الروائي التركي الساخر عزيز نسين
تعريب عادل حبه
يتصف قاسم أفندي بأطوار غريبة. فقلبه مفعم بالمحبة والعشق اللامحدود للحيوانات، بحيث ملأ بيته بقطعان من القطط والكلاب.
وكان أكثر ما يشتاق إلى ممارسته هو رمي فتات الخبز إلى الطيور. ولم يذق قاسم أفندي طعم اللحوم ما دام حياً حيث بقي نباتياً، وكان يقوم بتربية كل أنواع الحيوانات في جنينة بيته. وكان قاسم افندي أكثر ميلاً وحباً لـ “قره باش”، وهو كلب من كلاب الصيد. وقد تعايش مع هذا الكلب خلال أربعة عشر سنة من عمره دون منغصات ومنازعات، فالسرور والحزن كانا شريكيهما في هذه الدنيا. لم يكن لدى قاسم أفندي زوجة ولا ولد، وعاش لمدة أربعة عشر سنة مع “قره باش”.
وعلى حين غرة فتك المرض بـ “قره باش”، ولم يمض سوى يومين على مرضه حتى راح فريسة للموت. سيطر الحزن والانفعال على قاسم أفندي بعد موت “قره باش” بحيث لم يعد باستطاعة أي شىء أن يجلب الصبر والسلوان له. وبات الدمع يسيل من عينيه خلال أربعة وعشرين ساعة في اليوم. وعندما جىء بقره باش إلى البيت كان حجمه قد بلغ حجم قبضة اليد. فقام قاسم أفندي بغمس اصبعه فب اناء الحليب ووضعه في فم قره باش. وقام قاسم أفندي ببيان آخر مظاهر محبته لقره باش. فقد مسح وجه الحيوان بدموعه، وهيأ له تابوت معتبر. ثم نقله إلى محلة بعيدة بمساعدة جاره، وأخبر ملا القرية عن وفاة طفله. وفي ظل مراسيم كبيرة رفعت جنازة قره باش. ولم يبخل قاسم أفندي وأجزل بالمال على المتصدقين والدعاة وملا المسجد.
ووضع التابوت على دكة المصلا. ثم نقل إلى المقبرة بعد انتهاء المراسيم. وهنا بدأت المعوقات. ازدحم الملالي عند حافة القبر، حيث قام البعض بتقديم التعازي إلى قاسم أفندي الذي ترقرق الدمع من عينيه، وقام الآخرون بترديد الأدعية على المتوفي. وعندما شرع الدفان بانزال التابوت إلى حفرة القبر، لاحظوا شيئاً عجيباً. فقد لمح الحاضرون ظهور ذنب كلب من أحد فوهات التابوت، مما أدى إلى اصابتهم بالفزع ورموا التابوت في القبر الفزع ولاذ غالبيتهم بالفرار. ومن أجل مواجهة هذا الوضع، صاح قاسم أفندي بأعلى صوته إن ابنه كان له ذنب!!. ولكن لم يصدق أحد كلامه وبادروا إلى فتح غطاء التابوت. عندها توجه قاسم أفندي إلى القاضي الذي علم بحقيقة الأمر من قبل الملا وامام الجماعة.
دار القاضي بوجهه نحو قاسم أفندي مستفسرا عن السبب في دفن الكلب وتكفينه على شاكلة البشر. أليس ذلك مخالفاً للآداب والرسوم والشريعة؟؟
أجاب قاسم أفندي:” ابني كان له ذنب”، ولكن لم يصق أي شخص ذلك. وبعد فتح التابوت اندهش الحاضرين برؤية جسد قره باش.
بادر قاسم أفندي إلى سحب القاضي إلى جنب، وقال له:” لو كنت على معرفة بمزايا قره باش ، فإنك سوف لا تعتبره مذنباً”.
– ما هي المزايا التي تسمح بدفنه في المقبرة؟
– أولاً كان صادقاً، ولم ينطق بالسوء تجاه أحد، وجسور وجميل!!
– إن كل ذلك لا يشكل أي مجوز لدفنه في المقبرة.
تعرض قاسم أفندي للضغوط، وراح يكرر بملل إن قره باش كان من المحسنين وأهل الخير ويقدم الفطرية ويجلب الخير والسرور لقلب الغريب والغرباء.
تفضل القاضي وقال:
ــ لا.. لايمكن القيام بذلك..
– حتى لو حفر آبار ماء وقدم سجادتين إلى المدرسة كهدايا !!
ــ أنت مجنون..؟ هل يستطيع كلب أن يقومب كل ذلك؟
أصبح وضع قاسم أفندي في غاية الحرج، ولكنه عاود الكلام وبإصرار قائلاً:
ــ نعم كان كلباً، ولكنك لا تعرف أي كلب كان؟.، أنه ترك وصية قبل أن يفارق الحياة!!
عندها صرخ القاضي بغضب وقال:
– مجنون…هل يوجد أنسان يشبهك؟… الكلب لا يمكن أن يترك وصية.
وهنا انبرى قاسم أفندي قائلاً:
ــ قاضي افندی…صدقني أنه ترك وصية وأوصى بتوزيع أمواله على الفقراء.
وأخرج قاسم خريطة من شال خصره، وأخرج منها قطعة ذهبية وقال إنه أوصى يتقديمها إلى حضرة القاضي.
وسرعان ما لمعت عينا القاضي من شدة الهيجان وراح يذرف الدمع من عينيه وقال:
– لتكن رحمة الله من نصيبه، قاسم أفندي اخبرنا بما قاله وتركه المرحوم أيضاً. وألتمس منك أن توضح لنا بالتفصيل بكل ما صرح به المرحوم. سوف ننفذ وصية المرحوم، فهذا ثواب كبير.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟بقلم علي الكاش
- مباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراثبقلم مفكر حر
- دراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.بقلم آدم دانيال هومه
- ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني … غدت ضرورية غربية ودولية **بقلم سرسبيندار السندي
- الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولودبقلم مفكر حر
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
أحدث التعليقات
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **