وأخيرا يبست شجرة سنديان حلب (عمر قشاش) وتصدعت، و(لكنها لن تجف أبدا) بعد قرن من تسجيلها لتاريخ حرية وكرامة حلب !!!!!
كنا في بداية السبيعينات كشباب جامعي نراقب ونتحدث عن عمر قشاش عن بعد وهو يزرع شوارع حلب ، مع (شنطته السوداء ) المليئة بالمنشورات اليسارسة العمالية قبل انقسام الحزب الشيوعي، كنا نحاول أن نتعرف على مشكلة الحزب الشيوعي الواقف على ابواب التقسيم الأول حينها، لأننا كنا نعتبر (عمر قشاش –ابوعبدو)، الأكثر صدقا وبراءة ونقاء من قادة الانقلاب الانقسامي: ( رياض الترك الذي كان الأقرب إلى خطه السياسي الناقد للسلطة الأسدية ، وخالد بكداش شيخ الطريقة ( البكداشية الستالينية ) التي تسندها اليوم البوتينية كاستمرار لموقف السلطة السوفيتية القديمة …بما فيها الوصول إلى صهر البكداشية المحتال اللص المافيوي الوزير الأسدي (جميل) الذي يريد أن يحاور في مؤتمر الروس ودي مستورا كممثل عن المعارضة، بالاشتراك مع حوراني تبرأ منه آل حوران العظيمة مهد الثورة ، ومع كردي أجنبي انفصالي صالح مسلم)، كان قد تبرأ منه الكورد الوطنيون السوريون بوصفه مرتزقا يشتغل بالقطعة عند مستأجري بندقيته ..وبالمشاركة مع سيدة معارضة لا تجد معاناة للشعب السوري إلا بحمل فتياتهم لغشاء بكارتهم، ولذلك أعلنت ثورتها على غشاء البكارة والاشادة بالشبيحة بدورهم الثورهم بتحرير فتيات سورية من عبء بكارتهم وفق الفلسفة الرفعتية الأسدية الت يبدأت بنزع الحجاب على طريق نزع البكارة .. وهي تتباهى بمنجزها هذا، بل وبمنجزها السياسي بانها صاحبة اقتراح الحل السياسي بتشكيل حكومة إئتلافية تحت راية ( بشار الأسد ) دون أن ينتبه الشعب السوري لذلك فقدم ملايين الشهداء والمهجرين والمساجين والمقنوصين مجانا ..
. ……
بينما اقتراحها العبقري أن نأتلف تحت راية (بشار الجزار) ويا دار ما دخلك شر …وإذا كان من المفهوم أن نجد في المجتمع السوري سفلة من السوريين، ككل المجتمعات الانسانية، لكن لا نفهم كيف توكل روسيا أمورنا لحثالات العالم السفلي المخابراتي الأسدي من نوع هذا الوفد الذي تقترحه كمعارضة، دون أن تتعلم روسيا ،بل والعالم الذي يؤيدها أن الشعب السوري حتى الآن يثبت أنه يهزم الجميع وسيهزم الجميع ………
التقيت بعمر قشاش في إطار اللجنة (الثلاثية الوطنية : عمر قشاش –عبد المجيد منجونة- عبد الرزاق عيد ) التي شكلت في حلب قبل الثورة بثلاث سنوات تقريبا لقيادة العمل الجماهيري الذي بدأت بدايات مؤشرات طلائعه في ساحة سعد الله الجابري، فتعمقت معرفتي السياسية والوطنية بأنظف شخصيتين وطنيتين في حلب: ( اليساري العمالي عمر قشاش، والقومي الناصري عبد المجيد منجونة، مع التحفظ على خلافاتنا مع حزبه في هيئة التنسيق ، وما يمثله زملاؤه (عبد العظيم المطرود من جوامع دمشق) ومناع المشبوه أسديا حتى النخاع والمطرود من حوران قبل طرده من كل الساحات السياسية في الخارج وخاصة باريس ..
.
عمر قشاش النظيف النقي التقي الطاهر العلم كعيني صقر أو بحيرة في غابة ، سميته بعد وفاة ابنه عبد الغني، وبعد وفاة زوجته ، وانتحار ابنته حرقا، بأنه (مسيح) المعارضة السورية، بما تلقاه من صدمات مأساوية بدأت بسجنه الذي دام عشرين سنة، وفقدانه أولاده الواحد بعد الآخر، ومن ثم زوجته أم أولاده ..ولهذا فهو الذي رفض عرض المخابرات الأسدية أن يخرج من السجن شريطة إدانة الأخوان المسلميين ، وهو الذي عرض عليه هذا الأمر وليس رفيقه رياض الترك !!!
حيث كان رأي عمر قشاش صريحا أنه لا يفاوض على ذلك ….وإنما يخرج من السجن ويلتقي بقيادة حزبه وهي التي تقرر، إن كان النظام لوحده هو المدان، ام أنه هو والأخوان مدانين …فالأخلاق السياسية لعمر قشاش أبت عليه أن يفاوض كفرد ، ويعقد صفقات …بل إن الموضوع يتطلب قرارا حزبيا يتحمل مسؤوليته الجميع، ولا أن يفرضه طاووس حزبي مهما نفش من ريشه وتعاظم وتطاوس …!!!
إن أصدقاء عمر عندما خرج من السجن ، وبينهم مهندسون ومتعهدون ووكلاء ورجال أعمال، لم يتجرأوا أن يجدوا له موقعا وظيفيا حتى كحارس عمارة لمشاريع العمران التي يبنون، فبقي أجيرا في أحد أفران حلب …
كنت أحاول أن أرسل مقالاته ( النقابية –العمالية دائما ) إلى المجلات اليسارية الفلسطينية (الحرية والهدف) التي كانت تربطني بهما صداقة وعقود كتابة وعمل منذ فترة طويلة خلال منعي من العمل الجامعي سوريا، كنت أرسل مقالالته بعد أن أقوم بتصحيحها لغويا وأعدها صحفيا، دون أن يكون لي أو له أي مكسب نفعي أو مادي …سوى أن سنديانتنا عمر قشاش كانت تريد أن تستمر في الايناع والثمر والعطاء قبل أن تجف ..
.وهو الذي بقي أمينا لكل قيم العقل والتنوير والحداثة في الموقف من المرأة والقيم الاجتماعية التقليدية مما خلف وراءه الكثيرين من أبناء جيله بمن فيهم المحسوبون على النخبة السياسية، وهم ينتقلون من الشعبية السياسية (اليسارية )، إلى الشعبوية التقليدية الاجتماعية المحافظة باسم التقرب من الجماهير… ..حلب ستكون كئيبة بدون ( عمر قشاش أبو عبدو) وزوجته وصديقته الجديدة في مظاهرات حلب القديمة والقادمة ….