وفاء سلطان
هل الله موجود؟
سؤال لا أحد يستطيع إثباته أو نفيه، فالمسألة مسألة تسليم مطلق!
عندما كنّا صغاراً كانوا يستهترون بعقولنا الغضة فيحاولوا أن يثبتوا لنا وجود الله بقولهم: لا بد أن يكون هناك خالق لهذا الكون، وإلاّ كيف وجد؟
وعندما كبرنا، ومن منا سمح لنفسه أن يخرج قليلا عن حدود تفكيره المبرمج، وجد نفسه يتصارع مع سؤال آخر: ومن خلق الله؟
اذا كنا قد اعترفنا بوجود الله من منطلق قناعاتنا بأن للكون خالقا، يجب أن نطرح سؤالا آخر: ومن خلق الله؟
فإذا كان لا بد من وجود خالق لهذا الكون فلا بد من وجود خالق لهذا الخالق! وإلاّ لماذا نقبل فكرة بأن الله خلق ذاته، ولا نقبل بأن الكون خلق ذاته؟
لست في سياق اثبات وجود الله او نفيه ولا أدّعي بأنني استطيع. لكنني، لو افترضت جدلا بأن الله موجود، اود أن اطرح سؤالا جديرا بالطرح: من هو هذا الله؟
اذا كان الله موجود من هو هذا الله، وما هي صفاته؟
من خلال اطلاعاتي على الكثير من ديانات الأرض وثقافاتها وشعوبها توصلت الى قناعة ألا وهي، مهما اختلفت تلك الديانات والثقافات والشعوب يظلّ يجمعها عامل مشترك وهو ايمانها بأن الله هو الكمال المطلق.
………………….
كل ضدّ وله ضدّه، وهذا الكون ماهو إلا حلبة يحكمها قانون تتصارع بموجبه الأضداد. بناء على هذا القانون تمت ولادة فكرة الشيطان في نفس اللحظة التي ولدت بها فكرة الله ومن نفس الرحم!
الله والشيطان شقان لتوأم واحد أنجبته الأديان. في الزمن الذي ولد فيه هذا التوأم لم تكن الحاجة الى الايمان بوجود الله اكثر إلحاحا من الحاجة الى الايمان بوجود الشيطان، فكل فكرة على حدة تبدو عاجزة وحدها عن تفسير ما عجز العقل البشري يومها عن تفسيره. لم تستطيع فكرة الله ان تتلبور إلا بوجود فكرة الشيطان. فكرة الله سهلت على الانسان قبول فكرة الشيطان والعكس صحيح.
تجسّد الله في الكمال المطلق وتبوأ الشيطان القطب المغاير فتجسّد في الشر المطلق.
اتفق الجميع على أن الله هو الكمال المطلق وأن الشيطان هو الشرّ المطلق. لكن نظرة سريعة الى معظم العقائد والاديان تخرجك بقناعة ان الناس متفقون على هذين التعريفين، لكنهم مختلفون في مفهومهم للكمال المطلق وفي مفهومهم للشرّ المطلق.
الله هو الكمال المطلق لدى الجميع على وجه التقريب، ولكن لا احد يتفق مع الآخر في مفهومه للكمال المطلق. والكلّ متفقون على أن الشيطان هو الشرّ المطلق، لكنهم أيضا مختلفون في مفهومهم للشرّ المطلق.
يتجاوز مفهوم الكمال المطلق أو الشر المطلق قدرة العقل البشري على استيعابه. عندما نقول كلمة مطلق نعني اللامحدود، ومحدودية العقل البشري تجعله قاصرا على استيعاب أي مطلق!
لم يصل الله في أي دين من الأديان حدّ الكمال المطلق. فالاديان، بشكل او بآخر، حطّت من كمالية الله عندما نسبت إليه من الصفات والأفعال ما ينتقص من تلك الكمالية. لم أر الله في أي دين من الأديان إلاّ دون مستوى حدّ الكمال المطلق.
النقطة التي استطاع العقل البشري أن يصل اليها في هذا الزمن، وهو يتسلق سلم فهمه للكمال المطلق، أعلى بكثير من النقطة التي وصل اليها الله في ايّ دين من الأديان.
قد لا يستطيع الانسان العاقل المعاصر أن يستوعب الكمال المطلق، لكنّه حكما يستطيع ان يستوعب منه درجة اعلى بكثير من درجة الكمال التي وجد عليها الله في ايّ دين.
