ملخص كتاب الحقيقة الغائبة لشهيد الفكر و التنوير فرج فودة

ملخص كmf4تاب الحقيقة الغائبة لشهيد الفكر و التنوير ( فرج فودة ) !

أولاً:

أن الخلافة التي نعتوها بالإسلامية هي في حقيقتها خلافة عربية قرشية، وأنها لم تحمل من الإسلام إلا الاسم، وأن دعوى إحيائها من جديد تبدو أكثر تناسقاً مع منهج القومية العربية والدعوة للوحدة بين أقطار العرب، منها إلى الدعوة لدولة دينية إسلامية، وبهذا المنطق نقلبها على أساس كونها دعوة سياسية بحتة، إن استهدفت التوحد فعلى أساس المصلحة، وإن توجهت للتكامل فعلى أسس حضارية عقلانية، وإن استلهمت التاريخ فعلى أساس وطيد من (الجغرافيا).
ثانياً:
أن الإسلام دين لا دولة، وعلى المحتج علينا بالعكس، أن يرد علينا بحجة التاريخ، وليس أقوى من التاريخ حجة، أو أن يعرض علينا منهجه في إقامة الدولة على أساس الإسلام، وليس أقوى من تهافت ما قدم إلينا حتى الآن من أفكار حجة على المدعين أن الإسلام دين ودولة، ومصحف وسيف، ليس هذا فحسب بل أننا نعتقد أن الدولة كانت عبئاً على الإسلام، وانتفاضاً منه وليست إضافة إليه، ولسنا في حاجة بعد الصفحات السابقة إلى دليل.
ثالثاً:
إن الفرق بين الإنسان والحيوان، أن الأول يتعلم من تجاربه، ويختزنها مكوناً ما نعرفه باسم (الثقافة) ويبدو أن المنادين بعودة الخلافة يسيئون بنا الظن كثيراً، حين يدعوننا إلى أن نجرب من جديد ما جربناه من قبل، وكأن تجربة ثلاثة عشر قرناً لا تشفع، أو كأنه يفزعهم أن تسير على قدمين، فيطالبونا بالسير على أربع.
رابعاً:
إن الثابت لدينا من قراءتنا للتاريخ الإسلامي أننا نعيش مجتمعاً أرقى بكل المقاييس، وعلى رأسها مقاييس الأخلاق، وهو مجتمع أكثر تقدماً وإنسانية فيما يختص بالعلاقة بين الحاكم والرعية، وأننا مدينون في ذلك كله للثقافة الإنسانية التي لا يرفضها جوهر الدين، ولحقوق الإنسان التي لا تتناقض مع حقوق الإسلام.
خامساً:
إن التاريخ يكرر نفسه وكأنه لا جديد، غير أننا لا نستوعب دروسه، ونركز في دراستنا له على أضعف جوانبه، وهو جانب الفكر الديني، ونحن في دعوتنا لدراسة التاريخ والاستفادة من دروسه، لا نكرر خطأ المتطرفين حين يدعوننا إلى منهج النسخ الكربوني وإنما ندعو إلى ترجمة حوادث التاريخ بمصطلحات الحاضر، وإلى الاستفادة من دروسه بأسلوب العصر، ولكي نؤكد للقارئ أن التاريخ يعيد نفسه، ندعوه إلى قراءة ما ذكره ابن الأثير تحت عنوان (ذكر فتنة الحنابلة ببغداد) حيث قال (الكامل في التاريخ – ابن الأثير – الجزء السادس ص248)
(وفيها – يقصد سنة 323هـ في خلافة الراضي – عظم أمر الحنابلة وقويت شوكتهم وصاروا يكبسون من دور القواد والعامة، وإن وجدوا نبيذاً أراقوه، وإن وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة الغناء، واعترضوا في البيع والشراء، ومشى الرجال مع النساء والصبيان، فإذا رأوا ذلك سألوه عن الذي معه من هو؟ فإن أخبرهم وإلا ضربوه وحملوه إلى صاحب الشرطة وشهدوا عليه بالفاحشة فأرهجوا بغداد).
ولنا أن نسأل القارئ: ماذا لو استبدلنا بغداد بأسيوط، والحنابلة بالجماعات الإسلامية، وعام 323هـ بعام 1986، ثم قرأناه من جديد؟، غير أن ذلك كله كان في خلافة الراضي، حين اهتزت هيبة الحكم، وعجز عن استخدام أدواته، التي كانت نطعاً وسيفاً في عصره. بينما أدواتنا اليوم هي الدستور والقانون والديمقراطية الكاملة، وهي أدوات لا يعيبها إلا عدم الاستخدام في أغلب الأحيان.
سادساً:
إن تنامي الجماعات الإسلامية وتيارات التطرف السياسي الديني في مصر، يعكس تأثير التربية والتعليم والإعلام في مجتمعاتنا، حيث التفكير دائماً خاضع للتوجيه، والمنهج دائماً أحادي التوجه والاتجاه، والوجه الواحد من الحقيقة هو الحقيقة كلها، وما سبق عرضه في هذا الكتاب لا يزيد عن محاولة لعرض الحقيقة المتكاملة، الأمر الذي يدعو إلى التفكير، وهو أمر جد مختلف عما يدفع إليه المنهج السائد إعلامياً، والذي لا يعرض من الحقيقة إلا الجانب المضيء، ولا يعلن من الآراء إلا رأياً واحداً، ولا يدفع المواطنين إلا إلى اتجاه واحد، وهو من خلال ذلك كله يهيء الوجدان لقبول التطرف، ويغلق الأذهان أمام منطق الحوار.
سابعاً:
إن الإسلام على مفترق طرق، وطريق منها أن نخوض جميعاً في حمامات الدم، نتيجة للجهل وضيق الأفق وقبل ذلك كله نتيجة لانعدام الاجتهاد المستنير، وطريق آخر أن يلتقي العصر والإسلام، وذلك هين يسير، وسبيله الوحيد هو الاجتهاد المستنير، والقياس الشجاع، والأفق المتنور، ولست أشك في أن البديل الثاني هو الوحيد، وهو الذي سيسود رحمة من الله بعباده، وحفظاً منه لعقيدته، غير أن أخشى ما أخشاه أن يطول الانتظار، وأن يحجم الأخيار، وأن يجبن القادرون، وأن ينجح المزايدون في دفع العجلة إلى الوراء، ولو إلى حين، لأن المجتمع كله سوف يدفع ثمن ذلك، وسوف يكون الثمن غالياً.
ثامناً:
إن ما عرضناه من تفاصيل وما ناقشناه من وقائع لم يكن هو القصد، بل كان قصدنا أن نعرض منهجاً للتفكير، يسمح باستخدام العقل في التحليل، والنطق في استخلاص النتائج، والشجاعة في عرض الحقيقة دون زيادة أو نقصان، ولا نحسب أننا في هذا مبتدعون بل نحن متبعون لما أملاه علينا إخلاصنا للعقيدة وولاؤنا للوطن، وانتماؤنا للمستقبل.
**********************************
أوجز العرض والقصد في الرفض الكامل لخلط أوراق السياسة بالدين، وفي التأكيد على الفصل بينهما، حجتي في ذلك ما يلي
أولاً: أن البينة على من ادعى، وإذا كنا ندعو للفصل فحجتنا جلية فيما هو قائم، أما دعاة الوصل فعليهم أن يوضحوا لنا كيف يكون، ولا مناص عن صياغة برنامج سياسي كامل، وهو في تقديرنا أمر عسير عليهم، وإن كان يسيراً علينا أن ندرك الأسباب، وقد عرضناه بالتفصيل في الكتاب.
ثانيا:
إننا نقبل في منطق الصواب والخطأ في الحوار السياسي، لأن قضاياه خلافية، يبدو فيها الحق نسبياً، والباطل نسبياً أيضاً، ونرفض أن يدار الحوار السياسي على أساس الحلال والحرام، حيث الحق مطلق والباطل مطلق أيضاً، وحيث تبعة الخلاف في الرأي قاسية لكونه كفراً، وتبعة الاتفاق والمتابعة قاسية أيضاً لمجرد كونها في رأي أصحابها حلالاً، حتى وإن خالفت المنطق، بل حتى وإن خالفت الحلال ذاته، ولم تكن أكثر من اجتهاد غير صائب تسانده سلطة الحاكم باسم الدين، ويؤازره سلطان العقيدة في ساحة غير ساحتها بالقطع، ولعل ممارسة النميري في السودان لا زالت في الأذهان، ولعل مباركة علمائنا الأفاضل لما فعله النميري وقت أن كان في السلطة لا زالت في الوجدان، ولعل نقدهم المرير له ونكيرهم اللاذع عليه بعد أن ترك السلطة واضح للجميع ولعلنا نتساءل دون أن نغضب أحداً، هل هو الخداع فلا نقبل منهم قولاً، أم هي الغفلة فلا نقبل منهم ريادة؟
أم هو الخطأ – وكل ابن آدم خطاء فندعو لهم بالمغفرة؟ وقريب من هذا موقفهم من الرئيس السابق في مبادرة السلام حين رفعه بعضهم إلى أعلى عليين بالقرآن والسنة، وهبط به بعضهم إلى أسفل سافلين بالقرآن والسنة، وركونا حيارى، بل إن شئت الدقة أسارى، لعلامات التعجب والاستفهام، ومالنا نذهب بعيداً وأمامنا الآن حوار دائر بين فريقين منهم، بشأن كافراً وبعضهم يراه قديساً، بينما نحن الرعية – الحيارى – الأسارى – نضرب كفاً بكف ونحن نتابع حواراً لا يدور بين رأي ورأي أو بين صواب وخطأ، بل بين كفر وإيمان، وهو ما نرفضه دون أن يؤثر هذا على ما في وجداننا من عقيدة، وما في قلوبنا من إيمان.
ثالثا:
إن وقائع التاريخ التي سردناها في الكتاب، تنهض دليلاً دامغاً على ضرورة الفصل، وعلى خطورة الوصل، وعلى سذاجة المتنادين بعودة الخلافة.
رابعاً:
إذا تجاوزنا وقائع التاريخ وانتقلنا إلى ممارسات نظم قائمة ترفع شعار الإسلام، وتتبنى مفهوم الحكم به، فإننا نرى أنها جميعاً حجة في صالح الفصل، ودليل جديد على خطورة الوصل، وكم نتمنى أن يحتج بها البعض حتى نلزمه حجته، غير أنا نحسب أن أحداً لن يفعل، لما نعلم ويعلم.
خامسا:
يبقى السبب الأخير والأهم، وهو أن الفصل هو السبيل الوحيد للحفاظ على الوحدة الوطنية، وأن الوصل هو السبيل الأكيد لهدم صرحها العتيد، لا يغني عن ذلك التشدق بمقتطفات من التاريخ تؤكد على السماحة والتسامح في معاملة أهل الذمة، فقد ضربنا صفحا عن أضعافها مما يؤكد العكس، وتقشعر له الأبدان، ونحن نؤمن بأن الإسلام قد بلغ الذروة في التسامح مع أهل الكتاب، بل ومع الكافرين، لكن القرآن لا يفسر نفسه بنفسه، والإسلام لا يطبق نفسه بنفسه، وإنما يتم ذلك من خلال المسلمين، وما أسوأ ما فعل المسلمون بالإسلام، ولسنا في حاجة إلى نكأ الجراح أو إثارة النعرات أو تفجير الخلافات، يقدر ما نحن في حاجة إلى تأكيد الإيجابيات ولم الشمل وتماسك الصفوف

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.