التقليد

obabrمن أجمل ما قرأت من تعريف بالإنسان أنه الكائن الوحيد الذي له إرث. قال هذا الكلام كبير صحافيي أميركا والتر ليبمان وهو يخاطب خريجي هارفارد عام 1933: من جيل إلى جيل ينقل الإنسان المعارف والأفكار والاختراعات التي توصل إليها، ومن عصر إلى عصر يتحول الماضي إلى مستقبل، والمستقبل إلى تراث وتقليد.

يذكرني هذا بما قرأت بعد أيام ليبمان عما يسمى «غسل الدماغ» في المعسكرات والمعتقلات، كما كان يحدث في الصين وفيتنام في الماضي، وكما لا يزال يحدث في كوريا الشمالية. فمن أشكال العقاب للبعض أن يرمى مواليدهم في معسكرات يربون فيها كالحيوانات، بلا مثل أو قيم أو معايير. أي في تعبير ليبمان، بلا إرث أو تقليد. أو مثل أسطورة طرزان، الولد الذي ينشأ في الغابة ويعيش قافزا بين الشجر مثل أهل الغابة.

قامت الشيوعية على محاولة إلغاء الإرث من أجل صنع إنسان جديد لا علاقة له بأي فكر سابق. لا شيء سوى المادة. لا معبود سوى لينين والحزب. غسلت الأدمغة في المدارس والمصانع والجامعات، ومن أجل ذلك، أقيم ما سمي «الستار الحديدي». الناس ممنوعة من السفر، ومن سماع أي إذاعة خارجية، وحتى من التحدث إلى أي غريب. لكن الستار الحديدي تساقط من ثقوب صغيرة. من إذاعات سرية، وكتب مهربة، وأخبار مهربة، عن نوعية الحياة، ومن بعض السياح الذين يحملون معهم صورا محكية أو مرئية عن «النعيم» الخارجي.

اكتشف أقسى خبراء غسل الدماغ أنه لا يمكن تجريد الإنسان من الإرث، أو التقليد. بهذا المعنى جميعنا مقلدون لإرث لا نعرف تماما عمر تراكماته ومدى تعددها. منذ ألف عام ونحن نجد متعة في حفظ «المتنبي». وكثيرون منا يحفظون المعلقات. ويضاء هذا العالم كله اليوم بمصباح توماس أديسون، كما يسلي النفس بحكايات «مصباح علاء الدين». كل عصر أدبي يولد من عصر آخر ثم يضيف إليه شيئا ما. الشعر الحديث مجرد مولود معدل وراثيا من الشعر القديم. هذا هو السحر البشري. الإرث، أو التقليد، كما سماه ليبمان. ولعله كان يعرف أن جيلا بأكمله من صحافيي العالم في القرن العشرين نشأ على تقليده. دائما تبدأ مقلدا قبل أن يشتد عودك وتصبح ينبوع ذاتك. لكنك تعيش حياتك وأنت تقرأ الذين سبقوك. الأم تغني للمولود الأنشودة التي سمعتها من أمها. ما زال العالم يحضر المسرح اليوناني ومسرح شكسبير ويبحث عن أسرار العلوم في قبور الفراعنة. مصر هبة النيل لكنها وريثة وادي النيل وبحر العمار الفرعوني.

من عصر إلى عصر. من تقليد إلى تقليد. يعاتبني قارئ كريم في البريد: «تكتب عن الحضارات ولا تكتب عن العراق». يا عزيزي، حضارة «دولة القانون» غطت كل حضارة أخرى. نحن مأخوذون بعمليات التطهير البشري. صدام حسين كان ينقل الناس من مكان إلى مكان، وليس من بيوتهم إلى التيه.
نقلا عن الشرق الاوسط

Posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية | Leave a comment

«كل معتقل مشروع شهيد»!

wisamsaraوزع المحامون في مدينة السويداء بيانا استعرت عنوانه المؤثر لهذه المقالة، يلفت أنظار منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية إلى حجم القتل الذي يتم في السجون السورية، ويطال بصورة عشوائية كل من يقع في أيدي أجهزة النظام القمعية، التي تحولت إلى مصانع موت جماعي.

فعل المحامون هذا بصورة علنية، رغم خطورة ما فعلوه عليهم وعلى أسرهم، فكانت صرختهم ضد قتل شعبهم صفعة للنظام ودليلا إضافيا على شجاعتهم الأدبية، والتزامهم بمبادئ نقابتهم، التي وضعت قبل حكم «البعث» بفترة طويلة، حين كانت سوريا بلادا حرة تحترم مؤسسات المجتمع المدني وما تعبر عنه من إرادة وطنية، جعل أحدها النقابة خادمة «للحق والحرية»، من واجب أعضائها الدفاع عن حقوق شعبهم والالتزام بها. وبالفعل، ها هم أعضاء في نقابة السويداء ينضمون إلى مئات المحامين الأحرار، ويطلقون صرخة صدق وشجاعة ضد القتل العشوائي لمواطنيهم، بعد أن ضاقوا ذرعا بما يتعرض له هؤلاء من تصفية جسدية منظمة وواسعة، رغم ما تمثله صرختهم من مجازفة بالنسبة إلى من وقع عليها أو ساندها منهم، يرجح أن تصل به إلى التصفية والهلاك!

