أعزائي القراء
أجرت معي السيدة ساره رمضان من صحيفة 7 أيام المصرية هذه المقابلة منذ أكثر من شهر، لكنها لم تنشر حتى الأن
لذلك قررت أن أنشرها في موقع “صوت العقل” كي تتطلعون عليها
لست مغفلة ، كنت أدرك تماما بأنهم لن ينشروا ما سأقوله، ولكنني دائما أتوسم خيرا بالشخص الذي ألتقي بي حتى يُثبت لي العكس، هذه فلسفتي وبناءا عليها أقبل هذه النمط من المقابلات. تحياتي للجميع
…..
كيف تقيمي الوضع في سوريا؟
……..
لا أستطيع أن اقيم الوضع في سوريا إلا بناءا على حدسي حيال ما يحدث…
لا أحد يستطيع..
أشك بمصداقية الأخبار التي تردني أيا كان مصدرها…
كل ما أعلمه علم اليقين هو أن هناك حرب إبادة تجري على قدم وساق، حربا تريدها وتشنها جميع الأطراف ولا أحد يعرف مَن مع مَن!
يحدثني قلبي، وصدقيني يا سيدتي، أن العقل ـ وفي أغلب الأحيان ـ محكوم بالقلب، أن الحاضر والمستقبل ـ على الأقل المستقبل القريب، لا يبشر بالخير!
هذه حرب إبادة أسبابها المباشرة وغير المباشرة تتجذر في عمق الثقافة البدوية التي تتحكم بنا….
الثقافة التي تحرض الإنسان على أن يقف مع أخيه ضد ابن عمه، ومع ابن عمه ضد الغريب بغض النظر عن حق أي منها لا يمكن في النهاية أن تثمر إلا دماءا وخرابا…
هناك لا شك، مصالح دولية متصارعة، ,لكن لا تستطيع تلك المصالح أن تفرض نفسها حرفيا إلا إذا أخذت بعين الإعتبار الواقع الثقافي المعاش والعقل الجمعي الذي هو ثمرة ذلك الواقع!
يبدو أن الغرب قد وصل إلى قناعة “الكي آخر العلاج”، وأسهل الطرق لتطبيق ذلك العلاج هو أن يكووا بعضهم البعض!
هي حرب لن تكلفه الخسائر التي اعتاد أن يتكبدها ليغير واقعا ما، ليس هذا وحسب، بل ستأتيه بنتائج لا يحلم بها حتى ولو استنفر كل قواته وعتاده…
ما يجري في المنطقة كلها هو من تداعيات كارثة الحادي عشر من سبتمبر، قالها الرئيس بوش “سنعيدهم إلى الحجر العصري”، وهاهم بضعة أميال (وكم يوم) منه!
هم أرادوا العودة إلى القرن السابع الميلادي، والغرب أعطاهم “بحبوحة” وقرر أن يرسلهم أبعد من ذلك بقليل!
يستحقونها، أقولها بكل ألم!
داخل هذا النفق المظلم يجب أن أتطلع دائما إلى بقعة ضوء، والبقعة الوحيدة التي أراها ـ أو بالأحرى أتخيلها ـ هو أن تقودنا تلك المذابح إلى حد نستطيع عنده أن ندرك قيمة الحياة، وقيمة الإنسان الذي لا يعلو عليه إله!
******
ـ الى أين سينتهي الامر؟
…….
طالما لا أعرف ما يجري بالتفصيل لا أعرف إلى أين سينتهي الأمر بالتحديد!
لكن، وبالعودة إلى قناعاتي الشخصية التي بنيتها على أساس معرفتي العميقة ببواطن النفس لدى إنسان هذه المنطقة المشحونة، أستطيع أن أتوقع بأن الأمر سينتهي إلى هيروشيما مقنبلة لا أثر للأخضر ولا لليابس فيها!
********
ـ وماهي سبل الخروج من الازمة؟
…….
لا يوجد سبل بالمدى المنظور…
بقلب منكسر أقول: يجب أن يستمر ما يحدث الآن حتى تتطهر النفس من كل أحقادها ـ هذا إلى تطهرت ـ وتصل إلى قناعة حول عبثية هذا العنف…
عندها ـ وكما أشرت سابقا ـ ستكون سوريا، وربما غيرها من بلدان النطقة ـ مجرد هيروشيما مقنبلة…
عندها، وعندها فقط ـ قد يكون هناك سبل لإعادة البناء، أقصد البناء العقلي والعاطفي وليس فقط البناء العمراني!
لا قوة في الأرض تستطيع أن تعيد تأهيل الإنسان المسلم إلا إذا سمحنا له ـ بل وشجعناه ـ على أن يطبق عقيدته على أرض الواقع، ويرأى بأم عينيه عبثيتها وعدم فعاليتها في الزمن الذي نعيش فيه!
هذا ما يحدث اليوم في سوريا وفي مصر أيضا، وربما ستتستمر القنبلة لتشمل بلدان أخرى!
