ﺍﻟﻴﺎﺱ ﺧﻮﺭﻱ: ﺍﻟﻘﺪﺱ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ /
ﻛﻢ ﻳﺒﺪﻭ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻣﺨﻴﻔﺎً ﻓﻲ ﺩﻻﻻﺗﻪ .
ﻣﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻨﺎﺯﺣﻴﻦ ﻣﻦ ﻏﻮﻃﺔ ﺩﻣﺸﻖ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎﺻﺮﻫﻢ ﺍﻧﻜﺴﺎﺭ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﻳﺤﻴﻂ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺨﺮﺍﺏ، ﺗﺒﺪﻭ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺍﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﺘﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻣﺘﻸﺕ ﺑﻬﺎ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﻭﺍﻟﺒﻠﺪﺍﺕ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ .
ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻛﺎﺭﺛﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻧﺤﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﻛﺎﺭﺛﺔ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎً .
ﻫﺰﻳﻤﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﻛﺴﺮﻩ ﻭﺗﻬﺸﻴﻢ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﻫﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺪﺍﺣﺔ ﻣﻦ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﺃﻱ ﺟﻴﺶ .
ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻤﺮﻭﻋﺔ ﻟﻠﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻬﺎﺋﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺭﻣﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺣﺰﻳﺮﺍﻥ ـ ﻳﻮﻧﻴﻮ 1967 ، ﻻ ﺗﻘﺎﺭﻥ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻃﻔﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻮﻃﺔ، ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﺗﻪ ﻣﻄﺄﻃﺄ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻣﺠﺒﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻞ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺮ ﺑﻬﺪﻡ ﺍﻟﻐﻮﻃﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺱ ﺃﻫﻠﻬﺎ .
ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻬﺰﻭﻡ ﻭﻣﻨﺘﺼﺮ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻵﻟﺔ ﺍﻟﺠﻬﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﺮﻭﺱ ﻭﺍﻻﻳﺮﺍﻧﻴﻮﻥ ﻭﺍﻷﺗﺮﺍﻙ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻱ ﺑﻴﻦ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﻐﻮﻃﺔ ﻭﺳﻘﻮﻁ ﻋﻔﺮﻳﻦ ﻛﺄﻥ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻳﺘﻨﺎﻭﺏ ﺍﻟﻤﺤﺘﻠﻮﻥ ﻭﺍﻟﻤﺮﺗﺰﻗﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻤﻬﺎ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﻃﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ .
ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﻱ ﺗﺤﻠﻴﻞ، ﻓﺎﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻻ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺣﺮﺑﺎً ﺑﻞ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﻣﺠﺰﺭﺓ .
ﻭﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻮﻥ ﻻ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺻﺮﺍﻋﺎً ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﺑﻞ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻧﻜﺒﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ .
ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻣﻊ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺻﺮﺍﻋﺎً ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺃﻭ ﺍﺻﻼﺣﺎﺕ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺻﺮﺍﻋﺎً ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ .
ﻭﺭﺩﺓ ﻓﻌﻞ ﺁﻟﺔ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﺒﻴﺮﺍً ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺳﻴﺎﺳﻲ، ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮﺍﺭﺍً ﺑﺄﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻓﻲ ﻗﻴﻮﺩﻫﻢ، ﻭﺍﺫﺍ ﺍﻧﺘﻔﻀﻮﺍ ﻓﻴﺠﺐ ﻣﺤﺎﺻﺮﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻻﺫﻻﻝ ﻭﺍﻟﺘﻬﺠﻴﺮ .
ﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻧﻬﺎ ﺣﺮﺏ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ، ﻷﻥ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﺣﺮﺏ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ .
ﻭﺍﻵﺧﺮﻭﻥ ﻟﻴﺲ ﺇﺳﻤﺎً ﻏﺎﺋﻤﺎً، ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ ﻫﻢ ﺁﻟﺔ ﻣﺎﻓﻴﺎ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺻﻤﺎﺀ، ﻻ ﻫﺪﻑ ﻟﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻭﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻭﺭﺍﺛﻴﺔ .
ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻻﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﻣﻦ ﺃﻳﺔ ﺟﻬﺔ ﺃﺗﻰ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﺑﺎً ﻭﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﻟﻪ .
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﺎﻧﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﻏﻄﺎﺀ ﻟﻠﻄﺎﺋﻔﻴﺔ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﺳﻮﻯ ﻏﻄﺎﺀ ﻟﺮﻋﺐ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ .
ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻴﺘﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ، ﻭﻫﻢ ﻳﻘﺼﺪﻭﻥ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺷﺘﻌﻠﺖ ﻣﻨﺬ ﺳﺒﻌﺔ ﺃﻋﻮﺍﻡ ﻓﻲ ﺩﺭﻋﺎ ﻭﺩﻣﺸﻖ ﻭﺍﻣﺘﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺳﻮﺭﻳﺎ .
ﻛﺄﻥ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻷﻟﻢ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺻﺮﺧﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﺣﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﺣﻖ ﻛﻞ ﺍﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ .
ﺭﺑﻤﺎ ﺃﺧﻄﺄ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺧﻄﻴﺌﺘﻪ ﺍﻧﻪ ﺣﻠﻢ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻧﻌﻢ ﺃﺧﻄﺄ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻮﻥ، ﻷﻧﻬﻢ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﺃﻥ ﺟﻴﺶ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﻟﻦ ﻳﻘﺘﻠﻬﻢ، ﺛﻢ ﺗﻮﻏﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺣﻴﻦ ﺻﺪﻗﻮﺍ ﺑﺴﺬﺍﺟﺔ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺃﻳﺎً ﻋﺎﻣﺎً ﻋﺮﺑﻴﺎً ﻭﺩﻭﻟﻴﺎً ﻳﺪﻋﻢ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﺮﻳﺘﻬﻢ .
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻐﻮﻃﺔ ﻭﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﺃﻫﻞ ﺣﻤﺺ ﻭﺣﻠﺐ، ﺻﺪﻗﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻷﻧﻪ ﺣﻖ، ﻭﻷﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻛﺎﻟﺸﻤﺲ .
ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﺃﺻﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﻜﺴﻮﻑ ﻣﻦ ﺯﻣﺎﻥ .
ﻛﺎﻥ ﻣﺼﻴﺮﻧﺎ ﻳﺘﺄﺳﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﺑﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻓﻀﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﻣﻘﺪﻣﺎﺗﻬﺎ، ﻟﻢ ﻧﻔﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﻛﻤﺎﻝ ﺟﻨﺒﻼﻁ ﻭﺣﺮﻛﺘﻪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻛﺎﻧﺎ ﺇﻋﻼﻧﺎً ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﺭﺳﻤﻲ ﻭﻋﻠﻨﻲ ﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻮﺕ .
ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﻞ ﺍﻟﺰﻋﺘﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﻤﺎﺓ ﻭﻣﻦ ﺳﺠﻦ ﺗﺪﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ « ﻗﻮﻗﻌﺔ » ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ .
ﻛﻨﺎ ﻧﺮﻯ ﻭﻻ ﻧﺼﺪّﻕ .
ﺻﺪّﻗﻨﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻜﺎﺫﺏ ﻭﻟﻢ ﻧﺼﺪّﻕ ﻋﻴﻮﻧﻨﺎ .
ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺍﻟﻤﺬﺑﺤﺔ .
ﺷﻌﺐ ﻳﻄﺮﺩ ﻣﻦ ﺃﺭﺿﻪ ﺗﺤﺖ ﻭﺍﺑﻞ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﻣﻴﻞ ﻭﺍﻟﻘﺬﺍﺋﻒ ﻭﻳﺨﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻴﻪ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻩ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﺑﺎﺗﺖ ﺗﺮﺗﻌﺪ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻼﺟﺌﻴﻦ .
ﺷﻌﺐ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻏﺮّﺑﻬﻢ ﺍﻟﻮﺣﺶ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺮﺭ ﺃﻧﻪ ﺻﺎﺭ ﻻ ﺃﺣﺪ .
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻼﺃﺣﺪ ﺳﻠّﻢ ﺑﻼﺩﻩ ﻟﻠﻤﺤﺘﻠﻴﻦ ﻷﻧﻪ ﻳﻜﺮﻩ ﺷﻌﺒﻪ ﻭﻳﺤﺘﻘﺮﻩ ﻭﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ .
ﻟﻜﻦ ﺍﻛﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺬﺑﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻮﻃﺔ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺣﺮﺏ ﺍﻗﺘﺴﺎﻡ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺗﻔﺘﻴﺘﻬﺎ ﺍﻧﺘﻬﺖ .
ﻓﺎﻟﺤﺮﺏ ﺳﻮﻑ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻤﻞّ ﻃﻐﺎﺓ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﺩﻡ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻴﻦ، ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻓﻮﺍ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﺶ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻵﺧﺮ .
ﻣﻊ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﻐﻮﻃﺔ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺔ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺷﻼﺀ ﺷﻌﺒﻬﺎ، ﻭﻫﻲ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻭﻭﺣﺸﻴﺔ ﻭﺑﻜﻤﺎﺀ .
ﺣﺮﺏ ﺍﺳﺘﻬﻠﻜﺖ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ، ﻓﺼﺎﺭ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺮﻭﻥ ﺑﻼ ﻣﻌﻨﻰ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳُﺘﺮﺟَﻢ ﺇﻻ ﻧﻬﺒﺎً ﻭﺗﺸﺮﻳﺪﺍً ﻭﺍﺫﻻﻻً ﻭﺍﺳﺘﺒﺎﺣﺔ .
ﻭﻣﻊ ﺳﻘﻮﻁ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺳﻘﻂ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺮﻣﺘﻪ، ﻭﻋﺎﺩﺕ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﺴﻪ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﺘﻔﺘﻴﺖ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻰ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﻭﻣﻠﻞ ﻭﻧﺤﻞ ﻭﻋﺸﺎﺋﺮ، ﺑﺤﻴﺚ ﻓﻘﺪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻨﺎﻋﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺣﻴﻦ ﺍﻧﺘﻔﺾ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﺞ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻌﺒﺮ ﺑﻪ ﻋﻮﺍﺻﻒ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻭﺣﻮﻟﻪ، ﻭﺗﻢ ﺗﺰﻭﻳﺮ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺘﺎﻫﺎﺕ ﻣﻤﺎﻟﻚ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻭﺍﻟﻌﺘﻤﺔ .
ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻌﻴﺶ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻴﺄﺱ، ﻧﻌﺮﻑ ﺷﻴﺌﺎً ﻭﺍﺣﺪﺍً، ﻫﻮ ﺃﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﻤﻨﻜﺴﺮﺓ ﻷﻃﻔﺎﻝ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻴﻪ، ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺣﻴﺎﺓ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ ﺇﻃﻔﺎﺀﻫﺎ .
ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻧﻨﺤﻨﻲ ﻭﺗﻨﺤﻨﻲ ﻣﻌﻨﺎ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ .