3- تأملات في رحلة الأسبوع الأخير يوم أربعاء البصخة : المتآمرون و ساكبة الطيب

منذ تجسد رب المجد تجسد الشر أيضاً في قلب المتآمرين.هؤلاء الذين جعلوا أنفسهم مثل الله.ينافسونه في الأوليات و الآخرويات.
اليوم يوم كشف زيف الأباطيل و صانعيها.فليفحص كل منا قلبه لئلا تسكن زواياه بعضاً من نوايا المتآمرين.فتقع عليه اللعنات التي وقعت عليهم و يتخذه الرب خصماً فترحل عنه النعمة إلى الأبد.
المتآمرون الثلاثة يو 11 :46-57,لو22: 1-6
1-الفريسيون: هؤلاء أول المتآمرون. قلبهم ليس مع المسيح بل ضده.هؤلاء ليسوا فئة فى مجتمع يهودى قديم فحسب بل فئة من البشر لا زالت تتاجر بالمعرفة بالسمائيات و حتى بالإله و بكل ما يقع تحت بصرها تتاجر.يتحول عندها المسيح أداة للمكسب و مصدراً لأرباح أرضية و ضحية لزيف تعاليمهم و عثرة لتابعينهم و إنشقاقاً لجسد المسيح بواسطتهم. الفريسيون لا زالوا يقتاتون على أقوات البسطاء يتصدرون الصفوف بالكذب و يزاحمون العابدين الحقيقيين بل يتلفونهم بل يضطهدونهم بل يطردونهم ويذبحون سيدهم كل يوم.المعرفة عندهم من العقل لا من العشرة .التفسير عندهم من الذات التى هجرتها النعمة لذلك تقدم أحجاراً للرجم لا صخرة للثبات.يجعلون أنفسهم مقياساً للضمير و هم لا ضمير حى فيهم.إياكم و الفريسية. .
2- رؤساء الكهنة : كانوا وكلاء الله شيوخ الشعب سفراء تسليم الشريعة.فماذا فعل قيافا و رفقاءه إلا المؤامرة.المسيح يهدد شعبيتهم و هم متمسكون بها حتى الرمق الأخير فماذا يفعلون؟ يقتلون المنافس هذا سلوك الهدامين في بيت الله.يعتبرون الجميع خصوماً و فيما يعلمون الفضيلة يتسترون على جرائم بعضهم البعض. و كما كانت الأعياد وسيلتهم لتعبئة النفوس بالشر.و هى ما زالت تجرى تحت ستار الأنشطة العقيمة الخالية من محبة المسيح.و التفرغ للأضواء لا التفرغ للتضرعات و الإنكسار قدام المسيح.و ماذا جنى بيت الله منذ دخلته أضواء العالم ؟ ما صار فرق بين العالم و البيت حتي غضب المسيح على بيتهم و أنشأ بيتاً لا مكان فيه للمتآمرين و هو جسده الطاهر الذى بذله عنا.فإنظروا يا رؤساء الكهنة كيف لم يلعنكم الرب لسبب الكهنوت لكنه سيهلك المتآمرين و لو كانوا قيافا و حنان.فويل للذى يتآمر على إبن الإنسان لأنه يسلمه للموت كبيلاطس و يخونه كيهوذا فهل لكم بقية؟
3- يهوذا: ليس للخائن نصيب و لو كان هكذا قريب.ليس عند إبن الله محاباة و لا لتلميذ إختاره بنفسه و أعطاه مواهب الشفاء مع رفقاءه و منحه حتى إقامة الموتى مت10: 8.لم يندم المسيح على عطاياه لكن ندم يهوذا يائساً من خيانته و نزع نفسه من أرض الأحياء.ليس فى الخبث باب إلا الذى يوصل للهلاك.و لا للخيانة نهاية إلا عند حقل الدم.من يخون لا يظن أنه ينجو؟ نخون المسيح و نخون إنجيله.نخون كنيسته و نخون إيماننا.نخون حين تقع أموال المسيح في أيادينا.و مواهب روحه في سلطاننا.و ننسب لأنفسنا القرار كأن صاحب السلطان غائب.لا نسلمه القطيع بل نأخذ منه القطيع و ننحيه جانباً.نتبع فكرنا و نتظاهر أننا نتبعه؟يهوذا يسكن بيننا لم يزل.لعله صاحب منصب أو صانع معجزات أو عالم متبحر أو تلميذ شهير.كل هذا يتلاشي بالخيانة فور أن تسرق الصندوق أى قلبك.فإن سرقته من المسيح صرت يهوذا زمانك.و إن أنفقت مشاعرك على ملذاتك كمن بدد خزائن الرب.لا تندم بيأس مثل يهوذا بل إنكسر مثل بطرس .إبك بمرارة فلا جدوى من الهزل و التسويف.فالموت يراقبك ليقتنصك.لو22:1-6
