الإحباط هو حالة عقلية قبل أن يكون واقعا مؤلما

sultanagrandfilsالناس في أوطاننا مصابة بحالة إحباط رهيبة….
كلٌ يظن أنه أسير ظروف فُرضت عليه، وليس لديه مخرجٌ من ذلك السجن…
ما يحتاج إليه هؤلاء الناس ليس مخرجا، وإنما إعادة بلورة الصورة التي يحملونها في أذهانهم لأنفسهم!
هم يتوهمون بأنهم عاجزون، لأنهم لا يؤمنون بأن أحدا يستطيع أن ينتصر على ظروف كتلك التي يعيشونها…
لم يسمعوا بأن هناك بشرا فازوا بالماراتون ولا يملكون أرجلا…
وبشرا قرأوا كتبا وألفوا كتبا وهم عميان لا يبصرون…
وبشرا ولدوا بدون أيدي، وهم يقومون بأعمال فنية في غاية الإبداع…
وبشرا مشلولين لكنهم تفوقوا في مجالات علمية وعملية تعد ولا تحصى..
……..
الإحباط هو حالة عقلية قبل أن يكون واقعا مؤلما..
لذلك، الخروج من حالة الإحباط تتطلب تغيير طريقة التفكير بالواقع المعاش قبل تغيير ذلك الواقع…
في أمريكا يوجد اعتقاد سائد “سواء كنت تؤمن بأنك تستطيع أو لا تستطيع، أنت على صح في كلا الحالتين”!
إن كنت تؤمن بأنك تستطيع إنجاز مشروع ما ستنجزه بغض النظر عن صعوبة الأمر..
وإن كنت تؤمن بأنك لا تستطيع إنجاز ذلك المشروع ستفشل في إنجازه بغض النظر عن مهاراتك وقدراتك….
……
يحكى أن وكيلين لشركة أحذية أمريكية سافرا إلى أفريقيا لفتح فروع للشركة هناك.
بعد وصولهما بعدة أيام، اتصل الوكيل الأول بمدير الشركة وقال: لا أمل على الإطلاق في فتح أي فرع هنا، الناس في أفريقيا لا يلبسون أحذية!
بينما اتصل الوكيل الآخر بالمدير ليقول: الفرصة مواتية وجيدة جدا، بامكاني أن أقنع الجميع بأن يشتروا أحذية، إذ لا أحد يملك حذاءا هنا!
لقد واجها نفس الظرف، لكن كل منهما رآه من زاوية تختلف!
رآه من خلال ايمانه أو عدم ايمانه بامكانياته ومهاراته، وليس من خلال حقيقته كظرف!
بعض الناس يخافون من المخاطرة ويظنون أنهم لا يستطيعون أن ينجحوا مالم تكن كل الإمكانيات متوفرة، دون أن يدرون أن النجاح يتوقف ليس على مدى وجود تلك الإمكانيات وإنما على مدى إيمان الشخص بأنه يملكها!
أنت لست ملزما أن تُصلح ظرفا بقدر ما أنت ملزم أن تنجح ضمن الظرف المتاح…
نجاحك سيؤدي إلى تحسين الظرف، وليس تحسين الظرف سيساعدك على أن تنجح….
…….
Jean Dominique Bauby
صحفي فرنسي، كان رئيس تحرير مجلة الأزياء الفرنسية المعروفة
ELLE

في عامه الثالث والأربعين وفي ذروة شهرته وبدون سابق انذار، اُصيب بجلطة دماغية أدخلته في حالة سبات لمدة واحد وعشرين يوما…
خرج منها مصابا بحالة تدعى في الطب
Locked in Syndrome،
(متلازمة المسجون) حيث يكون المريض يقظا وواعيا لكل ما يدور حوله لأن وظائفه الدماغية سليمة تماما، ولكنه مشلول بالكامل، وغير قادر على أن يحرك عضلة واحدة في جسده باستثناء جفن عينه اليسرى.

رغم ذلك القدر المشؤوم لم يستسلم الصحفي جيين، وقرر أن لا يتوقف عن الكتابة، فألف كتابا بعنوان
“ The diving Bell and the butterfly”،
(الفراشة والجرس الغطاس)، والكتاب عبارة عن مذكراته التي تتحدث عن حياته بالتفصيل قبل تعرضه لتلك الحالة وبعدها.

قد نتساءل: كيف ألف كتابا وهو لا يستطيع تحريك عضلة واحدة في جسده باستثناء جفنه الأيسر؟؟
والجواب: استخدم جفنه الأيسر، أي استخدم مالديه من امكانيات!
كيف؟
كانت السيدة التي تساعده تقوم بقراءة أحرف الأبجدية بالفرنسي ببطأ، وكان بعد قراءتها لكل حرف يرف جفنه الأيسر مرة واحدة إذا كان ذلك الحرف هو مايريدها أن تكتب، ومرتين إذا أرادها أن تتجاوزه إلى الحرف الذي يليه…
مات بعد يومين من نشر الكتاب، مات محققا ما كان يؤمن أنه يستطيع أن يحققه رغم فداحة الظرف!
الممثل الأمريكي المعروف
Jim Carry،
كان في منتصف الثمانينيات ممثلا مغمورا يبذل قصارى جهده ليجد له موقع قدم في هولييود دون جدوى..

مرّة، ومن شدّة إحباطه، تناول دفتر شيكاته وكتب لنفسه شيكا بعشرة ملايين دولار ووضعه في جيبه، وقال يحدث نفسه: سيأتي يوما وسيدفعون لي هذا المبلغ أجرة على قيامي بدور البطل في أحد الأفلام!
كان ينظر إلى الشيك من حين لآخر، ويذكّر نفسه بحلمه الذي بدا في ذلك الوقت وكأنه ضربٌ من المحال…
بعد عشر سنوات من كتابة هذا الشيك، تفاجئ بأن الشيك الذي تقاضاه على فيلمه الشهير
The Mask،
كان عشرة ملايين دولارا!

……
أنت لا تنال ما تستحقه، بل تنال ما تسأل عنه!
*******************************
مقاطع من كتابي القادم “دليلك إلى حياة مقدسة”
…….
حفيدي بنجي يرنو إلى الشمس ولن يقنع بما دونها، فلماذا لا ترنو أنت إليها؟؟؟


About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.