هل من الممكن أن نعتبر القبيلة مؤسسة مجتمع مدني حديثة؟

تتعدد وتتنوع أشكال مؤسسات المجتمع المدني الحديث وفقا للمنظومات الاجتماعية في الدول الصناعية الكبرى صاحبة الشركات والمؤسسات التي تتمتع بأيادي ضخمة عابرة للقارات والمحيطات جوا وبرا وبحرا, وبطبيعة الحال فإن مؤسسات المجتمع المدني ظهرت أول ما ظهرت في الدول الأوروبية المتقدمة اجتماعيا وفكريا وسياسيا ودينيا وأخلاقيا على الأمة العربية الإسلامية, ومن المخجل أن أقرأ بعض الأبحاث العلمية الدقيقة المحكمة لأجد أصحابها يعتبرون مؤسسة العشيرة والقبيلة من ضمن مؤسسات المجتمع المدني الحديث, وهذا عيب ومخجل جدا ذلك أن مؤسسة العشيرة والقبيلة هي نتاج المجتمعات الزراعية القديمة البدائية والمجتمعات الرعوية القديمة, وهذه المجتمعات كانت تعتمد في أنماط إنتاجها الاقتصادي على القبيلة والعشيرة نظرا لغياب الآلة الميكانيكية والالكترونية التي تحرث الأرض وتحصد الزرع, فكانت اليد العاملة هي الأداة الإنتاجية الوحيدة فكانت الناس تتجمع حول بعضها البعض على شكل تجمعات سكنية نتج عن هذا التجمع ازدياد قوة يد الجماعة وبالتالي أدى هذا التجمع أيضا إلى ظهور ظاهرة (التعصب)…التعصب القبلي, والعصبية القبلية كانت تعتمد على التكاتف والتجاذب وقرابة الدم , ولكن حين تطورت المجتمعات الزراعية اليدوية إلى مجتمعات زراعية تعتمد على الآلة وحين تطورت المجتمعات الرعوية وبدأت بالصناعة ظهرت مع هاتين الظاهرتين ظاهرة نمو المجتمعات الصناعية الحديثة والتي نتج عنها انتشار الطباعة والثقافة ونزول المرأة للعمل خلف الآلة في خطوط الإنتاج وأدى هذا بالتالي إلى نمو المجتمع المدني الحديث الذي يعتمد على سلطة القانون وهو ما نعرفه بمصطلح(دولة القانون والمؤسسات) ومن المتعارف عليه علميا أن دولة القانون والمؤسسات هي النقيض التام لسلطة الحاكم العادل المستبد برأيه ودولة القانون والمؤسسات هي نفسها دولة مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب سياسية وبلديات وجمعيات وأندية ثقافية ورياضية وسياسية وهي تنقسم إلى قسمين أو ثلاثة أقسام وهما المؤسسات المدنية السياسية الدستورية كالأحزاب والبلديات والمؤسسات الأهليه وهذه الأخيرة هي الأكثر انتشارا وتنوعا , أما القسم الأساسي منها فهو(البرلمان) أي مجالس النواب أو لنقل مجلس النواب وهذا من المفترض به أن يتأسس من مؤسسات المجتمع المدني الدستورية.
وفي خضم حركات التمدد والتطور الفكري والتقني الاجتماعي من المفترض به أن تنقرض سلطة القبيلة والعشيرة والتي هي بالأساس الرديف المهم لسلطة الحاكم العسكري الديكتاتوري المستبد الذي يدعي أنه يحكم بالعدل بين الناس, وبالتالي طالما كانت القبيلة ناتجة عن أنماط سياسية قديمة فمن المفترض بنا أن لا نعتبر كفنيين اجتماعيين وسياسيين سلطة العشيرة أو مؤسسة العشيرة والقبيلة من ضمن مؤسسات المجتمع المدني الأهلية, لأن المجتمع قد تطور وبدأ الفرد يعتمد على الآلة والخبرة والتقنية والشهادات الجامعية وبهذا فالفرد يعتمد في نمط حياته على جهده الفردي في مؤسسات تحترم القانون أكثر مما تحترم الدم والعِرق , وبالدليل على ذلك أنه في الدول الأوروبية الحديثة مؤسسات مجتمع مدني ولا توجد لا قبائل ولا عشائر تحكم بل تجد هنالك عائلات صغيرة نواتية وليست عائلات كبيرة ممتدة كالعائلات المتواجدة في الدول العربية حيث يتم هنا توزيع المناصب السياسية والإدارية ومقاعد النواب على العشائر والقبائل, وبالتالي حين نركن إلى سلطة القبيلة ويعتبرها بعض الباحثين الاجتماعيين بإنها إحدى مؤسسات المجتمع المدني فهذا معناه كما قال المثل( كأنك يا أبو زيد ما غزيت), وإذا كانت سلطة القبيلة تحكم فهذا معناه النفي التام للأحزاب السياسية وللأندية الثقافية, فأين هو المجتمع المدني الحديث في الدول العربية؟ إنه (بَحْ), إنه من الصعب علينا أن نجد مجتمعا مدنيا حديثا في الدول العربية ومن الصعب أن نجد مساواة بين المرأة والرجل, ومن الصعب أن نجد مفتاحا لنشر ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة بشكل عام وتضيع الخبرات وتنداس الثقافة والمثقفين تحت أرجل وأقدام سلطة العشائر والقبائل, وحين تتشكل الحكومات يعتمد رؤساء الحكومات على جذب وزراء وحقائب وزارية من العشائر والقبائل حسب التخطيط الجغرافي لتلك العشائر وتضيع الأحزاب السياسية والمؤسسات الثقافية ويندثر المثقفون.

– مؤسسات المجتمع المدني الأساسية كالبرلمان (مجلس النواب).

– مؤسسات المجتمع المدني الدستورية كالأحزاب والبلديات.

– مؤسسات المجتمع المدني الأهلية:

– الجمعيات الخيرية .

– نقابات العمال.

– النقابات المهنية.

ـ الأندية والاتحادات الرياضية.

– مؤسسات القطاع الخاص المختلفة.

– القبيلة والعشيرة .