(1) هل داخ السيسى على الصيدليات بحثا عن علبة لبن لواحد من أطفال عائلته؟
هل ذهب السيسى مع قريب من عائلته «الغنية جدا» إلى أحد مراكز الغسيل الكلوى فى مستشفى حكومى، ثم فوجئ برفض استقبال قريبه لعدم وجود مكان؟
هل ذهب بقريبه إلى أحد المستشفيات الخاصة، وعرف قيمة الغسيل بعد انهيار الجنيه؟
هل يحسبها السيسى فى محطة البنزين حين يسأله العامل: أحط كام لتر يا باشا؟
هل بحث السيسى ليلا عن دواء الضغط فلم يجده متوافراً فى الصيدليات؟
هل تعرض السيسى لتذمر زوجته لأن مصروف البيت لم يعد يكفى حتى منتصف الشهر؟
هل امتنع السيسى عن أكل اللحمة إلا مرة أو مرتين شهريا، لأنها أصبحت ترفا لا يقدر عليه؟
هل وقف السيسى فى طابور طويل من أجل الحصول على كرتونة أغذية مدعومة يوزعها الجيش؟
هل بحث السيسى عن كيس سكر لتحلية الشاى فلم يجده؟
هل شعر السيسى بالعجز وهو يرى ابنه خريج الجامعة يعانى البطالة لأكثر من 5 سنوات؟
هل اختفى أحد أقارب السيسى قسريا منذ ثلاث سنوات ولم يسمع عنه خبرا؟
هل تعرض السيسى أو أحد أفراد عائلته للإهانة والتعذيب فى قسم شرطة؟
هل يذهب السيسى كل أسبوع لزيارة ابنه المعتقل بتهمة الاشتراك فى مظاهرة؟
هل فكر السيسى فى أن هذه الأسئلة (وأكثر منها) موجودة فى كل بيت مصرى، ولو طرحتها هنا جميعها فلن تكفى مساحة المقال، وربما لن تكفى الصحيفة كلها.
(2) سأكتفى بسؤال واحد تعليقا على الأسئلة السابقة: إذا كان الرئيس لم يتعرض لمثل هذه المواقف التى تضمنتها أسئلتى الافتراضية، فلماذا إذن بكى الرئيس فى افتتاح التوسعات بشركة النصر للكيماويات يوم السبت الماضى؟.. هل كان يبكى حالنا لأجلنا، أم يبكى لسبب آخر لا نعرفه؟
(3) الغلاء توحش، يكبر كل يوم، كأنه يأكل من مال اليتامى بلا رقيب، ولا أحد يعلم متى ستتوقف الأسعار عن الارتفاع؟ فليس هناك جدول زمنى لحل الأزمات.. لا يسمع الناس خططا بل مطالبات بالصبر، لا رقابة على الأسواق، ولا محاولة لتدبير السلع الأساسية بأسعار محددة وبكميات وفيرة، ولا تفكير فى زيادة الرواتب فى ظل أزمة اقتصادية خانقة، الحكومة مشغولة بتنفيذ تعليمات الرئيس فيما يخص سرعة إنجاز المشروع السياحى العالمى فى العين السخنة ومدينة الألعاب المائية الضخمة الملحقة به، فالرئيس يؤكد ضرورة الانتهاء منه فى شهر يونيو القادم، كما أن العمل يسير على قدم وساق فى العاصمة الإدارية. الرئيس يريد أن ينهى ولايته الأولى وقد أنجز أكبر قدر من مشاريع البناء وشق الطرق، تماما مثل كل السلاطين والملوك من قديم الأزل، الذين بحثوا عن تخليد ذكراهم على لوحات حجرية، بينما شعوبهم تعانى الفقر والجهل والمرض، يولدون فى الظلال ويموتون تحت حرقة الشمس.
(3) هل بكى السيسى كما بكى عمر بن الخطاب خشية من سؤال الله له يوم الحساب: ماذا فعلت برعيتك أيها الراعى؟
(4) فى عام الرمادة استمر القحط والجوع تسعة أشهر، عانى الناس، فكان عمر قدوة حسنة، حرم نفسه من الطعام الذى لا يجده الناس. كان يأكل الخبز بالزيت وحرّم على نفسه السمن، كان بطنه يقرقر فيخاطبه: ليس لك عندنا غيره حتى يحيا الناس.. لم يترك عمر بعد وفاته هرما، ولا مسلة، ولا جامعا ضخما، ولا قصرا فخما، كان يستطيع، لكنه ركز فى مشروعه الأساسى: كيف يدير دولته بالعدل والإنصاف، وكان شديد المحاسبة لنفسه حتى إنه قال: لو عثرت بغلة فى العراق لسألنى الله تعالى عنها يوم القيامة.
(5) إذا طالبنا الرئيس بالصبر فلماذا لا يشاركنا فيه ويجعل من نفسه قدوة لنا، ويطبق المثل الشعبى «اللى يحتاجه المواطن يحرم على العاصمة الإدارية»؟ فالمصريون لن يأكلوا طوبا وزلطا، ولن يشبعوا بمدينة الجلالة والمنتجعات السياحية، إنهم يحتاجون رئيسا يشعر بجوعهم، وبمرضهم، ويمحو جهلهم، ويعينهم فى عجزهم، ويدرك أن مسؤوليته أمام التاريخ ليست فى حفر اسمه على الألواح الحجرية، فربما يأتى من يزيلها بعده، لكن ما يجب أن يفكر فيه الرئيس ويشغل باله: كيف سيراه الشعب بعد أن يمضى، والأهم كيف سيقابل وجه ربه؟