د. ميسون البياتي
أمواج المياه التي تحيط بجزر الفلبين تعتبر من أخطر المناطق البحريه في العالم . وذلك بسبب الرياح العاتيه التي تضرب المنطقه والتي تسببت ما بين عامي 1972 وحتى عام 1987 في حدوث 80 حادثة تصادم سفن و 117 حادثة غرق سفينه .
يوم 21 ديسمبر 1987 كانت العبّاره ( دونا پاز ) تحمل أكثر من حمولتها من المسافرين لنقلهم من مدينة ( تاكلوبان ) الى مدينة ( مانيلا ) إستعداداً لإحتفالات الكريسماس ذلك العام .
كانت ليله دامسة الظلام , رغم أن الجو كان جيداً , وبعد عدة ساعات من الإقلاع تعرضت العبّاره ( دونا پاز ) الى الدمار بسبب تصادمها مع ناقلة النفط ( ڤكتور ) حيث إشتعلت السفينتان في كتلة من النار , فيما تدفقت طبقه كثيفة من النفط المشتعل فوق ماء البحر من صهاريج الناقله ( ڤكتور ) , ثم بدأت السفينتان بالغرق سوية ودفعة واحده .
لا أحد يعلم على الإطلاق عدد المسافرين الذين قضوا نحبهم في هذه الحادثه , القائمه المسجله تذكر أنهم كانوا 1550 مسافر , غير أن العدد الكلي لجميع المسافرين , مسجلين أو غير مسجلين , كان يزيد على 4375 راكب , ولم ينج من الحادث غير 26 شخص فقط .
الرئيسه الفلبينيه ( كورازون أكينو ) وصفت الحادث بأنه كارثه قوميه سببت أعظم الألم الى شعب الفلبين لأنها وقعت وقت إحتفالات الكريسماس .
البابا جون بول الثاني , ورئيس وزراء اليابان نوبورو تاكيشيتا , والملكه إليزابيث الثانيه , أرسلوا برقيات التعازي الى الفلبين بالمناسبه .
بعد 3 أيام أعلنت شركة التأمين البحري عن إستعدادها لدفع كامل مبلغ التعويض عن ضرر العبّاره ( دونا پاز ) ودفع التعويض عن أرواح الضحايا .
بعد أيام تجمعت في حديقة ( ريزال ) أسر الضحايا غير المسجلين ضمن قوائم النقل على ظهر السفينه مطالبين الشركة الناقلة بالتعويضات ومحاسبة الجهة المتسببه بالضرر ومطالبتها بتحمل كامل المسؤوليه .
التحقيقات الأوليه لشرطة خفر السواحل الفلبينيه أظهرت أن عدداً قليلاً من طاقم ( دونا پاز ) كانوا يقومون بواجبهم فعلاً ساعة وقوع الحادث , أما البقيه فقد كانوا مشغولين بتناول الكحول ومراقبة التلفزيون أما كابتن السفينه فقد كان يتابع فلماً سينمائيا على جهاز ( بيتاماكس ) .
كل هذا عدا عن أن ناقلة النفط ( ڤكتور ) كانت تسير من دون رخصه , ومن دون قائد مؤهل . وفي العام 1999 وجدت المحكمه الفلبينيه العليا أن هذا القائد غير المؤهل هو المسؤول عن الحادث .
بعض العوائل التي فقدت شخصين أو أكثر في الحادث قامت برفع الدعوى حتى على شركة النقل البحري ذاتها , حيث وجدت المحكمه أن من حق عوائل الضحايا غير المسجلين على قوائم النقل في السفينه أن يتسلموا التعويض عن ضحاياهم أيضا ً .
وهكذا هي الحياة … شخص يخطيء … وآخر يتسلم التعويض … ومن يموت هو الوحيد الذي يخسر نفسه .