المنسكبون و قارورة الطيب يو12: 1-8, مت26: 3- 16
– أيتها المرأة الجميلة القادمة من أعماق الحب.هذه التي عاينت قيامتين.قيامة أخيها لعازر و قيامة إلهها سيدنا المسيح.فرخصت كل الكنوز في عينيها فإشترت بها طيباً .لم تعد تنتظر عريساً تدهنه أو ملكاً تمسحه بل إلهاً تكفنه بأطياب ثمنها غال المقدار.إن لم يكن عندك طيباً تسكبه فأسكب دموعك و إغسل القدمين اللتين سارتا طويلاً حتى القبر و نادت علينا بصوت عظيم من غياهب الموت قائلاً للكل هلم خارجاً فسمعنا صوت قيامته و قمنا به و قام بنا.إن لم يكن لك دموع فإسكب نفسك كما فعل يوحنا على صدره كل الأيام و لم نقرأ أن يوحنا بكى بل إنسكب بذاته على صدر الحبيب.إختبئ فيه و إسترح فكلما إحتضنته كلما إغتسل قلبك بنقاوته.إن لم يكن لك طيب أو دموع أو حضن تغتسل فيه فلك دم منسكب من المسيح .خذ منه و إسكب خطاياك عند قدميك فحتماً عندنا خطايا.المهم أن تنسكب و تسكب شيئاً.لأن الإنسكاب هو كشف الداخل قدام نور المسيح.و إنحناءة النفس عند القدمين.و نسيان الناس و الدنيا و التركيز على شخص الرب الذي ينتظرك.إذ لا سكيب بغير لقاء منفرد معه.
– من لا ينسكب لا يعرف المسيح حتى لو كان قدامه.حتى لو كان يكلمه وجهاً لوجه.لذلك تكلم يهوذا متأسفاً على فقدان ثلاثمائة دينار ثمن الطيب و لم يتأسف على فقدان حياته.فالحياة لا توازي الفضة عند المتآمرين و الذهب لا يساوى شيئاً عند المنسكبين فمن أنت؟
– أيتها المرأة الرائعة من اين أتيت بهذا الطيب الفريد الوحيد الذى إستحق أن يتطيب المسيح به حياً مفضلاً إياه على أطياب المريمات و هو ميتاً.ما الفرق بين طيب و أطياب؟ عرفتنا الإجابة نشكرك.أنت تقبل الطيب لمن يؤمن أنك حى و لا تقبل أطياباً لمن يرونك ميتاً لأنك حى و إله الأحياء.فطوباك يا مريم يا من عرفت سر القيامة قبل كثيرين و بمحبتك أدركت ما لم يدركه الخائن.
– مسحت قدمي المسيح بشعر رأسها؟ كما قد علمنا الروح القدس: اما المراة ان كانت ترخي شعرها فهو مجد لها 1 كو 11: 15,لهذا كانت مريم و قد أرخت شعرها لتمسح قدمى معلمنا تضع كل مجد لها تحت قدميه هذا هو الإنسكاب.وضعت شعر رأسها كأنها تقسم في صمت أنه وحده الذى يستطيع أن يغير الشعر الأسود إلى إكليل الأبدية البهى فأخذت مجد عوضاً عن مجد.مت5: 35
– إذ أخذت درس القيامة لنفسها إنسكبت تمسح بشعر رأسها مؤمنة أن شعرة منها لا تهلك لأن المسيح فدانا لو 21: 18.فالسكيب تسليم الذات و تجديد العهد و قوة الإيمان بشخص الرب يسوع فلنطأطئ رؤوسنا عند قدميه و ننسكب.
– سكبت مريم طيبها على رأس المسيح فإنساب حتي قدميه مر14: 3. فإذا بالمطوبة تعلمنا أن نقتنى رأس المسيح و نخفى راسنا أي أفكارنا عند قدميه لأن الذى إقتني فكر المسيح ينكر ذاته تسليماً و إتكالاً و قدمى المسيح تقود المنسكبين في طريقه فإنتبه لقدمي السيد.
أيها الآب مجد إبنك يو12: 27- 36
نعم يا أبانا نطلبك أن تمجد إبنك لأننا نجهل كيف نمجد الأقانيم كما ينبغى.و نطلب من إبنك و روحك أن يمجدانك عوضاً عنا و هكذا نطلب الآب و الإبن ليمجد الروح القدس عوضاً عنا.فمجدك لا تصيغه كلمات في الأرض و لا أفعال فى الأرض و لا قلوب مهما تسامت جداً.أيها الثالوث علمنا لغة المجد لكى نشترك قدر ما يعطنا روحك فى شركة معك و نتبادل اللغات.و نتبادل الذوات و نتبادل المواقع.لك المجد منذ كانت الخليقة بعض من تراب و لك المجد حتى أكملتها.لك المجد فى كل شيء و لك المجد قبل وجود كل الأشياء.لك المجد و أنت في صورة الضعف و لك المجد و أنت في بهاء قوتك.لك المجد من ملائكة المجد و أيضاً لك المجد من الضعفاء الترابيين الذين أنعمت عليهم بصورتك و بنوتك و إسمك و ميراثك فصار المجد لك مجد لنا و صار تمجيدك أنت ربحنا نحن.نمجدك لأنك مستحق كل المجد و لأن هذا فقط ما يمكننا أن نقدمه.مجدك غير موصوف لكنه بالحقيقة مكشوف حتى لخصومك.من لا يمجدك يخونك لأنه يسرق مجدك كما سرق المتآمرون ما ليس لهم.مجدك أنك أعلى من الكل و لكن العجب أنك تنازلت أكثر من الكل ففى مجدك المجد كله معلن و فى إتضاعك المجد كله مستتر لكن المجد باق باق لم و لن يأخذه آخر.
من يمجدك تصعده ليعاينك كى يتعلم لغة المجد و يحيا حرية مجد أولاد الله فالعجيب أن مجدك يفيض على الكل دون أن ينقص أبداً.بقوة لاهوتك جعلت حتى ميتتك مجد لأنك في موتك إخترقت متاريس الجحيم و أصعدت المنتظرين إلى ملكوت المجد فكيف يكون مجد قيامتك؟و مجد صعودك؟و مجد جلوسك عن يمين أبيك؟و كيف بالأكثر سيكون المجد في مجيئك الثانى .إننا لن نحتمل مجدك إلا إذا أعطيتنا نعمة لكى نراك و نعيش .نعيش بغير موت إلى الأبد.أيها الآب الممجد نمجدك .أيها الإبن الممجد نمجدك.أيها الروح القدس الممجد نمجدك.يا أيها الثالوث الأعظم مجداً الأقدس مجداً الأبهى مجداً إقبل تمجيد الصغار الذين لمسهم مجدك فتجرأوا أن يمجدونك بخجل إذ أننا عارفون أن مجدك لا تستوعبه معرفة الناس و لا سبيل إليه بغير أن تتمجد فينا لكي تسمو بالصغار ليكونوا مشابهين لك في المجد بمقدار ما للإنسان و ليس ما للإله الواحد الذى لا يدنو أحد من مجده.
#Oliver_the_writer

About Oliver

كاتب مصري قبطي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.