يقول محامو السويداء في وصف حال أهل مدينتهم إن «كل من يعتقل منهم يكون مشروع شهيد». ويؤكدون هذه الواقعة المفزعة، رغم أن حالهم أفضل بكثير من حال إخوتهم مواطني بقية مدن ومحافظات سوريا، فالسويداء لا تشهد قتالا واسعا بين الجيش الحر وجيش السلطة، ولم تتسرب إليها تنظيمات متطرفة أو تكفيرية، ولم يغزها مرتزقة حزب الله وأبو الفضل العباس. لكنها تتعرض لحملات تنكيل مخيفة، ولحملات تحريض طائفي تطال أهالي المحافظة الموحدين وغيرهم، ممن يجب أن يروا في الآخرين أعداء له، خاصة أبناء محافظة درعا المجاورة، الذين يراهن النظام على افتعال فتنة ضدهم عبر تلفيق أكاذيب تشوه مواقف أبناء المحافظتين، تزعم أن الموحدين موالون له ويشبّحون لصالحه ضد أهل حوران، الذين يتربصون بأهل الجبل ويعتزمون الانقضاض عليهم إن سمحوا لهم باستغفالهم، وأن السلطة لا هم لها غير حماية أهل الجبل من الحوارنة، وهؤلاء من أهل الجبل، وكبح نزعات العنف لدى الطرفين، ومنعهما من الانضواء في تنظيمات متعادية، مع أن وقائع كثيرة تدحض أكاذيب النظام، الذي دأب على إثارة التناقضات والعداوات بين الموحدين أنفسهم، وبينهم وبين إخوتهم في حوران، وعمل على شحن تصرفاتهم بالعنف. ومن يتابع ما يصل من أخبار عن جبل العرب سيجد أجهزة السلطة القمعية وراء أي شجار أو خلاف يحدث فيه، وأي حادثة يتعرض لها مواطنوه: من الخطف إلى التصفية، ومن الاختفاء القسري واقتحام البيوت وسرقتها إلى توزيع السلاح وما يستتبعه من أعمال تشبيح وقتل مجهولة المصدر معروفة النتائج، ومن تقريب هذا وإقصاء ذاك إلى ما يثيره أي تقارب مع السلطة من شبهات وشكوك تضع الناس في أجواء تمكنهم من التحكم في ردود فعلهم وتوجيهها حسبما تشاء.

لا تشهد السويداء أعمال مقاومة مسلحة واسعة النطاق. وليست فيها مناطق محررة، لذلك قصر محاموها حديثهم على من يعتقلهم النظام، واعتبروهم مشاريع شهداء، فالسلطة هي هنا مصدر الخطر الوحيد على مواطنيهم، وهي الجهة التي تنفرد بقتلهم، ولا توفر أحدا منهم رغم أنهم لا يحملون السلاح ضدها، وفي هذا تأكيد على أنها ترى فيهم أعداء لها، كسائر السوريين، لذلك يتعرضون للتعذيب حتى الموت عند اعتقالهم، بينما يقتل إخوتهم في المناطق الأخرى بالقصف والقنص، فلا صحة لما تروجه من أكاذيب حول اقتصار عنفها على المتمردين وحملة السلاح، أو حول الأمن الذين تنشره خارج المناطق المحررة، ولو كانت تحرص حقا على مواطنيها المسالمين لما كان كل معتقل مشروع شهيد، حسب قول محامي السويداء، في حال كانت بحاجة أصلا إلى اعتقالات ومعتقلين!

بعد ثلاثة أعوام من القتل والترويع والتلاعب بأحط مشاعر البشر، يتحدث محامو جبل العرب بشجاعتهم المعهودة عن نظام يقتل الشعب بالجملة، لم يعد من الجائز السكوت عنه، انسجاما مع مواقف سابقة جعلت منهم صوتا سوريا حرا قاوم الطغيان، وناضل لحماية شعبه المهدد بعنف لا يميز بين السوريين، ويرفض أن يكون بينهم أبرياء، يقتل كل من تقع يده عليه، لأنه لم يعد قادرا على الاستمرار بغير قتل شعبه، بما في ذلك الموالون له منه، كما قال أحد كبار شبيحته قبل أيام على صفحة التواصل الاجتماعي الخاصة به!

