ياسفيرنا .. هل انت امريكي وان لم تنتم؟

لي صديق يعيش قريبا من هضبة التبت،لايحمل في حقيبته سوى هاتفه النقال (جي 4) وبه يستطيع ان يبقى متصلا مع عالمه.
اما لماذا فضّل ان يعيش هناك فتلك حكاية طريفة مثل نكاته التي ماتنفك تهطل مدرارا على اصدقائه تماما كمطر العراق هذه الايام.. رجل احب صناعة النكتة ولكن ليس على غرار الناس الذين يضحكون على النكت “البايخة”.
تمتاز نكته بالواقعية وابطالها اشخاص من الواقع المعاصر والذين اطلق عليهم ،بأذن الله، “اراجوزات العصر الحديث التي تمشي مثل الخرتيت الحثيث”.
ولكن النكتة التي بعثها لي امس عبر هاتفه النقال كانت من النوع الثقيل الذي لاتبلعه لا الهريسة ولا التمن مع القيمة.
دعاني اولا الى قراءة ماكتبه سفيرنا في امريكا في احدى الصحف الامريكية ونشرتها احدى الصحف العراقية واسعة الانتشار.
وفي المقهى المعهودة اجتمع اولاد الملحة وتم اختيار “ابو لقمة” لقراءة الحيثيات لما يمتاز به صوته من هيبة تشبه هيبة صوت المذيع المصري احمد سعيد ابان حرب 67.
فقرأ اولا:
كتب سفيرنا لقمان الفيلي في واشنطن يقول: ان الولايات المتحدة ساعدت العراق على الوقوف ثانية على أقدامه، لكن استمرار دعمها ما زال ضرورياً.
قال ابو احمد وهو يكاد يغص باستكانة الشاي”:مسكين العراق كان مشلولا ويزحف على ركبتيه وجاءت امريكا لتعالجه وتجعله يقف على قدميه.
تابع “ابو لقمة”القراءة:
وقال سفيرنا حفظه الله ورعاه “حينما كنت اقف أمام قبر الجندي المجهول واحدق بعيني تلال ارلنغتن المتماوجة، داهمتني التضحيات الجسام التي تحملتها الولايات المتحدة من اجل دحر الطغيان ومساعدة المظلومين وبناء مؤسسات ديمقراطية في أصقاع العالم.”
صفق ابو حمزة وكأنه يقول .. الله اكبر..بالروح بالدم نفديك يالقمان وقام يسأل ابو لقمة هل رآه احدهم وهو يلطم خصوصا في هذه الايام المباركة.
صاح به ابو لقمة “ولك اسمع الجاي اضرب.
وقال الفيلي ان “العراق الآن على المسار للحاق ببلدان انتفعت من التضحيات الأميركية. فاقتصادنا الآن احد اسرع الاقتصادات نمواً في العالم، وإنتاج النفط في تزايد، والمؤسسات الديمقراطية تنضج والجولة السادسة من انتخاباتنا مقرر عقدها في نيسان من العام المقبل.”
صاح ابو كاظم من مكانه المعهود في زاوية المقهى المظلمة: هاي عليمن يابه مو احنه دافني سوى.
واكمل ابو لقمة ان “هذه النجاحات ما كان ليحققها العراقيون لوحدهم. فالجنود الاميركيون، والبحارة، والطيارون، ومشاة البحرية وموظفو الخدمة الخارجية، كلهم اسهموا بوضع العراق على طريق النجاح ـ ونحن ممتنون لكل أولئك الرجال والنساء الشجعان وتلك العملية لم تتحقق بلا آلام. فقد نزف العراقيون والاميركيون سوية لإيقاع الهزيمة بصدام حسين والقاعدة ـ والحفاظ على سلامة نسيج العراق. وبكينا معا عندما توجب علينا توديع زملائنا الذين سقطوا.”
عاد ابو حمزة الى النهوض:بحياة ابوك شلون يبكون السفراء ، يعني قصدي لابسين مثلنا لو بالبدلات السودة اللي يسموها سموكن ، كلي هي البدلة السوده هم تدخن؟.
ولم يلتفت ابو لقمة للمقاطعة بل تابع: ان “العراق الآن يقاتل تنظيم القاعدة الذي طلع من جديد ووجد حياة جديدة في سورية وعاد بذلك القتال الى أبوابنا. وبمساعدة اميركا سنوقع الهزيمة بهذا التهديد المستمر الى الابد الا ان في هذه المرة لا نطلب ان يكون الجنود الاميركيون على الأرض، بل بدلاً من هذا نسعى الى الحصول على الدراية الاميركية لجعل قوات الأمن العراقية اكثر قدرة على الفوز بالحرب ضد القاعدة.”
همس ابو حازم:كل شي بثمنه عيني.
انتهى ابو لقمة من كلمته العصماء وطلب ابو كاظم الشاي للجميع على حسابه الخاص.
اولاد المحة يعتقدون ان سفيرنا اكبر “لوكي” بالشرق الاوسط بعد علي الموسوي.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.