هل يشهد عام 2013 إجراء عسكريا ضد نووي إيران؟

جاكسون ديل  :  الشرق الاوسط 

في مطلع عام 2006، أثار السيناتور الجمهوري جون ماكين من ولاية أريزونا والسيناتور المستقل جو ليبرمان من ولاية كونيكتيكت، ضجة كبيرة في واشنطن حينما ذكرا أن الولايات المتحدة قد تضطر في النهاية إلى الاختيار بين السماح لإيران بأن تصبح دولة نووية، والقيام بعمل عسكري لإيقافها. وفي كل عام تقريبا منذ ذلك الحين، تكون نبوءة أحدهم للعام الجديد هي أن ذلك الاختيار المحتوم قد بدأ يطل برأسه أخيرا أمام الرئيس الأميركي. وطوال 7 أعوام لم يحدث ذلك، ولكن هل يكون عام 2013 مختلفا؟

 إن الحكمة التقليدية التي سمعتها من الدبلوماسيين في واشنطن هذا الشهر تقول إنه في الغالب لن يكون كذلك، حيث يؤكدون أن العام المقبل في أغلب الظن سوف يبدو كسابقه: مفاوضات تسير قدما بخطى عرجاء دون نتيجة حاسمة، وإحراز إيران تقدما تدريجيا في تخصيب اليورانيوم، مع الحرص على عدم اتخاذ خطوات من شأنها استثارة أي هجوم أميركي أو إسرائيلي.

 ولكن هناك حجة قوية ينبغي طرحها تؤكد أن العام المقبل سوف يشهد أخيرا إلقاء حجر في المياه الإيرانية الراكدة، وذلك بحدوث مواجهة عسكرية، أو ظهور قنبلة نووية إيرانية، أو إبرام صفقة دبلوماسية من نوع ما. ومن اللافت للنظر أن أحد من يقدمون ذلك الطرح هو مستشار الرئيس أوباما أثناء فترة ولايته الأولى في ما يتعلق بالشأن الإيراني، دينيس روس، الذي تعامل مع الشرق الأوسط في 5 إدارات أميركية مختلفة.

 ويسلم روس، الذي غادر البيت الأبيض في نهاية عام 2011، بأن المتكهنين بنشوب أزمة مع إيران لديهم سجل طويل من الإخفاق، وتتلخص أسبابه في القول بأن العام المقبل سوف يكون مختلفا في 3 أسباب هي: اقتراب إيران من الوصول إلى قدرة «الانطلاق»، وعزم أوباما المعلن على منعها، وبطء تكون مناخ اقتصادي وسياسي في إيران يمكن أن يدفع المرشد الأعلى علي خامنئي إلى تغيير المسار.

 ولكن ما «قدرة الانطلاق»؟ كما يوضح روس، فقد عرفها أوباما نفسه في المناظرة الرئاسية الثالثة التي تمت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حين قال الرئيس إنها «تعني أننا لن نكون قادرين على التدخل في الوقت المناسب لإيقاف برنامجهم النووي». وبعبارة أخرى، فإن إيران سيكون لديها ما يكفي من البنية التحتية ومخزون اليورانيوم متوسط التخصيب كي تتمكن من تصنيع قنبلة نووية في غضون بضعة أسابيع، أي قبل أن تتمكن وكالات الاستخبارات الغربية أو المفتشون الدوليون من اكتشاف ذلك. وحذر أوباما: «إن عقارب الساعة تتحرك».

 ويؤكد روس أن تلك العبارة كانت مقصودة، حيث إنها تعكس خطا أحمر تم رسمه بعناية. وفي العام الأول له في منصبه، ترأس أوباما مداولات داخلية حول ما إذا كان من الممكن القبول بامتلاك إيران قنبلة نووية واحتوائه، وقرر في النهاية أنه يجب منع ذلك، عن طريق العمل العسكري إذا لزم الأمر. وقبل اجتماع عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في شهر مارس (آذار) الماضي، أعلن أوباما صراحة أنه «من غير المقبول أن تمتلك إيران سلاحا نوويا». ويضيف روس أن سلسلة أخرى من الحوارات العامة والخاصة مع نتنياهو هذا الخريف دفعت بأوباما إلى تعريف «قدرة الانطلاق»، وهي خطوة ربما تكون قد ساهمت في قرار إسرائيل بتأجيل الشروع في عمل عسكري بمفردها.

 وقد لمح نتنياهو إلى أن إسرائيل ترى الآن أن منتصف عام 2013 هو التوقيت الذي يمكن لإيران أن تصل فيه إلى ما يكفي من اليورانيوم متوسط التخصيب لتجاوز خط «الانطلاق». وعلى حد تعبير روس: «بنهاية عام 2013، إذا لم يتغير أي شيء، فإنك لن تعرف ما إذا كانوا سيتحركون سريعا جدا ويضعوننا أمام أمر واقع».

 ومن الصعب تخيل أوباما وهو يشرح للأمة أنه من الضروري شن حرب شرق أوسطية أخرى لأن مخزون اليورانيوم الإيراني، الذي ظل يتراكم ببطء على مدار سنوات، قد أصبح أكبر من اللازم بمقدار بضعة كيلو غرامات. بيد أن ذلك ليس هو السيناريو الذي يتصوره روس؛ إذ يقول إن أوباما على الأرجح سوف يطرح أولا على خامنئي عرضا أخيرا يسمح لإيران بتطبيق برنامج مدني للطاقة النووية في حدود ضيقة، ويضيف روس: «سوف يكون ذلك إثباتا واضحا على أنه يبذل أكثر مما في وسعه».

 وقد ظل روس منذ فترة ينادي بضرورة أن يضع أوباما عرضا شاملا كهذا على الطاولة، وهو يرى أن المحادثات الحالية، التي تعرض على إيران تخفيفا بسيطا في العقوبات مقابل إيقاف التخصيب عالي المستوى وشحن معظم مخزونها خارج البلاد، لن تفلح، مبينا: «هناك مشكلة هيكلية، فالتصور الإيراني هو أن ما يطلب منهم هو التنازل عن ماسة في مقابل قطعة من الحلوى».

 ولكن هل يقبل خامنئي يوما بصفقة كبيرة؟ يرى روس، الذي كان يحث أوباما على تجربة ذلك الرهان في فترة ولايته الأولى، أن هناك بعض المؤشرات على أن القيادة والإعلام الحكومي في إيران يخلقان مناخا يمكن فيه أن يتخذ المرشد الأعلى قرارا مثل هذا، والأسباب التي تدفعه إلى ذلك تنقسم إلى شقين: الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الإيراني جراء العقوبات، ووجود قناعة بأنه من دون صفقة سوف يحدث هجوم أميركي.

 ويقول روس إن الإيرانيين في الوقت الراهن «ليسوا مقتنعين بأننا جاهزون لاستعمال القوة، وبالتالي في هذه اللحظة، ما زلت أقدر فرص نجاح العمل الدبلوماسي بما يقل عن 50 في المائة، وإذا لم تفلح الدبلوماسية بنهاية عام 2013، فإن فرص استعمال القوة تصبح أكبر بكثير».

 أتمنى لكم عاما سعيدا!

 * خدمة «واشنطن بوست»

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.