No bad days (لا يوجد أيام سيئة)

بين بنجامن والأكل قصة عشق وغرام… لا يمضي يوم واحد إلا وتتصل بي ابنتي لتروي لي طرفة تتعلق بهذا الغرام… منذ حوالي اسبوع ضربت هزة أرضية المدينة التي نعيش فيها حوالي الثانية ليلا…. اتصلت فرح باكرا في الصباح: ـ ماما شعرنا بأن البيت يتهدم، ركضت وكارلوس خلال ثوان ونبشنا جازي وبنجي من اسرتهما، وركضنا إلى الطابق السفلي كي نقف تحت أحد الأعمدة (التزاما بالتعليمات في حال حدوث هزة) وتابعت تقول: كنت أقفز وأنا أتأبط بنجي كل ثلاث درجات من السلم معا…
وبينما أنا أقفز غير آبهة بعرض الدرجات، سمعت بنجي يتمتم وهو نصف نائم:
Mommy, Is it time for breakfast
مامي، هل حان موعد الفطور؟
….
الطبيب يقول: أن بنجي فوق المعدل العام للوزن بين الأطفال في مجموعة سنه، وهذا ما يقلق فرح إلى حد الهوس! لذلك، قبل أن تصل به إلى بيتي عندما تريد أن تتركه معي لبعض الوقت، تسبقها رسالة على الموبايل، رسالة تحمل ـ ما يجب وما لا يجب ـ عندما يتعلق الأمر بطعام بنجي… (حليب أو جبن بدون دسم، ربع كعكة، ثلث موزة، أربع حبات عنب، وقس على ذلك) معظم الأحيان ألقي برسالتها في حيّز النسيان، وألتزم بها أحيانا أخرى… البارحة، وبعد أن تأكد من أن أمه غادرت، اقترب مني يطلب كعكة وبعض الجبن… هل تتوقعون أنني أملك من الشجاعة ما يساعدني على أن أقول “لا”، علما بأنني متأكدة أنه أكل قبل أن يأتي؟ بدلا من أن أعطيه ربع كعكة، أعطيته نصفها.. لم أكد أضع الصحن أمامه، إلا واعترت وجهه علامات إحباط شديد….
نظر في عيني نظرة قهر وعتاب، ثم أشار باصبعه إلى نصف الكعكة، وفكر برهة ثم تمتم:
, This’s not a bagel, this’s aaaaaaaaaaaaa rainbow
هذه ليست كعكة، هذهييييييييي…….قوس قزح! لم أكد اسمع العبارة حتى وقعت على الأرض من شدة الضحك!
……..
هل صدف واستيقظت في أحد الصباحات بمزاج عكر، وأنت “مدعدش” وتشعر بالحاجة لضرب أحدهم بسكين في بطنه؟؟؟ هكذا كان مزاجي هذا الصباح… التزم المسكين زوجي بصمت مطبق ثم جلس خلف المقود، وجلست بجانبه في طريقنا كي نمارس إدماننا الصباحي، شرب القهوة في مقهانا المفضل… في الطريق، ضربت زجاج السيارة عدة مرات… مزقت بعض الورق، وشتمت بعض المارة بدون سبب… أغلقت الراديو مدعيّة أن الموسيقا صاخبة، علما بأنه كان يستمع إلى نشرة الطقس وليس إلى موسيقا! غضب الله عليه عندما قرر أن لا يدخل مرآب المقهى، بل يتقدم إلى الأمام قليلا كي يصف السيارة قرب الماركت
التي نريد أن نشتري منها بعض الحاجات بعد انتهاءنا من شرب القهوة، فدوى صوتي كالمدفع: ليش وقفت هون؟
ـ رد بهدوء كعادته: كي أثبت لك أنه لا يوجد يوم سيء! ثم أشار بيده إلى السيارة التي تقف أمامنا! يا للصدفة!!
على الزجاج الخلفي كُتبت عبارة:
No bad days (لا يوجد أيام سيئة)
ثم تابع: ألست تدّعين أنك تتلقين رسائل كونية وتجيدين قراءتها؟ أليست تلك رسالة الكون لك اليوم كي تستمتعي بشرب فنجان قهوتك؟ مشيت أمامه بهدوء، و لعابي يسيل بانتظار الرشفة الأولى….
……….
عزيزي القارئ: لابد أنك تذكر قصة الكأس الذي امتلأ حتى نصفه بالماء… بعض الناس يرون نصفه الملآن والبعض الآخر يرون نصفه الفارغ… لا أعتقد أن القضية تعود إلى كمية الماء الذي في الكاس، بل إلى العين الذي تنظر إليه… حتى في أحلك الظروف عندما بدا كأسي خاويا كنت اؤمن بأن قطرة من الغيث في طريقها إلى الهبوط، ولم يخيبني إيماني يوما! تذكر: لا يوجد يوم سيء بالمطلقعندما تعطيك الحياة نصف كعكة، بينما كنت تتوقع كعكة بالكامل: ابحث عن قوس قزح في صحنك، بدلا من أن تندب حظك!