ماعش: مقهى كيوان لتعاطي السياسة
لا تزال الصورة “النمطية” لدينا عن الدول الأفريقية أنها تعاني من أنظمة سياسية متخلفة و يموت سكانها بسبب المجاعات و الفقر و الفساد. وأنها و إن كانت اسمياً جمهوريات، إلا أن من يحكمها فعلياً هم بضع عائلات متسلطة أو عسكرتاريا ناهبة. وأننا-بني يعرب- وإن كنّا في ركب أواخر الأمم نبقى أحسن حالاً من دول أفريقيا السوداء. لكنّ واقع كثير من تلك الدول قد تغيّر…
ولكي نقارن بين هذه الدول وبين بعض “الجمهوريات” التقدمجية العربية, سنستخدم مؤشر الفساد لعام 2010, أي قبل بداية الثورة السورية الذي يقوم بترتيب الدول حول العالم حسب درجة مدى ملاحظة وجود الفساد لدى الموظفين والسياسين (من 0-إلى 10,10 الأقل فساداً). تعرّف منظمة الشفافية الدولية الفساد بانه إساءة استغلال السلطة المؤتمنة من اجل المصلحة الشخصية.
مؤشر الفساد في سوريا كان سنة 2010 يساوي (2,5) وإذا ما قارنّاه مع أمثاله في الدول الأفريقية نجد أن لدى معظم الدول الأفريقية مؤشر فساد أفضل حالاً من سوريا عدا عدة بلاد كالصومال وليبيا والسودان.
جمهورية ناميبيا (4,4), بوتسوانا (5,8), أو حتّى بوركينا فاسّو (3,1).
وإذا أخذنا جمهورية غانا كمثال نجد أن المؤشر فيها يبلغ (4,1) وترتيبها (63/177) وهو أفضل من ترتيب إيطاليا.
ورغم أن غانا لا تمتلك موارد طبيعية وافرة كالنفط وتعاني من توترات إثنية إلا أنها استطاعت أن تضاعف دخل الفرد فيها أربع مرات ( كان لا يتجاوز 400 دولار في السنة عام 2004, أما في عام 2013 فقد تضاعف أربع مرات ليصبح 1550 دولار) . أما بين عامي 2004 و2010 فنجد أن دخل الفرد في سوريا ارتفع 163 دولار فقط من 1537 إلى 1700.
حتى زمن غير بعيد، كانت غانا تعاني من حكم ديكتاتوريات عسكرية و أنظمة تسلطية ذات حزب واحد. وهكذا عرف هذا البلد الذي استقل في أوائل الستينات، أربعة عقود من الاستبداد و الحكم العسكري و تعليق الدستور.
و لكن في مطلع الألفية الثانية، نجحت غانا بتجربة التحول الديموقراطي و التعددية السياسية و كان لهذا الأمر أكبر الأثر على اقتصاد البلاد الذي استطاع تحقيق قفزة نوعية خلال زمن قياسي (راجع المؤشر في أول تعليق). كما انخفضت نسبة السكان الواقعين تحت الفقر في غانا من 75% إلى 25%, وتطورت في مجالات عدة كالصحة والتعليم والبيئة. و اليوم تصنف غانا كإحدى أكثر البلدان استقراراً في أفريقيا و أكثرها ديموقراطية.
و بالعودة إلى سوريا نجد أنه عام 2013 شهد هبوط ترتيب سوريا إلى (168/177) من حيث الفساد, بينما حازت ناميبيا على المركز (57) و بوتسوانا على المركز (30) و بوركينا فاسّو (83) أما مصر فقد حازت على المرتبة (114) وبالنسبة للدول التي تشارك سوريا في قاع القائمة فنذكر منها العراق, ليبيا, الصومال, السودان, أفغانستان وكوريا الشماليّة.
و على أية حال فلا مشكلة، و لا داعي للبحث عن المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية المختلفة في العالم العربي، إذ يكفي أننا نحظى بهكذا قيادات تاريخية !
(ملاحظة : الرئيس الأفريقي في الصورة هو عيدي أمين الديكتاتور الاوغندي)
مواضيع ذات صلة: الدكتاتورية تعشعش في دمائنا