المصدر ايلاف
هذا مقال مختصر جدا لوثيقة بحثية مطولة نشرت لي في مجلة “ذي ميدل ايست” الشهرية عدد اكتوبر 2013 الصادرة باللغة الانجليزية وتتخصص بمنطقة الشرق الأوسط وتم اعادة نشرها في موقع أحد مراكز الدفاعات الاستراتيجية البريطانية هذا الاسبوع. وستمثل الوثيقة المطولة ورقة نقاش في ندوة سيعقدها مركز الدراسات في لندن في ديسمبر كانون الأول المقبل.
أبرز النقاط المطروحة في الوثيقة:
ما هي الأولويات التي يجب التركيز عليها في مرحلة ما بعد بشار الأسد وكيف يمكن تجنب الاخطاء الكارثية التي حدثت في العراق والجميع يعرف ان الشعب العراقي لا يزال يدفع ثمن هذه الاخطاء.
رغم موافقة النظام على تفكيك ترسانة السلاح الكيماوي لا أحد يعتقد أن ذلك سيؤدي الى توقف آلة القتل التي تفتك بالشعب السوري وبمساعدة ايرانية ومشاركة فعلية من قبل حزب الله والحرس الثوري الايراني وبعض الميليشيات الطائفية العراقية.
لنفترض جدلا ان مؤتمر جنيفا سيعقد وسيؤدي الى مرحلة انتقالية رغم ان احتمال عقد المؤتمر لا زال موضوع الشك ولنكن متفائلين لخمس دقائق فقط ونقول ان المؤتمر تم انعقاده ولنفترض ان سوريا دخلت مرحلة جديدة ونظام جديد فما هي الأولويات؟
من الضروري ان يكون هناك خطة جاهزة لاعادة تأهيل الاقتصاد السوري والبدء بتنفيذها بعد سقوط النظام مباشرة. ولكن التحديات والعراقيل كثيرة منها على سبيل المثال كيف سيتم التخلص من المقاتلين الغير سوريين؟ وكيف سيتم استعادة الاستقرار الأمني وسيادة القانون وانهاء حالة الفوضى؟ كيف يمكن ضمان أمن وسلامة الأقليات واعادة تماسك النسيج الوطني لما كان عليه بعد أن مزقه النظام وشبيحته؟
هناك حاجة عاجلة لطرح برامج طارئة لاستعادة الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ومواصلات واغاثة المرضى والمجاريح وتوفير الغذاء للشعب الجائع. من مآسي سوريا ان حرب النظام ضد الشعب دمرت اكثر من 50% من البنية التحتية حيث يقدر بعض الخبراء ان الاقتصاد السوري خسر أكثر من 60 مليار دولار وتم تدمير القطاع الزراعي والسياحي وقطاع النفط تعطل او وقع بأيدي مجموعات مقاتلة ضد النظام.
هناك اجماع من قبل الخبراء أنه لا يمكن البدء باعادة البناء قبل توقف القتال والتوصل الى تسوية تحافظ على وحدة الاراضي السورية وتضمن انتقال السلطة من عصابة مافيا الى سلطة وطنية من المعارضة العلمانية البراغماتية المعتدلة. وهنا يجب القول بوضوح أن الجماعات التي تعمل تحت غطاء ديني لا تؤمن بالديمقراطية والتعددية واجندتها لا تنسجم مع طموحات الشعب السوري وتتصرف بالضبط كالنظام الأسدي القائم أي لا تقبل الآخر ولا تستمع للرأي الآخر وتستعمل العنف كوسيلة للوصول الى السلطة او البقاء في السلطة.
تقدر مصادر غربية أن اعادة بناء سوريا سيحتاج الى مبالغ ضخمة قد تبلغ من 80 الى 100 مليار دولار وهذه المهمة العملاقة تحتاج الى تعاون دولي يشمل الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربي. ولكن من غير المتوقع ان توافق دول النفط العربي على المساهمة بسخاء في حالة بقاء بشار الأسد في السلطة.
دروس من العراق:
اتسم السيناريو العراقي بسؤ التخطيط الذي استند على معلومات ناقصة او مزورة وتقديرات مالية خاطئة. قرارات عشوائية تستند على ايديولوجيات طائفية ومذهبية وليس على دراسات علمية مستقلة. ومن الاخطاء الكارثية التي ارتكبت في العراق كان برنامج تطهير الدوائر الحكومية من البعثيين وحل اجهزة الأمن والجيش والشرطة وكل هذا أدى الى الفوضى والتهرول وسؤ الادارة والفساد المستشري من أعلى مستويات الدولة الى اوطى المستويات حيث بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 لا يزال العراق يعاني من العنف والارهاب وانقطاع الماء والكهرباء والخدمات الاساسية والفقر والفساد المستشري والتدخل الايراني التخريبي. للتذكير فقط في الفترة ما بين 2003 و 2009 ساهم نظام بشار الأسد مساهمة فعالة في تصدير الارهابيين والسلفيين والجهاديين والزرقاويين الى العراق بحجة افشال المشروع الأميركي ولكن الشعب العراقي يدفع الثمن بالارواح.
خطة لبناء سوريا:
يجب وضع خطط مع اهداف اقتصادية بعيدة المدى لخلق فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي. ومن الأولويات ايضا تلبية الحاجات الاساسية للشعب باطلاق برامج للتنمية وخلق وظائف قابلة للاستمرار ووضع آليات لدفع الرواتب والاجور للموظفين التابعين للدولة مثل افراد الشرطة وعمال البلديات الخ. تخطيط اولويات اعادة بناء البنية التحتية من صحة وتعليم وطرق وجسور واستعادة خدمات الماء والكهرباء وأخذ اجراءات لحفظ سجلات الحكومة واعادة تأهيل قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة واعادة الاستقرار في النظم المالية والنقدية. كل هذا يتطلب تأسيس هيئة مركزية من ذوي الاختصاص والخبرة لتنسيق المشاريع وصرف الأموال وخلق نظم ولجان لتدقيق الحسابات والانفاق لمنع الفساد وهدر الأموال. اعادة بناء سوريا يتطلب انهاء حالة الصراع والتوصل الى حل سياسي يؤدي الى رحيل نظام الأمر الواقع الجاثم على صدور السوريين كرها لأكثر من أربعة عقود والمباشرة بعملية اعادة التأهيل والبناء.
تنويه: لمن يحبون الزغردة والتكبير نشكركم سلفا.
وها هو الرابط للنص باللة الانجليزية
http://www.defenceviewpoints.co.uk/articles-and-analysis/rebuilding-syria
لندن