نقلا عن الشرق الاوسط

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

شبح العروبة يطارد غلمان دولة الفقيه في العراق

علي الكاشwalifaqih

كاتب ومفكر عراقي
قيل لفيلسوف ممن تعلمت الأدب؟ قال: تعلمته من قليلي الأدب.
من مظاهر السيادة الناقصة عدم إمتلاك الدولة الحرية المطلقة في ممارسة سياستها الداخلية والخارجية، وذلك بسبب خضوعها لسلطان دولة أخرى أو منظمة دولية حيث تحرمها من ممارسة حقها الدستوري في رسم سياستها الخارجية، ولا يسمح لها إلا بممارسة جزء يسير من سيادتها الداخلية، وتكون نشاطاتها رهن تصرف الدولة الحاكمة بالنيابة بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ويلاحظ إن العلاقة الشاذة بين الدولة التابعة والمتبوعة لاترتبط بعوامل قانونية، وانما بعوامل سياسية تتباين بأختلاف درجة التبعية واسبابها واهدافها المعلنة او غير المعلنة.
مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحد من مظاهر السيادة الكاملة للدول، فلا تسمح بموجبه الدولة بأن تتدخل دولة أجنبية في شؤونها الداخلية والعكس صحيح، حتى في حال وجود أقليات عرقية ودينية او قومية ترجع في أصولها للدولة الأجنبية، فالشعب بكل شرائحه الاجتماعية يخضع لسلطان الدولة، والقانون الدولي فصل هذا الموضوع بما فيه الكفاية.وبالرغم من ظهور مصطلح أفول السيادة فـأن هذا الأفول الناجم عن تعاظم القوى الكبرى وإنحرافها عن بوصلة الشرعية الدولية، مما يشكل تناقضا جوهريا مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. فالضربة الإستباقية والإحتلال بحجة دعم الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان وإرساء الحريات الرئيسة في الدول المستضعفة تمثل إنتهاكات للقانون الدولي. لكن قانون الغاب غلب القانون الدولي وإستعبده وأذله.
جميع دساتير دول العالم تضمنت مبدأ السيادة الكاملة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبقية الدول وعدم السماح لها بـأن تتدخل في الشأن الداخلي للدولة. وهذا محور جوهري في السياسة الخارجية لا غبار عليه طالما ان الدول تتعامل به وفق رؤية مشتركة ومعيار واحد. لكن عندما يُطبق المبدأ بمسافات مختلفة تجاه الدول، سيكون هناك تقاطع حاد في السيادة ومنعطف خطير في العلاقات الخارجية مما يضعف مكانة الدولة بسبب ازدواجية معاييرها، ويقلل من هيبتها في المحافل الدولية، وكذلك يقلل من قيمتها بنظر شعبها كما يفترض!
بعد الإحتلال الامريكي للعراق كانت كل مفردات السياسة الخارجية والداخلية بيد قوى الإحتلال، ففي كل وزارة ومؤسسة يوجد ممستشار امريكي أو أكثر يُسيرون أمورها وفق مصلحة الإدارة الامريكية، وقد أدت سياسة المحتل بحل أجهزة الدولة وإجتثات الكفاءات العلمية والادارية الى فوضى عارمة في مؤسسات الدولة كافة، وهذا واحد من الأهداف الرئيسة لقوى الإحتلال، وإلا كيف يمكن تصور بلد مهم مثل العراق يحكمه سفير أمريكي ويسيطر على كل مقدراته السياسية والاقتصادية والثقافية، سفير يعني درجة مدير عام.
كان العراق بعد الإحتلال الغاشم أشبه برقعة الشطرنج يلعب عليها الرئيسان السابقان بوش ونجادي وكان كلاهما حريصا على مصالحه ويحركان بيادقهما المحلية العميلة بتأني وحذر، وعندما انسحب بوش من المباراة وحل بديله اوباما ليكمل المباراة، صعب عليه فهم إصول اللعبة، فإنتهز نجادي ضعف ورخاوة أوباما وتخبطه فحسم اللعبة(كش أوباما) لصالح إيران.
إنفردت جمهورية الملالي بالعراق، وصار العراق الفناء الخلفي لإيران، وأخذ النظام البهلوي المعمم يتحدث بوقاحة عن تبعية العراق وسوريا ولبنان واليمن لسلطانه، رغم إنها حقيقة لا يمكن إنكارها. فبيادق الخامنئي هم أصحاب القوة والنفوذ في هذه البلدان. وفي الوقت الذي فشل فيه الخميني من تصدير الثورة العارية للخارج، فإن الخامنئي نجح في المهمة تحت ذريعة نشر المذهب ونصرته وإستغفال الشيعة. وقد ساعده في مسعاه الشيطاني المد الطائفي والجزر الوطني في هذه البلدان، علاوة على الجهل وإنتشار الأمية في وقلة الوعي وإنحسار الثقافة.
مبدأ تصدير الثورة الذي طرحه الخميني وسار على نهجه الخامنئي يمثل إنتهاكا للقانون الدولي وتدخلا سافرا في شؤون الدول الأخرى، ومع هذا لم تستنكر الشرعية الدولية هذ التوجه المنحرف، رعم تأكيد الخامنئي عليه في خطابه للطلاب الدارسين خارج إيران ” إن حضوركم في الأوساط الشعبية والجامعية في الدول الأخرى، من أجل تصدير أفكار الثورة الإيرانية ورسالتها، يعتبر مفيدا للغاية”. وتصريح علي لاريجاني سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني” إن إيران توافق على وقف برنامج تخصيب اليورانيوم مقابل حصول شيعة الخليج على حقوقهم “. وسرعان ما تحول مبدأ تصدير الثورة الى مبدأ الإحتلال، وهذه نتيجة طبيعية ومكلمة لفصل تصدير الثورة، ووصلت الأمور بأن يحل عقيد في الحرس الثوري محل السفير بريمر في حكم العراق. يا للمصيبة! لم نرض بجزة بوش فرضينا بخروف الخامنئي!
عندما كان الرئيس النافق جلال الطالباني يتسلم الأوامر من الجنرال سليماني فتلك بربٌي مصيبة سيادية، وعندما يعلن بأن نظام الملالي الحاكم في ايران منعه من المصادقة على تأليف الوزارة من قبل أياد علاوي فتلك كارثة سيادية. وعندما يعلن المجرم الدولي أحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي بأن النظام الحاكم في طهران هو الذي منع الرئيس النافق جلال الطالباني من عملية سحب الثقة من رئيس الوزراء المالكي، فتلك مصيبة المصائب. عندما تتدخل ايران في كل واردة وشارة عراقية فإن هذا لا يعتبر من وجهة نظر حكومة المالكي تدخلا في الشؤون الداخلية. وعندما يصرح سليماني” ان ايران حاضرة في لبنان والعراق، وهما يخضعان بشكل أو آخر لإرادة طهران وأفكارها. وبإمكان إيران تشكيل حكومات إسلامية في هذين البلدين وكذلك تحريك الأوضاع في الأردن”. فهذا لا يعتبر إهانة للسيادة العراقية الملثومة ولا تدخلا في شؤون العراق وبقية الدول المذكرة التي لم تتجرأ حتى على الرد. يا للخزي والعار!
عندما تقوم حكومة المالكي بدعم جزار دمشق بألوية مسلحة لقتل السوريين، وهذا ما كشفته مؤخرا رسالة من وزير الخارجية الزيباري الى نظيره السوري المعلم، فهذا لا يعتبر تدخلا في شئون دولة أخرى! وعندما تُفتح في النجف وكربلاء مكاتب للحوثيين والبحرانيين المعارضين لحكوماتهم، وتخصص لهم معسكرات تدريبة في مناطق حدودية نائية بين العراق وايران للقيام بأعمال إرهابية لاحقا في دولهم، فأن هذا لا يعتبر تدخلا في الشئون الداخلية لدولة أخرى! وعندما تطلق ميليشيا إرهابية مدعومة من الحكومة(جيش المختار) صواريخا على السعودية، لا يعتبر هذا عدوانا على سيادة دولة أخرى ولا يستوجب حتى الإعتذار! وعندما تصرح إيران بأن قواتها مستعدة لللتدخل في الأنبار بإنتظار إشارة من ربيبها المالكي، لا يعتبر هذا تدخلا في شئون العراق! وعندما يهدد مقتدى الصدر حكومة البحرين من مغبه إعتقال وعقوبة رجل دين متطرف مثله يدين بولائه لإيران وليس البحرين ويحرض على التمرد ضد الحكومة، فهذا لا يعتبر ا تدخلا في شئون دولة أخرى.
وعندما إنبرى أقزام إيران في البرلمان العراقي المتفرس إلى عقد جلسة خاصة لإستنكار إستخدام القوة المزعوم من قبل حكومة البحرين ضد المتظاهرين الذين ينفذون أجندة إيرانية واضحة للعيان، لا يعتبر هذا تدخلا في شئون دولة أخرى. وعندما وصف رئيس الوزار السابق إبراهيم الجعفري مفجر الحرب الطائفية عام 2006 احداث البحرين بأنها تمثل ظلما كبيرا للشيعة، مطالبا اقرانه البرلمانيين بنصرة أصحاب مظلومية البحرين ماديا وعسكريا، وتلاه تصريح أحمد الجلبي مهندس البيت الشيعي الذي تهدم على رأسه الفارغ قبل أن يقف بنيانه، بمطالبة الحكومة العراقية بالتبرع ب(5) ملايين دولار من أموال الشعب المستغفل لنصرة شيعة البحرين، وتلاه الوزير السابق باقري صولاغي مضيفا بأن العراق لن يقف ساكتا أمام ما يجري في البحرين! وتناول الشيخ السفيه جلال الدين الصغير المسألة من جانب أخطر عبر مناشدة إلهه الخامنئي” نناشد قائد الثورة الإسلامية في إيران سماحة السيد الخامنئي حفظه الله بضرورة إتخاذ كل الإجراءات التي يحس من خلالها أبناء شعبنا في البحرين بأنهم ليسوا لوحدهم في معركة حريتهم وكرامتهم وإباءهم”. كل هذا لا يعتبر تدخلا في شئون دول أخرى!
لكن عندما صرح امير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني في كلمته خلال في افتتاح القمة العربية في بالكويت بأنه ” لا يجوز ان ندمغ بالارهاب طوائف كاملة وان نلصقه بكل من يختلف معنا سياسيا فشأن ذلك ان يعمم الارهاب بدلا من ان يعزله”. مضيفا” كما لا يليق ان يتهم كل من لا ينجح في الحفاظ على الوحدة الوطنية دولا عربية اخرى بدعم الارهاب في بلده. فقد آن الاوان ان يخرج العراق الشقيق من دوامة الشقاق والعنف، ولا يتحقق ذلك باقصاء قطاعات اجتماعية اصيلة او اتهامها بالارهاب اذا طالبت بالمساواة والمشاركة، فنحن هنا جميعا ندين الارهاب ولا خلاف في هذا الموضوع”. قلبت حكومة المالكي الدنيا عليه، وأعتبرت موقف السعودية وقطر من العراق إعلان حرب! سبحان الله إعلان حرب! فهل تصريحات نظام الملالي كانت إعلان حب وسلام؟
وبدلا من ان تعلق وزارة الزيباري على التصريح بإعتباره من إختصاصها، إنطلق الببغاء سعد المطلبي من قفصه، أجيرا وليس مأجورا مصرحا بأن” هذه التصريحات تدخلا سافرا بالشأن العراقي اذ لايحق لقطر او السعودية او اي دولة اخرى التدخل بشؤون العراق”. ومهددا بكل صفاقة إن “هذه التصريحات تتيح للعراق التدخل ايضا من الان فصاعدا بشؤونهم. وتقديم النصائح لانظمتهم السياسية المتهاوية”. أنظمتهم إذن متهاوية وليس النظام الحاكم في العراق! وكل التدخلات العراقية السابقة بشؤونهم أهملها المطلبي، وسيبدأ من جديد بالتدخل في شؤونهم بقوله من الآن فصاعدا! أصعب شيء يسمعه الإنسان ويتأسف فيه على جور الزمان، إنه في ظل حكم البغايا والخصيان، تلقى عاهرة سفيهة محاضرة عن العفة والشرف المصان.
علي الكاش