ألف وأربعمائة عام والغسيل الدماغي يجري على قدم و ساق من أنه “لا حل إلا الإسلام”!
يعيشون المشكلة ويؤمنون بأنها هي الحل، كمن وقع في مستنقع لا قعر له، وظل يؤمن بأن الطريق الوحيد للخروج منه هو الوصول إلى القعر، وكلما ازداد غوصا تشبث بعقيدة البحث عن القعر!
المأساة الأكبر، أن الطرف “العلماني” المناوئ لتلك الأغلبية الساحقة لا يعرف أنه مبرمج بنفس طريقتها، ولذلك يستخدم نفس اسلوبها، وهو اسلوب رفض الآخر، والآخر هنا “من يختلف معه حتى ولو على لون جوربه”!
كل واحد ضد الآخر، والحرب الدائرة ستتوسع حتى تضيع الطاسة ولم يعد الواحد منهم يعرف مع من هو، وضد من هو، وتلك هي أقذر وأبشع أنواع الحروب!
لأنها حرب هدفها الأول والأخير القتل بغض النظر هن هوية المقتول!
********
ـ وما رأيك في الجبهة المعارضة الموجودة على الساحة؟
……
هي الشق التوأمي للنظام قلبا وقالبا!
أتحدث هنا عن الجبهة المعارضة على أرض المعركة، أما الجبهة المعارضة في الميدان السياسي فليست موجودة حسب مفهومي لكلمة “جبهة”.
هناك أشخاص ـ أو مجموعات صغيرة من أشخاص ـ معارضين سياسيا، ومشرذمين هنا وهناك لا يجمعهم هدف واحد ولا قناعات مشتركة، إذا استثنينا جماعات الإخوان المسلمين!
أقولها لا طعنا بهم، فأنا واحدة منهم، ولكن بناءا على تاريخ المعارضة السورية!
المعارضة بمفهومها الحقيقي والتنظيمي لا تتشكل إلا في وسط من الحرية، ولا تنتعش مالم تملك الوسائل الإعلامية لنشر أفكارها وتوحيد جهودها.
في وسط قمعي كالوسط السوري، ينتفي وجود تلك المعارضة بمفهومها الصحيح. هناك بعض السوريين الذين يعيشون خارج سوريا، وأنا واحدة منهم، ربما نمتلك الحرية للتعبير، ولكننا لا نمتلك الوسيلة لنعمم أفكارنا ونتواصل مع بعضنا.
لا يستطيع أحد أن يشكل جبهة مع أخر إلا عندما يلم بكافة أفكاره ويتعمق في فهم أهدافه.
شخصيا لم أسمع من جبهة معارضة، وأنا الأحق أن أكون فردا في أية جبهة، نظرا لتاريخي، وعلى تواصل مع أشخاص جديرين بأن يكونوا هم أيضا جزءا من أية جبهة معارضة، ولكنهم ليسوا!
أين هي تلك الجبهة، وعلى أي أساس تقبل عضويتها؟ لا أعرف!
…………..
ـ وأي القوى والفصائل التي ترجحي كفتها في الصراع؟
*********
لا يوجد قوى منظمة تستطيع أن ترجح كفة الصراع في هذه الحرب الطاحنة إلا القوى الإسلامية الظلامية التي همها أن تَقتل أو تُقتل!
كل طرف يقاتل من أجل القتل ودون أية اعتبارات إنسانية، سيملك لاحقا القوة التي تؤهله ليطغى!
يضاف إلى ذلك، الرغبة التي نلمسها لدى الغرب اليوم في إيصال تلك القوى!
النظام السوري يتبع اليوم نفس الاسلوب، إذ يجب أن لا ننسى أنه إرث اسلامي أيضا، ولو أخفى يديه المجرمتين تحت قفاز علماني!
القوى الدولية المتصارعة على الأرض السورية تريد للصراع على أرض المعركة أن يستمر حتى يحرق الأخضر واليابس!
لذلك، لا أتوقع أن تنفذ أسلحة أي طرف حتى يتحقق ذلك الهدف!
عندها، وعندها فقط سيقوم الغرب بسحب القوة العسكرية من الطرف الذي تقضتي مصلحته أن ينتصر…
في المدى المنظور لست متفائلة بمصير القوى العلمانية، إذ ليس لها دور واضح المعالم في ذلك الصراع…
قد يكون وصول الإسلاميين مرحلة لا بد منها، فالأغلبية الساحقة مبرمجة على أن الإسلام هو الحل، ولا تستطيع أن تقنعها إلا من خلال تلك التجربة…
الجريمة الأكبر أن تلك التجربة لو حدثت ستطيل عمر الخراب العقلي والفكري عقودا وأجيالا….!
*********
ـ هل تشعرين بأن المصير الذي حل بدول الربيع العربي ينتظر سوريا؟
بل أرى أن المصير الذي حل بسوريا ينتظر كل دول ذلك “الربيع”!
