هل يحل بناء المساجد مشكلة الجوع في غزة؟

 

إيلاف

لأهداف تتعلق بالتنمية الإقتصادية وسرعة دوران رأس المال.. تعمل الدول المتقدمة على زيادة الإنفاق العام لخلق وظائف عامة.. وتحريك عجلة الإقتصاد بحيث يعود هذا الإنفاق على قطاعات أخرى في الإقتصاد بالنفع وزيادة الإنتاج وتحقيق الكفاية الإقتصادية ناهيك عن الرخاء..

أما في غزة.. فتعمل حماس على زيادة هذا الإنفاق الآتي من الدول المانحة لزيادة الإيمان.. غير عابئة بأن الغلو في هذا الإيمان.. هو ما يعمل على زيادة الفجوة بينها وبين هذه الدول المانحة التي ’يصر فقهاء الدين على وصفها بالدول الكافرة..

في حديث لوزير الأوقاف والشؤون الدينية السيد رضوان الجمعة.. كشف الوزير عن نيته لبناء ألف مسجد في غزة خلال فترة يسيرة لتحوز على لقب بلد ال1000 مسجد.. لأهمية هذه المساجد في تحقيق وحدة المنهج والأمة والأهداف !!!! تيمنا وإقتداء بما فعله النبي حين وصل إلى المدينة وقام ببناء مسجده..

أولا.. إن 70% من سكان غزة تحت خط الفقر.. وبالتأكيد أن عملية البناء نفسها ستخلق وظائف ووجود الجوامع سيخلق فرصا لفقهاء جدد يتاجرون بالدين.. ولكن عمال البناء سيعودون للبطالة.. وبعدم وجود نظام تأمينات إجتماعية تسد الرمق.. فقد يلجأ العامل إلى أي عمل بما فيه العمالة ليسد رمقه وأطفاله..

ثانيا.. إذا كان لدى سلطة حماس مثل هذه الأموال.. لماذا لم توجهها لبناء بيوت للأسر التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية في عملية الرصاص الواقي والتي لا تزال تعيش في العراء.. قد تتعذر بالقول بأن إسرائيل ستستهدفها مرة أخرى.. ولكن كلنا يعلم بأن إسرائيل تستهدف كل شيء بما فيه الجوامع!

ثالثا.. إذا كان لدى حماس مثل هذه الأموال.. فلماذا هاجم الغزاويون مكتب وكالة الغوث حين صرحت بإمكانية تخفيض نفقاتها نظرا لتقاعس الدول المانحة في الوفاء بإلتزاماتهم..بما فيهم الدول العربية الإسلامية؟؟؟ لماذا لا تقوم حماس بسد هذا العجز وببناء مدارس جديدة وغيره من الخدمات التي تقوم بها وكالة الغوث لتخليص الإنسان الفلسطيني من مذلة الحاجة..

رابعا.. ما هو هدف حماس من بناء هذه المساجد. هل هي عملية تطفيش لإسرائيل !!!! أم أن الإنقسام في الرؤية المستقبلية حول مقاومة إسرائيل وصل إلى هذا الحد السخيف والمقاومة حتى بالإزعاج !.. فقبل سنتين تقريبا.. تقدّمت إسرائيل بالنيابة عن المستوطنين بطلب إلى السلطة الفلسطينية بعدم إستعمال مكبرات الصوت خاصة وفي أذان الفجر بالتحديد وبتوحيد الأذانات الأخرى.. وإستجابت السلطة لهذا الطلب.

في تعليق لأحد سكان غزة يعمل في الخارج و تحت عنوان “مساجد غزة التي تهز القطاع”.. يقول: “لي بيت في غزة وكل ما انزل إجازة الي غزة لا اعرف طعم النوم فبيتي محاط بخمسة مساجد. قبل الفجر تبدأ أربعة منهم قرأة القران عبرة مكبرات صوت عالية جداً الي درجة انك لا تستطيع ان تفهم ما يقوله احد لان الأصوات تتداخل مع بعضها ويستمر حوالي ساعة. فيطير النوم والأطفال لا تستطيع إكمال نومها ناهيك عن المرضي وحتي صلاة الظهر والعصر يصلوها عبر المكبرات مع ان الظهر والعصر يجب ان تصلي بصمت،،، وإذا أردت ان أتناقش مع احد فإنهم يخافون ان يكون هذا كفر، اي الانزعاج من أصوات المكبرات وحينما أحدثت الي واحد من الأئمة قال لي اتنزعج من صوت القران. فقلت له يا اخي حينما تبدأ قراء القران في الفجر فاصحي وأول شي افعله ويفعله كل إنسان عند الاستيقاظ من النوم هو الذهاب للحمام …. أتريدني ان اسمع القران وأنا في الحمام.. !!

