هل ما حصل في العاصمة بغداد ليلة اعياد الميلاد ورأس السنة ٣١ديسمبر ٢٠١٧ على١/١-٢٠١٨ كانت مسألة عفوية ؟
راقبت بنفسي حالة لم نشهدها من قبل على الإطلاق وهي حالة الزحف الجماهيري والذي كانت نسبة الشباب فيه ٧٠٪ ، وزحف المركبات المليئة بالبشر من محافظات الفرات الأوسط والمحافظات الاخرى نحو بغداد للاحتفال مع سكان بغداد ، حتى خيّل لي أن هناك ثورة شبابية ناعمة ستحصل في بغداد ؟
فقررت ان يصطحبني أصدقائي بجولة صعبة جدا بسبب ازدحام المركبات وبسبب الزحف الجماهيري نحو الساحات والميادين وخاصة قلب بغداد ، فتوجهت صوب الأحياء السنيّة (عذرا لهذه التسمية والتي هي للتوضيح) فوجدتها تعج بالبشر والاحتفالات والفعاليات ومعالم الفرح ؟
ثم عدت للأحياء الشيعية (عذرا للتسمية ايضا ) فوجدتها كذالك تعج بأمواج بشرية من مختلف الأعمار وهي تغني وترقص وسعيدة ، اما مظاهر الألعاب النارية في العاصمة بغداد فكانت ولأول مرة متميزة وكثيفة وبهيجة ولها دلالات سياسية واضحة ؟
وهنا طرحت السؤال الكبير
إن كان العراقيون لهذه الدرجة طيبون ويشاركون المسيحيين في أعيادهم فمن قتل وهجّر الأحبة المسيحيين العراقيين من بغداد والمحافظات العراقية ؟
هنا تخمنا أن الذي قتل وهجر المسيحيين ليس عراقياً ، وربما كانت هناك أدوات عراقية مستأجرة ولكن القرار والتنفيذ كان خارجي بغيض ؟
فهل تحول العراقيون المسلمون (سنة أو شيعة) الى مسيحيين في لحظة ، إذن ما سبب هذا الفرح والاحتفال ؟
فهل هى عفوية ، أم هى رسالة واضحة للحكومة وأحزابها الفاسدة الحاكمة ، أم هي ثورة الفرح ضد الحزن المفروض عليهم منذ عام ٢٠٠٣ وللآن ، أم هو أعتذار عفوي من المسلمين العراقيين لأشقائهم المسيحيين ، ودعوة محبة للعودة لمنازلهم وديارهم وكنائسهم ومجتمعهم ووطنهم العراق ؟
ماحصل في ليلة أعياد الميلاد في بغداد كان درساً بليغا لكل الخونة والذيول ، وكان عبارة عن رسالة رافضة لجميع الايديولوجيات الدينية ولجميع الأقطاعيات الحزبية ولجميع أنواع الهيمنة الدينية في المجتمع العراقي ؟
ورسالة رفض واضحة لجميع حيّل الساسة ورجال الدين السياسيين الذين بدلوا أخيرا تسميات أحزابهم وحركاتهم بتسميات مدنية وعلمانية واجتماعية ، وبدلوا خطابهم القديم بخطاب جديد لانهم غير مقتنعين به أصلا ؟
فظهور العراقيين وبهذه الطريقة العفوية للأحتفال في الشوارع والساحات والمطاعم والمولات لا تعني أنهم تَرَكُوا دينهم وأصبحوا مسيحيين مثلما يعلق وينشر البعض ، ولا يعني أنهم يمارسون طقوسا محرمة ، ولا يعني أنهم يدخلون طقوس محرمة او غريبة على الطقوس الاسلامية والعراقية ، بأختصار هو خروج جماعي للبحث عن الفرح ورفض للحزن ، هو خروج جماعي لأسقاط الثقافة المجتمعية التي فرضها النظام السياسي في العراق وهو (نظام ولاية الفقيه المستتر والمُعدّل في العراق) والذي البسوه عباءة الديموقراطية زوراً وبهتاناً ؟
فكان لخروج العراقيين في هذه الليلة بالذات وبهذا التوقيت وبهذا الكم الهائل ، رسالة تضامن مع الجماهير الايرانية المنتفضة في شوارع المدن الايرانية ، من اجل الخبز والكرامة والحريّة ورسالة قوية لدولة الخضراء المسيجة ؟
فيفترض بالحكومة العراقية والمؤسسات البحثية والدينية والسياسية إن وجدت (لأننا نشك بوجودها) تحليل هذه الظاهرة بل الثورة الذكية والمهمة ، والتي حدثت في بغداد خلال الأحتفال بأعياد رأس السنة للخروج بتوصيات مهمة والعمل عليها بسرعة للمضي في الاصلاح والتغيير الحميد في العراق قبل حدوث ما لا يحمد عقباه ؟
وهنا بعض الأسئلة المهمة التي وجب طرحها …؟
١: هل ما حصل ليلة رأس السنة الميلادية في بغداد هو أستفتاء عفوي لصالح الدولة المدنية في العراق ؟
٢: أم هى رسالة واضحة وتحذيرية للأحزاب الدينية الحاكمة في العراق ؟
٣: أم هي رسالة تضامن عراقية مع الجماهير الايرانية المنتفضة ضد نظام ولاية الفقيه ، وفِي نفس الوقت رسالة تحذيرية لذيول إيران في الحكومة والنظام السياسي في العراق ؟
٤: أم هي ثورة عراقية ناعمة وبتكيك غايته الفات نظر امريكا والدول الكبرى والعالم لرغبة العراقيين بدولة مدنية وبحريات شخصية وبحريات الرأي والعيش بوسطية بلا هيمنة دينية ؟
٥–أم هي ثورة من أجل الفرح والسعادة والحياة وثورة ضد الحزن والقنوط ، وضد السواد بكافة أنواعه والذي فرضته الأحزاب الدينية الحاكمة التي صادرت عقول ورغبات وأماني العراقيين ؟
وأخيراً …؟
ماحصل كان مهماً جدا ، وكل عام والجميع بالف بخير
سمير عبيد
خبير ومحلل للشؤون السياسية والأستراتيجية
1/1/ 2018