هل سينقرض الانسان يوما ما ؟

Neanderthalلقد دلت الحفريات والدرسات الاركيولوجية ان الكثير من انواع الحيوانات قد انقرضت نهائيا من سطح الارض ، ومنها الدينصورات العملاقة والطيور والزواحف بسب الضروف المناخية التي سادت جو الارض في العصور السحيقة .وربما كان انقراضها بسبب ضربة كونية فجائية اصابت كوكب الارض من نيزك ضخم اصطدم بالارض وغطى غباره الفضاء المحيط بالارض وحجب الشمس لسنوات عديدة ادى الى موت النباتات وانقراض الحيوانات بسبب البرد وانعدام الغذاء . او ربما حدث انقراضا تدريجيا بسبب حلول شتاء جليدي طويل لعدة سنوات زحف على الارض وقتل البرد الكثير من الاحياء .

لنعود الى مملكة البشر ، فالانسان رغم امتيازه عن سائر المخلوقات في المملكة الحيوانية بامتلاكه العقل والقدرة على التفكير والتخطيط للمستقبل واجتناب المخاطر ، واصدار القوانين التي تنظم الحياة في المجتمع المحلي والدولي ، ورغم سعة ادراكه في اهمية السلم لأدامة الحياة وازدهار الحضارة ، الا انه يستخدم نفس العقل المفكر لتدمير الانسان وقتل الحياة وافناء الحضارة ، باختراعه افتك انواع الاسلحة القاتلة ذات الدمار الشامل التي بأمكانها افناء كل البشرية في دقائق او ساعات ، كالأسلحة النووية والقنابل الهيدروجينية والاسلحة الجرثومية والكيميائية لنشر الغازات السامة بانواعها . كما ان الانسان يمتلك حاليا من الاسلحة التقليدية التي ما زال يستخدمها يوميا لقتل البشر وابادتهم في الدول التي تشهد حروبا بينها او ممارسة الارهاب ونذكر بالحروب التي جرت بين الهند والباكستان عام 1971 وقتل فيها 2-3 مليون انسان ، وحرب فيتنام وكوريا ولاؤوس والحروب العربية الاسرائيلية ، وحرب الخليج الاولى والغزو الامريكي للعراق في عام 2003 وقتال الارهابيين المستمر لحد الان في العراق وسوريا وليبيا ومعارك جنوب السودان والصومال وغيرها، وقد قضى في هذه الحروب الملايين من البشر ، ولازال القتال مستمر واسلحة الموت تحصد ارواح البشر .
هذه المعرك تسبب استنزاف وقتل العنصرالبشري بالدرجة الاولى وتناقص اعداد السكان من الذكور البالغين . ملايين البشر تقتل وتدفن تحت التراب كل سنة بسبب تلك الحروب والنزاعات عدى عن اسباب الموت الاخرى كالحوادث والامراض .

واذا عدنا لتاريخ الأبادة البشرية قديما ، فسنجد ان الاسبان قد ساهموا في إبادة اجناس بشرية كان لها حضارات متقدمة في امريكا الجنوبية والمكسيك كشعب المايا والازدك . وكذلك الاوربيين المهاجرين الى امريكا ، ابادوا الكثير من شعوب وقبائل الهنود الحمر اصحاب الارض الاصليين الذين انقرضوا ولم يبقى منهم الا القليل الان .
واذا رجعنا لتاريخ ابعد سنجد ان ملايين الناس من شعوب مختلفة قد انقرضت وابيدت باعداد غفيرة بسبب الحروب والنزاعات التي كانت تدور رحاها بين العرب والامبراطوريات الفارسية والرومانية ، وضحايا الحروب الصليبة والعرب المسلمين ، لقرون عديدة وحروب الشعوب الأوربية في العصور الوسطى .
اما في العصر الحديث وفي القرن العشرين ، فقد نشبت حروبا ونزاعات دموية بين دول قوية ومسلحة تسليحا جيدا ودامت لسنوات عديدة قُتل فيها الملايين من البشر وخاصة الذكور من الشباب من المجندين في الحربيين العالميتين الاولى والثانية والتي كان عدد ضحاياها تسعة ملايين انسان في الاولى و62 مليون انسان في الثانية ، عدا عن اعداد كبيرة من الضحايا المدنيين الذين قضوا بسبب الحروب والمجاعات والامراض التي خلفتها تلك الحروب .

بالرغم من التقدم الحضاري والثقافي الذي تميز به الانسان في اواخر القرن العشرين واوائل القرن الحادي والعشرين ، وكثرة الجامعات وارتياد الانسان لمجاهل الفضاء البعيد ، ووصول تكنلوجيا الانسان واجهزته ومعداته الى القمر والمريخ والمذنبات ، وارتقاء الفكر البشري في الاداب والعلوم والفنون الى مستويات راقية جدا ، الا ان نزعة الشر والتدمير لازالت تكمن في العقل البشري ، فدول كثيرة تتسابق اليوم في تصنيع الاسلحة النووية والكيميائية والجرثومية ، وتعد العدة لتخزين اسلحة الدمار الشامل بكميات هائلة ، بالرغم من توقيعها معاهدات دولية بعدم تصنيع وانتشار اسلحة الدمار الشامل ، الا ان مخاوف السياسيين والقادة العسكريين من ظهور مشاكل دولية او قادة متهورين مثل هتلر وموسوليني وستالين ، يدفعهم للاحتراز وعدم الاطمئنان الواحد للاخر ، ولهذا فالسباق المحموم لتخزين الاسلحة التقليدية واسلحة الابادة الشاملة لا زالت قائمة ومصانعها لازالت تعمل وتطور اسلحة اشد فتكا مما هو موجود لديها ..
ان نزعة القتل التي نمت مع الانسان البدائي للدفاع عن نفسه او لغزو الاخرين والاستيلاء على ممتلكاته ، لازالت كامنة في العقول البشرية لرغم تحضرها .
ففي حالة نشوب حروب دولية بين القوى العظمى التي تمتلك عشرات الالاف من الاسلحة الصاروخية البعيدة المدى والتي تحمل رؤوسا نووية عابرة للقارات ومئات الغواصات الذرية تجوب البحار والمحيطات في صمت ، والاف قاذفات القنابل الثقيلة اضافة للاسلحة الحاملة للسموم الكيمياوية والجرثومية ، ستسبب فناء البشرية والحضارة تماما . فقرار رجل واحد متهور يقود جيوشا تمتلك تلك الاسلحة التدميرية يمكنه تدمير وابادة سكان الارض في خلال ساعات معدودات . كما حدث في قصف هيروشيما وناجازاكي بالقنابل الذرية بقرار الرئيس الامريكي هاري ترومان وابيد معظم سكان المدينتين في لحظات . والنتيجة ستكون انقراض شبه تام للانسان من على سطح كوكب الارض وفناء كل ما بناه من حضارة وتقدم .
واذا ما تبقى قسم من البشر احياء سالمين ، فسيعودون للعيش في الغابات والكهوف كانسان النياندرتال كما جاؤا منها في غابر العصور .
فهل يتغلب العقل الانساني على الغريزة الحيوانية الكامنة لدى الانسان ؟
وهل ستكون الحكمة ورجاحة العقل هي المتغلبة على الانفعالات الغريزية وتمنع انقراض الانسان كما انقرضت الدينصورات والى الابد ؟

About صباح ابراهيم

صباح ابراهيم كاتب متمرس في مقارنة الاديان ومواضيع متنوعة اخرى ، يكتب في مفكر حر والحوار المتمدن و مواقع اخرى .
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.