اعتدال روحاني المزعوم.. دموي بالأساس

hayth1  النظام الإيراني يتميز بتطبيق ‘اعتدال’ مبني على القتل وسفك الدماء، وعهد روحاني المعتدل شهد تنفيذ 400 إعدام.

  العرب ::عبّاس الكعبي [نُشر في 11/12/2013، العدد: 9406، ص(12)]

اشتهرت إيران بالإعدام الجماعي في الساحات العامة

دشّن “حسن روحاني” عهده بسلسلة إعدامات غير مسبوقة فبعد مرور أكثر من مائة يوم على تسلمه سدة الرئاسة في إيران، أعدمت محاكمه نحو 350 ناشطاً سياسياً معظمهم من أبناء الشعوب غير الفارسيّة وخاصّة البلوش والأحوازيين والأكراد والآذريين، ناهيك عن مئات الآخرين الذين تم إعدامهم بتهم مختلفة.
ومنذ أيام فقط شهدت مدينة “الفلاحيّة” في الأحواز المحتلة موجة احتجاجات عارمة لتلقيها نبأ إعدام أربعة من أبنائها على يد الاحتلال الأجنبي الفارسي الذي تمسّك برفض تسليم رفاتهم إلى أسرهم وذويهم خشية اتساع رقعة الاحتجاجات.

وأكدت مصادر أحوازية قيام الاحتلال بدفن جثامين الشهداء الأربعة في مناطق جبليّة يصعب الوصول إليها، وسجّل الاحتلال على نفسه جرائم مماثلة من قَبل بدفنه جثث شهداء الأحواز في مناطق نائية وردم قبورهم بالخرسانة المسلحة بسبب قيام بعض الأسر الأحوازية وبمساعدة المقاومة باستعادة رفات أبنائها ودفنها سراً في الأراضي الأحوازية.

ولم يكتف الاحتلال بإعدام الأسرى الأحوازيين الأربعة، فشنّ حملة اعتقالات ومداهمات واسعة النطاق بمدينة “الفلاحية” طالت الكثير من المحتجين، ونقل أسيرين أحوازيين آخرين هما “هاشم شعباني” و”هادي راشدي” من سجن “كارون” بمدينة “الأحواز العاصمة” إلى مكان مجهول، ويبدي ذوو الأسرى قلقهم من إمكانية تنفيذ حكم الإعدام ضد أبنائهم. وكل ما فعله الأسيران هو إنشاء “مؤسسة الحوار الثقافي” بمدينة “الخلفيّة” الأحوازية تهدف إلى التوعية والتواصل بين الشباب العربي.

وفي الوقت الذي أكدت فيه عدّة مصادر على “الحوار” الإيراني مع مندوبي الكيان الصهيوني بوساطات غربية إبان سفر “روحاني” والوفد المرافق له إلى “نيويورك” واصطحابه النائب البرلماني اليهودي “سيامك مره صدق” لاِستمالة هذا الكيان الغاصب لفلسطين بضمان حقوق الأقلية اليهودية في بلاده رغم أنها لا تتجاوز بضعة آلاف فقط، أما الشعوب غير الفارسية التي تشكل أكثر من 70 بالمئة من تعداد سكان ما يسمى بجغرافية إيران، فحكومة “الاِعتدال” لـ”روحاني” تكفل حقها بالقتل وإراقة الدماء.

وفي حين يرى البعض أن الدولة الإيرانية تتعامل مع أبناء الشعوب غير الفارسية ضمن ما تسمى بجغرافيتها على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية وحتى العاشرة، فواقع الحال يبيّن أن هذه الدولة لا تعترف بمواطنتهم أصلاً، ويؤكد ذلك “علي يونسي” مستشار “روحاني” لشؤون الشعوب والمذاهب باعترافه أن “دولته لا تمنح المناصب والمراكز الحساسة لأبناء الشعوب غير الفارسية وتعتبرهم أجانب وليسوا منها”. وتأتي تصريحات “يونسي” بعد ارتكابه سلسلة جرائم ضد أبناء هذه الشعوب عندما شغل منصب وزير الأمن في عهد حكومة “محمد خاتمي” التي تدّعي الإصلاح.

في الوقت الذي تحتفل العديد من دول العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان تحتل الدولة الفارسية المرتبة الأولى عالمياً في الإعدامات وفي انتهاك هذه الحقوق

وفي الوقت الذي تحتفل العديد من دول العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من شهر ديسمبر الحالي، فإن الدولة الفارسية تحتل المرتبة الأولى عالمياً في الإعدامات وفي انتهاك هذه الحقوق وفقاً لتقارير المنظمات الحقوقية التابعة لهيئة الأمم المتحدة، وبهذه المناسبة فأن “مارتن لسنتين” المتحدث الأممي باسم حقوق الإنسان، حذّر بشدة من ارتفاع نسبة الإعدامات في حكومة “روحاني”. أما “أحمد شهيد” المقرّر الأممي المكلف بحقوق الإنسان في إيران، فأكد بلوغ نسبة الإعدامات إلى 400 حالة في عهد “روحاني”، وترجّح العديد من المصادر الحقوقية أن الأرقام الحقيقية تتجاوز ذلك بكثير.

ويبدي الغرب مرونة غير مسبوقة حيال الاِنتهاكات الإيرانية الخطيرة لحقوق الإنسان وتشبثها بمواصلة جرائم الإعدامات السريّة، إذ لم تعر طهران أدنى اِهتمام لبيان مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي “كاترين آشتون” ومطالبتها إيران رسمياً بوقف الإعدامات ضد الأحوازيين. والواضح أن “روحاني” منح لنفسه الضوء الأخضر في إبادة الجبهة الداخلية كما ترى إيران بعد نعته من قبل الكثيرين بتجرّع كأس السم بتوقيعه على الاتفاقية النووية، خاصة أنها تتسم بإملاء الغرب ما يشاء من شروط على بلاده.

ونستشف المرونة الغربيّة حيال انتهاك “روحاني” لحقوق الإنسان في تصريحات “مارتن لسنتين” وتأكيده على “ضرورة عدم تجاهل الأوضاع الخطيرة لمجاميع كبيرة من سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين في إيران مقابل تنازلاتها حيال الملف النووي”، وكذلك اِكتفاء المسؤول الألماني لمراقبة شؤون حقوق الإنسان “ماركوس لونينغ” بإعلانه عن تضاد سياسة الدولة الإيرانية والوعود التي قطعها “روحاني” لاِحترام حقوق الإنسان، وإبدائه القلق حيال قيام إيران بإعدام الشباب دون السن القانونية. ولن تجدي نفعاً مناشدات هيئة الأمم المتحدة لـ”روحاني” بالإيفاء بوعوده حيال مراعاة حقوق الإنسان بعد مرور مئة يوم على تسلّمه رئاسة الجمهورية، ويتسابق “روحاني” مع الزمن لتطهير السجون باِرتكابه المجازر والإعدامات السرية والجماعية، رغم توقيع بلاده على المعاهدة الدولية للاعتراف بالحريات السياسية والمدنية، المعاهدة التي تفرض على الدول الموقعة عليها عدم تنفيذ أحكام الإعدام إلا في حالة تورّط المتهمين بجرائم كُبرى.

“روحاني” يتسابق مع الزمن لتطهير السجون بارتكابه المجازر والإعدامات السرية والجماعية، رغم توقيع بلاده على المعاهدة الدولية للاعتراف بالحريات السياسية والمدنية

ولكن بالنسبة لِما تسمّى بـ”جمهورية إيران الإسلامية” فإن الجرائم الكبرى تكمن في إصرار البلوشي والأحوازي والكردي والآذري على حقه في تقرير المصير وتمسّكه بدينه وهويته كون ذلك يشكّل خطراً على الهوية الفارسية ومن شأنه المساهمة في إطفاء نيران المجوس التي تملأ مداخل طهران وأصفهان وشيراز حيث يحتفل الفرس في “الأربعاء” الأخير من كل عام، وتبرّكاً بهذا اليوم، على جماجم من يناهضهم.

ويطلق الأحوازيون تسمية “الأربعاء السوداء” على الأحداث المريرة عام 1979 حين دشّن “الخميني” عهده الدموي باِرتكاب مجزرة شنيعة بمدينتي “المَحَمّرَة” و”عَبّادَان” الأحوازيتين، راح ضحيّتها أكثر من أربعمائة شهيد، وفي الصيف الماضي نفذت إيران جريمة الإعدام ضد ستة أسرى أحوازيين في سجن “كارون” سيء الصيت بمدينة الأحواز، ويشهد كل يوم “أربعاء” سلسلة إعدامات سريّة وجماعية في مختلف السجون ضمن جغرافية ما تسمى بإيران. وامتدت جرائم “الأربعاء” الفارسيّة إلى “سوريا” بوقوع العديد من المجازر فيها في هذا اليوم، وأشهرها تلك الجريمة النكراء التي أودت بحياة مئات السوريين جرّاء الهجوم بالسلاح الكيميائي على “الغوطة الشرقية” في أغسطس الماضي.