لطالما تساءلت لماذا انتقصت الأديان من كمالية الله؟ ولم يكن لديّ من جواب سوى: ربّما لأن الأديان من صنع البشر ولقد عجزت عقول البشر، لا سيّما في زمن صناعة تلك الأديان، عن استيعاب الكمال المطلق فأعطت لله من الكمال بمقدار استيعابها له.
……………………
قد لا يستطيع العقل البشري ان يستوعب الكمال المطلق، لكنّ مهما تضاءلت قدرته لن تصل الحد الذي لا يسمح له بأن يميّز بين الخطأ والصواب.
قد يحتج أحد عليّ بقوله “لكنّ الانسان الذي يفقد عقله يفقد قدرته على التمييز بين الخطأ والصواب”. هذا الاحتجاج كان العقبة الاولى التي وقفت في وجه علماء النفس والسلوك عندما بدأوا يدروسون سلوك المجرمين الذين يعانون من اضطرابات عقلية.
تساءل هؤلاء العلماء: هل هؤلاء المجرمون مسؤولون عن تصرفاتهم باعتبارهم خسروا عقولهم؟
ويصرّ الكثيرون من هؤلاء العلماء على ان المعتل عقليا يبقى قادرا على التمييز بين الخطأ والصواب. لكنّ الذي يدفعه الى ارتكاب الجريمة هو دوافع نفسية وعقلية
Irresistible impulses
لا يستطيع السيطرة عليها ناجمة عن عدم توازن كيمائي او كهربائي في نسيجه الدماغي.
المرأة التي اغرقت اطفالها الخمسة في مغطس الحمام في تكساس منذ خمسة اعوام كانت تعاني من خلل عقلي، ولكنها على الفور اتصلت بالشرطة وابلغتهم بجريمتها.
استمعت مرة الى مقابلة مع احد علماء الصحة النفسية والعقلية يتكلم عن حالتها، اصرّ خلال حديثه على ان اتصالها بالشرطة يؤكد انها تعي بأنها أقدمت على فعل غير صحيح. هي معتلة عقليا ولكنها تميّز بين الخطأ والصواب، وارتكبت الخطأ تحت ضغط دوافع لا تملك القدرة على السيطرة عليها.
كانت تعاني من هلوسات سمعية تأمرها بقتلهم، فقتلتهم تحت ضغط تلك الهلوسات رغم أنها كانت تعي بأن عملها هذا ليس صحيحا!
النقطة التي أريد الوصول اليها هي أن الانسان مجهز بقدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، ومهما اضطربت ملكاته العقلية يفترض أن يتمتع ولو بالحد الادنى من تلك القدرة.
هذه القدرة حمته من الاندثار وساعدته على استمرار البقاء.
………….
دخلت عالمة نفس الصف الأول في احدى المدارس الابتدائية في سياق دراستها للقدرة على الابداع والتفكير عند الانسان.
رسمت على السبورة لطخة دائريّة بالطباشير وسألت الأطفال ماهذه؟ صاح معظمهم: نقطة كبيرة!
فقالت لهم: لماذا لا يفكر كل منا باحتمال كونها شيئا آخر؟ فكروا معي، هل يستطيع أحد منكم أن يأتي بجواب آخر؟
قال طفل: إنّها قبعة مكسيكية! وصاح آخر: بل هي كعكة!
رد آخر: لماذا لا نقول إنها عجلة سيارة؟
فأجابه طفل يجلس الى جانبه: بل هي سينت (قطعة عملة)! تمتم آخر وهو شبه نائم: أعتقد أنها صحن!
غرق الأطفال في الضحك عندما تناهى الى سمعهم صوتا خافتا يقول: تبدو وكأنها كرسي المرحاض!
وانتهت العالمة بجمع مئات الاحتمالات.
التربية هي التي تساهم في تحديد آفاق الفكر. عندما تحرر الانسان، وخصوصا في مراحل عمره الأولى، من بعض القيود التي تفرضها التربية تكون قد ساهمت في اتساع افقه.
الدين، ايّ دين، من أكثر المصادر التربوية قمعا للانسان لأنه ألغى مبدأ الاحتمالات وقفل العقل داخل علبة سردين. أتى بما أطلق عليه “حقائق الهية” ورفض التشكيك بصحتها أو مجرد السؤال عن احتمالات اخرى تبدو اكثر منطقيّة.
درجة الابداع لدى اي شعب تقيس درجة تحرره من كابوس الأديان.
فالأديان تحكم اتباعها بالتخويف، والإسلام يملك من هذا السلاح حصة الاسد.
لا يمكن أن يبدع انسان تحت وطأة الخوف، وكلّما اشتدت تلك الوطأة كلما قلّ ابداعه!
ولذلك عندما تحرر الانسان من خوفه، تحرره من جبروت دينه، وتطلق آفاق تفكيره وابداعه!
هناك فرق بين نوعيّة الخوف الذي يمارسه الاسلام كسلاح وبين نوعيّة الخوف الذي تمارسه الاديان الاخرى.
معظم الاديان، إن لم يكن كلّها، تتوعد اتباعها بالعقاب في الآخرة، إن هم تجاوزوا تعاليمها وقيمها في الحياة الدنيا. الاسلام يتوعد أتباعه في الآخرة ويعاقبهم في الدنيا.
يعاقبهم بالقتل، ويبقى الخوف من القتل أشد وابشع اشكال الخوف، واكثرها قدرة على قتل موهبة الابداع.
…………………………
عندما يتحرر الانسان من خوفه ستزداد خياراته وسيجد في قاموسه ملايين المسميات للطخة الدائرية، وليس فقط “ما هي إلا نقطة بإذن الله”!
يمتلك الانسان مطلق الحرية في أن يؤمن بالله أو لا يؤمن. ولكن عندما يؤمن يجب أن يكون مسؤولا عن تحديد هوية وطبيعة ذلك الـ “الله”!
يؤمن الانسان بالله تسليما، ولكن يحدد هويته وطبيعته عقليّا. فالعقل لا يستطيع أن ينفي او يثبت وجود الله، لكنّه حكما يستطيع أن يقبل أو يرفض معالم هويته وطبيعته.
ليست الخطورة في أن لا نؤمن، ولكن الخطورة في طبيعة ما نؤمن به. أفضل من استطاع شرح تلك الفكرة كان العالم الفيزيائي وصاحب جائزة نوبل السيد لوريتي ستيفين
Laureate Steven
عندما قال: “نستطيع أن نجد اناسا صالحين وآخرين شريرين بين المتدينين وغير المتدينين. ولكن يحتاج الرجل الصالح الى دين كي يستطيع أن يمارس الشر “!
With or without religion you would find good people doing good things and evil people doing evil things. But for good people to do evil things, that takes religion.
لماذا يستطيع الدين ان يدفع الناس الطيّبين الى القيام بأعمال شريرة؟ لأنه، وحده، يستطيع أن يخبّئ الشيطان تحت عباءة الله! فهو الذي خلق الله وهو الذي خلق الشيطان، وهو وحده الذي يستطيع أن يخلط بينهما! ابشع الشرور التي ارتكبت بحق البشرية كانت تلك التي ارتكبها الدين!
…………………..
ليست الخطورة في أن لا نؤمن بالله، فالانسان الذي يملك عقلا لا يحتاج الى الايمان بالله كي يكون مستقيما شريفا مسالما ومنتجا. ولكن الخطورة تكمن عندما نؤمن بالله ولا نضع هذا الله على طاولة المشرحة أو تحت عدسة المجهر!
لم اسمع في حياتي بأن مجزرة قد حدثت في تاريخ البشرية على ايدي اناس يدافعون عن ايمانهم بعدم ايمانهم بوجود الله. لكنّ اكثر المجازر في العالم وافظعها ارتكبت على ايدي من يؤمن بالله ويدّعي بأنه يدافع عن هذا الله!
لقد انتقصت الأديان جميعها من كمالية الله، ولكن وصل انتقاص الاسلام لتلك الكمالية حدا انقلبت عنده المفاهيم وخرجت الحياة عن خط سيرها الطبيعي، فاختلط الخطأ بالصواب وغدا الرجل المسلم عاجزا عن التمييز بينهما.
هذا من جهة ومن جهة اخرى، لم يتدخل دين من الأديان في تفاصيل حياة الفرد كما تدخل الاسلام، ولذلك ترك ذلك التدخل أثرا سلبيا في حياة المسلم أكبر من الأثر السلبي الذي الذي خلفته الأديان الأخرى في حياة اتباعها.
أية محاولة لدراسة الحالة التي وصل اليها المسلمون، وأية محاولة لإخراجهم من تلك الحالة ستفشل ما لم تؤخذ تلك الحقائق بعين الاعتبار.
لقد جرّد الاسلام الرجل المسلم من بديهته
-Common Sense-
، وهي قدرته في ابسط اشكالها على التمييز بين الخطأ والصواب. عندما يفقد الانسان عقله يصاب بـ “الاعتلال العقلي”. ولكن عندما يفقد قدرته على التمييز بين الخطأ والصواب يصاب بـ “الاعتلال الانساني”. فالانسان المصاب بالاعتلال العقلي يبقى انسانا، والمصاب بالاعتال الانساني يخسر انسانيته. لقد نزل الاسلام بأتباعه دون مستوى الاعتلال العقلي فجرّدهم من انسانيتهم، بتجريدهم من القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب!
انتقص الاسلام من كمالية الله إلى الحدّ الذي خلط عنده بين مفهوم الله ومفهوم الشيطان. خلط بين مفهومين، في الاصل، متناقضين.
قد يخلط الانسان بين مفهومين عندما يكون الخط الفاصل بينهما غير واضح وباهت للغاية. ولكن عندما يخلط بين مفهومين متناقضين يثبت أنه فقط بديهته التي تساعده على الفصل ببساطة بين هذين المتناقضين.
قد تفشل أم في التمييز بين شقي توأمها المتماثل وتظل محتفظة بسلامة بديهتها فدرجة الاختلاف بينهما ضيئلة للغاية، ولكن عندما تفشل تلك الام بالتمييز بين ابنتها وابنة الجيران يعني ذلك أن خللا ما قد حصل وفقدت تلك الام ابسط اشكال بديهتها.
المرأة التي قتلت اولادها الخمسة ارتكبت خطأ لا لأنها لا تميّز بين الخطأ والصواب، ولكن اضطرابا علقيا دفعها لأن تتركب الخطأ وهي تعرف أنه خطأ.
الحالة عند المسلم الذي يقبل الاسلام دون أن يطرح أي سؤال حول تعاليمه تختلف تماما، فهو سقط دون مستوى المختل عقليا، صار يخلط بين المفاهيم وفقد قدرته على التمييز بين المفاهيم المتناقضة!
يرتكب الجريمة ويسميها جهادا في سبيل الله، يقترف الشرّ ويسمّيه خيرا، وهنا تكمن الخطورة!
لم يسقط من كمالية الله وحسب، بل خلط بينه وبين الشيطان!
………………………..
يقف المرء حائرا امام درجة الانحطاط التي تدحرجت اليها جميع المجتمعات الاسلامية، وأحتار أمام حيرته فأتساءل: كيف يغوص امرئ في مستنقع التعاليم الاسلامية ولا يعرف السبب الكامن وراء ذلك الانحطاط؟!
كيف نطالب رجلا يؤمن بالحديث النبوي الذي يقول:”انصر اخاك ظالما او مظلوما” بأن يبني مجتمعا عادلا يحكمه القانون والاخلاق؟
هذا الرجل وبايمانه، بضرورة نصرة اخيه ظالما أومظلوما، فقد قدرته على التمييز بين الحق والباطل. فصلة الدم أو الدين لا تبرر الباطل ولا تلغي الحق!
والأمثلة، لمن يغوص في مستنقع التعاليم الاسلامية، كثيرة وتأبى الحصر!
لقد تساءلت مرارا: كيف يقرأ رجل مسلم قصة زواج نبيّه من عائشة ولا يقشعرّ بدنه؟
كيف يستطيع أن يتصوّر طفلة في التاسعة من عمرها تجلس في حضن رجل بعمر جدّها ولا يتقزز؟
اذا كانت العادات والتقاليد تجيز له في ذلك الزمن فعلته تلك، ألم يكن الله يدري بأنها لا تصلح لكل زمان ومكان؟
……………………….
كيف يقرأ امرئ مسلم الآية التي تقول: “فلمّا قضى زيد منها وطرا زوجناكها”، ولا يتساءل: ما هو ذلك الوطر؟ هل يحق للرجل عندما يشبع وطره من زوجته ان يتخلى عنها لرجل آخر؟ هل هي فردة حذاء؟ أين حقها في تقرير مصيرها من عملية اللبس والخلع تلك؟ أيّ امرأة على سطح الأرض تقبل بهذا الهراء وليست معتلة انسانيا؟
كيف تقرأ المرأة المسلمة الآية التي تقول: “نساؤكم حرث لكم فآتوا حرثكم أنى شئتم”، ولا تصرخ بأعلى صوتها: وأين مشيئتي؟ أنا ارفض أن أكون مجرد أرض يشقّني الرجل بمحراثه متى ومن حيث شاء!
لماذا لا يرفض الرجل المسلم أن يشبّه بشفرة المحراث، ويجرّد من كل مشاعر انسانية عندما يقترن برفيقة عمره في أكثر اللحظات خصوصيّة؟ عار عليه إن لم يفعل!
هذا الاقتران يسمونه في كلّ لغات العالم “ممارسة الحبّ”، إلاّ في لغة الاسلام فيسمى ” حراثة الارض”!
من يؤمن بهذا الحديث لا تختلط عنده المفاهيم وحسب، بل تتشوه وتنقلب رأسا على عقب! يصبح الحق في عرفه باطلا والباطل حقّا! من يؤمن بهذا الهراء ويدّعي بأن الاسلام اكرم المرأة، إنّما هو يسمي اغتصاب الحقوق اكراما، ويسرق الحق ثم يدعي أنّه منحه!
………………….
هل يبقى لدى الانسان ذرة عقل واخلاق، عندما يقرأ الحديث الذي يتبجّح بأن الله سيأخذ يوم القيامة الذنوب عن ظهر المسلم ليضعها على ظهر اليهودي والمسيحي، ولا يشكّ بعدالة ذلك “الله”؟ كيف لرجل عاقل ان يقرأ ذلك الحديث ولا يتساءل: أيخلق الله اليهود والمسيحيين ليحمّلهم ذنوب المسلمين؟!
كيف ستردع تلك التعاليم المسلم عن ارتكاب الذنوب طالما هو يؤمن بأن هناك من يعاقب عنه؟!
يقترف المسلم الذنب ويعاقب عليه اليهودي والمسيحي، أليس هذا ظلما ويسمى عدالة؟ أليس هذا تشويها لمفهوم الظلم والعدالة؟!
أين هي قدرة المسلم على التمييز بين الخطأ والصواب في أكثر اشكالهما وضوحا؟
هذا الاعتلال الانساني هو السبب المباشر الذي يكمن وراء اعتلال تلك المجتمعات اخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وعلى كافة اصعدة الحياة!
والمشكلة تفاقمت في الربع الاخير من القرن الماضي وبداية هذا القرن، لأنها تجاوزت حدود البلاد الاسلامية وراحت تهدد العالم باسره، ذلك العالم الذي حولته التكنولوجيا الحديثة الى قرية صغيرة.
ويبقى السؤال: من المعنيّ بعلاج ذلك الاعتلال الانساني الذي ابتلى به الرجل المسلم، وراح يهدد العالم بأكمله؟
هل بقي من المسلمين من يقدر على التمييز بين الخطأ والصواب؟ وهل فيهم من يتجرأ على المخاطرة بحياته في سبيل انقاذ قريتنا الكونية الجميلة والجديرة بالتضحية؟
يحلو للبعض منهم أن يطلقوا على انفسهم “المعتدلين”!!
عندما يلبس الشيطان عباءة الله، وعلى مدى اربعة عشر قرنا من الزمن، يتزامن المرض وتضيع الحقيقة مع مرور الزمن. لم يعد “الاعتدال” ينفع مع هذا الاستفحال الخطير في تشويه المفاهيم! نحتاج الى من يتقن “فن الكيّ” كي يحرق ما تشوّه، ويساهم في تنشئة عقول جديدة وسليمة!
ويبقى السؤال:
من يستطيع أن يعيد للرجل المسلم قدرته على التمييز بين الخطأ والصواب؟
من يستطيع أن يقنعه بأن اللطخة الدائرية في تعاليمه ليست مجرّد نقطة، بل هي وصمة عارٍ؟
هل الدهر كفيل بحرق ما أفسده الاسلام؟
ليتني أكون اداة بيد ذلك الدهر!