التقيت البارحة برجل عراقي في حفل عام… قص عليّ أنه احتفل بالذكرى الخمسين لوجوده في أمريكا منذ حوالي شهرين…
وفي سياق الدردشة أعلمني أنه كان يعيش في مدينة دييربورن في ولاية مشيغن التي معظم سكانها عرب مسلمون… في سنواته الأولى كان يعيش بشقة مجاورة لشقة جنرال عسكري أمريكي متقاعد… وكان الجنرال يدق عليه الباب كل مساء ليتناول معه كأسا من البيرة ويدردشان حوال أحداث الساعة… في سياق دردشتهم سأله الرجل العراقي: هل تتوقع أن السلام سيعمّ الشرق الأوسط يوما؟
فردّ الجنرال: مستحيل إلا في حالة واحدة، عندما يعود العرب إلى الرمال والجمال! ابتسمتٌ وسألت الرجل العراقي: في تلك الحالة هل ستتوقع بأنهم سيجدون جمالا يركبون عليها؟
قهقه بألم وقال: آمل لا!
…..
لم تكن الحضارة يوما مجرد موبايل وخدامة وبارفيوم وربطة عنق وشقة فاخرة وسيارة كروفيت… الحضارة منظومة أخلاقية واجتماعية تضمن حق الإنسان في حياة كريمة لا مكان فيها للعبودية! لا تولد الحضارة بين ليلة وضحاها، بل هي مرحلة متقدمة جدا من رحلة طويلة وشاقة يقطعها الإنسان خطوة بخطوة، دون أن يتجاوز خطوات! أما أن يقفز ذلك الإنسان من على ظهر بعيره ليجد نفسه منقولا على متن طائرة من خيمته إلى فندق بسبع نجوم في شوارع أمريكا واوروبا ليس برهانا على أنه تحضر! الحضارة أخلاق ورقي إنساني ومبادئ….
…..
الأمة التي تأكل مما لاتزرع مصيرها الفناء.. والتي تلبس مما لا تنسج مصيرها العراء.. والتي تقام بلا اساس أخلاقي وإنساني مصيرها “الاستخراء” على حد تعبير ملك السعودية!
الغنى المفاجئ والفاحش لم يجعل من السعودية يوما دولة، بل جعل منها مدجنة لتفقيس الإرهاب والإهابيين! لذلك، وعلى حد قول جدتي: ثوب العياري ـ الذي تستعيره من غيرك ـ ما يدوم ولو دام ما يدفي!
….
كل الدلائل تشير على أن السلام سيأتي يوما… ويبقى السؤال: الرمال مازالت موجودة ولكن هل سيجدون جمالا؟؟؟
******************
بالصدفة المطلقة قبل نشر ماسبق بدقائق قرأت هذا المقال الذي يدعم البوست، والصورة التي ترافقه تظهر أن توب “العياري” أكبر بكثير من حجم المستعير!
عنوان المقال: هنا اشارة كبيرة على أن السعودية قادمة على سنة صعبة!