةُ حكمةٍ … نُثِرَتْ عليها حفنةُ الأسماءِ ) , ورئيس لجنة نوبل يقرأ كلمتهِ الآن , قبل أن يقوم الملك (كارل غوستاف ال 16) بتوزيع الجوائز على الفائزين .
القاعةُ الزرقاء التي يتّم فيها توزيع الجوائز .
والصالةُ الذهبيّة ذات ال 18 مليون قطعة فُسيفساء ذهبية .
وقاعة الإحتفالات الملكيّة في ال Stad huset .
والفرقةُ السمفونية الملكية ,وتفاصيل ملابس وبدلات الحضور.
والمركب النهريّ , والسيارات الفاخرة التي تأتي بالضيوف ,وغير ذلك كثير , لن أخوض في تفاصيلهِ فلقد تحدثتُ عنه في السنوات الماضية في مثل هذا اليوم عند وصف حفل نوبل المهيب .ويمكنكم مشاهدة مقاطع من كلّ ذلك على اليوتيوب مثلاً .
***
جائزة نوبل / تتكون من ثلاث فقرات :
* شهادة من مؤسسة نوبل المانحة للجائزة
* صك بمبلغ الجائزة
* ميدالية ذهبية
الوجه الأوّل عليه رسم ألفريد نوبل وتأريخ ولادتهِ ورحيلهِ .
والوجه الثاني عليه صور لمؤسسة نوبل (كلّ فرع صورة خاصة بهِ)
***
إحصائية :
كلّ سنة أعمل إحصائية بسيطة عن جنسيات الفائزين بنوبل , ليس لأجل البُكاء على الأطلال ,أو جلد الذات كما يتخيّل البعض .
بل لأجل الإقتداء بهم وبنظام بلادهم التي أنتجت تلك النسبة من العلماء .
هذا العام فاز بالجائزة (ما عدا جائزة السلام كونها مُنحت لمُنظمة )
12 شخص ( 11 رجل وسيّدة واحدة هي أليس مونرو في الأدب )
من بين هؤلاء ال 12 يوجد 8 أمريكان ,إضافةً الى ألماني وبريطاني وبلجيكي .. و كندية واحدة .
معناها 66% نسبة الأمريكان هذا العام , وهي تفوق الاعوام السابقة كانت بحدود ال 53% حسبما أتذكر .
اُكرّر قصدي ممّا سبق , إنّها الرغبة والحثّ على الإقتداء بطريقتهم في الديمقراطيّة , وحرّية التفكير , وتشجيع البحث العلمي , وتخصيص نسبة معقولة من الدخل القومي لهذا الغرض .
بدل أن نستهلك كلّ ما تجود به علينا باطن الأرض لشراء كلّ شيء جاهز .
ثمّ القول : هؤلاء العلماء (الكفّار) دواب الأرض سخرهم الله لنا ولخدمتنا
***
بالنسبة لي أعتبر أنّ العلماء الفائزين سنوياً بجوائز نوبل ( ربّما ما عدا جائزة السلام كونها سياسيّة بإمتياز ) , قمّة الذكاء والنهوض والعطاء البشري . كلّ عالم منهم يسوى عندي ألف (عالم) أو تاجر دين لو شئتم الحقيقة , يُتاجر بمشاعر وآلام الناس وعذاباتهم .
القرضاوي وهو ( رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين )
يتحدثون اليوم عن ثروتهِ التي وصلت الى أربعة مليارات دولار أمريكي دون أن يرّف لهُ جفن و يُقدّم منها دولار واحد ولو على سبيل الزكاة , لقريتهِ المعدمة ( صفط تراب ) التي وِلِدَ فيها .
كيف جَمعَ تلك الثروة الهائلة ؟ ومن أيّ كتب بائسة باعها ؟ أم هي العمولات الخفيّة للمخابرات الأجنبية .. الله أعلم .
فهل هذا أشرف من ممثلة أمريكية تتبرع بنصف ثروتها لجياع أفريقيا وآسيا ومعظمهم من المسلمين ؟ أترك الإجابة لكم !
يقول نيتشه عن المعرفة والسعي من أجلها ما يلي :
في المعرفة يتطهّر الجسد .
وفي المجاهدة من أجل المعرفة يرتقي العارف بنفسهِ .
مُقدّسة تغدو كلّ الغرائز لدى العارف .
والذي بلغَ السمّو مرحة تغدو روحهُ !
*******
الروابط
الأوّل / الفائزين بجائزة نوبل للطب .
http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/2013/10/131007_nobel_medicne.shtml
الثاني / نوبل للكيمياء من موقع فرانس 24
http://www.france24.com
الثالث / جائزة نوبل للفيزياء 2013
http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/201310/131009_physics_noble.shtml?print=1
الرابع / نوبل للإقتصاد لثلاثة باحثين أمريكيين
http://www.bbc.co.uk/arabic/artandculture/2013/10/131014_nobel_economics_trio.shtml
الخامس / الكندية (( أليس مونرو )) تفوز بجائزة نوبل للآداب
http://www.bbc.co.uk/arabic/artandculture/2013/10/131010_nobel_literature_alice_munro.shtml
السادس / / منح جائزة نوبل للسلام لمنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2013/10/131011_nobel_peace.shtml
السابع / جدول شامل , بإسماء الحائزين على الجائزة
http://ar.wikipedia.org
تحياتي لكم
رعد الحافظ
10 ديسمبر2013
بنت الهوى ضحية المجتمع و رجل العمامة المجتمع ضحيته!
فمن هو أكثر عمقاً فى الخطيئة؟ و ما هى عقوبة من يكون المجتمع ضحيته؟؟ و ما هى عقوبة التى تكون هى ضحية المجتمع؟؟؟
و السؤال: من سوف يدخل الجنة فى هذه الحالة؟ حورية الليل .. أم عمامة الظلام؟
انتظر الإجابة من القراء …
” الفرق بين سمسار و عمامة “
السمسار يبيع بغى و العمامة تبيع وطن …
إنى لا أريد أن أخذ موقف شديد من فئة معينة و لكن ما أقوله ((وصف حالة)) لفئة ضالة و متخلفة و هى تؤثر فى كل مجرى الحياة العامة اليوم.
فهى جسر للأجنبى و هى مؤسسة قمعية بوليسية فكرية و تقمع المناهضين لها على الساحة بالقوة و بالسلاح, أعلنوا الجهاد على المسلمين فى أوطان المسلمين, فهل هؤلاء مسلمين؟!
اصدرت منظمة خبراء السياسة المحدودة (ليمتد) وهي منظمة تعني ببروز اسماء المراهقين السياسيين الجدد في الشرق الاوسط وخصوصا في العوراق العظيم تقريرا عن ابرز الزعماء السياسيين لنهاية هذا العام.
واحتل جمال البطيخ المرتبة الاولى لنهاية هذا الشهر بتفوقه في التحليلات السياسية ونظرته للمشاكل التي تعصف بالعراق منذ 10 اعوام حيث قدّم تحليلا سيساعد الحكومة العراقية على تخطي الكثير من المصائب.
البطيخ ايها السادة يشغل حاليا الامين العام لما يسمى كتلة الوطنية البيضاء وهو بهذا يحرز نقطتين لصالح كتلته فهي كتلة وطنية والثانية انها بيضاء (والله على ما اقول شهيد).
امس اعتبر البطيخ ان الانشقاقات الحاصلة في الكتل السياسية قبل الانتخابات البرلمانية ” حالة صحية بالعملية السياسية بالعراق.
عجيب خويه بطيخ لأول مرة نسمع ان الانشقاقات هي حالة صحية والمنطق يقول ان العراق مايزال في مرحلة التنمية والبناء ويفترض ان هذه الكتل تبتعد عن الانشقاق اليس كذلك؟.
ثم الا ترى معنا ان هذه الانشقاقات او الصراعات عمرها الان اكثر من 8 سنوات والتي تسببت في تعطيل الكثير من القوانين وخصوصا قانوني التقاعد والبنى التحتية.
بغداد تفتح مرة صراعا مع حكومة كردستان وما ان تهدأ حتى تسارع لتفتحه مع بعض الكتل السياسية ملوحة بلمفات الفضائح وهي لاتحصى ولا تعد.
خويه بطيخ هل تتابع تصريحات بعض النواب واصحاب دكاكين الكتل السياسية وكيف يستعملون لغة الشتائم مع بعضهم منذ اكثر من 8 سنوات؟.
ثم الم يقل لك احدهم ان عليك ان تشرح العلاقة بين الانتخابات والانشقاقات السياسية واذا عجزت عن الاجابة فاولاد الملحة يتوسلون اليك الا تكون مثل “الجماعة” الذين يقال عنهم في مجالس دواوين اهوار الناصرية”ترى ذولة ماعدهم سالفة” فهل تريد ان تصير واحدا منهم خصوصا وانت امين عام كتلة وطنية وبيضاء؟.
ثم مامعنى قولك ان:
” هذه الانشقاقات تزداد كلما اقتربنا من موعد الانتخابات البرلمانية المقرر خوضها خلال شهر نيسان في العام المقبل وان على الشعب ان يقيم من خلال صناديق الاقتراع دور جميع الكتل في العملية السياسية بالبلاد”.
يا اخي شنو النغمة الجديدة اللي “جايبها الى الشعب الغلبان، مو انت تعرف اكثر من غيرك ان هذه الانشقاقات موجودة قبل الانتخابات وستظل الى ما بعد الانتخابات، ليش تخلينا “نشك” اهدومنة ،مو ملينا من تهريجاتكم.
وتصر على القول ان” كتلته ترى ان الانشقاقات التي تحدث من قبل نواب في بعض الكتل السياسية بسبب الاختلافات حول البرنامج الانتخابي او عدم وضوح الرؤية حولها تدل على العملية الديمقرطية بالبلاد.
ولك ياعمي أي عملية ديمقراطية.. خليها “سنطة”.
ليس لنا الا ان نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.
ونضيف وحسبنا عليك وعلى كتلتك الوطنية البيضاء.
اذا انت الامين العام وتملك هذا التصور عن العملية السياسية بالعراق فالله يساعد اللي يشتغلون وياك.
صلاح المختار
جاءك الموت ياتارك الصلاة
مثل عربي
هل تستطيع امريكا واسرائيل اعادة شعبية ايران وحزب الله بعد ان تقبح وجهاهما ووصلت سمعتهما الى الحضيض واعادة تجميل وجه ايران وحزب الله الاشد قباحة من الوجهين الاسرائيلي والامريكي، كما نراه في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، كي يستمر دورهما في نشر الفتن الطائفية في الوطن العربي وهي الهدف الاول في الستراتيجية الصهيونية وعماد سياسة (فرق تسد) الاستعمارية؟
الجواب على السؤال السابق هو نعم توجد امكانية ولو مؤقتة ومحدودة لترميم بعض مظاهر التقيح في الوجه الايراني. كيف ذلك؟ الان تلوح في الافق خطوة امريكية – اسرائيلية – ايرانية محتملة، اما مشتركة تم الاتفاق عليها مباشرة او بصورة غير مباشرة او انها تخدم الاطراف الثلاثة لهذا فمن مصلحتها الاقدام عليها، وهي احتمال وقوع حرب بين اسرائيل من جهة وايران واداته حزب الله والنظام السوري من جهة ثانية هدفها الرئيس ليس تحرير ارض وانما اعادة تجميل وجه الله وايران على الطريقة الساداتية ذاتها عندما قرر الاعتراف باسرئيل وعرف انه يجب ان يحصل على صورة الوطني المحارب لاسرائيل قبل ذلك لعزل من يشكك في وطنيته لاحقا فشن حرب اكتوبر لتكون اول حرب تأهيل للخيانة الاعظم في الوطن العربي.
منذ بدأت ايران تفقد سمعتها بين العرب بعد غزو العراق، والاعتراف رسميا وفعليا بانها المساعد الاول والاهم لامريكا في غزو العراق وفي اقامة الحكومة العميلة وقواتها وميليشياتها وفي ارتكاب جرائم هي الاشد بشاعة في التاريخ العراقي والعربي الحديث، بدأنا نتوقع قيام ايران وحزب الله بعمليات تجميل واعادة وضع مكياج المناهض لاسرائيل وما حرب عام 2006 الا مثال واحد على كيفية اعادة ايران رسم صورتها الجميلة كلما تقبحت بفعل سياساتها الاجرامية في الوطن العربي، وتذكروا، ولهذا التذكر قيمة خاصة، بان تلك الحرب وقعت في بيئة تنفيذ اخطر التصفيات الطائفية في العراق والتي ذهب ضحيتها عشرات الالاف من العراقيين الابرياء على يد ميليشيات ايران بعد تفجير مرقد سامراء واكدت كل الوقائع ان اهم اهداف تلك الحرب هو اعادة تجميل صورة ايران وعبدها حزب الله.
ان دعم حزب الله المطلق لمشاركة ايران في غزو العراق واشتراكه الفعلي في دعم التنظيمات الطائفية الموالية في العراق عن طريق تدريبها عسكريا ودعمها سياسيا، خصوصا دعم حزب الحكيم ابن خالة حسن وهو احد ادوات ايران والاحتلال الرسمية، وتولي قادة الحزب تدريب فرق الموت على تصفية الاف العراقيين وفي مقدمتهم عماد مغنية الذي ذهب الى العراق لتدريب عملاء ايران على القتل والابادة وكيفية تطهير مدن ومناطق من سكانها، كل ذلك ادى الى تدهور شعبيته العربية.لقد اهتزت صورته فكان ضروريا اعادة تجميلها فكانت تلك الحرب الوسيلة الوحيدة لاعادة تجميل وجهه ولو على حساب الدم اللبناني والحاق خراب هائل بلبنان. وكما ان مكياج الفنانات الشهيرات يحتاج للتجديد يوميا بعد ليال حمر فان تواصل وتعمق الدور الايراني المعادي للامة العربية، كما نراه في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيره، يفرض اعادة تجميل وجه (الفنانة) الشهيرة ايران ووجه مدير (مكتب علاقاتها العامة) حسن نصرالله مادام المطلوب فارسيا وامريكيا وصهيونيا هو تواصل الفتن الطائفية.
لفتت نظرنا مقالات عديدة نشرتها صحف اسرائيلية مؤخرا تشير لاحتمال اندلاع حرب جديدة، وفي ما يلي بعضا مما نشر في الكيان الصهيوني لتأكيد وجود احتمال لحدوث حرب تعيد تعاطف العرب مع حزب الله ولو مؤقتا. تقول صحيفة القدس العربي ما يلي حرفيا : (صرح قائد المنطقة الشماليّة في الجيش الإسرائيليّ الجنرال يائير غولان، أمس الأحد لموقع القناة السابعة الإسرائيليّ على الشبكة العنكبوتيّة أنّ الحرب مع لبنان باتت أقرب من أيّ وقت مضى ولا مفر منها، على حدّ قوله. وزاد الجنرال غولان إنّه ليس هناك حروب بسيطة ومستعدون للدخول في مواجهة حاسمة وقوية قد تستمر لأسابيع وربما أشهر، موضحًا أنّ الجيش الإسرائيليّ تعلّم الكثير من الحروب السابقة وخاصة على الجبهة اللبنانيّة، وتابع قائلاً إنّه ‘في الحرب القادمة مع حزب الله سنكبدهم خسائر ثقيلة ولن نتهاون، وإنّ قوات الجيش الإسرائيليّ جاهزة لأي عدوان.).
واضاف (وحذّر الجنرال غولان من أنّ أيّ عمل وصفه بالأحمق يبدأ به حزب الله على الحدود الشمالية، لأنّ ذلك سيؤدّي إلى نشوب المواجهة القادمة.) تواصل القدس العربي قائلة : (في السياق ذاته، كشف محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة ‘هآرتس′ العبريّة، أمس الأحد،…..، المرتبط جدًا بالمؤسسة الأمنيّة والعسكريّة الإسرائيليّة…. إنّ إسهام سوريّة في حالة حرب مع حزب الله سيُترجم عن طريق إشعال صدامات إطلاق نار معتدلة نسبيًا على طول الحدود في هضبة الجولان العربيّة السوريّة المحتلّة، بشكل يستنزف جهد القوات الإسرائيلية هناك ومنع نقلها إلى الجبهة اللبنانية وحتى بإطلاق صواريخ دقيقة الإصابة إلى قواعد سلاح الجو الإسرائيليّ المتواجدة في شمال الدولة العبريّة، على حدّ تعبيرها.). المصدر صحيفة القدس العربي 17-11-2013.
ماذا نلاحظ في هذه التصريحات وغيرها؟
1- حتمية الحرب : (أنّ الحرب مع لبنان باتت أقرب من أيّ وقت مضى ولا مفر منها)! هذا ما قاله القائد العسكري الاسرائيلي بتأكيد وبجزم (الحرب حتمية) مع انه لا توجد مؤشرات تؤكد وجود ضرورة ستراتيجية لها فكل شيء يسير وفقا للمخطط الصهيوامريكي فلماذا تفسد اسرائيل ذلك بشن حرب قد تجبر العرب على التوحد او بعضهم على الاقل؟ والاهم والاخطر هو : هل هذا التأكيد على حتمية الحرب رسالة لايران وحزب الله بان الحل لازمة انكشاف ايران وحزب الله هو ضرورة اعادة تجميل وجه ايران عن طريق الحرب مع اسرائيل؟ قد يبدو ظاهريا هذا التفسير لمن يرى الظواهر بعيد الاحتمال ولكن ما يجري في غرف التأمر السرية امر اخر، انتظروا فالاعجب من هذا قادم.
2- حرب طويلة : ماذا تعني الحرب الطويلة؟ وماهي نتائجها على لبنان وسوريا؟ يقول ايضا : (ليس هناك حروب بسيطة ومستعدون للدخول في مواجهة حاسمة وقوية قد تستمر لأسابيع وربما أشهر،)! لماذا اشهر؟ هل ثمة نية لاكمال تدمير ما لم يدمر في سوريا ولبنان وربما في اقطار عربية اخرى نتيجة لحرب طويلا يجهل كافة الزعماء العرب الاهداف الحقيقة لها وهي غير المعلنة وكيف يمكن ان تنتهي وما هي نتائجها؟ الحرب بهذا الطول ليست مثل حروب اسرائيل السريعة او الخاطفة والتي تستمر بضعة ساعات او ايام، فما الذي تغير ليدفع اسرائيل للاستعداد لحرب تستمر شهورا مع اننا نعرف واحدة من اهم نقاط الضعف البنيوي في اسرائيل هو عدم قدرتها على خوض حرب طويلة لان جيشها بغالبيته من الاحتياط واذا بقي في الجبهة فان اسرائيل ستموت من الداخل لتوقف الانتاج وغيره من الضرورات؟
بل الاكثر لفتا للنظر هو التالي : الان تواجه اسرائيل واكثر من فترات السبعينيات ازمة التجنيد وعزوف سكان الكيان الصهيوني عن الحرب والجيش لذلك فان المنطق يقول بان ضرورة الحرب القصيرة جدا والخاطفة اصبحت اكثر مما سبق فلماذا اذن التبشير بحرب طويلة لاول مرة في تاريخ اسرائيل؟ انتبهوا لهذه الملاحظة فهي بالغة الايحاء وخطيرة المعنى.
3- حرب تغيير مجرى صراع قائم : ويكمل محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة ‘هآرتس′ العبريّة، أمس الأحد، عاموس هارئيل السيناريو الذي تريد اسرائيل له ان يطبق فيقول استنادا الى مصادر المخابرات الاسرائيلية (إنّ إسهام سوريّة في حالة حرب مع حزب الله سيُترجم عن طريق إشعال صدامات إطلاق نار معتدلة نسبيًا على طول الحدود في هضبة الجولان العربيّة السوريّة المحتلّة،)! هنا نرى بوضوح شديد ان هذا الصحفي ينبه النظام السوري الى ان خير وسيلة لتحويل الانظار عن كارثة سوريا ودور النظام السوري فيها وامكانية تحقيق نوع من الدعم الشعبي داخل سوريا وخارجها للنظام هي اشعال حرب مواقع ثابتة تطول تقع على خطوط الفصل بين القوات السورية والقوات الاسرائيلية في الجولان السوري المحتل، فالنظام السوري الغارق والمنتهي حتما مهما طال الزمن يريد ان يضمن بقاءه عبر حرب مواقع ثابتة وليس حرب كر وفر لانه عاجز عن خوض حرب حقيقية من جهة، ولان اسرائيل لا تريد استنزاف قدراتها في حرب كر وفر تفرض استخداما واسعا للقوات وصرفا هائلا للعتاد.
اما تبادل اطلاق النار المتقطع عبر الحدود فهو مريح ومربح للطرفين : فالنظام السوري بحاجة قاتلة لفك الحصار الشعبي العربي حوله وليس افضل وسيلة لتحقيق ذلك من تداول اخبار تبادل اطلاق النار يوميا بين سوريا واسرائيل، بينما اسرائيل تحتاج لحرب قليلة التكلفة ولكنها عالية المردود لانها فقدت صدقيتها وردعها داخل وخارج اسرائيل، فهي تهدد منذ سنوات بضرب ايران لكنها لم تضربها فاصبح الرأي العام داخلها يسخر من قادتها، اما في الوطن العربي فقد توقف مضطرا اغلب من كان يبشر بقرب وحتمية وقوع حرب تشنها اسرائيل على ايران بعد ان تكررت التهديدات الاسرائيلية اكثر من 70 مرة خلال خمس سنوات كما احصيت انا شخصيا ولم تقع تلك الحرب وصارت بعيدة الاحتمال مثل مجيء جودو! لذلك فأسرائيل تحتاج لحرب بأقل الكلف للخروج من مأزقها، وربما ايضا تقديم سلاح اعلامي ونفسي لانصار ايران كي يستأنفوا دفاعهم عن ايران لقاء ثمن معروف، وتلك الخطوة احدى اهم ضمانات استمرارية الدور الايراني الخطير في اثارة الفتن الطائفية في الوطن العربي، وتلك هي المصلحة الستراتيجية الاسرائيلية الاساسية!
اذن فان حربا منخفضة التكاليف تخوضها سورية دعما لايران وحزب الله سوف تعيد بناء صورة حزب الله وايران والنظام السوري وتمنحهم تعاطفا من اوساط ترى ان اي اشتباك مع اسرائيل مهما كانت دوافعه خطوة تستحق الدعم والتأييد، من جهة كما ان اسرائيل تحتاج لحرب منخفضة التكاليف لاعادة بناء صورتها داخليا وخارجيا وتحريك مشاعر الخوف لدى يهود الكيان الصهيوني بعد ان تصوروا انتهاء مخاطر العرب بعد ان حل شتاءهم النووي في عام 2011. والحرب الوحيدة المناسبة للطرفين هي حرب المواقع الثابتة والتي تقوم على تبادل اطلاق نار متقطع دون حصول اشتباكات وكر وفر، لان تكاليفها البشرية – وهذا اهم ما يقلق اسرائيل – والمالية منخفضة للطرفين بينما مردودها الاعلامي والنفسي كبير ومجز.
واذا وقعت هذه الحرب فان النظام السوري وايران وحزب الله ونغولهما العرب سيحصلون على هدية من السماء وسترتفع عقيرتهم ناعقين (ان من يقف ضدنا يخدم اسرائيل لان النظام السوري وايران وحزب الله يقاتلون اسرائيل فعليا)! حرب المواقع الثابتة الطويلة اذن هي كلمة السر في التفاهم الستراتيجي الحقيقي بين اسرائيل وايران وحزب الله والنظام السوري فهي تخدم الطرفين وتعيد كافة الاطراف المتصارعة الى المربع الاول وهو احتفاظ كل طرف بجماهيره، هذا هو الشرط المطلوب لجعل الحرب الحالية مستمرة ولا تتوقف وضمان تواصل سمتها الابرز وهي انها دموية ويجب مضاعفة خسائرها البشرية والمالية وان تزيد من تشرذم الناس واختلافاتهم.
ما تأثير هذا النوع من الحروب على حركة التحرر الوطني العربية ومقاومة الجماهير المسلحة وغير المسلحة في العراق للاحتلال الاستعماري الايراني؟
ان الحرب المحتملة هذه تخدم الاطراف الثلاثة المذكورة (اسرائيل وامريكا وايران) كما وضحنا وهي لذلك تلحق افدح الاضرار بحركة التحرر الوطني العربية بشكل خاص والشعب العربي بشكل عام، لعدة اسباب منها :
1- تعميق الكوارث وادامتها : ان حربا كهذه ستطيل عمر الحرب الاهلية السورية وتضاعف مآسيها وخسائرها البشرية والمادية بحيث تعيد سوريا قرونا الى الوراء وتحرمها من فرص المواجهة مع العدو الصهيوني مجددا لربع قرن على الاقل.