Posted in فكر حر | Leave a comment

الإخوان ولكن بنكهة أخرى

(( الإخوان ولكن بنكهة أخرى ))sabiaa

في دولة خليجية هذا ما شاهدته وسمعته .

التطرف والتخلف لا دين له ، فالدين براء من سلوك البشر ، فالبشر يعكسون تصرفاتهم على أساس هذا دينهم .؟.

ولهذا نجد البعض لديه مواقف مختلفة من المسلمين ، وفي مراحل عديدة في تاريخنا القديم ، ومن العالم الحديث …

الإسلام أنواع : فلم يعد يوجد دين إسلامي (( محمدي )) .!.

سنة ، وشيعة ، ودروز ، وصفويين ، واسماعيليين ، ويوجد 27 فرقة في الشيعة ، وسلفيين ، وهابيين ، وإخوان ، وهؤلاء محسوبين على الإسلام السني .

وأعيد وأقول ليس في الإسلام شيعة ، فالشيعة معناها بالفصحى العربية (( شيعة فلان أي تابعين ، او مؤيدين لفلان )) …

ولا يوجد سنة ، فالسنة هو نمط سلوك الرسول (ص) …

وبالعقل وبالمنطق هؤلاء كلهم خرجوا عن جادة الصواب وتحزبوا ، ونسوا أسباب رسالة النبي محمد ( ص) ، فأصبحت سياسية وتحت توجيه الأنظمة ، او تحت وطأة مزوري التاريخ …؟.

قال الإمام محمد الغزالي :

هجر المسلمون القرآن الى الأحاديث…

ثم هجروا الأحاديث الى أقوال الأئمة …

ثم هجروا أقوال الأئمة الى أسلوب المقلدين …

ثم هجروا أسلوب المقلدين والمفكرين وتزمتهم الى الجهال وتخبطهم …

في مساء يوم الخميس قمت وصديقي (( ماركوس )) بزيارة عائلة من أقربائه ، وهو عراقي آشوري ، وقال لي صديقي ماركوس : لا تجلس كثيرا ، مجرد معايدتهم ونذهب ، وكانت تلك الليلة هي ليلة عيد الميلاد .

ونزلنا وجلسنا وقدموا لنا الشاي والكليجة (( المعمول )) ، وسلمنا عليهم وخرجنا ، ولكنني أبديت ملاحظتي بعد خروجنا وقلت لهم لم أشاهد التلفاز (( التلفزيون )) .؟.

وقال ماركوس : لا تسألني كثيرا ، فهؤلاء يعتبرون التلفزيون حرام …

وأصبحت بالدهشة وقلت : يا ماركوس لكن هؤلاء مسيحيين عراقيين .؟.

قال ماركوس : نعم هم أقربائي ، ولكن من الإخوان المسيحيين ، وبعدها قررت دعوته لجلسة شراب في الشاليه العائدة للعائلة ..

‎هيثم هاشم – مفكر حر؟‎

Posted in الأدب والفن, كاريكاتور | Leave a comment

DNA 28/03/2014 انتخابات رئاسة الجمهورية

turturmartyrs

Posted in ربيع سوريا, يوتيوب | Leave a comment

تيدي ستودارد ومركز( ستودارد) لعلاج السرطان

teddystadwardقصة حقيقية ومؤثرة

وقفت معلمة الصف الخامس ذات يوم و ألقت على التلاميذ جملة :إنني أحبكم جميعا وهي تستثني في نفسها تلميذ يدعى تيدي !!

فملابسه دائماً شديدة الاتساخ
مستواه الدراسي متدن جدا ومنطوي على نفسه ،

وهذا الحكم الجائر منها كان بناء على ما لاحظته خلال العام
فهو لا يلعب مع الأطفال و ملابسه متسخة
ودائما يحتاج إلى الحمام

و انه كئيب لدرجة أنها كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر
لتضع عليها علامات x بخط عريض وتكتب عبارة راسب في الأعلى

ذات يوم طلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ وبينما كانت تراجع ملف تيدي فوجئت بشيء ما !

لقد كتب عنه معلم الصف الأول : تيدي طفل ذكي موهوب يؤدي عمله بعناية و بطريقة منظمة.

و معلم الصف الثاني : تيدي تلميذ نجيب و محبوب لدى زملائه و لكنه منزعج بسبب إصابة والدته بمرض السرطان.

أما معلم الصف الثالث كتب:لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه لقد بذل أقصى ما يملك من جهود لكن والده لم يكن مهتما به و إن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات

بينما كتب معلم الصف الرابع : تيدي تلميذ منطو على نفسه لا يبدي الرغبة في الدراسة وليس لديه أصدقاء و ينام أثناء الدرس

هنا أدركت المعلمه تومسون المشكلة و شعرت بالخجل من نفسها !

و قد تأزم موقفها عندما أحضر التلاميذ هدايا عيد الميلاد لها ملفوفة بأشرطة جميلة
ما عدا الطالب تيدي كانت هديته ملفوفة بكيس مأخوذ من أكياس البقاله.

تألمت السيدة تومسون و هي تفتح هدية تيدي وضحك التلاميذ على هديته وهي عقد مؤلف من ماسات ناقصة الأحجار و قارورة عطر ليس فيها إلا الربع

ولكن كف التلاميذ عن الضحك عندما عبرت المعلمة عن إعجابها بجمال العقد والعطر وشكرته بحرارة، وارتدت العقد ووضعت شيئا من ذلك العطر على ملابسها ،

ويومها لم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله مباشرة

بل انتظر ليقابلها وقال : إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي !

عندها انفجرت المعلمه بالبكاء لأن تيدي أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة !!
منذ ذلك اليوم أولت اهتماما خاصا به وبدأ عقله يستعيد نشاطه و بنهاية السنة أصبح تيدي أكثر التلاميذ تميزا في الفصل ثم وجدت السيده مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي كتب بها أنها أفضل معلمة قابلها في حياته فردت عليه أنت من علمني كيف أكون معلمة جيدة.
بعد عدة سنوات فوجئت هذه المعلمة بتلقيها دعوة من كلية الطب لحضور حفل تخرج الدفعة في ذلك العام موقعة باسم ابنك تيدي .
فحضرت وهي ترتدي ذات العقد و تفوح منها رائحة ذات العطر ….

هل تعلم من هو تيدي الآن ؟

تيدي ستودارد هو أشهر طبيب بالعالم ومالك مركز( ستودارد)لعلاج السرطان ) .

.. ترى.. كم طفل دمرته مدارسنا بسبب سوء التعامل ..؟!
.. كم تلميذ هدمنا شخصيته ؟! اهداء لكل المعلمين مع بداية العام الدراسي الجديد .. وكل عام دراسي ونحن احسن واكثر اخلاصا .. فهم من يبنون امجاد الامم!….

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

رسالة تعزية لرحيل والدة قداسة البابا تواضروس

زيورخ فى 28/3/2014qobtishr

……………………………

رسالة تعزية

يتقدم اتحاد المنظمات القبطية فى اوربا ” ايكور” بخالص التعازى القلبية فى انتقال والدة قداسة البابا المعظم الانبا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية

ونطلب لروحها نياحا فى احضان ابائنا القديسين ابراهيم واسحق ويعقوب ويمنح الرب سلاما وعزاء لمحبيها

مدحت قلادة رئيس اتحاد المنظمات القبطية فى اوربا

دكتور ابراهيم حبيب نائب رئيس الاتحاد

الاستاذ مجدى يوسف منسق عام الاتحاد

Posted in فكر حر | Leave a comment

إسرائيل تحذر تركيا من شن عملية عسكرية مسلحة ضد سوريا

وكالة انباء اوناassadsharon

ذكرت صحيفة طرف التركية اليوم ، أن ‏المبعوث الخاص لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، توجه إلى أنقرة دافيد ميدان، وحذر رئيس جهاز المخابرات التركي ، هاكان فيدان ، خلال اجتماعهما الأخير في العاصمة التركية من النتائج التي قد تترتب عن أي عملية عسكرية محتملة ضد سوريا .

وأضافت الصحيفة أن “ميدان” ، أوضح أن سوريا تمتلك أكبر مخزون من الأسلحة الكيماوية في العالم ولديها عدد كبير من الصواريخ متوسطة ، وبعيدة المدى الروسية والصينية ولها القدرة على ضرب مناطق جنوبي وجنوب شرقي تركيا، وقد تكون لدى بعض من هذه الصواريخ القدرة على ضرب أنقرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن ميدان لا ينظر إيجابيًا لقيام القوات المسلحة التركية بعملية عسكرية محتملة ضد قوات النظام السوري، لأنها قد تولد نتائج سلبية ومخاطر على دول المنطقة

Posted in ربيع سوريا, فكر حر | Leave a comment

أحرار الأهواز

عناقيد الاحرار في ايران تنتصبiranhunging
والعرب والإسلام صـامت تعـب
في كل يوم يخطفون من منازلنا
عناقيد عــز مضت ما بها كرب
وفي قــم مواخير على ابوابها رفعت
رايات ثـأر لكسرى اليوم تنتحب
مجوس حتى لو أقمتم في مساجدكم
كل الشعائر فكـلكم فاســق كـذب

Posted in الأدب والفن, ربيع سوريا | Leave a comment

ولاية الفقيد .. أحدث نظريات الحكم العربية !!

ولاية الفقيد .. أحدث نظريات الحكم العربية !!botafliqa

نحن غرابا عكّْ، عكّْ، عكٌّ إليك عانيه، عبادُك اليمانيه، كيما نحجَّ الثانية !!

تلبية قديمة، لا أظنُّ أن أحداً شاهد فيلم “فجر الإسلام” دون أن تترك في ذاكرته صدي غريباً، ربما لما تنطوي عليه من غرابة المفردات، أصبحت مؤخراً “رنة” تليفون، لا أمزح والله، و هذه والله حقيقة، كنت شاهداً عليها، و إن كنت لا أعرف بالضبط كيف يعمل عقل ذلك الشخص الذي يختار “نحن غرابا عك عك” كرنة لتليفونه، أين نعيش بالضبط ؟!! ..

لعله الحنين المحتجز في الأعماق الخاملة لوثنية الأسلاف، و للطواف حول أصنام يعود لنا الفضل بالأساس في خلقها، وهو في الحقيقة طقسٌ لم نتوقف عن ممارسته في هذه البقعة الرديئة من العالم يوماً واحداً..

لكن تطوراً طفيفاً نحو الأسوأ قد حدث، فلقد تجاوزنا، لسوء الحظ، مرحلة الطواف حول أصنام من حجارة، مرحلة البدائية الوسطي تلك، ورجعنا مباشرة إلي مرحلة الهمجية الأولي، و أصبحنا ندور في دوائر مفرغة حول أصنام بشرية لا تملك من أمر نفسها شيئاً، لولا غباء الأغلبية، و لولا الدعاية السياسية التي تصورها كآلهة بشرية ضالعة في سماء حقيقية ..

غريبٌ أن الأعوام الماضية الكثيرة لم تحدث فارقاً يذكر بيننا الآن وبين قبيلة “عك” من قرابة “2000” سنة !!

و عكٌّ، قبيلة من قبائل اليمن، كانت، عندما تحج الكعبة، تقدم عبدين أسودين يقودان موكب الحجيج، يصيحان علي طول الطريق من اليمن إلي مكة :

– نحن غرابا عكّْ !!