*******
ـ في سوريا عدد كبير من العصبيات الأهلية والإنشقاقات…فهل هذا التنوع يقود للنهضة أم للشتات؟
……
في كل ثقافات العالم، البائدة منها والسائدة، التنوع الفكري والعرقي والإثني الموجود في سوريا يفترض أن يكون من مقومات النهضة، إلا في الثقافة الإسلامية البدوية، فهو أرضية خصبة للتناحر حتى الموت!
يبدو أنك نسيتي الحديث النبوي “ستنقسم أمتي ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة والباقي في النار”
هل هناك “أقدس” من حرب يعتقد كل مقاتل فيها أنه سيفوز بالجنة الموعدة، سواء قَتل أو قُتل.
*********
ـ إلى أي مدى تشتاقين لسوريا….ومتى تعتقدين أنك سوف تعودين إليها؟
……
هل تشتاقين للهواء الذي تتنفسيه؟؟
سوريا هي هوائي، لم أفقده بعد كي أشتاق إليه…
لا أعرف متى سأعود، أتمنى أن أكون على موعد مع طائرتي غدا.
أعرف أن سوريا التي تعيش في قلبي ليست سوريا على أرض الواقع اليوم، وأعرف أنني لن أجد سوى خرابا على كل صعيد، الصعيد العمراني، النفسي، العاطفي، و العقلي.
لكن أتمنى أن أعود، علني اساهم في بناء ما تهدم وترميم ما بقي!
كل ما دار في ذهني منذ بدأت أن أعي الحياة، رأيته لاحقا على أرض الواقع.
اليوم أتخيل نفسي حرة في سوريا الغد، سوريا المعقمة من كل أثر لوباء اسلامي، ومتفائلة بأن حلمي سيصبح حقيقة مهما طال الزمن!
********
ـ وما هو تقييمك للمرحلة التي تمر بها دول الربيع العربي وسيطرة الاسلاميين على الحكم فيها؟
……
! لا أعرف لماذا تصرين على تسميته بالـ “ربيع العربي”، سأكون سعيدة لو لفتم انتباهي إلى تلك الأزهار والورود والمروج التي تجعله ربيعا!
لقد اعتدنا على قلب المفاهيم، وانغسلت أدمغتنا إلى الحد الذي نكرر عنده ما يُملى علينا، كالببغاء، دون أن نستوعب!
شأننا في ذلك، شأن البدوي الذي ذهب من البادية السورية إلى المدينة كي يشتري بعض الحاجات، فصادف مظاهرة تصيح: فليسقط وعد بلفور!
دبت النخوة البدوية في شرايينه فراح يهتف معهم: فليسقط واحد من فوق، فليسقط واحد من فوق!
حتى الطبقة المثقفة، ولا أشك أنك واحدة منها، قد انطلت عليها الحيلة وراحت تردد ما تسمعه دون أن تستوعبه!
ربيع عربي؟؟؟؟؟
هل تصدقين بأن الربيع يأتي بلا مطر؟؟؟
هل تصدقين أنه بالإمكان أن نرى الربع الخالي وقد صار هولندة أخرى بين ليلة وضحاها؟؟
يا سيدتي، لا ربيع بلا مطر، ولا يمكن أن تثمر ثورة بلا فكر!
نحن شعوب عقيمة ولا فرق بين عقولنا وصحارينا!
الفكر الإسلامي مستبد بنا منذ أن سيطر محمد على المدينة، ولا فرق عندي بين الديكتاتور والإسلامي فكلاهما إرث محمدي!
كلاهما إفراز اسلامي، ولا يمكن أن يعيش واحد منهما بدون الآخر!
الفرق بينهما لا يتجاوز الفرق بين ديكتاتور مسلم، ومسلم ديكتاتور!
إنه صراع بين توائم جاؤوا من نفس الرحم!
لكن، طالما الأغلبية ـ المغيبة عن الوعي ـ تؤمن بأن الاسلام هو الحل، وهؤلاء الاسلاميين هم وحدهم من يقدر على تطبيق الاسلام بحذافيره، لا أرى بديلا للمرحلة المقبلة التي سيسطر بها هؤلاء الاسلاميين.
الشعب الإيراني هو أكثر الشعوب المسلمة تأهيلا اليوم لبناء دولة علمانية، والسبب أنهم جربوا حكم الملالي وخرجوا منه بقناعات جديدة.
لم نتعلم يوما أن نستفيد من تجارب غيرنا، ويجب أن نُلدغ من نفس الجحر الذي لُدغ منه الإيرانيون كي نصل إلى قناعاتهم .
******
ـ تجربة مصر وتونس تتشابهان في كل التفاصيل….فهل ستشتركان في نفس المصير؟
……..
كل الدول العربية ـ حتى الأبعدها عن ما يسمى بالـ “ربيع” العربي ـ تتشابه في تاريخها وفي تجاربها، ولذلك ستتشابه حكما في مصيرها.
