روزانا بومنصف
هل يؤدي ابعاد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من ولاية ثالثة في رئاسة الحكومة العراقية الى رفع فرص العماد ميشال عون الى الرئاسة الاولى؟
السؤال قد يبدو غريبا بالنسبة الى كثر. فالانتخابات النيابية العراقية أتاحت للمالكي الحصول على كتلة كبيرة تتصدر سائر الكتل ما رجحه مجددا لتأليف حكومة عراقية لاربع سنوات جديدة لولا ان الانتفاضة الاخيرة ضده وركب الافرقاء السنة والاكراد موجتها وحتى بعض الافرقاء الشيعة ايضا في العراق قد تطيح بفرصته في حال اقتنعت ايران بالتخلي عنه لمصلحة شخصية عراقية قادرة على ان ترأس حكومة وحدة وطنية. اذ تحدثت معلومات عن ان ايران يتوزعها رأيان احدهما ينحو في اتجاه التخلي عن المالكي من اجل استيعاب الوضع العراقي ومنع تفاقمه، ورأي آخر يرفض التخلي عن المالكي نظرا الى محوريته بالنسبة الى طهران من جهة ولئلا يكون التخلي عنه تحت الضغط الشعبي والسياسي مقدمة لسلسلة تنازلات يتعين على ايران القيام بها بحيث تنسحب عليها في موضوع التخلي عن بشار الاسد في المرحلة المقبلة. وموضوع ارتباط بقاء المالكي بانتخاب العماد عون يعود، وفق اعتقاد مصادر عليمة، الى انه حين طرح الاخير موضوع انتخابه جديا فان الثمن بدا كبيرا في ظل تسليم اقليمي باعادة المالكي في العراق واعادة تأمين بشار الاسد لولاية ثالثة في سوريا وايصال العماد عون الى رئاسة الجمهورية في لبنان باعتبار انه جزءاً من تحالف مع المحور الايراني في المنطقة بما يجعل وصوله انتصارا متكاملا لهذا المحور.
وتالياً فإن تطيير المالكي من رئاسة الحكومة العراقية قد يعزز من هذه الزاوية امكان استعادة العماد عون فرصة انتخابه للرئاسة الاولى وفقا لتسوية اقليمية قد ترضي المملكة العربية السعودية من خلالها بالاستغناء عن المالكي. وهو ما تجزم مصادر ديبلوماسية بأنه ما قد يكون ينتظره الفريق الحليف لرئيس تكتل “التغيير والاصلاح” باصرار الاخير على استمرار سعيه الى الرئاسة الاولى وعدم قبوله بالتنازل عن ذلك على رغم المخاوف التي تبديها هذه المصادر من ان تطول الازمة في العراق وتطول تاليا مرحلة انتظار العماد عون الى حد ان هذه المصادر اقترحت في مجالس عدة لو انه يتم الاقتراح على العماد عون ان يحدد مهلة زمنية في انتظار بلورة التطورات العراقية ونتائجها، كأن تكون هذه المهلة شهرا مثلا او شهرين نظرا الى ان تعقيدات التطورات العراقية قد تسفر عن نتائج سريعة في حال نجحت المساعي التي تبذل من اجل تأليف حكومة عراقية شاملة، كما يمكن ان تستمرالازمة العراقية سنة كاملة او اكثر فلا يستطيع لبنان ولا يتحمل ان يعلق مصير رئاسته كل هذه المدة.
ومع ان هناك معارضات داخلية لانتخاب عون رئيساً، فانه يعتقد ان الاتفاق الاقليمي في حال التوصل الى تسوية عراقية مرضية للدول الخليجية قد يساهم في تذليل العقبات الداخلية في حال نجح عون في تذليل العقدة المسيحية المعارضة لوصوله، اذ ان احدى ابرز الثغر في ادائه هو السعي الى اهمال المكون المسيحي في المعادلات الاقليمية والداخلية التي يسعى اليها، مختصرا الطائفة المسيحية في شخصه في حين ان الواقع لا يعبر عن ذلك.
وحتى الى ما قبل ايام قليلة، فان كل المحاولات الداخلية والديبلوماسية التي جرت مع العماد عون هي من اجل ثنيه عن ابقاء انتخابه عقبة في حصول انتخابات رئاسية على رغم ان بعض المداولات بدأت تثير الاحتمالات لجهة من يمكن ان يرشح عون بديلا منه من زاوية دفعه الى ان يصنع الرئيس بدلا ان يكون هو الرئيس، وما اذا كان يمكن ان يقترح صهره الوزير جبران باسيل، في حين يعتبر البعض ان هذا الاحتمال قد يكون بمثابة خيار صعب يقترحه عون لان باسيل لا تنطبق عليه المواصفات التي يحددها عون للرئاسة ويشدد عليها من ضمن انطباقها على شخصه، اي ان يكون الرئيس ممثلا قويا لطائفته ومعبرا عنها. لكن ثمة كثراً يتوجسون في المقابل من الثمن الذي قد يسعى اليه عون للافراج عن انتخابات الرئاسة أكان لجهة من يرشحه بديلا منه او حتى لجهة الاثمان الاخرى في قيادة الجيش وفي الحكومة المقبلة، كما في قانون الانتخاب العتيد.