و يردد الموكب خلفهما :

– عكٌّ إليك عانية !!

عانية، أي خاضعة ذليلة، وهي لفظ تسلل إلي القرآن أيضاً، ” و عنت الوجوه للحي القيوم”..

و “غرابا”، مثني غراب، و كلُّ من كان أسود ، و كل من كانت أمُّه أمةً سوداء، هو عند العرب “غراب” ، و أشهر من لقبوا بهذا اللقب ثلاثة، اجتمعوا علي تلقيبهم بـ “أغربة العرب”، وهم، “عنترة بن شداد” و أمه “زبيبة”، و “خفاف بن عمير الشريدي” و أمه “ندبة”، و “سُليك بن السُلَكة” و”السلكة” أمه..

مصرون نحن أن نبدأ من نقاطنا الخاصة، حتي بعدما ثبت فشلها، لا من حيث انتهي الآخرون، أولئك الذين توصلوا إلي القانون الأجمل للحياة منذ سنين طويلة، و لولا “الجزائر” الآن لتوصلوا إليه مبكراً، و لأدركوا مبكراً، و مبكراً جداً، أنهم ليسوا قاصرين لابد لهم من قائد يختبئون في ظله الكبير، و أدركوا أن الحاكم، أي حاكم، هو في النهاية موظف لإدارة شئونهم يستطيعون العصف به في أي وقت، و كل وقت ..

إن العالم ليعلم أن”الجزائر”، مدينة له بعقود وعقود من التخلف و الدوران في الفشل وعبادة الأصنام البشرية !!

قد يبدو هذا الكلام كالهذيان للذين لا يعلمون أن القائد القوطيَّ “ألريك”، عام “410 م”، اقتحم مدينة “روما”، مملكة الله، كما كان يعتقد المسيحيون في ذلك الزمان، و نهبها، و دفع الآلاف من سكانها إلي النزوح عنها خوفاً من القتل،

و كرد فعل ضروري علي ضياع مملكة الله، امتلأت الشكوك الهزيلة في صحة المسيحية كديانة نبيلة في عقول كل المسيحيين هناك، و راحوا يتساءلون بأصوات مسموعة عن هوية هذه الإله الذي لا يستطيع دفع البرابرة عن مدينته ..

بالإضافة إلي أنهم حتي قبل هذه الحادثة، كانوا قد بدأوا يضيقون باختبارات السماء و صرامة الكهنة، ويعصف بقلوبهم الحنين إلي حياة “روما” الوثنية التي كانوا يعرفون من أشعار “فرجيل” كل تفاصيلها،

كرنفالاتها الدائمة، و مسرحها، و حلبات المصارعة الرومانية، و أساطيرها، و آلهة الحصاد، و العذاري الفيستيات، و الإباحية الجنسية بشتي صورها ..

و انتشرت الشماتة في لهجات كل الذين واظبوا علي حراسة الوثنية و رفضوا الدخول في المسيحية، و اتهموا المسيحية بأنها السبب وراء ضياع روما، لأن الآلهة القديمة بسبب ما وجه إليها من إهانات الكهنة قد تخلت عن حماية “روما” !!

لقد لمس المسيحيون، أو كادوا، حقيقة أنهم قد استبدلوا أساطير أجدادهم و آلهتهم بأسطورة مستوردة من الشرق، وتنبهوا في ذلك الوقت لأول مرة إلي الجانب الأسطوريِّ في نشأة المسيحية و ولادة “يسوع” من عذراء، و هنا، تحديداً، استطاع القديس “أوغسطين”، ذلك الراهب الجزائريُّ، ترميم الفكرة المسيحية مجدداً !!

كان الحل بسيطاً، كتاباً أسماه “مدينة الله”، أقل من كتاب فلسفيٍّ و أكبر من مجرد تاريخ، ادَّعي فيه أن “مدينة الله” في السماء لا في الأرض، و أن ضياع “روما” لا يعيب المسيحية، و لكن المسيحيين لابد خاطئون و أن ما حدث هو عقاب سماويٌّ للخاطئين لا أكثر !!

تبرير سخيف، لكنه ينجح، لا تلمسوا شيئاً حتي تنهض مدينة “فلورنس”، و يتناثر غبار الشك من هناك علي كل أوروبا ليعصف في النهاية بالكنيسة، و بالمسيحية نفسها دون رحمة !!

انحدر القديس “أوغسطين”، أحد آباء الكنيسة البارزين، و شفيع الكهنة، من أصول أمازيغية ، و ولد في “تاجاست”، “سوق أهراس، في الجزائر الحالية”عام “354 م”،

كانت “تاجاست” تقع في إحدى مقاطعات مملكة روما في شمال أفريقيا، عندما بلغ الحادية عشر من عمره أرسلته أسرته إلى “مداوروش”، و هي مدينة نوميدية تقع علي بعد “30” كلم جنوبي “تاجاست”،

في عمر الـ “17”، ذهب إلى “قرطاج” التونسية لإتمام دراسة علم البيان، و هناك أصبح في عداد المهرطقين، و هناك أيضاً اتخذ امرأة ستكون عشيقته لمدة “15”عاماً، و يكون له ولدٌ منها، و اتبع الديانة “المانوية”، نسبة إلي مؤسسها “ماني”، خاذلاً بذلك أمه القديسة “مونيكا”، وهي مسيحية صالحة، ظلت تذرف الدموع “20” عاماً رغبة منها أثناء صلواتها في عودة ابنها إلي ديانته الأولي، لذلك السبب وحده، يلقب ذلك القديس بـ “ابن الدموع”..

