ياالهي اجعل ايامنا كلها عاشوراء

rodenyبدأت الهمة واشتعل الحماس واصبح رجال الخدمات في محافظة كربلاء مثلهم كمثل التي تحضر حفل زواج صديقتها وهي على “حباية ونص”،وما ان ينتهي العرس حتى تعود حليمة الى المطبخ وتنسى ان لديها “نص حباية” تستعملها لزوجها او على الاقل لنفسها.
هذه الهمة في تنظيف شوارع كربلاء من التجاوزات تجيء بمناسبة شهر محرم،هذا الشهر امد رجال الخدمات في البلدية بحياء ولكنه يعرفون انه مؤقت،اذ بعد انقضاء الشهر تعود حليمة الى ماكانت عليه.
يقول المهندس ناصر ميري العامري مدير البلدية” ان كوادر الدائرة باشرت إجراء حملة عمل موسعة لرفع التجاوزات وإزالة المواد المنتشرة على الأرصفة في بعض شوارع مركز المدينة،وان تلك الحملات هي “ضمن الاستعدادات المبكرة للمديرية لاستقبال زيارة العاشر من محرم الحرام للعام 2015 وفسح المجال أمام السابلة للسير على تلك الأرصفة مع الحفاظ على نظافتها”.
لنقرأ تصريحات العامري بحسن نية اذ لا أحد يريد الاساءة لرجال الخدمات.
بلدية المحافظة باشرت باجراء حملة موسعة لرفع التجاوزات.
جميل ولكن هل يقول لنا العامري ماهي آخر حملة لرفع التجاوزات قامت بها البلدية،أكيد منذ العاشر من محرم الماضي.
نقول ذلك ونحن نعرف تماما ان مئات المواطنين قد اشتكوا على مدار السنة من هذه التجاوزات وكانت الحجة ضعف الامكانيات،ويبدو ان هذه الامكانيات انتفخت فيها الحياة قبل حلول العاشر من محرم.
واكيد ايضا ان الآف المواطنين يساهمون في تلويث البيئة والتجاوز على القوانين.
لنقر بفقرنا الخطير في الحفاظ على البيئة وانها لكارثة ان تجد جزارا يذبح الخرفان على ارصفة المارة واصحاب البسطيات يشعرون ان الرصيف ملكهم وليس لغيرهم.
ليست بلدية كربلاء وحدها التي تعاني من هذه الآفة بل جميع بلديات الدولة.
بعض المسؤولين في هذه الدوائر يتحججون بضعف الاماكانيات وبعضهم الآخر مازال يرفع شعار”وآنه شعليه”.
فهذا الرصافي مثلا ظل لسنوات محاطا بالزبالة رغم انه يرفع يده احتجاجا وهاهي ضواحي بغداد تشبه الى حد كبير بعض قرى دلهي او مومبي وهاهي البصرة القديمة تئن من المياه الآسنة التي تمر تحت المنازل منذ اكثر من 20 سنة وهاهي ناحية سيد دخيل لاتسر الناظر اليها.
لماذا يحدث ذلك؟.
احد البطرانين قال،وقوله يحمل اسطوانة مشروخة،ان سبب ذلك هو المحاصصة حيث شمخت مقولة “الرجل المناسب في غير المكان المناسب”.
لا أحد من مديري البلديات في كل العوراق العظيم تجرأ وطلب من المواطنين ان يشتركوا في حملة المحافظة على البيئة اولا والقانون ثانيا بل ان بعضهم سيضحك كثيرا ويكاد يغص بلقمة “القيمة” في فمه اذ يقول”عمي ترى انت بطران،خلينا ناخذ راتب وعلى الله التكلان”.
كتبت ذات مرة واعيدها الان للتذكير فقط:ان بغداد كانت في نهاية السبعينات كانت عبارة عن مجموعة مجاري وحفريات سعى مسؤولي البلدية الى حفرها للبحث عن كنز سليمان.
وبقدرة قادر استيقظ القوم في صباح يوم مشمس ليجدوا ان الحفريات اختفت والمجاري اصبحت من قصص الف ليلة وليلة والشوارع تلمع كأنما غسلت بالشامبو والارصفة تستقبل المارة برحابة صدر والباعة المتجولين ارتكنوا الى زواياهم المعروفة ليعرضوا بضاعتهم.
كل ذلك حدث بسرعة قياسية لاتجيدها حتى موسوعة جينيز والسبب هو احتمال ان يستضيف العراق مؤتمر قمة عدم الانحياز.. هذا الاحتمال جعل بغداد عاصمة تغتسل من اوساخها.
من هنا نعرف ان المسؤولين عن الخدمات في اي زمان من ازمنة العوراق العظيم يعرفون تماما ان لديهم الهمة والنشاط الكافيين لخدمة بلدهم ولكنهم لايريدون والسبب “آنه شعليه”.
نزيف النفايات والمخلفات الناجمة عنها يكلف الميزانية عشرات الملايين ولكن اين هو الشريف الذي يعرف ذلك؟.
ولفت العامري الى أن تلك التجاوزات “أرهقت الكادر البلدي بسبب المخلفات الناجمة عنها إضافة الى ورود الكثير من الشكاوى من قبل المواطنين كون الأرصفة مشغولة من قبل أصحاب المحلات التجارية والمطاعم ولهذا تم التوجيه الى جميع الأقسام البلدية بضرورة متابعة التجاوزات ومحاسبة المقصرين في ذلك”..
من جانبه، كشف المهندس محمد حمزة حسين، معاون العامري لشؤون الخدمات عن قيام اللجنة المشكلة لمتابعة المخالفات البيئية والصحية في قائممقامية قضاء المركز بالتنسيق مع المديرية والدوائر الخدمية الأخرى وكذلك الأمنية بغلق عدد من محلات القصابة لقيامها بالجزر خارج المناطق المخصصة لذلك، إضافة إلى عمل الأقسام البلدية اليومية في جمع النفايات”.
فاصل من النفايات:كم عدد المواطنين الذين يضعون النفايات في الاماكن المخصصة لها،ان وجدت، انهم لايتعدون اصابع اليد الواحدة والله على ما أقول شهيد.
ترى انت بطران.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.