ومثلما تتميّز إيران في تعريفها وتطبيقها الخاص بها للجريمة الكبرى، فأنها تتسم بذات الميزة في تطبيقها لمفهوم الاعتدال المبني على أساس القتل وسفك دماء الأبرياء

Posted in فكر حر | Leave a comment

تبادل الادوار بين الاخوان والنور رفيق رسمى‎

صرح المخرج رفيق رسمى رئيس لجنه الاعلام لحزب المصرين الاحرار

ان – حزب النور ” محترف تقيه وتعريض ” يعلن شى ويحرك الشارع واتباعه سرا نحو شى اخر ،لانه يعلم جيدا انه لو اعلن رفضه للدستور ، ستثور ضده اكثر واكثر الاغلبيه العظمى المؤيده لثوره 30 -6 ، ويعاملونهم ” كالاخوان ” ،ويوضع فى مكانه وضعه وحجمه الحقيقى ” حزمه الاسلام السياسى ” هذا بالاضافه الى انه سوف ينكشف اعداد اتباعه الضئيل في الشارع، فهل هذا ذكاء ؟؟؟أم أن من الدهاء ان يتبع التقيه التى هى امر الهى ” كما يعتقدون ” – ويوهممون الشعب بانه ينضم إلي جموع المصريين المؤيدين للدستور، ” حتى ولو على حساب مصلحته كما قالوا رغم ” انهم يعتقدون ويومنون انهم هم فقط لاغير المسلمون والفرقه الناجيه من النار وانهم يتبعون الاسلام الحق ودونهم فى النار ، ، اذا من الدهاء الا ينكشف اعددهم الحقيقىه وموقعهم الحقيقى فى وسط زمره ” الاسلام السياسى ” ،وهذا الخداع التكتيكى سيجعلهم يتفاخرون بأنهم ممن دفعوا الوطن إلي الإمام ” رغم انهم لايؤمنون بالوطن اساسا ” بل ويمنون علينا أنهم حشدوا الملايين من أتباعهم لإقرار الدستور ! ومن اجل حبك التمثيليه البليده المكشوفه يتم الاعتداء على رموزه ومهاجمتهم اعلاميا من رموز الاخوان وباقى تيارات الاسلام السياسى حتى يبلع الطعم السذج ،

تبادل الادوار بين الاخوان وحزب النور بتمثيليات هابطه لمحاوله الضحك على الشعب ” وخداعه ” كان زمان بيقولو الضحك على الدقون دلوقت الدقون هى اللى بتحاول بتضحك علينا

رفيق رسمى

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | 1 Comment

ايها العراقيون حافظوا على هذه الفلتة

اذا صحت معلومات السيرة الذاتية للسفير العراقي في السويد فانها ستسجل في موسوعة “جينيز” وتقدم منها نسخة منها للموافقة على منحه جائزة نوبل.
لا أحد يعرف مدى صحة هذه المعلومات ولكن لادخان بلا رماد.
الاسم:د. حسين مهدي عبد العامري ويعمل سفيرا للعراق في مملكة السويد.
واللغات التي يجيدها: الانكليزية، الالمانية والعربية..
لحد الان الامور معقولة وحين نصل الى حقل الشهادات التي يحملها فسيصيبنا الذعر اما السبب فاتركه لكم:
دكتوراه في علم المناعة سنة 1988 جامعة هانوفر- المانيا- ماجستير علم المناعة جامعة بغداد(1979)_ بكالوريوس طب بيطري جامعة بغداد(1976) عضو جمعية مدينة اواتاوا الطبية- خبير علمي في اعادة اعمار العراق في جامعة “هه ولير على ملاك الامم المتحدة –مدير عام شركة الدوح الطبية (عمان)_استاذ جامعي في كلية الصيدلة(جامعة فلاديفيا في الاردن)-استاذ جامعي في كلية الصيدلة في جامعة عمان الاهلية-تفرغ علمي في كلية الطب (جامعة اير لانكن الالمانية)-استاذ جامعي في جامعة الاسراء الاهلية(الاردن)-استاذ جامعي في معهد الهندسة الوراثية في جامعة بغداد-استاذ جامعي في كلية البنات في الكوفة-خبير ضمن مجموعة خبراء لأعادة اعمار القطاع الزراعي(الثروة الحيوانية)-تفرغ علمي في كلية الطب
رئيس قسم في جامعة (St. Johannes) الكندية
مشرف ومنسق عام لاعادة اعمار قطاع
ورئيس قسم في جامعة سانت كليمنس (كندا)- الصحة العراقي 2007.
انتهت السيرة الذاتية،ولكن الذي لم ينته ان احد العراقيين الشرفاء ممن يحملون دكتوراه وحيدة على ظهورهم كتب رسالة خطية للسيد ديفيد لكرنو رئيس مجموعة سانت كليمنس للاستسفار عن هذه المعلومات(احتفظ بنص الرسالتين) فكان الجواب :ان جامعة سانت كلمينس ليس لها فرع في كندا، وصفة الرئيس ممنوحة لي منذ سنوات ولايوجد في سجلات الجامعة هذا الاسم.
لانريد ان نظلم الرجل فربما يكون فلتة”زمانه” ولكن العقل الذي حباه الله بنا نحن بني البشر يقف حائرا بين هذه الاختصاصات المتباينة وكأنها “زلاطة لبلبي”.
احد اولاد الملحة أقسم ان هذا الرجل كان يتردد بكثرة على “سوك مريدي” لسبب غير معروف.
الذي يعرفه اولاد الملحة ان عصفور “الدوري” من بين العصافير المتخصصة في الانتقال من مكان لآخر بسرعة جنونية ولكن يبدو ان هذا العامري فاقه انتقالا وسرعة.
اليس كذلك؟.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

Posted in الأدب والفن, كاريكاتور | Leave a comment

ليس كل النساء حريماً

 ينتشر كثير من السمات السلبية بين الرجال، لكنها تنتشر بين الحريم أكثر، وسأقف لأبيّن للمرة الألف أن هناك فارقاً بين النساء والحريم، فالحريم هي ثقافة تعيش فيها النساء ويعززها المجتمع عبر مؤسساته ولا ينجو منها ألا من رحم ربي، لكن ليس كل النساء حريماً، وليس كل الحريم نساءً أيضاً، فهناك ذكور تجدهم أسوأ من الحريم.

لم أفهم كثيراً «سيكولوجية الحريم» إلى أن تنبّهت لتصرف بعض الطفلات الصغيرات، فوجدت أن كثيراً من تصرفاتهن أشبه بتصرفات الحريم ذاتها، لأصل إلى فرضية أن الحريم هن طفلات، مما يعني أن النمو العاطفي والذهني للحريم لم يتطور وبقي عند سن الطفولة، لهذا يحار الرجال في فهم الحريم حين تندفع في وجوههم انفعالات امرأة، إن حباً أو حنقاً أو دلالاً أو غيرة أو سوء فهم. وعدم النضج العاطفي عند النساء ليس طبعاً أصيلاً، ولا عيباً خلقياً ولا ذهنياً ولا جينياً، لكن تشكيل عقول النساء عبر التاريخ مرّ بحالة ثقافية تشبه تلك التي مرّت بها أقدام النساء في الصين، فمن أجل إبقاء أقدام النساء صغيرة في الصين قديماً كشكل متعارف عليه ضمن معايير جمال المزاج هناك، فإنه كان يلزم كل أم أن تضع قدم طفلتها وهي رضيعة في قالب صغير كي تمنع نموها فلا تكبر، والنتيجة تكون في العادة على مقاييس المجتمع، قدماً صغيرة جميلة لكنها مشوهة علمياً وتتسبب بآلام لا تنتهي في حياة النساء، خصوصاً حين يتقدم بهن العمر، وقد قرأت مرة عن سيدة صينية تحررت من هذه الذهنية فلم تضع قدم طفلتها الرضيعة في قالب، ما وفّر للفتاة التمتع بقدم طبيعية في حياتها، لكنها واجهت موقفاً اجتماعياً صعباً حين تقدم شاب لخطبتها فقامت أمه بفحص قدم الفتاة فوجدتها كبيرة على عكس مقاييس الجمال الصيني المطلوب، فامتعضت وظهرت على وجهها علامة الاشمئزاز وهي تنظر إلى القدم الكبيرة ورفضت العروس لابنها فوراً، ما جعل الفتاة تتمنى لو أن أمها لم تحرر قدمها من هذا التشوه بل وغضبت منها لأنها دمرت مستقبلها. وكذلك حدث مع سيدة سودانية لم يعرضها أهلها للختان في صغرها، لكنها حين تزوجت لم تستطع الصمود أمام سخرية وهزء مجتمع الحريم، اللاتي رحن يعايرنها وينتقصن من أنوثتها غير المختونة، فقامت هي بإرادتها بإجراء عملية الختان.

هذا بالضبط ما تتعرض له عقول النساء لدينا، فيكفي أن تفتح كتاباً في القراءة العربية يدرَّس في مدارس البنات كي تجد أن منهجاً يحوي من التلقين الذهني ما مفاده أن المرأة ناقصة عقل، وعاطفية، وناقصة الأهلية، بل ستجد أيضاً في أحد كتب الفقه التي تدرس للفتيات ما يصف الأنثى بأنها كائن يصاب بالجنون حين تحمل، أو بنصف الجنون حين تصاب بالدورة الشهرية، منقولاً من أحد شيوخ الحديث المشهورين.

هذا الكلام لم يرد في حق أم المؤمنين عائشة الفقيهة والعالمة، التي قال عنها الرسول: «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء»، ولا في حق أم المؤمنين أم سلمة، حكيمة نساء عصر الرسالة المحمدية، ولم نجده في سيرة نساء مثل ميركل رئيسة ألمانيا ولا تاتشر ولا كوندوليزا رايس، ولا نعرف كيف تجاوزن جنونهن إلا لأنهن لم يلقّنَّ به.

ومثلما توضع الأقدام في قوالب كي تبقيها صغيرة ومشوهة في الصين، كذلك تم وضع نفوس النساء وعقولهن في قوالب كي تبقى غير ناضجة وغير متفاعلة مع الحياة الواسعة العريضة، فالحياة ليست عقلاً فقط بل خبرة وتجارب.

نقلاً عن صحيفة “الحياة”

Posted in فكر حر | Leave a comment

تعاطفك لوحده كفاية

باسم يوسفbasem
من كان يتخيل أن يعاقبك الناس حين تحاول أن تظهر إنسانيتك أو أن تعبر عن حزنك أو ضيقك حين يتعرض بنى آدم، أكرر، «بنى آدم» للظلم بأى صورة؟

من كان يتخيل أن اعتراضك على مقتل «بنى آدمين» أو حبس «بنى آدمين» أو قمع «بنى آدمين» بأى صورة يجعلك عرضة لاتهامات متعددة تتراوح بين الخيانة والكفر على حسب من يقوم بالحكم عليك؟

الآن أنت لا تستطيع أن تنعم بأكبر نعمة أنعمها الله عليك وهى التعاطف مع إخوانك فى الإنسانية، بدون أن تكون مستعدا بديباجة طويلة عريضة لتوضيح موقفك السياسى حتى لا تتهم بالعمالة أحيانا، وبالزندقة أحيانا أخرى.

الموضوع ليس جديدا. هو قديم قدم الإنسانية. فحين تفكر فى الحروب والمجازر والتاريخ الدموى لظلم الإنسان لأخيه الإنسان تدرك أن كل هذا لم يكن ممكنا إلا بطريقة واحدة فقط، وهى شيطنة أعدائك ونزع أى نوع من التعاطف معهم. يتساوى فى ذلك من يقتل باسم الرب أو باسم أمن الوطن.

يمكنك أن تقرأ هذا الكلام بدون أن تقلق، ففى النهاية أنت لست الجندى أو الجهادى أو فرد الأمن الذى يضغط على الزناد ويطلق الرصاص بلا رحمة على من يعتبرهم بشرا سابقين. ولكن الحقيقة أن هذا يبدأ بين أناس عاديين. مواطنين مثلى ومثلك فقدوا كل تعاطف مع الآخر.

يبدأ الموضوع بنوع من الأنانية المفرطة. فأنت لا ترى غير الضحايا الذين يقعون على جانبك أنت.

يعنى مثلا إن عبرت عن ضيقك وغضبك بسبب حكم حبس بنات إسكندرية (الذين حصلوا على البراءة لاحقا) يبعث لك صديقك بصورة لجنود كرداسة الذين تم قتلهم ظلما وبهتانا ويقول لك «لو زعلان على دول، افتكر دول».

لو عبرت عن حزنك لمقتل الجنود فى سيناء تنشر الصفحات الإخوانية صورا من رابعة وتقول: «لو زعلت على دول، افتكر الأول دول».

يتم اغتيال ضابط الأمن الوطنى فى كمين إرهابى فبدلا من أن نترحم على روح إنسان، يتسابق البعض على نشر أسماء وصور الشهداء الذين وقعوا برصاص الداخلية وكأن محمد مبروك مسئول عن كل ضحايا الداخلية.

الموضوع لم يعد مجرد تذكير بمن قتلوا. الموضوع تحول لمتاجرة بهم لنزع أى محاولة تعاطف مع من بقى بيننا.

أنت لا تستطيع أن تبدى رأيك فى أى شىء بدون أن يذكرك الإخوان برابعة واللى حصل فى رابعة. «انت ازاى تضحك وتاكل وتشرب وتعيش وفيه ناس ماتوا فى رابعة؟».

هم نفس الاخوان الذين شتموا جيكا ورفاقه وتشفوا فيهم حين قُتلوا فى عهد مرسى وهم نفس الإخوان الذين يتاجرون الآن بدمه ويطالبون بالقصاص للشهداء.

نفس الشهداء الذى كان يتغنى بهم صديقك قبل تلاتين يونيو يطالب بالقصاص من مرسى بسببهم. نسيهم صديقك. بل وبعد أن كان يعتبر أن شرعية مرسى سقطت بسبب من ماتوا فى الشارع على يد وزير داخليته، هو الآن يعتبر أن نفس الحركات التى تتظاهر ضد نفس الوزير، حركات مندسة وعميلة وبلطجية.

هل تتذكرون المناحة التى نصبها البعض أيام أحداث بورسعيد؟ وكيف كانت القنوات التلفزيونية تصف من خرج ضد مرسى بالمتظاهرين وتصف من ماتوا بالشهداء؟ قارن الآن بما يحدث فى الشارع فى المظاهرات، حتى التى لا يحركها الإخوان. نفس الحركات الشعبية التى خرجت ضد مرسى، وكانت تحتفى بها وسائل الإعلام، هى الآن حركات «تستاهل القتل»

ما نراه الآن فى الحياة السياسية ليس مجرد عداوة أو خصومة سياسية بين أطراف متصارعة. فالكراهية المتبادلة متوقعة من الأعداء السياسيين وينعكس ذلك على سعيهم لتعميق البغضاء بين قواعدهم وقواعد منافسيهم. ما نراه الآن هو تغلغل هذه الكراهية إلى الأشخاص العاديين. لقد تم نزع أى نوع من الرحمة والتعاطف مع من يفترض أنهم «بنى آدمين».

الآن لا أستطيع أن أعبر عن غضبى مثلا لمقتل طالب فى الجامعة أو ضيقى لحبس بنات صغيرة لرفعهن بعض البالونات، بدون أن أذكرك أننى أكره الاخوان وأنهم تنظيم إرهابى وأتذكر أولا من مات من ضحايا الإرهاب فى سيناء وكرداسة وبين السرايات والأطفال الذين تم إلقاؤهم من فوق السطوح فى الإسكندرية.

وفى المقابل لا يعتبر الإخوان أن هناك من يستحق الحزن عليه بعد رابعة. كل من يموت الآن هو تسديد لثمن رابعة. لا يستطيع الناس أن تحس بالحزن بسبب أى شىء طالما هناك رابعة. يبدأون كلامهم معك بهذه الجملة: «زعلت على ده ومازعلتش على اللى ماتوا فى رابعة؟» لقد تم ابتذال مأساة رابعة فى كل شىء حتى حين انهزم المنتخب الوطنى بستة أهداف من غانا، استحرموا على الناس حزنهم لأن دايما هناك رابعة.

أصبح الكل متربصا للكل الآن. غير مسموح لك حتى ان تحزن أو تتعاطف مع من يشاركونك هذه الحياة بدون تقديم كل ما يثبت أنك على نفس الخط الفكرى والسياسى حتى يتم قبول حزنك.

عارف الجمل المتخلفة مثل: «ده مسيحى بس كويس؟» «دى مش محجبة بس محترمة؟»

هو هو نفس الفكر الموجود الآن: «يا حرام ده مات بس هما ولاد كلب»

هل أصبحنا نوزع صكوك الرحمة والتعاطف مثلما يوزع المتطرفون صكوك الجنة؟ حين مات مانديلا وستيف جوبز وآخرون، اعتبر هؤلاء أن الترحم عليهم إثم كبير. حتى حين مات أحمد فؤاد نجم رأينا كيف دعت عليه صفحات الإخوان لأنه كان مؤيدا لتلاتين يونيو. وفى المقابل نحن نحمل كل أخطاء الإخوان لشاب لا يتعدى عمره العشرين عاما داخل أسوار الجامعة ولا نهتم بقمعه أو موته.

لنكن صرحاء مع أنفسنا، أنت لا ترى أى سبب للتعاطف مع أحد خارج دائرتك المؤيدة لآرائك. وإن كان هذا رأيك فهذا شأنك ولكن أن تصادر على حق الآخرين فى التعاطف مع من مات ومع من تم حبسه ومع من تم قمعه، فلا أنت قبلت بالرحمة ولا تركتنا ننعم بها.

نحن لا ننكر أن هناك استقطابا حادا فى المجتمع، لكن اللى بيحصل ده مش استقطاب، ده استهبال. وبصراحة إحنا كده رايحين فى سكة نكد!!!

ما نراه الآن هو نسخة مصغرة مما حدث فى دول قبلنا فقدت القدرة على التعاطف مع إخوانهم فى الانسانية فتبلدت مشاعرهم، فأصبح الموت ليس فقد خبرا يوميا بل عقاب يستحقه من يختلفون معهم.

ربما تظن أن هذا المقال مثالى وغير واقعى وصاحبه يعيش فى يويتوبا داخل خياله المريض. لا بأس. ولكن ألا ترى أن البلد الذى ُفجع فى مقتل تسعة أشخاص يوم موقعة الجمل وأدى ذلك فى النهاية لإنهاء حكم مبارك، نفس البلد الآن لا يهتز له شعرة حين ُيقتل المئات فى يوم واحد؟

القتل تحول إلى رقم، والمحبوسون مجرد ضرورة للأمن القومى. وكل طرف يتعالى على الآخر معتبرا أن قتلاه أطهر وأشرف من الآخر.

أنت لست فى حاجة لأن تبرر حزنك على من ُقتل. ولست بحاجة أن تسبق ترحمك عليه بتوضيح موقفك أنك حزين أيضا على من ُقتلوا من طرفك. رفضك لقتل المئات فى رابعة لا يتعارض مع غضبك لقتل جنود الجيش والشرطة فى كمائن الإرهاب. حزنك على رفاقك فى رابعة والحرس الجمهورى يجب ألا يجعل منك وحشا بلا مشاعر لا يتأثر بقتل أطفال كل ذنبهم أنهم حضروا زفافا فى كنيسة.

فى وسط هذا الجنون أنا لا أطلب منك أن تبدل من موقفك السياسى أو أن تقلل من تعصبك ناحية طرف ما. كل ما أطلبه منك أن تفعل ما تمليه عليك طبيعتك البشرية.

أنا لا أطلب منك أى شىء ولا حتى أن تتبرع ولو بجنيه. تعاطفك لوحده كفاية.

نقلاً عن صحيفة “الشروق”

Posted in فكر حر | Leave a comment

تحية اكبار واجلال من الشعب السوري الى نظام الفصل العنصري, إسرائيل والاستعمار البريطاني

بأسمي واسم الشعب السوري, الثائر من اجل الحرية والكرامة على اقذر نظام حكم عرفته البشرية, نظام عائلة الاسد الإجرامية.

نود ان نستغل فرصة حزن العالم على فقيدها الكبير نلسون منديلا  لكي نرفع اسمى أيات التقدير والإحترام لنظام الفصل العنصري البائد والمقيت الذي كان سائداً في جنوب افريقيا, لأنه لا احد بالعالم يعي ويقدر وطنيتكم و قلوبكم الرحيمة مقارنة ينظام عائلة الاسد, كما الشعب السوري.

لو كان نلسون مانديلا  معارضاً لنظام الأسد في سوريا لتم قتله في مجزرة من مجازر النظام , كمجزرة سجن تدمر ولم يسمع به احد قط , ولا حتى الذباب الازرق …..  او ربما مات في سجن صيدنايا ولم تسلم جثته لاهله .. أو في أحسن الاحوال  لكان تختخ في سجون الاسد الرهيبة وخرج  بعد ذلك  مجرد رجل عجوز ثرثار يشفق عليه الناس كما حصل للكثير من المفكرين السوريين .

.أنا متأكد بأن السجين السوري رياض الترك يحسد منديلا  لانه كان مسجون عندكم ..

بصراحة الشعب السوري يعتبر نظامكم يستحق التقدير اكثر من نلسون منديلا ذاته, مع احترامنا وتقديرنا لعظمة منديلا, لمجرد انه دخل سجنكم لمدة 27 سنة وخرج بعدها سالماً عقليا وجسديا, والأكثر من هذا أصبح رئيسا للبلاد, ووقع بالحب  وطلق وتزوج من محبوبته؟؟ نريد ان نقول لكم بانه لو دخل مانديلا سجن عائلة الاسد 27 يوم او حتى 27 ساعة لقضى بقية حياته بالمصحات العقلية. 

يدخل الفلسطيني للسجون الاسرائيلية فيحصل على محامي يدافع عنه وعلى محكمة عادلة حسب المعايير الدولية, وتزوره عائلته , وتزوره جميع المنظمات الحقوقية الدولية والفلسطينية والمحلية الاسرائيلية, للتأكد من انه حصل على كامل حقوقه حسب المعايير الدولية, ويستطيع ان يتابع تحصيله العلمي بالسجن, وعندما يفرج عنه يخرج انسان طبيعي ويتزوج ويكون اسرة….

لذلك باسمي واسم الشعب السوري نريد ان نحيي اسرائيل على معاملتها الانسانية للسجين الفلسطيني مقارنة بهمجية نظام الاسد, حيث يتمنى الشعب السوري ان يعاملهم نظام الاسد كما تعامل اسرائيل الفلسطينيين, بالرغم من ادانتنا للأحتلال الغاشم للأراضي الفلسطينية.

 هناك من يلوم الثورة السورية بسبب تغيير نهجها السلمي الى حمل السلاح, ويقارنوها مع ثورة غاندي السلمية في تحرير الهند, ونحن نريد ان نذكر اللائمين بأن في الهند كان الطرف المقابل هو العرش البريطاني المتحضر والراقي والذي يفهم ويحترم معنى الديمقراطية والكفاح السلمي, وفي جنوب افريقيا كان هناك نظاماً مع كل ظلمه فهو نقطة ببحر همجية  المجرم بشار الأسد الذي هو على استعداد وكما قال خادمه رئيس المخابرات الجوية “جميل حسن” بأنه على استعداد لأن يقتل مليون سوري من اجل بقاء النظام,  فلا يحق لك بان تعييرني بالهند وجنوب افريقيا بعد ذلك فشتان ما بين الثرى والثريا.

وكل التحية والاكبار من الشعب السوري الى العرش البريطاني الراقي والمتحضر ونحن نعتبر بأنه اعظم من غاندي مع احترامنا وتقديرنا لكفاحه ونضاله من اجل تحرير وطنه.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

لون الدانوب ولون النيل

تنتاب العمالقة أحيانا مشاعر صغيرة. فجأة ينفجرون في أحاسيس ومخاوف وطباع لا تشبه مراتبهم. عندما غابت أم كلثوم عام nzq1975 طرح العالم العربي سؤالا متوقعا: من هي خليفتها؟ وكان جواب الأكثرية، إن لم يكن الجميع، أنها سوف تبقى بلا خليفة. وأزعجت الضجة المثارة نزار قباني فأغرق المتناقشين بماء النقد والغضب. وكعادته في توصيف العرب، قال إنهم يحاولون توثين البشر. ومما قاله: «غاب بيتهوفن فلم تتغير خريطة ألمانيا. وغاب (يوهان) شتراوس فلم يتغير لون الدانوب (…) والأصوات الجميلة، كاللوحات الجميلة، كالقصائد الجميلة، لا يمكن تحويلها إلى أوقاف أميرية».

كان ذلك قبل أربعين عاما. واحدة من موجات نزار وثوراته. ماذا حصل بعد ذلك؟ حصل أن نزار غاب وظل بلا خليفة. صحيح أن خريطة ألمانيا لم تتغير بعد غياب بيتهوفن، لكن لم يظهر أي بيتهوفن آخر منذ 1827، لا في ألمانيا ولا في النمسا ولا في فرنسا ولا في أي بلد يولد فيه كبار الموسيقيين. لم تكن أم كلثوم مغنية أو منشدة أو مطربة. كانت أسطورة من الفقر والنجاح والثقافة والذكاء، تحفظ عشرة آلاف بيت من الشعر، وتصحح القصائد التي تعطى لها لكي تغنيها. العشرات وقفن على المسرح يغنين، لكنها وحدها غنَّت أجمل الشعر الفصيح وأجمل الشعر العامي. وقد قال أحمد شوقي عن بيرم التونسي إنه الوحيد الذي يهدد الشعر الفصيح بالخطر. كانت أم كلثوم ظاهرة في الحياة الاجتماعية والسياسية والشعبية والفنية. تذكر مصر فتُذكر معها. وتروى حكاية «القرش صاغ» إلى أعلى قمة في تاريخ الغناء، فتعرف أنها حكاية أم كلثوم التي كانت تشترط في «طماي الزهايرة» أن يكون أجرها للغناء قرشا وكأس مهلبية وأزوزة «اسباتس». أمضت سنواتها الأولى تنتقل في القرى على الحمير والدواب. وتنتظر الساعات في محطات القطار لأنها كانت بلا مواعيد. وعندما جاءت إلى القاهرة وجمعت ثروة من 15 جنيها اكتشفت أن نشالا سرقها منها. فات نزار قباني أنه ليس للعباقرة قالب واحد. وربما كانت لديه مرارة مكبوتة وهي أن أم كلثوم لم تغن له. ومن غنت له أم كلثوم لم يعد يعرف أن يكتب الشعر إلاَّ لها. كمثل الهادي أحمد الذي كتب «أنت عمري»، أو جورج جرداق الذي غنت له «هذه ليلتي». ويروي أهم صحافي فني في لبنان، جورج إبراهيم الخوري، أنها «استحرمت» على جرداق أن يستمر في الكتابة الصحافية. وقالت له: «لكل مائة كاتب هناك شاعر عربي واحد». وعرضت عليه أن تتكفل بأي شيء يطلبه لقاء التفرغ لكتابة ملحمة عربية. لكن مثل جميع الشعراء أصر أن يبقى طليقا.

