و إذا حكمتم بين الناس فأحكموا بالظلم

العدالة: كريستي توماس

العدالة: كريستي توماس

لم يعد الكذب متاحاً و لا التعصب مستتراً و لا التدليس ممكناً في زمن تصل فيه المعلومة بالصوت و الصورة إلي العالم في لحظتها. .تنكشف الحقيقة لأنك ببساطة لا تملكها بل هي تملكك شئت أم أبيت.

إذا صارت الأحكام فتنة فما الفرق بين الجهاديين و القضاة؟كلاهما يغتال الأبرياء.

إن مقولة لا تعليق علي أحكام القضاء هي كذبة شائعة الهدف منها الترويج لعصمة القضاة و تحصينهم ضد المساءلة.

لقد وضع القضاة في البلاد الإسلامية و العربية تشريعات يتلاعبون بها في مصير الدولة. شرعوا القوانين التى بها يصبحون مراكز تحكم بديلة عن أجهزة الدولة.غيبواالقوانين التي لا تأت علي هواهم و فعّلوا القوانين غير الموجودة التي تتفق و أدمغتهم المتطرفة.بينما القانون يجب أن يكون محايدا.و التشريع يجب أن يكون حاكماً و ليس متحكماً و القاضي يفصل بين الخصوم دون أن يكون خصماً.يميل إلي الحق دون أن يفكر في أطراف القضية ذاتها.

القانون في مصر لعبة.يستخدمها القضاة لتحقيق رغباتهم.يحكمون بما يشعرون أنه يشفي أمراضهم المجتمعية.و يحقق مصالحهم الوظيفية.و يرضي ميولهم الفكرية و الدينية و الطائفية بالرشوة و بغيرها.

بعد كل حكم يصدر القاضي حيثيات الحكم ليشرح القوانين التي إعتمد عليها في إصدار الحكم.و أنا يهمني جداً حيثيات الحكم أكثر من الحكم نفسه (الذي حكم علي أطفال بالسجن لأنهم يسخرون من داعش) رغم بشاعته .أريد أن أعرف أي قانون هذا الذي أعطي للقاضي الظالم أحقية سجن هؤلاء الأطفال.قل لنا أي قانون هذا حتي نحرقه و نطالب بشطبه من تاريخ الإنسانية و نرسله إلي الجحيم.أنشروا حيثيات الحكم .

عندنا قضاء إشتراه الأثرياء.عندنا قضاء يحكم حسب الهوى.عندنا قضاء غاب العدل عنه فهل بعد ندعوه قضاء؟

المشكلة أننا لا نكتشف فساد القضاء إلا بعد أن يمسنا شخصياً.و نهلل له طالما هو مسلط علي من نختلف معهم فنؤيده في حينه. ثم لما يمسنا نحن نهاجمه لكن ليس كما يجب لأننا كنا نهلل له في وقت آخر.

أطالب بمحاكمة القاضى

إن تعريف القاضى هو أنه الشخص الذي يترجم القوانين إلي أحكام.

من الممكن أن نطالب بمحاكمة قاضى مرتش أو ذو مصلحة.لكن أين في قانون مصر ما يسمح بمحاكمة قاض يتجاهل القوانين و التشريعات و يحكم حسب الهوى حتي لو لم يرتش.فالرشوة هنا ميول و أغراض.و الفساد هنا هو في هدم العدالة عن قصد.و الضرر هنا هو إستغلال لوظيفة في إهدار الحقوق .

ما هي الوسيلة التي تردع القضاة عن إستخدام سلطتهم في ظلم الناس بهذه الأحكام الفجة التي تثير إشمئزاز العالم كله.هل توجد متابعة لأحكام القضاة المتطرفة.هل يمكن أن يوجد تشريع يلجأ إليه المتقاضون لإثبات خروج هذا القاضي عن القانون خروجاً مقصوداً و تجاهله المتعمد لحق المتقاضين؟ كيف نبكي بعد الأحكام دون أن نفكر في كيفية محاكمة القاضى الذي يحاكم الأفكار و النيات بينما القضاء و القوانين في العالم كله تحاكم الأفعال.

متى يوجد في التشريعات ما يجعل القاضى يفكر ألف مرة قبل أن يخالف القانون متحصناً بكونه القاضي .متي توجد آلية لحساب القضاة المتطرفين في أحكامهم.متي يجد الإنسان البسيط تشريعاً يحميه من القاضى الظالم و يمكنه من حقه حتي لو كان القاضى ضده.

رد القاضي ليس حلاً لأننا لا نتوقع ميوله و فجوره مسبقاً قبل نظر القضية حتي نرده عن نظرها.إننا لا نريد رد القاضى بل ردع القاضى.

كل التشريعات المتاحة هي لمحاسبة القضاة علي سلوكيات شخصية خارج المحاكم.و هيئة التفتيش القضائي مختصة بمحاسبة القضاة عن أي فساد مالي أو أخلاقي أو شخصي أما أنا هنا فأطالب بقانون يحاسبهم عن تطرف أحكامهم و تجاهلهم عمداً لحقوق المتقاضين و تحولهم إلي خصوم في القضية بحكم إنتماءاتهم الفكرية و الدينية و السياسية.

أين التشريع لمحاسبة قاضي محكمة إبتدائية تلغي نسبة كبيرة من أحكامه في الدرجات الأعلي.هل هناك نسبة لأحكامه يمكن الإعتماد عليها في تقييمه .