قد تختلف الطرق، ولكن العقل الجمعي واحد وسيقود إلى نفس النتيجة وسيأخذ نفس الوقت!
عندما أتواصل مع الجيل الجديد عبر الفيس بوك والإيميل، لا أستطيع التمييز بين سوري ومصري ومغربي ولا حتى سعودي عندما يتعلق الأمر بهمومه اليومية وإحباطه وتطلعه إلى مستقبل أفضل!
هو مهموم بشكل أو بآخر، هو محبط لسبب أو لأخر، سواء كان منغمسا في ترفه السعودي أم غارقا حتى شوشة رأسه في فقره المصري!
هذا الجيل المنفتح على العالم عبر الانترنت لا يمكن أن يقبل بالحياة التي عاشها أباؤوه وأجداده، وسيتمرد عاجلا أو آجلا!
سنرى حراكا في الخليج العربي مهما طال الزمن، ولن يكون أقل دموية من الصراع الذي تشهده الدول الأخرى اليوم.
على العكس تماما، كلما اشتد القمع سيزداد الصراع دموية، والقمع على أشده وأسوأه في السعودية!
من ناحية أخرى، خمسة عشر إرهابيا من المجموعة التي ارتكبت مجزرة الحادي عشر من سبتمبر كانوا سعوديين.
الغرب يعرف أن السعودية هي رحم الإرهاب الإسلامي، وهو إذ يقص اليوم أطراف هذا الإرهاب، لا شك أنه سيحرق الرحم الذي يتوالد منه ذلك الإرهاب عاجلا أم آجلا.
إنه مسألة وقت، ولا نعرف سر ذلك التأخير!
**********
ـ وما أكثر الأمور التي تري أنها تنتظر مصر؟
…….
لست متفائلة جدا، رغم أن الظروف في مصر تختلف عن ظروف سوريا وربما أكثر ملائمة لبناء مجتمع مدني علماني.
الحقد الطائفي ليس موجودا على شدته، رغم ما يعانيه الأقباط، ولكن دائما الخطورة التي يفرضها التناحر بين الطوائف الإسلامية أشد بكثير من التناحر بين المسلمين والمسحيين، فالمسيحيون بطبعهم مسالمون، وقد اعتادوا على حياة الذل التي فرضتها قرون طويلة من اضطهاد في ظل الإسلام.
الحقد بين الطوائف الإسلامية وتحديدا بين السنة والشيعة جاهز لينفجر في أية لحظة، وسيأخذ معه كل أثر للحياة، وهذا الحقد لا تعيشه مصر اليوم!
من ناحية أخرى، الحرية النسبية التي عاشها الشعب المصري في السنوات الأخيرة التي سبقت سقوط النظام السابق قد أيقظت الكثير من العقول، وهيأت الطبقة العلمانية لتأخذ ولو جزءا من دورها!
رغم كل هذا، أعتقد أن المرحلة المقبلة ستجسد صراعا بين العلمانين من اصول اسلامية وبين الإسلاميين الأصوليين من جهة ثانية، وسيكون صراعا دمويا وعنيفا وقد يمتد سنينا!
*******
ـ وسبل الخروج من الأزمة الواقعة عليها الآن؟
……
لا يوجد سبل للخروج بالمدى المنظور، الصراع سيستمر طويلا وسيكون دمويا!
الاسلامييون لن يتخلوا عن السلطة بسهولة وعن رضى وطواعية،
إنها العقلية البدوية التي ترفض الآخر وتدعي استمداد شرعيتها من الله، وامتلاكها لحقيقته.
الطرف الآخرـ متمثلا بالعلمانيين والمسلمين المعتدلين ـ والذي ذاق مرارة العيش في ظل الديكتاتور، لن يقبل أن يضحي بانجازاته بعد أن قضى على ذلك الديكتاتور.
الغرب يدعم الاسلاميين اليوم، ليس حبا بهم، وإنما ليطيل بعمرهم حتى تنكشف حقيقتهم، و يتمكنوا من شحذ القوى العلمانية الهشة في الوقت الحاضر!
سيأخذ الأمر عقودا، وستكون التضحيات خلالها كثيرة!
**********
ـ لكِ مقال تحت عنوان “الإسلام جهاز عقائدي مسؤول أولا وأخيرا عن انحطاط الإنسان المسلم فكريا وأخلاقيا”…كيف يكون للدين هذا التأ؟ثير على التفكير الانساني، بصرف النظر عن الافكار الدينية الجامدة؟
…….
أي فكر ـ سواء كان صالحا أم طالحا ـ عندما ينفرد بالساحة ويمنع أي فكر آخر من منافسته، ينتهي ببرمجة فكرية جامدة ومتعصبة!
كيف تتم عملية الغسيل الدماغي؟
تتم بعزل الفرد المراد غسله دماغيا عن أي فكرة أخرى، والسماح له بتشرب الفكر المراد زرعه فقط دون غيره، لا سيما في سنوات عمره الأولى حيث تكون عملية الهيمنة العقلية اسهل، ويكون الإنسان أكثر قدرة على التشرب التلقائي، وأقل قدرة على الرفض والمقاومة!