و قايضت (السماء) دموعها ببذخ شديد، إذ لم يرجع ابنها مسيحياً فقط، إنما استطاع أن يؤجل ضمور المسيحية ألفية كاملة وبعض الألفية بفكرة نبتت في عقله بين جدران دير في مدينة “عنابة الحالية بالجزائر” !!

إن للجزائر أساطيرها الخاصة، وإبداعها القديم في نظريات الحكم، و أساليب تواصل هذيانها ..

و آخر نظريات الحكم في الجزائر هي “ولاية الفقيد”، و رغبة قبر حقيقيِّ في ترشيح شاهده لولاية رابعة، ليست هذه هي المشكلة، إنما المشكلة تكمن في أن هذا الشاهد بالتأكيد سوف ينجح، وكلنا من المحيط إلي الخليج، أو، من الماء إلي الماء، يعرف لغة الصناديق العربية !!

لا يخفي علي أحد أن معظم أعضاء جسد السيد “عبد العزيز بو تفليقة” توقفت تماماً عن أداء وظائفها، و توقف هو أيضاً عن أن يكون حياً، فهو بالفعل قد مات إكلينيكياً، و جف كل شئ فيه، حتي مخارج الحروف في حنجرته، لذلك، لا يستطيع أن يقول جملة متصلة من خمس مفردات دون أن يتوقف بين كل مفردة ومفردة ليلتقط أنفاسه كحبات شعير، أو بمعني آخر، دون أن يأخذ، كالإخوة السودانيين بعد أن يستيقظوا من النوم، (غسطاً من الراحة)، آآآآي !!

مع هذا، لم يجد الرجل غضاضة في أن يعلن ترشيح نفسه لرئاسة الجزائر، لولاية رئاسية رابعة، و هذه إهانة عظيمة لكل الإخوة الجزائريين، فهل جفت أرحام الأمهات هناك عن إنجاب صالحين للحكم بعد ميلاد السيد “بو تفليقة”، و ماتت القابلات ؟!

ما هي أوسمة الرجل التي تؤهله للحكم وهو ميت ؟

الجزائر إحدي الدول الفرانكفونية، ما في ذلك شك، حتي اللغة العربية، تخسر كل صباح ألسنة جديدة أمام زحف اللغة الفرنسية، و الجزائريون ينساقون وراء ولاء غامض لـ “فرنسا”، لكنهم، مع هذا، يحبون في “فرنسا” عرضها دون أن يتوغلوا في جوهرها، و يقرأوا تاريخها ..

“شارل ديجول”، بطل طبيعيٌّ، لا يحتاج أن يُعلِّلَ، أو يعلَّلَ إعلامه لماذا هو بطل، فبطولته تكفي بالقدر الذي يعصف بكل جهات الكلام من تلقائه ..

مَن مِن الفرنسيين لا يحتفظ بهذا الاسم في باله كوردة في البال، فهو الأب الروحيُّ للجمهورية الفرنسية الخامسة، و صاحب النبض الأكيد في انتشال “فرنسا” من هزيمة الحرب الثانية..

بالرغم من كل هذه الأوسمة الثرية، لم يشفع له تاريخه المشرف لدي الشعب الفرنسيِّ الذي تظاهر لإسقاطه عام “1968”، و هو من جانبه، قرر أن يجري استفتاء حول تطبيق المزيد من اللامركزية في “فرنسا”، وتعهد قبل إجراء الاستفتاء بالتنحي عن منصبه في حال لم توافق نسبة كبيرة من الفرنسيين على تطبيق اللامركزية في البلاد،

و أعلن في النهاية تنحيه عن منصبه مساء يوم “28” أبريل عام “1969”، لماذا ؟، لأن الموافقة على تطبيق اللامركزية ظفرت بنسبة أقل قليلا من النسبة التي حددها هو سلفاً !!

ما هي أوسمة السيد “عبد العزيز بو تفليقة” إذاً ؟!

إذا وجهت هذا السؤال لأحد مؤرخي البلاط في الجزائر، سوف يجيبك بأنه انتشل الجزائر من رحاب الحرب الأهلية و الخطر الذي كان يشكله الإرهابيون، و هذا جنوح عن الحقيقة..

فالمسألة لا تتجاوز منظومة من أقلية فاسدة و نافذة و معقدة، تنطلق للسيطرة علي الهامشيين من نقطة واحدة، و مناخ واحد، تدرك تماماً أن أي ريح جديدة تهب من خارج هذه المنظومة سوف تعصف من كل الجهات بالأوراق القديمة، التافهة، و تشكل منها خريفاً لا ربيع بعده ..

مع ذلك، هب السيد “عبد العزيز بو تفليقة” فعل ذلك فعلاً، هل هذا يمنحه الحق في الحكم الإلهيِّ حتي وهو “فقيد” ؟!

ولاية الفقيد، نظرية في الحكم لم تولد في ألفة الجزائر وحدها، فهي نابضة من المحيط إلي الخليج، و نابضة جداً، فمعظم الحكام العرب نعوش طارئة، لكنها اتخذت في الجزائر بعداً جديداً، فلم يحدث أن حكم ميتٌ شعباً من قبل،

أوقفوا بالله عليكم هذا العبث الذي يعصف بجمال الشرط الإنسانيِّ، وينتاب كاللعنة كل ما توصلت إليه الإنسانية في مسيرتها نحو الرقيِّ، ساعتها فقط، أبشروا بالارتباط برقيٍّ يدوم إلي الأبد ..

‎محمد رفعت الدومي – مقكر حر؟‎

Posted in الأدب والفن, كاريكاتور | Leave a comment