لم يستطيع الإجابة وضحك وقال لقد تعود الناس !!!!! الناس لم تتعود بل تخاف ان تقول شي ضد هذا.

لم آري دولة إسلامية في العالم فيها هذا الإزعاج الا غزة ويريدون بناء مساجد أخري؟؟؟؟؟ إن إطعام مسكين له ثواب أكبر من بناء مسجد ولاكن الرياء وما ادراكم ما الرياء.. بدل بناء المساجد يوظفوا عمال نظافة ليقوموا بتنظيف شوارع غزة التي هي عبارة عن قمامة الدين ليس صلاة وصوم ومساجد بل الدين معاملة وحياة والنظافة من الإيمان والدين يسر وليس عسر وحتي في الآية الكريمة بما معناه “”وجعلنا النهار معاش وجعلنا الليل لباس “” اي نوم “””.

أهيب بالسيد الوزير وقبل أن يبدأ بتحقيق حلمه بالبناء.. أن يحاول إسماع العالم صوت قهر الغزيون ليس عن طريق المآذن.. وإنما بسد العجز في المواد التموينية.. وبالقضاء على الفقر. وتقديم الخدمات الصحية.. والتعليم.. وأود أن ألفت نظره بأن غزة.. التي ’تمثل 1.33 % من مساحة فلسطين.. في شكل شريط ضيق شمال شرق سيناء.. على مساحة 360 كم مربع.. طولها 41 كم وعرضها يتراوح بين 15 إلى 5 كم.. يعشعش الفقر فيها وبين ازقتها.. ومعدل كثافة سكانية هي الأعلى في العالم إضافة إلى زيادة سكانية أيضا من أعلى النسب في العالم.. بحاجة إلى خطط عمرانية تهدف إلى إيجاد متنفس للأطفال في حدائق وملاعب تعطيهم شيئا من بهجة الحياة التي يفتقدونها.. من الخوف من إسرائيل والخوف من فقهاء الجوامع والخوف من ماذا تخطط لهم حماس من جديد لأسلمتهم بينما تتعامى عن أهم إحتياجاتهم للحياة؟؟؟

منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية

About أحلام اكرم

كاتبة فلسطينية تهتم بحقوق الانسان منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية سعدت كثيرا حين وجدت مقالاتي منشورة على منبر المفكر الحر .. ولكن ما أود أن ألفت إنتباه المرحرر والقراء وللصدق فقط بانني وإن كنت أعتشق مصر وأكن الكثير من الحب والإحترام لمصر ولشعبها الكرام .. ولكني لا ولن أتنكر لأصولي الفلسطينية .. فأنا من أصل فلسطيني .. درست وتخرّجت من جامعة الإسكندرية .. وإن ندمت على شيء فهو عدم معرفتي أو علمي بما تحمله الإسكندرية من تاريخ عريق قرأت عنه في كتب الأستاذ يوسف زيدان .. أعيش منذ سنوات كثيره في لندن .. فيها تعلمت الحب .. والإنسانية والحياة .. ولكني لم أغلق عيني وأذني عن رؤية الجوانب السلبية أيضا في الثقافة الغربية .. وبكن تحرري وتحريري من العبودية التي شلّت تفكيري لزمن طويل .. هو الأساس الذي ثني على الكتابة علّني أستطيع هدم الحواجز بيننا كبشر .. وهي الحواجز التي إخترقتها حين إستعدت إنسانيتي وأصبحت إنسانة لا تؤمن بالحواجز المصطنعه .. وأروّج للحقوق العالمية للمرأة .. مع شكري العميق للمفكر الحر .. وتقديري للقراء ..
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.