2- مد حبل انقاذ لنظام الخيانة ومعسكر اعداء العرب : بعد ان تكدست الافعال الثابتة على النظام السوري وهي افعال اجرامية لم يقم بمثلها اي نظام عربي ضد شعبه على الاطلاق فان تبادل اطلاق النار سوف يستخدم على نطاق واسع لانقاذ النظام السوري ومرتزقة ايران العرب من انكشاف ارتزاقهم الوضيع فيحاولون اثبات ان النظام كان ضحية الصهيونية والغرب بدليل الحرب مع اسرائيل، كما ان افعال ايران وحزب الله في العراق وسوريا بشكل خاص اكثر من شائنة وتدخل في اطار ابادة الملايين من العرب وممارسة ابشع اساليب التصفيات الجسدية ضدهم وبطريقة اسوأ بمراحل من طريقة اسرائيل وامريكا، والحرب سوف تخفف بشاعة الجرائم وتشوه حقيقتها بواسطة مرتزقة عرب لا ضمير لهم يدافعون عن ايران وعبدها حزب الله مقابل المال الحرام ومن مختلف الايديولوجيات العربية.
3- استمرار النظام : بدل اسقاط النظام فان حكومة مشتركة بين المعارضة والنظام ستقام تحت ضغط شعار وجود حرب مع العدو، وبذلك تستمر الكارثة السورية بشكل ربما مختلف.
4- بقاء الهلال الفارسي : ان عدم سقوط النظام السوري يؤدي اولا وقبل كل شيء واخطر من اي شيء الى بقاء النفوذ الايراني في سوريا ولبنان واستمرار تطويق المقاومة العراقية وتأخير تحرير العراق. والحقيقة البارزة التي يجب تذكرها دائما هي ان مخاطر النظام السوري الاساسية في عهد بشار تنبع من تبعيته لايران مع انها اسرائيل الشرقية الاخطر من اسرائيل الغربية ن ولو لم يكن بهذا القدر من التبعية لما وصلت الاوضاع في سوريا الى هذا الحد، واستنادا لهذه الحقيقة فاننا نحن العراقيون الضحايا الاكثر تعرضا لجرائم ايران نعرف يقينا انها اخطر بمراحل من اسرائيل على وجودنا القومي وهويتنا العربية.
وعلينا ان ننتبه الى حقيقة ستراتيجية خطيرة مرت مرور الكرام ولم يعطيها كثيرون حقها وهي ان الانسحاب الامريكي من العراق وتسليم العراق الى ايران جعل ايران العدو الاول والاخطر للامة العربية في هذه لمرحلة من تاريخها، لذلك فان التحالف مع ايران او دعمها من قبل اي طرف او شخص عربي موقف عار وخيانة كاملة الاركان، ومن ينكر ذلك فانه يقدم افضل التبريرات لنتنياهو وغزوات اسرائيل الغربية، لانه اذا كنا مؤمنون بان الارض العربية متساوية في قيمتها وان الانسان العربي متساو مع الانسان العربي الاخر فكيف نميز بين العراقي المعرض للابادة والتطهير العرقي من قبل ايران والفلسطيني الذي يتعرض لابادة اقل خطورة حجما ونوعا؟
5- ضرورة تواصل محاولات تقسيم العراق : ولكي لا يظن البعض ان ما نقوله مبالغات فاننا نذكر باخطر تحد واجه الولايات المتحدة بعد غزو العراق وهو ان عملية تقسيم العراق قد ابتدأت بقوة وشراسة لا نظير لها حتى في فلسطين المحتلة، وضحايا العراق بالنوع والكم والدمار العمراني يؤكد ذلك، فلقد بلغ عدد من قتلوا بعد الغزو فقط اكثر من ثلاثة ملايين عراقي – هذا العدد يشكل حوالي ثلاثة ارباع عدد الشعب الفلسطيني الان – وكانت ايران الشريك الاهم لامريكا في قتلهم، بل ان الانسحاب الامريكي قد شهد تزايد عمليات ابادة العراقيين وممارسة اوسع واقسى تطهير عرقي مبرقع بغطاء طائفي في العراق، ومع هذه الوحشية غير المسبوقة في التاريخ الحديث، بما في ذلك جرائم الحرب العالمية الثانية، فان شعب العراق لم يقسم وبقي موحدا وتزداد وحدته الوطنية تعاظما وعضوية، ففي العام الحادي عشر للغزو نجد اهل الجنوب يهتفون بحياة الشهيد صدام من قلب كربلاء وتخرج تظاهرات معادية للمالكي تعبيرا عن الرفض المطلق لايران ووصل حال رفض الجنوب للمالكي وايران ان احدي التظاهرات الموجودة في اليوتيوب كان هتافها فيه معان كبيرة وهو (كواد نوري المالكي كواد) وكلمة (كواد) في اللهجة العراقية تعني قواد او سمسار عاهرات، وتلك اشنع كلمة واكثرها اساءة في العراق، لذك فان وصول ابناء العراق الاصلاء في الجنوب الى حد استخدام هذه الكلمة لوصف المالكي دليل قاطع على ان الجنوب بخير من ناحية التمسك بالوحدة الوطنية ورفض الطائفية.
ان الانتباه لهذه الحقيقة يضعنا امام تحد كبير تواجهه امريكا وايران وهي ان معاملة شعب العراق بهذه القسوة الفريدة في تاريخه واهانته وتعريضة لاسوأ كوارثه جعلته مصمما على تحرير وطنه من الاستمعارين الامريكي والايراني مهما كان الثمن كبيرا، ومن ثم فان كل المخطط الصهيوامريكي سوف ينهار اذا لم يقسم العراق وتنقلب الاوضاع رأسا على عقب بعودة العراق وبقوة اشد وتصميم اعظم لنضاله لاجبار من اذل شعب العراق وقتل منه اكثر من 3 ملايين على دفع الثمن كاملا وبلا نقص، بالاضافة الى تدشين مرحلة هجوم وطني عراقي وقومي عربي شاملين على كافة ركائز الاستعمارين المذكورين في كل الوطن العربي. فهل تسمح امريكا بحصول ذلك؟ طبعا كلا لذلك فان ما نراه الان هو خطوات محسوبة في اطار المخطط الاصلي : تقسيم الاقطار العربية.
6- دور ايران مازال ضررريا : وبما ان ايران وليس غيرها هي من نجحت في زرع فتن طائفية في سوريا واليمن ودول الخليج العربي ومصر والمغرب العربي ونجحت في ايجاد ميليشيات تابعة لها في العراق كانت العامل الحاسم في تنفيذ هدف اشعال فتن طائفية فان ضمان تواصل مخطط اشعال الفتن الطائفية لن يستمر الا بوجود ايران قوية ومؤثرة في الاقطار العربية. هذا المفتاح الرئيس في فهم طبيعة ودوافع الصلات الستراتيجية التي تربط امريكا واسرائيل بايران وهذا ماجعلنا نصف ايران بانها اسرائيل الشرقية بحق وصواب كاملين.
7- تحرير العراق مقدمة لتحرير الامة من كوارث التشرذم : تعرف الولايات المتحدة الامريكية جيدا ان الثمن الذي تدفعه لايران مهما كان غاليا هو اقل بكثير من الاستسلام لليأس في موضوع تقسيم العراق بالذات، فتقسيم العراق هو المدخل الرئيس وربما الوحيد لتدفق مياه تقسيم بقية الاقطار العربية فمن العراق بدأت خطة التقسيم وفيه ستنجح او تفشل – ونحن نؤكد انها فشلت فعلا – وبما انها لم تنجح ولن تنجح فان ديمومة الدعم الامريكي الصهيوني لايران هو النتيجة المتوقعة والطبيعية لابقاء الاقطار العربية مشغولة بحروب اهلية او صراعات دموية تستنزف المال والبشر وتجعل اسرائيل ومصالح امريكا الاستعمارية في مأمن.
8- النظام الشرق اوسطي الجديد : واخيرا وليس اخرا فان الاعضاء الاساسيين في النظام الشرق اوسطي، سواء كان الجديد او الموسع، هم اسرائيل وتركيا وايران وبدون هذه الاطراف الثلاثة لن يقوم النظام، كما خططت له امريكا، لذلك فان وجود ايران قوية مطلب امريكي واسرائيلي اساسي لجعل النظام الاقليمي الجديد فعالا ويستطيع تحقيق الاهداف الموضوعة له واهمها تمكين امريكا من مواجهة تحديات الصين والقوى الصاعدة الاخرى. ان عدم الانتباه لهذا الهدف الستراتيجي الامريكي يضعف القدرة على فهم الغاز ما يجري الان.
تبقى ثمة ملاحظات جوهرية اخرى لابد من التذكير بها :
1- ما قلناه يوضح لم يصور الغرب واسرائيل ما يجري على انه نتاج قوة ايران وضعف امريكا، وهذا وهم تساهم في ترويجه امريكا لتجنب اتهامها بالتخلي عن اصدقاءها العرب وتعفي نفسها من تحمل مسؤولية ما يحدث من جهة، وتقديم دعم معنوي لايران هي في امس الحاجة اليه الان بعد ان تشيطنت نتيجة جرائمها البشعة ضد الاقطار العربية خصوصا في العراق وسوريا من جهة ثانية. فامريكا ليست ضعيفة عندما يتعلق الامر بتأديب النظام الايراني وردعه.
2- هل التضحية ب50 او مائة اسرائيلي ثمن باهض مقابل اكمال عملية تدمير الامة العربية بواسطة الفتن الطائفية التي تغذيها وتديمها ايران وليس غيرها؟ كلا ستدفع اسرائيل اثمان اكبر من هذا مقابل اكمال تدمير وحدة الاقطار العربية، ونذكر من نسى او لم يعرف ان الصهيونية الالمانية دفعت لهتلر ملايين الدولارات كي ينتج اسلحة يخوض بها الحرب من موقع التفوق مقابل اضطهاد يهود المانيا لاجبارهم على الهجرة الى فلسطين.
3- هل الانتشار الايراني السهل والذي لم تتصدى له لا امريكا ولا اسرائيل – لو كان حقا يشكل تهديدا خطيرا لهما – نتاج جهد ايراني فقط ام انه مدعوم منهما كما في العراق وسوريا والبحرين واليمن ولبنان وغيرها؟ ولماذا؟ ان الانتشار الايراني كان ظاهريا تحت غطاء دعم فلسطين ومناهضة امريكا اما باطنيا وفعليا، وهو ما انكشف الان، فكان انتشارا عرقيا فارسيا تموه برداء طائفي هو التشيع الصفوي، وما كانت تعرفه مخابرات امريكا واسرائيل هو ان نظام الملالي في ايران هو الاكثر حقدا على العرب والاشد استعدادا لالحاق الدمار والفناء بهم، وان اهداف ايران ليست دينية وانما قومية صرفة لذلك كان من مصلحة امريكا واسرائيل توسع النفوذ الايراني بلا عوائق غربية وصهيونية وهذا ما رأه الناس بصورة واضحة جدا.
4- هل النووي الايراني حقا يشكل خطرا على امريكا واسرائيل؟ ام انه خطر مباشر على طرف واحد هو الامة العربية التي يجب ان تزال من الخارطة وتحل محلها كيانات متشرذمة مقزمة وقزمة؟ وهل التساهل الامريكي مع النووي الايراني هو ثمرة خطة امريكية اسرائيلية لتشجيع ايران على التمادي في احقادها بضرب العرب بالنووي لاحقا خصوصا اذا ورطت السعودية او غيرها بامتلاك نووي بالشراء او بالصنع وهددت به ايران اعلاميا؟ هل الهولوكوست النووي في الوطن العربي مصلحة امريكية واسرائلية ام لا؟
نعيد التذكير : ابادة ملايين العرب مصلحة ستراتيجية اسرائيلية فاسرائيل تعمل على تخفيض نسبة السكان العرب في اطار مخططها التوسعي في ارض العرب، لذلك فقتل اكبر عدد ممكن من العرب مصلحة اسرائيلية ومن يستطيع تحقيق ذلك هو ايران فقط بسبب تربية اجيالها على كره العرب والحقد المتجذر ضدهم بالاضافة لحاجتها الماسة لموارد العرب، اما امريكا فان لديها خطة مكشوفة منذ السبعينيات تقوم على تقليص عدد الشعوب المونة (اي السود والسمر والصفر) عبر حروب لا تتوقف ونشر الاوبئة ومنع التقدم العلمي والتكنولوجي عن هذه الشعوب وسرقة مواردها وحرمانها من فرص التنمية الحقيقية وتلويث البيئة..الخ.
اذن من مصلحة امريكا واسرائيل حيازة ايران سلاح نووي وليس العكس فهي كما قامت بدور المدمر للاقطار العربية بالاسلحة التقليدية، كما فعلت بشعب العراق وتفعل الان بشعب سوريا البطل، فانها مستعدة لايصال عداءها للعرب حد ضربهم بالنووي.
5- واخرا ولكي لا يقع البعض في حبائل اليأس نتيجة ما اوردناه لابد من طرح السؤال الاخير وهو : هل حقا ان الامة العربية عاجزة عن احباط تلك المخططات كما يروج اعلاميا في كل مكان؟ ام ان الامة فيها قوى حية وقادرة على تحقيق النصر في نهاية المطاف؟ للاجابة علينا طرح سؤال مهم وهو: الا تدل وقائع التاريخ على اننا واجهنا الكثير من الكوارث وبدت الامال ميتة لكن في لحظة فعل جبار انقلب كل شيء وتحقق للامة النصر والتحرر؟
ان العراق مخزن الصمود العربي والفادي الاول من اجل الامة العربية وقضاياها المصيرية والرئيسة خصوصا فلسطين والعراق وسوريا وقدم الدليل الحي على استحالة قهر الامة العربية، فلقد هزمت امريكا في العراق رغم تفوقها المطلق في كل شيء الا في المعنويات، وهي اهم شروط كسب الحرب، فالمعنويات في الجانب العراقي كانت وماتزال وسوف يتحقق نصر الامة العربية انطلاقا من تحرير العراق وعندها سوف تنهار مخططات تقسيم كافة الاقطار العربية ويعود الامن والامان الى سوريا ومصر وتونس ولبنان واليمن وليبيا وكافة الاقطار العربية.
وسواء وقعت حرب انقاذ ايران او لم تقع تذكروا ان الحريق يبدأ بشرارة والشرارة العراقية تقدح وتستمر في القدح حتى يشتعل الحريق المطلوب لحرق عدوانات امريكا والاسرائيليتين الغربية والشرقية. انتظروا المدد من جمجمة العرب ورمحها الذي لا ينكسر : العراق.
Almukhtar44@gmail.com
نظرية ( مؤامرة الإستخفاف بنظرية المؤامرة ) : ـ
القضية التي لا يُمكن إثبات خطأها أو المصمّمة بحيث يستحيل إثبات خطأها هي قضية أسطورية بيانية غير علمية وغير فلسفية ، لا تستمد مشروعيتها من البرهان المنطقي أو الإثبات التجريبي ، ولا قيمة موضوعية لها ، وأيّ قيمة يُمكن أن تُمثلها تلك القضية العصيّة على الدحض فستظل ذات بعد ذاتي متعلق بالوجدان أو السيكلوجيا ، وبالطبع وجودها يقتصر على البعد النحوي / اللغوي فقط . وتلك القيمة سنجد أنّ مردها ليس الملاحظات للعالم الخارجي وإستنباط النتائج وإستخراج المفاهيم بناء على تلك الملاحظات ومن ثمّ تشكل القيمة ، بقدر ما مردها ـ أي تلك القيمة النابعة عن مثل تلك القضايا ـ يعود إلى إسقاطات رغبوية أو براغماتية من الداخل الذاتي على الخارج الموضوعي ، فهي إذاً بمثابة خبرة إنفعالية وليست خبرة عقلية .
تندرج في إطار هذه القضايا أبطال وأشرار الحكايات الأسطورية : مثل الغول والعنقاء وطائر الرّخ وأبطال ألف ليلة وليلة و كذلك الغيبيات الدينية ، فكلّ تلك الفرضيات مصمّمة بحيث أنّها غير قابلة للدحض ، لذلك فهي فرضيات غير علمية وغير منطقية ، وفي هذا السياق يُمكن للمرء أن يأتي بملايين الفرضيات من نسج خياله ويُحاجِّج بها ، وفي نهاية المطاف فإنّ عجز الاخرين عن دحض فرضياتك الميلونية تلك لا يعني بأيّ حال من الأحوال صحّتها . فمثلاً لو سألت رجلاً عن مكان المسجد ؟ وقال لك أنّه يقع على بعد شارعين من هنا ، فتلك قضية يُمكن دحضها أو إثبات صحّتها ، إذ ما عليك إلاّ أن تتجاوز الشارعين ، فإمّا أن تجد المسجد ويكون إرشاد ذلك الرجل الذي وصفه لكّ صحيحاً ، أو أن لا تجد المسجد ويكون ذلك الرجل كاذب .إذاً تلك قضية حقيقية غير زائفة لإمكانية التيقن منها .