ألم يلعب الإسلام برأيك ذلك الدور؟؟؟
على مدى الأربعة عشر قرنا الماضية، هل تعرفنا على فكر مغاير؟ هل تجرأنا على أن نعطس؟
لا أعرف عمرك بالضبط، لكن أتوقع أنك شابة في مقتبل العمر، وربما تكونين من جيل الانترنت والفيس بوك، ولذلك قد يصعب عليك استيعاب فكرتي!
تربيت والأجيال التي سبقتني على الإيمان المطلق بأن الإسلام هو الأول والآخر، ولقد وجد ليسود ويبيد بأمر من الله.
كان مجرد التفكير بطرح سؤال حيال تلك البرمجة العقلية ضربا من الجنون، بل ضربا من الإنتحار!
وصل خوف الناس حد الرعب، ولذلك رضوا بالواقع رضى لا تبرره إلا غريزة البقاء!
أذكر أول مرة وأصعب لحظة واجهتني حيال برمجتي كانت عندما طرح علي رجل هنا في أمريكا ملحد من أصول مسيحية، كيف تقبلين أن يقال عن الله الذي تؤمنين به ماكر؟؟؟
قلت: خسئت، لا أحد يقول عن الله الذي اؤمن به ماكرا!
فناولني الآية القرآنية التي تقول: خير الماكرين!
حتى تاريخ تلك اللحظة كنت قد قرأت القرآن مئات المرات، وكنت قد حفظت أغلبه عن ظهر قلب قبل عامي الثاني عشر. لكنني تبرمجت لأن أذوب روحانيا بالنغم، وأقفل عقلي حيال المعنى!
شككت بالنسخة القرآنية التي يملكها، وظننت أن حقده المسيحي على الإسلام خرج بنسخة مزورة!
وصلت إلى البيت واطلعت على نسختي وعلى كل التفاسير، لأبدأ رحلة جديدة، رحلة قادتني إلى من أنا اليوم!
كنت في ذلك اليوم قد مررت بعدة تجارب هيأتني نفسيا وروحانيا لأن أسأل وأتساءل وأبحث عن الحقيقة المغيبة!
لم يكن ذلك الحدث البدء، بل كان القشة التي قسمت ظهري المسلم!
وبالعودة إلى سؤالك يا سيدتي، أقول:
هكذا يسيطر الفكر الأصولي
**********
ـ في هذا الزمن لم يعد بامكان أبي هريرة أن يكون سيد الموقف، لقد فسدت بضاعته ولم يعد بامكانها أن تنافس بضائع اليوم…..هل يمكن أن تنطبق هذه المقولة على مشايخ وقساوسة وحاخات اليوم؟؟
…….
يا سيدتي لماذا تحاولون أن تخلطوا عباسا بدباس؟
عندما يتعلق الأمر بنقد الإسلام، لا يستطيع المسلمون أن يتحملوا حدة الألم فيلجأون إلى سياسة “اقتلني ومالكا”
بمعنى، إن كنت تنوين نقد الإسلام فلماذا لا تنقدين المسيحية واليهودية؟
هذا اسلوب نسميه في علم النفس “آلية دفاع”
Defense Mechanism
يلجأ إليه الإنسان باللاوعي محاولا أن يخفف حدة الألم التي يشعر بها!
كأن تسألين ابنك: لماذا رسبت في مادة الحساب؟ فيرد: وابن الجيران أحمد رسب أيضا!
فنقدي للمسيحية واليهودية قد يخفف من حدة الألم الذي يشعرون بهم من حيال نقدي لدينهم،
لكنه في الوقت نفسه سيشتت تركيزي، وسيقلل من أهمية الهدف الرئيسي وهو دحض الإسلام!
دائما عندما تركزين على أكثر من هدف، تفقدين إحتمال إصابة الهدف الرئيسي!
على حد قول مثل روسي: من يركض وراء أرنبين لن يمسك أي منهما!
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، الثقافة البدوية وفي سياق نكرانها للآخر والعمل على إلغائه، وصل بها الأمر إلى حد لا يمانع عنده أتباعها من أن تقتلهم بشرط أن تقتل أعدائهم معهم، على حد “اقتلني ومالكا”.
لن أمنحنهم تلك النشوة، وسأظل أضرب بمطرقتي على رأس شيوخ الإسلام حتى أعريهم وأعري تعاليمهم!
قساوسة وحاخامات اليوم لا يمتلكون القوة السياسية التي يمتلكها شيوخ المسلمين،
لقد أثبت العلم والفكر العلماني هشاشية تعاليمهم منذ قرون، وشرح العلمانيون بما يكفي ويوفي!
ما سأقوله بخصوص تعاليم اليهودية والمسيحية يعرفه الناس في الغرب ويتداولونه ويطرحونه دائما على بساط النقاش بلا خوف!
هناك مئات بل ألوف من الأفلام والكتب والمراجع التي تناولت دحض أفكار رجال الدين اليهودي والمسيحي، ولذلك تحرر الغرب من سيطرتهم.
مهمتنا المقدسة اليوم أن نضع تعاليم الإسلام ورجاله تحت عدسة مجهرنا، كي نعريهم ونكشف حقيقتهم، كما فعل الغرب بتعاليمه ورجال دينه.
ثم من قال لك بأن أبي هريرة لم يعد صاحب القرار؟؟؟؟
أعرف أنني قلت تلك العبارة في إحدى مقالاتي، ولكنها مقتطعة من سياقها في المقالة…
نعم، عندما يتعلق الأمر بصناعة الجيل الجديد والأجيال القادمة لم يعد هو صاحب القرار، لأن بضاعته أفلست وفقدت قدرتها على منافسة بضائع اليوم….
ولكن عندما يتعلق الأمر بالواقع المعاش في تلك اللحظة، والذي هو ثمرة قرون طويلة كان خلالها أبو هريرة صاحب القرار، ليس سهلا أن نحذف تأثيره بشخطة قلم!
عندما يفقد أبو هريرة صلاحيته وقدرته على التفرد بالقرار، سأكون أنا وأنت من يصنع ذلك القرار!
ونحن اليوم مازلنا بعيدين عن تحقيق ذلك الحلم.
عندما تمتلك وفاء سلطان وساره رمضان الوسيلة الإعلامية التي تستطيع أن تصل إلى أي إنسان في أوطاننا، ويمتلكان الحرية المطلقة للتعبير عن أفكارههما، سأقول بأننا اقتربنا شوطا من تجريد أبي هريرة من صلاحية صنع القرار كليا وإلى الأبد!
لست متشائمة بهذا الخصوص كثيرا، فامتلاك ساره رمضان لوسيلة إعلامية وقبولها على إجراء مقابلة مع وفاء سلطان، ووعدها بأن تنشريها بحذافيرها يمنحني بصيص أمل على أننا نمشي ـ ولو ببطئ ـ حيال ذلك الهدف!
ـ وإلى أي مدى تري أن تابوهات الدين تقودنا إلى الدوران دون تقدم؟
كل فكر يفرض نفسه بقوة السيف، ويرفض أن ينافسه فكر آخر، سيتجمد ويصبح مع الزمن عاجزا عن الإيفاء بمتطلبات وشروط اللحظة التي يعيش فيها، وبالتالي سيصل بأتباعه إلى طريق مسدود، وهذا ما حدث مع الفكر الإسلامي!
اليوم نناقش في وسائل الإعلام العربية نكاح القاصرات والزوجة الميتة وما ملكت اليمين وإرضاع الكبير والإعجاز العلمي للقرآن وتقطيع الأرجل والأيدي من خلاف، أكثر مما نناقش أية حاجة ملحة في القرن الواحد والعشرين.
هناك شريط لداعية اسلامي معتوه، يقول فيه أن الجماع مع المرأة الحامل سنة محمدية شريفة، وخصوصا في الأربعين يوم الأولى من الحمل، فلقد “أثبت” العلم بأنه كلما شرب الجنين من السائل المنوي لوالده كلما ازداد ذكاءا!
هل هناك عته عقلي وإسفاف أخلاقي وفكري يفوق مايطرحه هذا المعتوه؟
هؤلاء المجرمين يمكلون وسائل الإعلام ويتمتعون بمطلق الحرية لنشر قمامتهم الفكرية، بطرق لا يضبطها رادع أخلاقي أو وازع ضميري، بينما وفاء سلطان مقصية عن كل ما يدور في العالم العربي!
مهزلة!
تصوري سخافة وانحطاط فكر يبرمج الناس على أن الطريقة المثلى لتحسين ذكاء الطفل هو أن يشرب السائل المنوي لوالده خلال حياته الجنينية؟؟
تصوري حجم الجريمة عندما نبرمج الناس على أن تلك الخزعبلات “مثبتة علميا”!
وقيسِ على ذلك!
تطالبينني بتعرية القساوسة والخامات بنفس الطريقة، كم مرة سمعت مؤخرا حاخاما أو قيسيا يصل في تفاهته وجنونه إلى ذلك الحد؟؟؟
هل بامكانك أن تتصوري ردة فعل وسائل الإعلام في الغرب لو حدث ذلك؟؟؟
********
ـ وكيف يمكن للفرد أن ينعم بحرية ويكسر تابوهاته؟
……..
العقل العربي سجين داخل قالب حديدي…..
كسر هذا القالب والإنفلات منه ليس سهلا، بل يحتاج إلى زمن طويل وجهود حجارة، وسيكلف الكثير من التضحيات والدماء البريئة!
لقد مر الغرب بتلك المرحلة، وحان الوقت لأن نبدأها معزيزين بفكر متنوع منفتح على الآخر، يتبنى الاسلوب العملي بعيدا عن خرافات الدين وجنون رجاله!
التمرد ليس سهلا، وأنت هنا أمام امرأة مجربة استمدت رأيها من تجربتها الخاصة.
لقد كانت بداياتي صعبة للغابة، وبدت مستحيلة أكثر من مرة، لكن الإصرار والإيمان بقدسية المهمة يسهلان الأمر مع الزمن.
من يريد أن يتمرد اليوم على تعاليمه وواقعه سيجد طريقه أسهل وأقل خطورة من الطريق الذي صنعته لنفسي!
فالانترنت في متناول يديه، ومعرفته بسبر أغوارها تفوق إمكانياتي ومعرفتي كثيرا عندما بدأت رحلتي!
يضاف إلى ذلك، أن الأصوات المناوئة للزخم الاسلامي قد كثرت وازدادت وضوحا، وصار من الصعب على سيف الإرهاب أن يصل إليها كلها!
يستطيع الجيل الجديد ـ لو أراد ـ أن يستمد من شجاعتي وشجاعة أمثالي ما يكفيه لأن يتمرد، أما أنا فكنت ولسنوات وحيدة في قلب الإعصار، وشعرت مرارا بأنه سيقلعني من جذوري.
رغم شهرتي، لم أتلق من الدعم النفسي والعاطفي ـ باستثناء عائلتي الصغيرة ـ ماكان يكفي لأن أصمد في وجه التهديدات التي تعرضت لها.
لكن يبقى الإيمان بقدسية المهمة والإصرار على تنفيذها سيد الموقف في النهاية.
طبعا، كان هناك ـ ولم يزل ـ الملايين الذين كتبوا لي يشدون على يدي، و يكبرون شجاعتي.
لكن، طالما يفعلون ذلك من وراء ستار وبأسماء مستعارة، لا أستطيع أن أثق بأشباح!
اليوم، الأمر يختلف والفرصة لدى الشباب للتمرد متوفرة، وبابها أعرض بكثير من الثقب الذي دخلت منه قبل عقدين!
بالنسبة للجيل الجديد، خطوة الألف ميل تبدأ بخطوة، وأول خطواته يجب أن تكون قراءة السيرة النبوية والقرآن بعقل منفتح وبلا برمجة، ثم طرح أسئلته والإستماع إلى أجوبة هؤلاء الثرثارين الذين يسمون أنفسهم “العلماء”!
عندها ستنهار البروج الرملية لجهازهم العقائدي وستبدأ رحلة الحرية التي طالما حلموا بها!
السؤال والتساؤل هما بداية الوصول إلى أية حقيقة!
*********
ـ وماذا عن المرأة العربية ودورها في المجتمع ـ وبالإسقاط على المرأة السورية؟
……
صار من التكرار الممل أن نتحدث عن دور المرأة، كما لو أننا نحاول أن نثبت أهيمة الهواء للحياة!
أشعر بالملل عندما أكرر نفسي، وخصوصا عندما يتعلق بمحاولة إثبات البديهيات!
أهمية دور المرأة من البديهيات التي لا تقبل الجدل!
هناك لوحة كانت تحملها امرأة أمريكية في إحدى المظاهرات ضد الكنيسة مؤخرا، تقول: (أنت أتيت من رحمي، ولم آتِ من ضلعك)!
أعتقد أن تلك العبارة تجسد بطريقة، ولا أجمل، حقيقة دور المرأة!
هي التي تصنع الرجل، فكيف بامكانه أن يقصيها؟؟؟
لقد تبرمج الإنسان منذ زمن طويل على أن المرأة ضلع منه، والضلع هو أضعف عظامه، هذا إذ اعتبرنا الضلع عظما، فهو في الحقيقة أقرب للغضروف منه إلى العظم!
لذلك، وإمعانا في التهميش اختار صانعو الدين الضلع، باعتباره أوهن العظام، ولم يقولوا مثلا: هي خلقت من فقرته، أو من جمجته!
نحن اليوم بحاجة إلى فك البرمجة العقلية التي ابتلت بها المرأة العربية من أنها ضلع قاصر وعقل ناقص، وإعادة تأهيلها فكريا وبطريقة علمية تثبت لها أهمية وجودها ودورها في ذلك الوجود!
بالنسبة للأجيال الجديدة، والتي اسميها جيل الفيس بوك، تبدو الأمور أسهل…
الدفق المعرفي الذي يعيشونه اليوم قد يخفف من حدة البرمجة التي ابتلت بها الأجيال التي سبقتهم، ولكنه في الوقت نفسه قد يجرفهم إلى حالة من الضياع!
هذا ما ألاحظه من خلال تواصلي مع هذا الجيل، وخصوصا النساء منه.
هم يعرفون عمق الكارثة الفكرية التي يعشونها، ويرفضونها قلبا وقالبا.
لكنهم متسمرين في أمكانهم لا يعرفون الطريق إلى مرحلة جديدة.
نحن نعيش في عصر المعلومات، لكنني أستطيع ـ في نفس الوقت أن أسميه عصر “اللامعلومات”!
كانت جدتي تقول: الزائد أخو الناقص، وهذا بيت القصيد الذي اريد أن أنوه له!
يغرق المرء اليوم في محيط من المعلومات، وفي حال غياب القيادة الواعية والمثل الأعلى، يتخبط عاجزا عن اختيار ثمينها من غثها!
تتواصل معي آلاف النساء الذين غرقوا في محيط الانترنت، يسألون عن السبيل للوصول إلى واقع أفضل!
هنا يبرز دور المفكرين والمثقفين، في أهمية الغربلة المعلوماتية وفصل قمحها من شعيرها.
للأسف، هم موجودون، لكنهم قلة قليلة قياسا بالملايين التي تنتظر من يوجهها!
ليسوا قليلين وحسب، بل مجردين من الوسائل الإعلامية الهامة للتواصل مع تلك الملايين!
اعطيني محطة تلفزيونية تبث إلى كل بيت في العالم العربي وسأعطيك عالما مختلفا اختلافا جذريا عن عالم اليوم في أقل من عقد!
عجلي يا ساره وطالب بتحقيق حلمي، قبل أن أودع هذا العالم وأفقد فرصتي تلك!
فملايين النساء في العالم العربي تحتاج لي ولك، وتنتظر مثلا أعلى كي تتبعه!
*****
ـ كلمة اخيرة عن الدور الغربي وخاصة الولايات المتحدة في دول الثورات؟
……
لا يستطيع العقل العربي ببرمجته الحالية أن يفهم ويستوعب طيبعة الدور الغربي وأبعاده، وخاصة الولايات المتحدة!
حساباتهم تختلف جدا عن الطريقة التي نفكر بها…
لديهم مفكرون وصانعو قرار متمرسون في مهمتهم، والهدف الذي يصوبون عليه هو بعيد المدى، فهم يخططون للأجيال القادمة لأن الأجيال الماضية قد خططت لهم!
لديهم مصالح في كل بقعة من تلك الأرض، وهي ليست بالضرورة ضد مصالح الشعوب الأخرى.
لست من أنصار أن تواجه المخرز بعينك الوحيدة، وطالما تبدو أمريكا اليوم مخرزا من فولاذ، أرى أنه من الحكمة أن تعرف كيف تتعامل معها بطريقة تضمن مصالحك ومصالحها، وهذا أمر أراه عادلا وقابلا للحدوث!
تذكرت الآن كتابا قرأته منذ سنين وكان بعنوان:
What have you learned from life?
ماذا تعلمت من الحياة؟
قام الكاتب بطرح هذا السؤال على مئات من الناس أعمارهم تتراوح بين خمس سنوات ومائة عام، وجمع أجوبتهم في كتاب.
أذكر جوابا لأحدهم، جاء فيه: لقد تعلمت من الحياة أن الصفقة لا تكون جيدة إلا إذا كانت لصالح الطرفين!
وهذه واحدة من أفضل الحكم التي تعلمتها في حياتي!
كل صفقة قابلة لأن تكون لصالح الطرفين، مادام فكر كل طرف واضح المعالم ونوياه سليمة بخصوص الطرف الآخر!
ليس لدينا في الشرق العربي فكر متبلور إلا الفكر الإسلامي الذي يرفض الآخر ويكفره ويطالب بالقضاء عليه.
وطالما نوايانا بخصوص ذلك الآخر غير صافية وتضمر له الشر، لن نطالب بإعادة النظر في ذلك الفكر.
لذلك، لا شك أن علاقتنا بالغرب ـ وتحديدا أمريكا ـ ستتأثر بعدوانية ذلك الفكر وخساسة تلك النوايا.
فأمريكا تدرك تماما الخلفية الفكرية ونوايا الدول التي تتعامل معها، ولا تستطيع أن تحمي مصالحها إلا إذا أخذت بعين الإعتبار هذه الخلفية وتلك النوايا!
مصالح أمريكا مع سويسرا وألمانيا وفرنسا هي نفسها مع مصر وسوريا وايران، ولكن شتان بين الصفقات التي تبرمها أمريكا مع كل من هذين الطرفين!
أحب أن أذكر القراء بما نشرته صحيفة الليموند الفرنسية، في اليوم الذي أعقب كارثة الحادي عشر من سبتمبر، على صفحتها الأولى وبالخط العريض: (كلنا أمريكان)!
هذا رغم كل الخلافات التي تنجم عن صراع المصالح بين فرنسا وأمريكا!
فماذا قالت صحفنا؟؟؟؟؟
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
العقلية التي تتربص بها تلك الآية تلعب دورا كبيرا في الصفقات التي تحضرها لنا أمريكا اليوم!
فهل نلوم أمريكا؟!!وفاء سلطان (مفكر حر)؟