ربما أن بعض الجيل الجديد لا يعرف الكثير، أو لا يعرف شيئا، عن بعض الأسماء. سامحونا، واعتبروها كتابة تاريخ. لم تتغير خريطة مصر بعد غياب أم كلثوم، لكن لون الحياة قد تغير. ولم يتغير لون النيل، لكن العيون لم تعد ترى في صفحته تلك الأخيلة السعيدة.
منقول عن الشرق الاوسط

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

أنور مالك يفضح فياغرا المراقبين ومذيعة قناة ‘الدنيا’

محمد منصور : القدس العربي rev2

يخرج القارئ لكتاب (ثورة أمة) للمراقب الجزائري في بعثة الجامعة العربية إلى سوريا أنور مالك، بانطباع مفاده أن الكاتب يتحدث في هذا الكتاب، عن قضية تعنيه بشكل شخصي، إلى حد يبدو معها توثيق كل تفصيل من تفاصيلها هاجساً ملحاً لديه، صرف له سنة كاملة من العمل (بين الفينة والأخرى) على حد تعبيره.
ورغم أن مالك يحاول منذ السطور الأولى، أن يؤكد أنه سيكون أميناً في سرد الوقائع، دقيقاً في استرجاع الأحداث وتفنيد الملابسات والتعليق عليها، إلا أن لغة الكاتب المتعاطفة مع الثورة السورية على الدوام، والمندهشة من قدرة نظام بشار الأسد المذهلة على الكذب والمراوغة والإنكار الذي يفوق كل تصور، لا تلبث أن تطل من ثنايا هذا السرد التوثيقي الشيق، الذي يقع نصه الأصلي في أكثر من خمسمائه صفحة من القطع الكبير…. فيما يتجاوز مع الصور والملاحق أكثر من ستمائة صفحة، في طبعة أصدرتها مكبتة (العبيكان) السعودية.

الدرس السوري لا ينسى!

يقول أنور مالك في مقدمته أن غايته من هذا الكتاب: ‘ أن تعرف الأجيال الحالية والقادمة، سواء من أبناء الشعب السوري أو غيرهم حقيقة العابثين بالدماء والأعراض’، وأنه سيترك كتابه هذا: ‘عبرة للمسؤولين في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وكل العالم، حتى يدركوا جيداً مسؤوليتهم الأخلاقية والتاريخية في العبث بدماء الشعوب، لأن الدرس السوري لا ينسى أبداً، وتجربة المراقبين العرب ستبقى شاهدة على فصل خطير من الفشل الذريع، الذي تغرق به الجامعة العربية كعادتها قي التعامل الساذج والهزلي مع الأزمات العربية مثلما يجري في سوريا الجريحة’.
والواقع أن هذه التوصيف الحاد لسذاجة وهزال الجامعة العربية، لا يكاد يفارق قارئ الكتاب على مدار صفحاته، وخصوصاً حين نرى الآلية التي رتبت بها البعثة، والطريقة الضبابية الغامضة التي صيغ بها بروتوكولها، الموقع بين الجامعة العربية ونظام الأسد… ناهيك عن هذا التغابي الدائم في النظر إلى نظام الأسد باعتباره (نظاماً) فيه أبسط درجات الإحساس بالمسؤولية والالتزام بمصلحة وطن أو شعب، بينما تكشف ممارساته على أرض الواقع، أنه أقرب إلى مافيا، لا تردعها أي قيمة أخلاقية أو إنسانية عن فعل أي شيء، مهما كان الثمن!
ولعل قصة التحاق أنور مالك بالبعثة تبدو بذاتها قصة طريفة، ففي الوقت الذي كان يفكر فيه الرجل بتقديم طلب إلى السفارة السورية بباريس للسماح له بزيارة سورية كصحفي وحقوقي مستقل، وقد نصحه من شاورهم كما يقول – ألا يفعل، لأن المخابرات السورية ستجري تحقيقاً عنه ويعرفون حقيقة مواقفه، ورده اتصال في مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2011، من رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان د. فيوليت داغر، تعرض عليه الانضمام إلى بعثة المراقبين العرب التي تزمع الجامعة العربية إرسالها إلى سورية في حال موافقة الحكومة.

مجلس اسطنبول ولونا الشبل!

لم تكن فيوليت داغر التي كانت تستشير السيد مالك في أمور كثيرة تتعلق بالشأن الحقوقي والسياسي الجزائري والمغاربي بصفة عامة من قبل، سوى زوجة هيثم مناع، الذي سيلتقيه أنور مالك في أحد الفنادق في القاهرة قبل توجه البعثة إلى دمشق، ليحذره (أي مناع) بالحرف الواحد كما يقول: ‘خذوا بالكم من تقديم أي شيء يكون في صالح مجلس اسطنبول’!
كان مناع يشترك مع نظام بشار الأسد في إطلاق تسمية (مجلس اسطنبول) على المجلس الوطني السوري الذي كان قد تأسس حديثاً، ومن الواضح من خلال المحاورة التي ينقلها أنور مالك معه، تلك الروح الكيدية التي يتمتع بها مناع، إن لوصف ثوار الداخل بأنهم ‘صبيان ومراهقون’ أو لوصف المجلس بأنه: ‘أكثر منهم صبيانية ومراهقة’ ص (57) وعندما رد مالك عليه:
‘أنا يا دكتور هيثم، لا يهمني أمر الخلافات بينكم، أو الصراعات التي تجري، ما يهمني في هذا الأمر هو الحقيقة التي على أرض الواقع، وساتحدث عنها ولو تكون في صالح الشيطان’ رد مناع بلهجة فيها بعض الحنق:
‘لا تصدق ما تراه في المسيرات التي تبثها الجزيرة، ولا اللافتات التي ترفع شعارات بأمر جهات ما، ولا يمكن أن نعطي كل الأهمية للغوغاء في الداخل’.
هكذا يتضح أن هيثم مناع الذي ينتقد معارضة الخارج لأنهم: ‘يعيشون في فنادق الخمس نجوم على حساب الشعب السوري’ على حد تعبيره، لا يقيم إي احترام لثوار الداخل الذين يصفهم بالغوغاء، ص (58) على أن كل هذا الحديث والآراء التي تنضح بروح الكراهية والاستعلاء، لا يستغربها القارئ حين يشير مالك إلى الرسائل الكثيرة التي رآها في جوال هيثم مناع من مذيعة النظام السوري (لونا الشبل) مستشارة بشار الأسد الإعلامية، حين فتح مناع صندوق الرسائل ليقدم له الدليل عن تلقي المجلس الوطني السوري ‘تمويلات من هيئات دولية مشبوهة’، ولا مع زوجها المذيع لاحقاً في قناة الميادين سامي كليب الذي كان يكتب أشنع الافتراءات عن الثورة في جريدة (السفير) اللبنانية في تلك الفترة.. وينقل أنور مالك نص الحوار حول هذه النقطة كما يلي:
‘قلت له: دكتور لونا الشبل انت على اتصال بها. فرد من دون أدني تردد: نعم، مع زوجها سامي كليب، وهما من أحبابي’. كان هيثم مناع قد أوصى المراقبين حين ودعهم بالقول حسب انور مالك – ان ما عليهم إلا بالصبر حتى إن قضوا شهوراً في هذه المهمة… وقد علق مالك بالقول:
‘أحسست من كلام هيثم مناع أنه لا يريدنا ممثلين للجنة العربية لحقوق الإنسان التي أسسها منذ سنوات برفقة زوجته فيوليت داغر، بل مجرد ان نصير بيادق أرسلها لتخدم أطروحاته فيما يخص الأزمة السورية!

بعثة لا تصلح لمراقبة فندق!

أبلغ وصف لحال لجنة المراقبين العرب التي أوفدتها الجامعة العربية إلى سوريا لمراقبة سحب الآليات العسكرية ووقف إطلاق النار، ما جاء على لسان المراقب المغربي د. عبد الحميد الوالي في الصحفة (145) حين قال في اجتماع عاصف بحضور رئيس اللجنة الجنرال محمد أحمد مصطفى الدابي: ‘ الإمكانيات المتاحة لا تصلح لمراقبة فندق، فضلاً عن بلد يعيش أزمة قوية وخطيرة’!!
قبل ذلك يوضح أنور مالك الإمكانات المرصودة للبعثة بالقول: ‘أخبرنا الدابي أن ميزانية البعثة هي مليون دولار فقط، لذلك ليس بالإمكان توفير كل المتطلبات، وقد تحدث المراقبون عن الهواتف، فأخبرنا أنه تم توفير خمسة خطوط ثريا ستكون بحوزة رؤساء الأفواج، اما الهواتف الشخصية فهي على حساب المراقبين، وهو ما لم يعجب الحاضرين وقد ظهر الامتعاض عليهم، لأنه من الضروري أن يكون في حوزة كل مراقب هاتف، وكاميرا تصوير وكل متطلبات المراقبة’ ومن المضحك المبكي أن السيارات الخاصة بالبعثة والتي قررت السعودية والعراق والأردن أن تتبرع بها، لم تصل في الأيام الأولى من عمل البعثة، مما اضطرها للاستئجار من وكالة خاصة.. وقد تبين في إحدى زيارات البعثة لحي بابا عمرو الثائر، قبل تهديمه فوق رؤوس ساكنيه على يد جيش الأسد لاحقاً، أن السائق (مدين) الذي تم دسه، لمرافقة البعثة إلى داخل الحي الثائر الذي كان يصعب على قوات النظام دخوله بسبب سيطرة الجيش الحر عليه آنذاك، ليس سوى ضابط في الفرقة الرابعة باعترافه هو نفسه عندما كشف أهل الحي أمره وكادوا يقتلونه، ويصف أنور مالك تلك اللحظات المثيرة بالقول:
‘ظل إصرارهم على إنزاله هو سيد الموقف، وعندما لم يجد حلاً لإنقاذه من أي مكروه، قد يتعرض له في حال تمكنهم منه، أمره الدابي أن يعيد السيارة إلى الخلف حتى ننسحب من المكان، ما داموا قد رفضوا دخولنا الحي وأخبرهم رئيس البعثة أننا سنعود إلى المحافظة، ونأتي من دون أي سائق أو مرافق سوري. وكأنه لم يصدق نجاته اندفع السائق بالسيارة راجعاً، فارتطم بالأخرى التي كانت تقف وراءنا، وقام بعض الأطفال برمينا بالحجارة والفضلات وهم يصرخون فيها بالسب والشتم، لأننا صرنا مخترقين من طرف مخابرات بشار الأسد الذي وصفوه بشتى النعوت. نجحنا في مغادرة المكان، وقد كان السائق يرتعش ولم يتمكن من السيطرة على السيارة أو على نفسه، فقد تبول في مكانه’.
يوضح أنور مالك أن السائق أعطيت له سترة الجامعة العربية وقبعة وبطاقة علقها على صدره… ويشير إلى تورط رئيس البعثة الجنرال محمد أحمد مصطفى الدابي بمعرفته المسبقة بهوية الضابط، وتواطؤه مع السلطات السورية… لكن أهم ما يكشفه مالك في هذه الحادثة، الحوار الذي ينقله مع هذا الضابط بعد خروجهم في منطقة الخطر، والذي يصور نفسية هؤلاء الذين لا يخجلون من الإدعاء والتبجح حتى أمام الأشخاص الذين تبولوا أمامهم من الخوف. يروي مالك ص (162): ‘ونحن نقترب من قصر المحافظة، توزعت فجأة بملامح الضابط مدين مسحة من الغضب، الذي دفن كل الخوف الذي سكنه من قبل، وقال بصوت عال: من واجبي أن أستغل أي فرصة أو وسيلة تدخلني هذا الحي ولا أحد له الحق في محاسبتي! فقلت له: ليس على حساب مهمتنا النبيلة، كن رجلاً واستغل فرصة أخرى. فرد علي: أنا رجل أساوي آلاف الرجال. فقلت له: لهذا كنت ترتجف، وترتعش من الجبن، وتبولت على نفسك! دعك من العنتريات الفارغة… فتدخل الدابي: خلاص سنعالج الأمر مع المسؤولين’.

إنكار لا يتصوره عقل!

منذ أول زيارة للبعثة لقصر محافظ حمص غسان عبد العال، لم يتوقف نظام الأسد عن محاولة خداع اللجنة وتزوير الحقائق، إذ يذكر أنور مالك أنه في أثناء الاجتماع بالمحافظ، تردد عليهم عدة مرات أحد الموظفين ليخبرهم أن والد الأبناء المختطفين من قبل (العصابات المسلحة) يود التحدث للمراقبين. كان الرجل يرتعش ويده معلقة في عنقه على أساس أنها مشلولة، وأنه مريض وملابسة رثة، وكان يتحدث باكياً وبصوت مبحوح راجياً المراقبين أن يساعدوه على عودة أبنائه الثلاثة. ويوضح مالك هنا: ‘وهو الشخص نفسه الذي التقيته فيما بعد بتاريخ 2/1/2012، بالقرب من بابا عمرو في منطقة يسيطر عليها قناصة النظام، وكان في وضعية جيدة، ويمتطي سيارة فارهة، ومعه ابنته وقد نزل إلينا، وتحدث عن ابنته التي هجّرها المسلحون من بيتها في بابا عمرو، وسيطروا على محتوياته، ولم يتحدث عن قصة أبنائه الثلاثة، ولما قلت له: أنني كنت حاضراً في زيارته لنا بمبنى المحافظة.. راوغ وقال: سيأتينا إلى الفندق غداً بالملف كاملاً، ثم غادرنا ولم يأتِ إلى الفندق، ولا اتصل بنا مرة أخرى’.
وعلى مدار صفحات الكتاب، يروي أنور مالك بتفصيل وإسهاب، عشرات محاولات نظام الأسد، لخداع اللجنة وفبركة شخصيات وهمية لقلب الحقائق، لكن المثير ما يثبته من جرأة رجال النظام، في تكذيب المراقبين أنفسهم، وإنكار ما رأوه بأعينهم، وقد طال الأمر الجنرال الدابي نفسه.. ففي الفصل الخامس عشر الذي يحمل عنوان: (جلسة عاصفة مع محافظ حمص) ينقل أنور مالك المحاورة التالية بين الدابي والمحافظ:
الدابي: العسكر يقصفون حي بابا عمرو بحضورنا.
المحافظ: مستحيل أن يقصف الجيش، هذا لم يحدث مطلقاً.
الدابي: بل حدث وأمامنا سيادة المحافظ.
المحافظ: اكيد المسلحون هم من كانوا يطلقون النار لتغليطكم.
الدابي (وقد تجهمت ملامحه): المسلحون لا يملكون دبابات.
قاطعه المحافظ بلهجة التعجب: دبابات… غريب!
الدابي: نعم، دبابات شيلكا!
العقيد الذي يجلس بجانب المحافظ: لو تسمح سيادة الجنرال، نحن لم نخرج الدبابات أبداً من الثكنات.
الدابي: دعنا من انكم لم تخرجوا الدبابات… فهذا أمر ثابت ووقفنا عليه، نحن نتحدث عن القصف الذي حدث، هو من دبابات شيلكا، وهذا لا يمكن أن يشك فيه أحد!
المحافظ: هذا مستحيل سيادة الجنرال.
الدابي: لا تقل مستحيل سيادة المحافظ، أنا جنرال وأعرف من صوت الطلقة نوع السلاح الذي خرجت منه، وحتى المسافة التقريبية التي جاءت منها. القصف الذي حدث هو من دبابات وهو من خارج حي بابا عمرو، لقد التقيت مسلحين وليس في أيديهم إلا كلاشينكوف، أما الدبابات فلا يملكونها.
المحافظ: توجد دبابة سيطر عليها المسلحون منذ مدة، وهي بحوزتهم إلى الآن، وربما استعلموها.
الدابي: لو سمحتم خلونا في الواقع، ودعونا من الفرضيات التي لا يمكن أن تقنع أحداً. وكأنه يستدرك: في رأيكم أين الدبابة الآن.
المحافظ: المعلومات التي بحوزتنا تؤكد أنها في حي بابا عمرو.
الدابي: هذا غير منطقي إذن؛ لأن القصف يأتي من مسافة تتراوخ ما بين 10 و15 كم!

تحولات الدابي!

يعلق أنور مالك على هذه المحادثة بالقول: ‘لقد أعجب المراقبون جميعاً، وأنا أحدهم، بصرامة الفريق أول الركن الدابي في حديثه مع المحافظ والمسؤولين، وتفاءلت بأن المهمة ستكون كما أريد لها، حيث ننجح في تنفيذ بنود البروتوكول بحيادية تامة’. لكن الدابي يفقد هذه الحيادية تماماً فيما بعد، وينحرف في أدائه وممارساته بعد عدة اجتماعات مغلقة مع وزير الخارجية وليد المعلم وبعض المسؤولين الأمنيين في دمشق، حيث تم إنزال أعضاء البعثة في فندق (إيبلا الشام) وهو فندق منعزل على طريق مطار دمشق الدولي، فيما انزل الدابي لوحده في فندق في قلب دمشق، لا يذكر الكاتب اسمه، ويرجح من الصور المنشورة أنه فندق الشام!
ومن أكثر الحوادث استفزازاً التي يرويها مالك عن انحياز الجنرال الدابي وعدم اكتراثه بالمأساة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب السوري، والتي رأى فصولها بعينيه، ما يذكره في الفصل (20) عن قنص الطفل محمد أحمد الراعي في حي بابا عمرو، ومما يقوله:
‘توجهت نحو الدابي الذي كان واقفا قبالة بوابة المؤسسة برفقة قائد الحاجز، وأخبرته بما حدث، بل كتبت له المعلومات عن الطفل الذي تعرض للقنص، وسلمته الورقة من أجل أن يتم توثيق الحادثة، غير أنه فاجأني برميها على الأرض، ولما سألته عن سبب ذلك التصرف غير المقبول بالمرة، رد علي قائلا: ومن يدريك أن قناصة تابعين للحكومة هم من قتلوه! قلت: سيادة الفريق، ليست من صلاحيتنا معرفة الجهة التي قتلت، ولكن من صميم عملنا توثيق الحادثة التي وقعت أمامنا. أظهر اللامبالاة، لذلك رحت أؤكد له والحنق قد بلغ مني مبلغاً كبيراً: كنا قبل مشوار تحت العمارة التي جاء منها الرصاص، ورأيت بنفسك أنه في طابقها الأرضي يوجد عساكر تابعون للنظام، فلا يعقل أن يكون في سطحها قناصة يتبعون للمعارضة! أضفت له وهو لم ينبس بننت شفة: لو كان قناصة سطح العمارة من المعارضة والعسكر المتمركز في طابقها الأرضي من النظام، فهذا يعني أن السوريين يعبثون بنا، والأفضل لنا أن نغادر البلاد. ختم الدابي حديثنا قائلاً: سننظر في الأمر حين نرجع إلى دمشق’.
بالطبع لم ينظر الدابي بالأمر لاحقاً، بل لم يذكر قصة الطفل في تقريره على الإطلاق، واستمر في الادلاء بتصريحات لوكالات أنباء اجنبية بأن الوضع على ما يرام، وعمل البعثة يسير بشكل جيد، متحاشياً التصريح للعربية والجزيرة اللتين وصفهما بأنهما غير حيادتين و’تضخمان الأحداث كثيراً’، ناهيك عن التحاق أفراد للبعثة من السودان، كان ينفرد الدابي بهم لاحقاً، ثم مراقب عراقي عينه كرئيس فوج رغم أنه الأصغر سناً وليس لديه خبرة كبيرة في سجل المراقبة الدولية، ما أثار حنق وامتعاض الكثير من المراقبين الآخرين… الذين تعامل الدابي مع اعتراضاتهم اللاحقة بفوقية وعنهجية، متقمصاَ شخصية العسكري الذي لا يحب لأحد أن ينقاشه في أوامره ومسؤولياته!
وعلى هذا النحو تسير صفحات الكتاب، الحافل بأجواء تآمرية وتضليلية من النظام في كافة تحركاته وترتيباته، وسط تعاون الأهالي والناشطين الذين يشيد بهم، ويبرز شجاعتهم ونجاحهم في إحراج النظام ورئيس البعثة معاً، عبر تصوير كل شيء بكاميراتههم وبثه للمحطات الفضائية التي قاطعها الدابي، مما تسبب بكثير من الإحراج لكليهما. لكن أبرز مفاجآت الأحداث كان ظهور وزير الداخلية برفقة آصف شوكت فجأة في فندق (سفير حمص) حيث أقامت البعثة في الأيام الأولى من العام 2012، حيث يتحدث مالك عن الإجراءات الأمنية التي اتبعت في الفندق كأجهزة كشف المفتجرات، ووقوف الحرس أمام المصاعد والمدرجات وإحكام الحصار على الأبواب، وإحضار من يتذوق الطعام أمامهم قبل ان يشرعوا بالأكل… ثم يسرد الحوارات التي دارت معهما، ومنها ما تعلق بقضية المعتقلة (ريم الغزي) التي نقل قضية اعتقالها للشعار وشوكت، يقول مالك:
‘سألني شوكت: ما اسم السجينة؟ أجبته: ريم الغزي. قال: اطمئن سنرد عليك بشأنها في القريب العاجل. أما وزير الداخلية الشعار فقال: إذا لم تكن متورطة بالدماء، ليست مشكلة، سنطلب من القضاء تسريع النظر في قضيتها والإفراج عنها. قلت له: حسب كلام الشخص المتصل أن الفتاة تعمل مخرجة سينمائية. ابتسم وقال: يوجد فنانون صاروا مجرمين!’.

من دس الفياغرا إلى محاولة الاغتيال!

يختلط المضحك المبكي في سرد وقائع وحيل النظام لتضليل المراقبين وثنيهم عن عملهم… فمن الذهاب بهم إلى الأحياء المؤيدة في حمص، وتركهم وسط بحر من المتجمهرين بحيث لا يخرجون حتى آخر النهار، إلى تعرض بعض المراقبين المكلفين بزيارة الأحياء الثائرة حصراً، لحالة إسهال مفاجئ بعد تناولهم الفطور في فندق سفير حمص، وعندما أتى الطبيب لمعاينتهم اعتبر أن ‘الأمر طبيعي يبدو أنكم لم تتعودوا على الطعام السوري’ إلى دس الفياغرا تارة أخرى في طعام المراقبين، ثم إرسال من يتحرش بهم من فتيات الليل بملابس فاضحة تحت مسمى (ناشطات المرصد السوري لضحايا العنف والإرهاب) اللواتي كن يقمن بحركات إغراء للمراقبين في بهو الفندق المحاصر بقوات الأمن… ما دفع بالمراقب العراقي لعقد زواج متعة في الفندق… إلى دس مخبرين وسجناء جنائيين بين سجناء زنازين الأمن السياسي ليتحدثوا للمراقبين عن ندمهم بما اقترفوه بحق البلد (!!!) ثم فبركة مسرحية الإفراج عن السجناء السياسيين التي يلتقط صوراً موثقة لها… لكن كل تلك الألاعيب، لم تكن مجرد محاولات تضليل مستميته ومحمومة، بل كانت تقود في حال فشلها، إلى محاولة اغتيال تعرض لها أنور مالك بعدما أعلن على صفحته على الفيسبوك إنسحابه من اللجنة… إثر رؤيته لكيفية تحرير التقارير الكاذبة التي كانت تقلب الحقائق وتبرأ النظام!
فقد تعرضت السيارة التي يستقلها مالك مع مراقبين آخرين، أثناء خروجها من حمص بتاريخ: 9/1/2012، إلى إطلاق نار كثيف من قبل قناصة فوق جسر جامعة البعث الذي يسيطر عليه النظام… كاد يودي بحياته مع مراقبين آخرين، لولا مهارة المراقب العراقي في قيادة السيارة في مثل هذه الحالات. ومن الجدير ملاحظته هنا أنه لم يشفع للمراقب العراقي انحيازه للنظام، في استثنائه من محاولة الاغتيال لإتهام المجموعات المسلحة بذلك. أما آخر فصول كوميديا الموت السوداء هذه، فكان ظهور مذيعة قناة الدنيا فجأة في مكان الاغتيال المقرر، بعد تعطل محرك السيارة، لتحاول إجراء لقاءات مع المراقبين، وفي هذه اللحظة يروي أنور مالك المشهد على النحو التالي:
‘ فتحت الباب وأنا أهم بالنزول، وإذا بصحفية من قناة الدنيا الفضائية تضع ميكروفونها في فمي وتسألني: ماذا حصل لكم؟! وأنا أنظر إليها باستغراب عجيب قلت لها: كم أين أتيت في هذه اللحظة التي نتعرض فيها لمحاولة اغتيال؟! أجابت كمن تريد ان تدفع عن نفسها تهمة ما: كنت مارة من هنا مصادفة، وإذا بي أسمع الرصاص، فسارعتً إليكم! ضحكتُ وقلت لها: لدي تجربة طويلة في الإعلام، فأول مرة أجد الصحفي يسبق الحادثة، وينتظر وقوعها حتى ينال السبق، كان هنا في سوريا ومع أنت بالضبط’!!

عاش ليفضح نظام الأسد!