أمّا ولو وجدت المسجد ، ودخلته ، وسألت الإمام عن الطريق إلى الجنة ؟ وأجابك ، إمام المسجد هذا ، بأنّك لتجد الجنة فعليك بالصلاة والصوم والحج ، فتلك قضية غير منطقية ، بل وزائفة تماماً مثل أي جملة نحوية مكونة من كلمات لا رابط دلالي بينها ، فهي رغم وجودها النحوي كجملة مركبة من أحرف وكلمات إلاّ أنّها جملة عبثية دلالياً ولا معنى لها ، وتلك الجملة تماماً مثل إفادة إمام المسجد عن الطريق إلى الجنة ، لأنّه حتى لو صلّيت وصُمت وحججت فلن تتأكد من صحّة كلام إمام المسجد بخصوص الطريق إلى الجنة على العكس من كلام الرجل الذي حدثك عن الطريق إلى المسجد .
نفس المسألة تنطبق على نظرية الخلق ، فمثلاً لو سألت أحد المؤمنيين : هل السلوك الإنساني في جانب أساسي منه جيني كما برهن على ذلك العلم ، أم إلهام من الله كما يقول القرآن ( ونفسٌ وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها ) ؟ فسيقول لك ذلك المؤمن : (( بأنّ النظريتين لا تتناقضان ، فالله ألهم الجينات الفجور والتقوى ، والجينات جزءٌ من النفس إن لم تكن النفس ذاتها )) . وهكذا لن تستطيع إطلاقاً دحض نظرية الخلق على سطحيتها ، بل إنّ سطحيتها تلك نابعة من الأساس من إستحالة دحضها أو التيقن من صحّتها .
وبالطبع فإنّ تلك الاساطير والغيبيات الدينية لا تطمح إلى البرهان العقلي ، أو تتطلع إلى الإثبات التجريبي ، على الأقل لدى المؤمنيين المتصالحين مع حقيقة لا علمية الغيبيات التي يؤمنون بها ، ولكن حتى تلك القناعة من هؤلاء المتصالحين مع حقيقة لا علمية الغيبيات تُدخل أصحابها في إشكالية أخرى من حيث التماسك المنطقي ( الداخلي ) لتلك القناعة التي تبنوها، تتمثل تلك الإشكالية بلا عدالة العقاب لغير المؤمن بالغيبيات ، فما دام الإيمان بالغيبيات تجربة ذاتية ذوقية نسبية وجدانية لا علاقة لها بالمنطق أو العقل فمن الظلم محاسبة الاخرين على عدم الإقتناع بها وإدخالهم إلى جهنم وبئس المصير .
تلك قضية أُخرى قد نفرد لها حيزاً كي لا يتسع موضوع بحث هذه المقالة ، وبالعودة إلى الموضوع فإنّنا نجد نوعاً اخر من تلك القضايا الغير قابلة للدحض ، لكنها هذه المرّة تحاول أن تتسم بطابع علمي إن جاز التعبير ، وتتوسل الموضوعية والمنطقية ، لكنها في المحصلة النهائية قضايا زائفة ، تماماً مثل قضية الغول والعنقاء والإله بعل والإلهة عشتار أو الغيبيات عموماً من حيث إستحالة إختبارها أو دحضها ، مثل بعض نظريات فرويد في التحليل النفسي ، فعقدة أوديب التي يرى فرويد أنّها مُتمكِّنة من كلِّ إنسان ذكر ، وأنّها تنطوي على الرغبة في قتل الأب من أجل الإستئثار بالأم ، فتلك نظرية يستحيل دحضها إطلاقا ، لا تجريبياً ولا منطقياً ، فكلّ من سيُنكر إصابته بتلك العقدة وأعرب عن عدم رغبته في قتل أبيه والإستئثار بأمه ، جاءهُ الرّد مُحكماً من النظرية ذاتها بأنّهُ من الطبيعي أن لا يشعر بتلك الرغبة ، لأنّها قد تعرّضت لكبت ، ولا يُمكن الإفصاح عنها إلاّ عند الرضوخ لعملية تحليل نفسي طويلة لأنّ تلك الرغبة قارة في اللاوعي ، فلو أنكر أنّها مكبوته ، جاءهُ الرّد ثانيةً بأنّهُ لا يستشعر الكبت لأنّه مكبوت لا يطاله الوعي وهكذا دواليك . ستجد نفسك كلّما أنكرت العقدة كلّما أحكمت العقدة رباطها حول عنقك .
قضية قريبة من تلك القضية نجدها في الأفلام السينمائية ، حيث يُدخَل البطل إلى مستشفى المجانيين بعد أن يتهمه الأشرار بالجنون وذلك للتخلص منه ، وحينما يبدأ البطل بالصياح بأنّهُ غير مجنون ، خاطبه الجميع بأنّ صياحهُ هذا أكبر دليل على أنّهُ مجنون ، وأذكر أنّ أحد نُزلاء مستشفى المجانيين في أحد الأفلام خاطب البطل ناصحاً له : إياك أن تقول أنّك غير مجنون ، فكلّما أصررت على أنّك غير مجنون منحتهم دليلاً أقوى على جنونك ، وقد ذكّرني ذلك المشهد بأحد الأصدقاء الذي شكا لي من بعض اليساريين الذين يُعقِّبون على مقالاته ويتهمونه بأنّه برجوازي صغير ، وعندما ينفي إنتمائه لوعي البرجوازية الصغيرة ناهيك عن الإنتماء لطبقتها ، قال لهُ اولئك اليساريون بأنّ إنكارهُ لإنتسابهِ للبرجوازية الصغيرة هو أكبر دليل على إنتمائه لذلك الوعي ولتلك الطبقة ، وذلك لأنّ ديدنها هو إمّا النفاق أوالمعرفة المشوّشة بالذات .
ومن كلِّ تلك الأمثلة للقضايا الزائفة التي يستحيل إثبات خطاها أو صحّتها منطقياً أو تجريبياً نكشف عن آلية جدالية تستخدمها تلك القضايا الزائفة تتمثل بجعل النقد الموجه لها نقاط إثبات لها على نحوٍ لا يخلوا من الطرافة التي تُغرقني في نوبة من الضحك كلّما إستخدمها أحدٌ معي وهذا ما أريد الحديث عنه في هذه المقالة بعد مقدمتي الطويلة أعلاه
إذ كنتُ أتناقش مع أحد القوميين العرب حول ( نظرية المؤامرة ) والتي تُرجئ كلّ سلبيات المجتمع وإخفاقات النخب وقتامة الواقع إلى العدو الخارجي المُتربِّص بالأمّة منذ فجر ميلاد نهضتها ، وهذا العدو بالغالب الأعم هو الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ، حيث قلتُ لهذا القومي العروبي : بأنّ نظرية المؤامرة أصبحت شمّاعة يُعلِّق عليها الجميع أخطائهم وأُسطوانة مشروخة معادة ميلون مرة . فقال لي ذلك العروبي : (( بأنّ هذا التصور الرافض لفكرة المؤامرة والمُستخِف بها هو في حد ذاته من ترويج الأمريكان والإسرائيليين ، أي أنّهُ بحد ذاته مؤامرة أيضاً )) ، وهكذا أدركت أنّني لن أستطيع قط إثبات خطأ تلك النظرية ، تماما مثلما عجز صديقي عن إقناع اليساريين بأنّهُ ليس برجوازياً صغيراً ، وكما عجز بطل الفيلم السينمائي المُتهم بالجنون عن إثبات عدم جنونه ، وكما حاول أحد الذكور إقناع فرويد بأنّهُ غير مصاب بعقدة قتل الأب ، حيث وجدت نفسي مثلهم متورطٌ أكثر في إثبات صحّة ما أريد دحضه ، وأنّني كلّما إستمتُ في رفض نظرية المؤامرة وسقت الحُجّج والبراهين على ذلك ، كلّما تورطت أكثر ـ حسب إعتقاد محاوري ـ بإثبات نظرية المؤامرة .
لذلك بإعتقادي أنّ فكرة المؤامرة هي فكرة غير منطقية وغير علمية مثل تلك النظريات التي ذكرتها في صدر هذه المقالة ، أي أنّها قضية زائفة من الأساس فهي كما قلت شماعة لتعليق إخفاقات الذات والتهرب من نقدها ومن إستحقاقات فشلها على أكثر من صعيد كما بات واضحاً في مجتمعاتنا التي أصابها النكوص في كافة ميادين المعرفة والنشاط الإنساني ، فبدلاً من إرهاق العقل في تحليل أزماتنا تحليلاً موضوعياً بالنظر إلى معطيات الراهن وكيفية التعاطي معها ، نلجأ إلى أقصر الطرق وأسهلها حتى ولو كانت غبية ، نظرية العدو المتربص بنا .
وهذا ما جعل من هذه النظرية أحد أشكال الأزمة الراهنة وتجلياتها العميقة ، فهي على سبيل المثال فضلاً عن كونها تهرباً من النقد الذاتي ، سلاحاً فعّالاً بأيدي الأنظمة المستبدة ، لا سيّما ذات الخلفية الاديولوجية ( يسارية و إسلامية ) ، فهي وسيلة لتخويف المواطن من العدو الخارجي المتربص به ، وتجييش عواطفه لمحاربة ذلك العدو الخيالي الذي صنعه المستبد ، كما انها ، أي نظرية المؤامرة ، مجال لتفريغ غضب المواطن وتبديد طاقاته النضالية في قضية لا تمس سلطة المستبد ، وبالتالي تُلهي المواطن عن معركته لأجل إستعادة حقوقه التي سلبها منه المستبد وليس العدو الخيالي الذي صنعه المستبد .
والطريف في الأمر أنّه ما إن تُثار أمام المستبد إحدى الإشكاليات الحقيقة للمواطن المتمثلة مثلاً في إنتهاكات حقوق الإنسان ، حتى يعكس المستبد الآية ويزعم بأنّ قضية حقوق الإنسان قضية وهمية الغرض منها إلهاء المواطنيين عن العدو المتربص بهم بالخارج ، وحتى لو إعترف المستبد ببعض التجاوزات في حقوق الإنسان فلا يجوز حسب رأيه التوقف عندها أو نقدها ، إذ لا صوت يعلوا على صوت المعركة ، وبالتالي نجد أنّ المستبد يعمل على تقزيم التجاوزات الحقوقية وتصغيرها وبالمقابل يعمد إلى تضخيم فكرة العدو الخارجي المتربص بأمته وبإنجازاته ، ولا بدع في ذلك ولا جديد ، فالمستبد في مواجهة أزماته يغلب عليه طابع المعالجة السياسية وليس الإنسانية .
وهكذا نجد أنّ حقّ الإنسان في الحياة وفي المعاملة الكريمة وفي العمل وممارسة النشاط السياسي والثقافي وفي المساواة والديموقراطية و حقه بالتعبير عن الرأي بكافة الوسائل والسبل قضايا مرهونة بالتخلص من العدو الخارجي أو بالقضية الكبرى ، والتي قد تكون هنا الفلسطينية أو الأفغانية أو القضاء على الرأسمالية أو هدم إسرائيل أو إحتلال واشنطون أو توحيد الأُمّة العربية أو نشر الإسلام في ربوع العالم ، حيث نرى أنّ الترابي في التسعينيات قد إسترخص أرواح الأطفال في سبيل إقامة دولة الإسلام التي كان يُمني نفسه بأن يكون أمير مؤمنيها . وأنّ تلميذه عمر البشير أخرج الطلاب في مسيرات تهتف بشعار ( 30 مليون فداك يا البشير ) ، فالشعوب في خدمة الشعارات ورموزها ، لا العكس كما هو الوضع الطبيعي .
إذاً القضية لا تنال إهتمام المستبد أو المثقف القومي أو الإسلامي إلاّ لو كانت قضية ( دونكوشيتية ) على غرار القضايا سالفة الذكر . وضحايا دافور البالغ عددهم نصف مليون مدني غير مُهمِّين ، فالأهم هو أنّ قاتلهم يُريد أن يُنشئ دولة العروبة والإسلام في السودان ، وحيث عشرات الالاف من الضحايا في سورية غير مُهمِّين لأنّ سيادة الرئيس ( القاتل ) هو في خط مواجهة مع العدو الإسرائيلي وفي محور الممانعة العربية . فالعرق والشعارات والايدولوجيا مُقدّمة على الإنسان ، وأن يقتلك فارس العروبة وحامي عرينها بشار الأسد أفضل من أن يقتلك الصهيوني نتنياهو ، وأن يقتلك البشير أمير المؤمنيين خير من أن يأتي الأمريكي ويفتتح باراً في الخرطوم ويُبيح شرب الخمر .
المُلاحظ مؤخراً أنّه ـ وبعد أن كانت نظرية المؤامرة محصورة لدى اليسار التقليدي لا سيّما شقه العروبي فضلاً عن الإسلاميين ـ بعد الربيع العربي أصبحت النظرية أحد مفردات الخطاب العلماني ليبرالي أو يساري مناوئ للإسلاميين بينما تخلى عنه الإسلاميين وأصبح بعضهم يستهزئ به رغم أنّه مادة إعتمد عليها خطابهم كثيراً بالسابق ، فبعض العلمانيين يختزلون ظاهرة الإسلام السياسي والتطرف الديني في بُعد المؤامرة الأمريكية ، حيث الإسلاميون ليسوا حصاد بيئة معرفية قاحلة ومناخ يفتقد إلى العلم والعقلانية ، وإنّما الإسلاميون هم حصاد ما زرعه الأمريكان في المنطقة ، وهذا يدل على الطابع السطحي والبراغماتي أو بالأدق الإنتهازي للنظرية .
مما سبق وبالنظر إلى منطق نظرية المؤامرة وإلى مجالاتها التطبيقية التي إتسمت بالإنتهازية والسطحية والتضليلية نجد أنّ ما يسمّى بـ نظرية المؤامرة ليست نظرية بل هي ـ كما وصفتها الدكتورة رجاء بن سلامة ـ هذياناً حقيقياً، لأنّها تتمثل في خطاب ينفي وجود الواقع الماثل أمام الأعين ليبني واقعه الخاص، ومشهده الخاص، وسيناريوهاته الخاصة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ معاً ضد كلّ سلطة ظلامية تمنع العقل الإنساني من الوصول إلى نور الحرِّية حباً في الإستبداد وتعلقاً بالسيطرة !
تزوج كارل ماركس فتاة بورجوازية نبيلة وجميلة أخلصت له. وتحملت معه فقره وشقاء إقامته المتواضعة في مهجره الرأسمالي بلندن. فخانها مرارا. بل وأنجب من خادمتها. واضطر صديقه ومموّله الوفي رجل الأعمال الإنجليزي إنجلز إلى أن يتبنى ابنه غير الشرعي، كي لا يجرحا عواطف الزوجة. لكن ماركس ظل وفيا لطبقة البروليتاريا التي أخطأ في الرهان عليها، كالطبقة الاجتماعية المدعوّة للثورة على طبقة زوجته وصديقه الرأسمالية.
لا أومن بالصراع الدموي للطبقات. غير أن مفكري الاقتصاد الرأسمالي استفادوا من ابتكار ماركس «لفرز» المجتمع إلى طبقات، في جعل الطبقة الوسطى هي المستهلكة والمهندسة لاقتصاد الوفرة الرأسمالي، فيما حولت طبقة البروليتاريا النظام الشيوعي إلى دولة بيروقراطية مرعبة. وكان عليها أن تنتظر، للطرافة البالغة، طبقتها الوسطى، لتحقيق ثورة بلا دماء. وبلا رصاص.
كنا كلما سألنا الرفاق الماركسيين الذين شمُّوا الهواء بانتظام في بلغاريا وروسيا، حدثونا بفخر وإعجاب عن المنجزات التي وُضع من أجلها الرفيق لينين للعرض في تابوت زجاجي ما زال حبيسا له. ثم فاجأنا القوميسار. المتمرد بوريس يلتسين بتوريث الدولة الجديدة إلى الضابط المخابراتي فلاديمير بوتين الذي يسلح بشار بأسلحة الدمار التي قتل ويقتل بها عشرات الألوف من أبناء الطبقة الوسطى في حلب. حمص. حماه…
قصف بشار الطبقة الوسطى السورية التي لم تتمرد عليه. ولم تنضم إلى الثورة الريفية/ الجهادية التي اجتاحت المدن المذكورة. أما الطبقة الوسطى الدمشقية فهي تعتقد أن بشار يحبها حبا جمّا. وليس مستعدا لتدمير أحيائها فوق رؤوسها، كما فعل بالمدن المذكورة.