اين التشريع الذي به يسترد أي طرف في المحكمة حقه حين يهين القاضي أحد أطراف القضية أو يسخر منه بأي نوع أو يتحداه أو يهدده أثناء المحاكمة ؟ و الأهم ! هل من هؤلاء ننتظر حياداً و عدلاً.كيف يمكن مقضاة القضاة؟

هل يمكن أن توجد فترة إختبارية للقاضى يمكن بعدها إزاحته عن القضاء لو ثبت عدم أهليته للحكم بالقوانين بصورة منطقية صحيحة عادلة؟

هل يمكن إضافة نظام المحلفين للقضاء المصري لكي يكون معبراً عن فئات الشعب بصورة أفضل .كما هو معمول به في الدول المتقدمة؟

دروس لمن يحكمون بالظلم

قوانين عربية

في ديار بني يعرب يعيش القضاة كالآلهة فأوثان العرب كثيرة.الملوك و الفقهاء و القضاة و أسماء كثيرة كالأوثان.

لذا أيها القاضى الظالم أحكم كيفما تهوى فليس في القانون مساءلة.أعجب لقانون يرفض تطبيق العدالة علي القضاة لكنه يوكل القضاة في تطبيق العدالة.أنت تعرف أيها القاضى المتعصب أنه لا تأديب للقضاة إلا في الجرائم الجنائية و فقط إذا كانت في حالة تلبس.بمعني أنه لا تأديب إلا في الخيال.

فليعبث إذن اي قاض بالمجتمع و سلامته غير هياب من العقاب لأنه لا عقاب للقضاة في قوانين العرب .لا تتعب نفسك ايها القارئ لتجد وسائل حساب للقضاة في القوانين العربية فكلها موجودة لحماية القضاة حتي المجرم منهم..

من ساءل القاضي الذي حكم علي المفكرين؟ من ساءل القاضي الذي فرق بين رجل و زوجته دون إرادتهما أو طلبهما؟ من ساءل القضاة الذي برأوا قتلة شهداء أبو قرقاص و شهداء الكشح و شهداء نجع حمادي و شهداء القيسين و غيرهم؟من ساءل القضاة الذين برأوا المعتدين علي الكنائس و المصلين فيها و وصف الجناة أنهم مرضي غير مسئولين عن أفعالهم؟ من ساءل القاضي الذي حكم علي رومانى الإنسان البسيط بالمؤبد بتهمة الإغتصاب و لسوء حظ القاضي أثبت الطب الشرعي أن المحكوم عليه غير مؤهل لأي علاقة جنسية لأسباب طبية و لا زال في سجنه بريئاً. من ساءل القاضى الذي حكم علي المعلمة دميانة بالأقصر؟ و من ساءل القاضي الذي حكم علي أطفال أربعة بتهمة إزدراء داعش و من سيساءل القضاة في بلاد الإسلام إذا تفرغوا لظلم مسيحيي الشرق الأوسط و خصوصا الأقباط؟

قوانين غربية

في الغرب حيث لا خريجو أزهر و لا قضاة متطرفون أو فاسدون يسود الحياد و للعدل وسائله المتاحة للجميع.

1-في أبريل 2009 قدم القاضى الكندي بول كسجروف إستقالته بعد أن أوصت لجنة محاسبة القضاة بإستبعاده لأن سلوكه مع أطراف متهمين بالقتل كان يتسم بعدم الحياد

http://www.canadianlawyermag.com/4030/judging-the-judges.html

2- الفقرة 42 من الكود القضائي لسنة 1983 يعطي الحق لأي متهم أن يشتكي القاضي أمام النائب العام و امام المحكمة الإتحادية العليا.

3- قانون المراجعة القضائية لسنة 1977 في أستراليا الذي يميز بين الخطأ القانوني و الخطا غير القانوني (كأن تحكم علي أربعة أطفال يمثلون مشهداً لعدة ثوان فتحكم عليهم بعدة سنوات) .كما ينظم القانون كيفية مقاضاة القاضي في حالة إثبات الإخلال في أداءه اثناء نظر القضية و حتي صدور الحكم.

4- في بريطانيا تستطيع أن تقدم شكوي في القاضي أمام المحكمة العليا أو الإتصال برئيس المحكمة التي تقع فيها القضية أو الإتصال باللجنة الإستشارية لمنطقة المحاكم أو يمكنك التوجه إلي قضاة محكمة التاج أو قضاة الصلح .يمكنك أن تشتكي القاضي إذا أساء في (سلوكه- لغته- طريقة تواصله مع أطراف القضية) لكنك بالطبع لا تستطيع أن تشتكي بسبب الحكم الصادر في القضية إنما يمكنك إستئناف الحكم.

5- في ألمانيا يحق للمواطن أن يقدم شكوي ضد قاضى أمام اللجنة القضائية العليا و هي لجنة مستقلة لها سلطة أن تقرر تصعيد الإجراءات أو حفظ الشكوي لجنة لكنها لا تشبه المجلس الأعلي للقضاء الذي يريد الزند من خلاله أن يطبق الشريعة في مصر.

ختاماً أقول لكل قاض ظالم أن هناك من هو أعلي منك.يلاحظك متأنياً عليك لعلك تفيق و ترجع عن طرقك الشريرة. أحكموا بالعدل أو يأتيكم العدل الحقيقي و يطيح بظلمكم بضربة واحدة.

About Oliver

كاتب مصري قبطي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.