نجا مالك أنور من عملية الاغتيال، وتمكن من مغادرة سوريا، وعاش ليؤلف هذا الكتاب- الوثيقة، عن واحد من أشرس وأبشع أنظمة الكذب والإجرام التي عرفها تاريخ العرب الحديث… استخدم كل التسجيلات والوثائق والصور التي لديه، ليوثق شيئاً، يبدو أحياناً غير قابل للتصديق. خلال معاينته لإحدى جثث الجنود التي قتلهم النظام أثناء انشقاقهم، التقط أنور مالك في البداية صوراً لهم… ثم عاد ليتقط صوراً له مع تلك الجثث. فعل ذلك خوفاص من اتهامه بأنه جلب الصور من شبكة الانترنت، وأنه ألف الرواية من خياله! ولهذا نفهم لماذا نشر في متن الكتاب عشرات الصور له في المواقع المختلفة، ومع الأشخاص المعنيين، كان يدرك ان نظام يكذب كل هذا الكذب، لن يتردد في تكذيب كتابه فيما لو تقاعس في تقديم الوثائق والأدلة كاملة.
أهدى أنور مالك كتابه إلى: (أحرار الثورة السورية الخالدة) وخص بالذكر أهالي حمص الذين عايشهم وأحب فيهم بساطتهم وإخلاصهم وصدقهم ورباطة جأشهم على الرغم من النار والدمار كما يقول.. ورغم أن أحداث الثورة تجاوزت حدث إرسال المراقبين العرب إلى سوريا برمته، وتقرير الدابي المفبرك بكل انحيازه وغلوه في التزوير، فإن مما لا شك فيه أن هذا الكتاب سيحتفظ بأهميته الخاصة، في سياق رسم صورة نظام الأسد المدهشة في استغراقها في الكذب والخداع والإجرام والتضليل إلى حد طالما أذهل المؤلف، وفي سياق رسم صورة فشل الجامعة العربية في القيام بدورها او بأي دور في لحظة كان يمكن أن تكون أكثر حسماً وإنسانية… وهي صورة مرسومة بألوان حارة، مملوءة بالصدق والإحساس العميق بالشرف، من إعلامي يضع عينه على الحقيقة وعلى التاريخ، آملاً ان ينصف ثورة كان شاهداً على ما واجتهه من مآس وتأمر وتحديات!

‘ كاتب سوري

Posted in فكر حر | Leave a comment

من شان الله اقتلوني ودعوني ارتاح

روزا ياسين حسنrev1

قبل أسبوعين التقيت في داريا بشاب كان الناجي الوحيد من مجزرة، راح ضحيتها 63 شهيداً، في أحد الأقبية الكثيرة هناك، والتي شهدت كل منها مجزرتها الخاصة!
كان يبدو في عالم آخر.. وجهه المشوه بالرصاصة التي نهشت نصفه ينطق بالذاكرة القاتلة..
صرخ:
“يا ريتني متّ معهم.. يا ريتني.. مازال الصوت في رأسي.. من شان الله اقتلوني ودعوني ارتاح.. لا أستطيع النوم. كلما نمت أسمع صوت صراخ أبي أو حشرجات أخوي.. من شان الله.. اسمع صوت إطلاق الرصاص في رأسي أينما التفتّ..”
ذلك الشاب ابتعد عن الموت ملليمترات قليلة، ولكنها جعلته يزحف خارج القبو قبل أن يعود القتلة ليتأكدوا من موت الجميع في القبو برصاصة أخرى في كل رأس..
ميلليمترات قليلة هي المسافة التي تفصل السوريين عن الموت أيضاً، ميلليمترات قليلة أيضاً تفصلهم عن الحرية..

Posted in فكر حر | Leave a comment

خطوة لا داعي لها!

للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، تهب علينا زوبعة دعائية جد مؤذية بسبب معلولا، الموقع التاريخي/ الأثري/ الديني، الذي يعرفه أو يسمع به خلق كثير في العالم، يرى فيه مكانا فريدا وخاصا بمعنى الكلمة، سواء نظرنا إليه من الناحية التاريخية أم الأثرية أم الدينية.

في المرة الأولى، وكنا في سبتمبر (أيلول) الماضي، دخل الجيش الحر إلى البلدة ثم أعلن بلسان أحد قادته أنه سينسحب منها بعد نصف ساعة، ولن يتعرض لأي إنسان مهما كانت عقيدته أو دينه، وأنه يكن كل الاحترام لقدسية وتاريخية المكان. وبالفعل، وفى المقاتلون بوعدهم، بشهادة كبيرة راهبات دير مار تقلا، التي كذبت ما قاله النظام حول تعرض راهباته للإساءة، ونفته على شاشات التلفزيون، بعد انسحاب الجيش. أكدت الأم أن أحدا منه لم يدخل الدير أو يعتد على أي رمز ديني في معلولا. إلا أن أوساطا خارجية كثيرة شنت حملات كذب وافتراء ضد الجيش الحر، حولته إلى عصابة أشرار وقتلة تعتدي على أقليات مسكينة تخشى الموت على أيدي الأصوليين، ليس لديها من بديل غير الاحتماء بالنظام، الذي يجب دعمه دوليا ليقوم بهذه المهمة النبيلة. حدث هذا رغم خطاب قائد مقاتلي الجيش الحر، الذي بث على التلفزيون، وشهادة كبيرة الراهبات التي سمعها العالم كله.

يومذاك كتب كثيرون حول خطأ الدخول إلى معلولا، التي يعرف كل عالم بطبيعة وتفكير النظام أنه سيقوم بتدميرها، لينسبه إلى الجيش الحر ويهيج العالم ضد ثورة سوريا، التي يرى قسم كبير من الإعلام الدولي فيها اليوم فوضى يقودها أصوليون هدفهم إبادة أقليات يحميها نظام يجب مساعدته ضدهم. بانحياز مراكز مؤثرة في الإعلام الدولي إلى النظام، ونشر أكاذيبه أو قيامه هو نفسه بفبركة أكاذيب أملاها خيال مذهبي متعصب يكره الإسلام، ويرى في المسلمين أصوليين محتملين أو فعليين، من الضروري دعم كل من يتصدى لهم أو يعاديهم، بغض النظر عن ملفه السياسي والإنساني، انقلبت إدانة النظام الأسدي إلى تعاطف متنام معه، بذريعة قتاله نيابة عن العالم عموما، والغرب خصوصا، ضد خطر يهددهما، يتحمل خلال صده عنهما تضحيات تصون حياة جنودهما وتحتم مكافأته على ما يفعله بدعمه.

في هذه الأجواء المليئة بالأحكام المسبقة وبالتجني على شعب سوريا، وقع هجوم الجيش الحر الثاني على معلولا، ونشرت أقاويل حول اختطاف راهبات دير مار تقلا، أسهم الكرسي البابوي بقسط وافر فيها، بتشجيع محتمل من بطرك لبنان الماروني، المقرب من النظام الأسدي، الذي نصب نفسه مدافعا عن أرثوذكس سوريا، دون تكليف من أحد منهم. هذا الهجوم كان خطأ من ألفه إلى يائه: عسكريا، لأن معلولا تقع في واد عميق وقصير، ولها مدخلان، أحدهما جبلي تحاذي طريقه مجرى مائيا ضيقا وشديد الانحدار تعلوه تلال صخرية، ويحول الإمساك دون دخول البلدة ويؤدي إلى تطويق ومحاصرة من يرابط داخلها. بينما يتكون مدخلها الجنوبي من طريق تقود – عبر بلدة «عين التينة» – إلى أوتوستراد دمشق – حمص الدولي. هنا أيضا توجد مجموعة تلال مرتفعة تشرف على هذه الطريق ويمنع احتلالها الدخول إلى البلدة. بكلام آخر، تسقط البلدة باحتلال التلال شمالها وجنوبها، دون الحاجة إلى دخولها، الذي يمثل مشكلة يصعب تفاديها بسبب كثرة الأديرة والكنائس وهوية المكان التاريخية والأثرية والدينية، وردود الفعل الإعلامية التي سيثيرها نشوب معارك داخلها، ستكون لصالح النظام. ومع أن الراهبات لم يمسهن إيذاء، وعوملن باحترام وحرص، وأنقذن من القتل العمد بمدفعية وصواريخ النظام، فإن حملة دولية مسمومة انطلقت بسببهن، متجاهلة ما أعلن حول وجودهن بأمان في بيت مسيحي داخل بلدة يبرود المجاورة.

قد لا تكون هذه الحسابات مهمة أو واضحة لمن ينفذون حملات عسكرية وسط معارك شديدة الاحتدام، إلا أنه من الضروري أخذها بعين الاعتبار، إذا أردنا للانتصارات العسكرية أن تكتمل بانتصارات سياسية وإعلامية، ورغبنا في ألا نجهضها بهزائم إعلامية تحولها إلى خسائر باهظة التكلفة بالنسبة لنا. والآن، وقد حدث ما حدث، لا بد في المرات المقبلة من دراسة متأنية للنتائج التي يمكن أن تترتب على أفعالنا، وخاصة منها تلك المتصلة بالرأي العام العالمي الشديد الأهمية لثورتنا، بسبب طابعها والدور الخارجي في تقرير مصيرها. لم يكن هناك داع لاحتلال معلولا، ما دام الإمساك بضواحيها يكفي لإسقاطها عسكريا. ولا يجوز أن يتكرر في معلولا أو المناطق ذات الحساسية الخاصة مثلها، كي لا ينقلب ربحنا الجزئي إلى خسارة فادحة تنزل بنا في كل مكان من عالمنا، وخاصة في البلدان التي نعلق أهمية جدية على دعمها لنا!

منقول عن الشرق الاوسط

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment