«جبهة النصرة»… متطرفون سارقون لثورة الشعب

روبرت فورد

أوجدت وحشية نظام الأسد بيئة داخل سورية يسعى «تنظيم القاعدة في العراق» جاهداً لاستغلالها. وفي محاولة منه لترسيخ وجود طويل الأمد له في سورية، يحاول هذا التنظيم إعادة تصنيف نفسه في مظهر مجموعة تدعى «جبهة النصرة». فمن خلال القتال إلى جانب جماعات المعارضة السورية المسلحة، يسعى أفراد «جبهة النصرة» لاختطاف الثورة السورية لكي يحققوا مآربهم الخاصة المتطرفة.

واليوم، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستدرج «جبهة النصرة» وهي الاسم المستعار الذي يستخدمه «تنظيم القاعدة في العراق» – في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وستنصفها كذلك بموجب الأمر الرئاسي التنفيذي الرقم 13224. تؤكد هذه الإجراءات ضد «جبهة النصرة» على ارتباط الجبهة بـ «تنظيم القاعدة في العراق» لكي يتمكن الجميع، ولا سيما الشعب السوري، من التمييز بين مجموعات المعارضة المسلحة التي تقاتل في سبيل قيام سورية أكثر توحداً وعدالة وتعددية وبين تلك العناصر الإرهابية المتطرفة التي لا مكان لتطرفها في سورية ما بعد الأسد.

تشكلت «جبهة النصرة» على يد «تنظيم القاعدة في العراق» وتعهدت بالولاء لزعيمها أبو دعاء. وخلال العام الماضي، أرسل قادة التنظيم العناصر البشرية والأموال والتجهيزات من العراق إلى سورية لمهاجمة قوات النظام السوري. وادعت «جبهة النصرة» مسؤوليتها عن تنفيذ حوالى 600 هجوم في معظم مراكز المدن الرئيسية. وهذه الأعمال، التي أسفرت عن قتل وجرح مئات المدنيين السوريين، لم تستهدف النظام في حد ذاته، إذ إن «جبهة النصرة» لا تكترث إن كانت هجماتها تؤدي إلى قتل المدنيين.

لقد أظهر أبناء الشعب السوري شجاعة استثنائية خلال الأشهر العشرين الماضية في كفاحهم ضد وحشية نظام الأسد، ومن غير المقبول أن تخرج طموحاتهم وتطلعاتهم عن مسارها الصحيح بواسطة أولئك الذين لا يريدون سوى استبدال ديكتاتور بحكم استبدادي آخر. لا تمثل «جبهة النصرة» المثل العليا للغالبية الساحقة من المعارضة السورية. وهذا الأمر لا يتعلق بالإسلام. فهناك ملايين المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة. ولدينا مسلمون يخدمون في جميع الإدارات الحكومية. إنما نحن نفرّق بين أعضاء المعارضة الذين يهاجمون المدنيين وينتهكون حقوق الإنسان الأساسية أو يروجون للتعصب الطائفي وبين الذين اختاروا المسار المدمر لتنظيم «القاعدة»، الذي تَعِد أيديولوجيته بالمزيد من العنف وبث الفرقة بين أفراد الشعب السوري وعدم الاحترام المطلق لحياة البشر.

لقد أفصحت «جبهة النصرة» علناً عن أملها في إقامة دولة إسلامية. إنها ترفض مبادئ الحرية نفسها التي يكافح السوريون في سبيلها. ويجب أن يوحي العنف المدمر الذي يمارسه «تنظيم القاعدة في العراق» لكل فرد من أعضاء المعارضة بالتفكير ملياً بما تعنيه كلفة انتمائه إلى «جبهة النصرة». وفي حين تسعى المعارضة السورية لتحقيق المزيد من التلاحم وتستمر في سعيها لتحقيق تطلعاتها المشروعة، يتعين عليها أيضاً أن تدرس بكل دقة من أين تتلقى المساعدة.

وفي حين نتخذ هذه الإجراءات، أريد أن أكون واضحاً: يتحمل الرئيس الأسد والزمرة المحيطة به المسؤولية الكبرى عن تصاعد أعمال العنف المستمرة داخل سورية. وهم مسؤولون عن غالبية عمليات القتل والتدمير في سورية. ولهذا السبب تستمر الولايات المتحدة في العمل على عزل النظام، وقطع الموارد المالية عنه، وتدريب السوريين لكي يتمكنوا من التحقيق في جرائمه. وكجزء من الجهود الجارية لدعم التطلعات المشروعة للشعب السوري في سعيه لتحرير نفسه من قمع نظام الأسد، فإننا نعلن أيضاً اليوم عن فرض عقوبات ضد اثنين من ميليشيات الأسد، هما الشبيحة والجيش الشعبي. تعمل هاتان المليشياتان المسلحتان تحت إشراف الحكومة السورية وقد كان لهما دور أساسي في حملة الإرهاب والعنف التي شنها نظام الأسد ضد الشعب السوري. وكلما كان ترك الأسد للحكم في وقت أسرع، كلما كان ذلك أفضل للشعب السوري وللمنطقة وللعالم.

إننا ندعو جميع الأطراف الفاعلة المسؤولة إلى التنديد العلني والنأي بنفسها عن «جبهة النصرة» والشبيحة والجيش الشعبي وغيرها من المنظمات المتطرفة العنيفة التي تسعى وتعتزم اختطاف هذا النضال السوري. على الأسد أن يرحل – ولكن يتعين على الحكومة الجديدة التي ستحل محله ألا تكون مجموعة جديدة من الطغاة الذين يرفضون التسامح الذي جعل من سورية ذلك البلد المميز الفريد الذي كان عليه والذي يستطيع أن يكونه مجدداً.

 نقلاً لـ صحيفة “الحياة”

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.