تحت عسف نظام طائفي جائر، بلا أية ثقافة فكرية، أو رؤية اجتماعية، نشأت في سوريا، خلال السنوات الخمسين الأخيرة، طبقة وسطى عريضة، في المدن الكبيرة والبلدات المحيطة بها التي تحولت إلى مدن صغيرة. كان ازدهارها النسبي من صناعتها الذاتية. فقد اعتمدت على جهدها، في تحصيل المال من الخليج، أو من الاتجار بالأرض التي تمتلكها.
ولم تكن هذه الطبقة الميسورة الحال نسبيا والنشيطة جدا في العمل. والتجارة. والبناء العقاري، بأحسن حالا من النظام، على مستوى الفكر. والثقافة. غياب الثقافة حرمها من القيم الفكرية والسياسية التي تنطوي عليها الطبقة الوسطى الأوروبية، في الإيمان العميق بديمقراطية الدولة والمجتمع، والاستعداد للموت في الدفاع عن الحرية السياسية والاجتماعية، كما فعلت وضحّت بعشرات الملايين في الحرب العالمية الثانية، لإسقاط الفاشية العنصرية.
بدأت الحرية الدينية تأخذ بُعدا نفسيا في أوروبا منذ بدء ازدهار الطبقة الوسطى، خلال القرون الثلاثة الأخيرة، فيما تعرضت الطبقة الوسطى السورية والعربية إلى «غزو» ديني مكثف! الطريف هنا غض النظام النظر عن التربية الدينية المكثفة والسرية التي مارستها المرجعية التقليدية الدينية والمرجعية السلفية و«الجهادية»، فيما مُنع الحزب الإخواني من ممارسة نشاطه، بعد نجاح النظام في استئصاله مؤقتا بمجزرة حماه (1982).
عقد النظام وفاقا شفهيا مع المؤسسة الدينية التقليدية وَفَّرَ نوعا من الحرية الدينية. لاقى ذلك ترحيبا لدى الطبقة الوسطى السنية في المدينة الكبيرة، وليس في الريف المتذمر الذي لاقى لا مبالاة النظام في الاهتمام بالخدمات، لا سيما في تخطيط وخدمة المدن الصغيرة، فكان البناء العشوائي سمة التشويه الغالبة على التوسع العمراني فيها.
غير أن المرأة السورية هي التي تعرضت إلى «غزوة» دينية حقيقية. خلال السنوات الخمسين الأخيرة، نتيجة لنجاح التنظيمات الدينية التقليدية والسلفية والجهادية، في جعل البيت شبه السري مركزا للتلقين الديني. وتم غسل دماغ المرأة السورية الأمية أو شبه المتعلمة، من أي أفكار عن الادعاءات المبالغة عن «تحرر» المرأة العربية.
اشتراكية النظام تحولت إلى رأسمالية متوحشة. شراهة النظام في ابتزاز الطبقة الوسطى المزدهرة أفقدت هذه الطبقة قيم الطبقة الوسطى الأوروبية في احترام القانون. فبات ساذجا أو غبيا، في عرف الرأي العام، كل من لا يتعامل بالرشوة مع المجتمع والغير، لتحقيق الربح الفاحش. وتقدمت العائلة والطائفة لتستغلا الاقتصاد المدني والعسكري (استيراد. تصدير. مقاولات وتوريدات الجيش. وقوى الأمن).
حلف الطبقة البورجوازية التجارية والصناعية لم يهتز مع العائلة والطائفة. فاستفاد كبار المتمولين السنة والشيعة المسيطرين على الغرف التجارية والصناعية أيضا من رأسمالية النظام «الاشتراكية»، في تحقيق أرباح واستثمارات توقفت مع نشوب الثورة وتدمير المصانع. وتفجرت بالهرب إلى الخارج.
أما تجار الجملة والتجزئة من الطبقة الوسطى الذين نجح آباؤهم في قلب نظام عبد الناصر، وإنهاء الوحدة القومية مع مصر، من خلال تحريض أبنائهم الضباط متوسطي الرتب في الجيش (1961)، هؤلاء ليس لهم أبناء اليوم في الجيش الطائفي لتغيير الوضع. وبالتالي فتجارة البازار أصيبت بكارثة حقيقية، بانعدام الأمن. وتدمير الأسواق. والمصانع. التذمر شديد لكن مكتوم تحت الضغط الأمني.
الثورة المسلحة ليست من قيم الطائفة الوسطى. فهي جبانة بالمقارنة مع ثوار البروليتاريا الريفية أو العمالية. كان الحل بالهرب إلى الخارج مع كبار البورجوازيين حاملين معهم أموالهم. هذه المرة ليس إلى لبنان كالعادة، وإنما أيضا إلى أوروبا واسكندنافيا (دول الشمال).
تريفت الثورة وتأسلمت. غزا الريفيون الفقراء والبسطاء مدينة الطبقة الوسطى التي هي أيضا مدينة النظام الفاسد وبطانته السنية التجارية والدينية. قتل الشيخ سعيد رمضان البوطي أكبر الدعاة الدينيين التقليديين الذي فتح له النظام دكانة تلفزيونية دينية، لاستعادة ولاء الطبقة الريفية الفقيرة، بعد فوات الأوان، وللمحافظة على سكوت الطبقة الوسطى.
هذه هي حال الطبقة الوسطى السورية، في عصر النظام الطائفي الغارب. فكيف ستكون حالها وموقفها، إذا تمكنت الثورة الريفية من إقامة نظام ديني أو «جهادي»؟ من سوء حظ الجبهات الإسلامية و«الجهادية» أن خطف راهبات دير معلولا قدم صورة عالمية سلبية للمشروع السلطوي الديني في هذا البلد العربي.
المسيحية السورية فصيل لا ينفصل عموما عن الشريحة العليا من الطبقة الوسطى. فهي تكاد تلامس في الثراء الطبقة البورجوازية التجارية والصناعية المرتبطة مصلحيا بالنظام الراهن. ولعل بطاركة المسيحية الشرقية يصدرون بيانا مشتركا عن «حياد» المسيحيين السوريين، في الصراع الطائفي البشع الذي هو الآن المرحلة الحاضرة في الحرب السورية. والغرض من البيان طمأنة الثوار المتأسلمين، إلى أن المسيحية لن تكون عميلة للنظام.
تحدثت طويلا عن إشكالية التنظيم الديني المتسيس، في الثلاثاء الماضي. وها هو «خطف معلولا» يبلور مجددا عجز المشروع السياسي السلطوي الديني، عن ضمان المساواة في المواطنة للطوائف الدينية غير الإسلامية التي ضمنتها لها، نظريا أو عمليا، الدولة المدنية الحداثية، وضمنتها لها الدولة العربية المستقلة.
أيضا، هل تقبل الطبقة الوسطى السورية المستوطنة للمدن الكبيرة مشروع الدولة الدينية؟ هذه الطبقة تقبلت وتعايشت مع نظام طائفي جائر لم يتعرض اجتماعيا لتقاليد غالبيتها السنية الدينية. وهي تعرف سلفا أن أي نظام ديني معتدل أو جهادي متزمت سيشهر السيف في وجهها، كما يفعل مع الطبقة الوسطى السورية في المدن الكبيرة التي هدمها النظام.
الغالبية والأقلية في سوريا ضمنت لها الدولة المدنية والطائفية التقيد بالأحوال المدنية الشخصية لأديانها، في كل ما يتعلق بالزواج والطلاق والميراث. من هنا، فلن يكون مشروع الدولة الدينية عبئا كبيرا عليها، إلا إذا مارس التدخل بالفرض والإكراه غير المألوفين لدى السنة السورية.
لست متفائلا. فالصراع في سوريا قد يستمر، على الأرجح، حتى ولو سقط النظام الطائفي. الطبقة الوسطى هي التي ستكون ضحية الصراع، لأنها ستتمرد عاجلا أو آجلا، عندما تعرف أن الدين المتسيس ليس كافيا وحده لضمان أمن واستقرار البلد الذي يحكمه.
منقول عن الشرق الاوسط
يتناول في هذه الحلقة نديم قراءة لإعتذر قنات المنار وإذاعة النور من حكومة البحرين