هل الرب هو من خلق الزمان ؟

isgodcreatedد. ميسون البياتي

هل الرب هو من خلق الزمان ؟
مساء البارحه إجتمعنا 11 سفير أممي في مكتب العمل لإنجاز مهمة مطلوبة منا . خلال فترة الإستراحه وحول كوب شاي جلسنا فقال واحد من الزملاء متسائلاً : ما هو الزمان ؟ .. ولماذا يوجد زمان خير وزمان شر ؟ واذا كان في الزمان شر فهل الزمان من خلق الرب ؟
جمْعُنا المكون من 11 شخص كان يضم 3 من أتباع الديانات التوحيديه بفروعها الثلاثه أما الآخرون فكانوا من أتباع ديانات غير توحيديه
في مثل هذه النقاشات أفضل أن أستمع أولاً وبعد ذلك أعطي رأيي .. أمنح نفسي فرصة للتروي في التفكير قبل ان أقول كلمه رداً على سؤال مفاجيء
بعد حوالي نصف ساعه إتفق الجمع على أن الزمان ومادام يحوي الشر والمآسي فهو ليس من خلق الرب , لكن رأياً مخالفاً تبلور عندي فرفعت يدي أطلب فرصة للكلام
قلت : لنتفق أنني أنا أعيش في الفراغ المطلق الذي لا يوجد فيه سواي .. عندها لن يكون لدي زمان أو وقت
لماذا ؟ لأن الزمان أو الوقت يجب أن يتحدد بنقطتي البداية والنهايه . اذا إنطلقت من داخل نفسي الى وجهة في الفراغ لا نقطة فيها فإني لن أصل الى أي مكان .. وعليه فلن يوجد الوقت .. ولكن لو فرضنا أصدقائي أنكم كنتم موجودون معي في ذلك الفراغ المطلق .. عندها سيوجد الوقت الذي سنحسبه بالمده التي يستغرقها الفعل للحصول على رد الفعل _ في كل التعاملات الحاصله بيننا وسينطبق علينا وقتها نفس القانون الذي ينطبق على كل الموجودات في هذه الكون والذي ينص على أن
الوقت = المسافه ÷ السرعه
المسافه = السرعه × الوقت
السرعه = المسافه ÷ الوقت
( الله ) إستعملت لفظ الجلاله لتسمية الرب لأجعل مستمعي يفهم أني أتكلم من ثقافة ومنظور إسلامي .. الله حين خلق الكون ملأه بالشموس والكواكب والأقمار .. وهذه كلها نقاط تسبح في الفراغ .. وأصبح بإمكانك أن تقيس المسافة بين الأرض والشمس .. أو بين أي نقطتين في الكون .. محسوبة بسرعة الضوء المضروبه في الوقت أو الزمان الذي يستغرقه الضوء للوصول من نقطة أحدهما الى نقطة الآخر . إذن الله هو الذي خلق الوقت
بالنسبه الى المقطع التالي من السؤال , فإن عبارة ( زمان خير .. وزمان شر ) فهذا تعبير إنساني صرف لا تتبناه جميع المخلوقات في الكون … ماهو مفهوم كوكب في السماء لمعنى الخير والشر ؟ هذا الكوكب إن كان له عقل يفكر .. فسيفهم بأن الخير معناه التجانس .. والشر هو اللاتجانس
حين يدور كوكب متوهج بالحراره في مدار مليء بالكواكب المتجمده .. فهو في حالة لا تجانس وإذن فزمانه شر .. والعكس صحيح ايضاً بالنسبة الى كوكب متجمد وسط كواكب جامده
والزمان شر بالنسبة للكواكب حين تقترب من ثقب أسود وتصبح عملية هلاكها محسوبة بزمن إرتطامها بذلك الثقب المهول الذي يشفطها من وجودها ليرمها الى العدم والمجهول
نعود الى البشر سنجد أن زمانهم خير حين يعيشون بين ما ألفوه ودرجوا عليه , حين يمتليء زمانهم بالغرائب والغرباء وبأية طريقة كانت سيكون ذلك الزمان شراً عليهم لأن البشر أيضاً يبحثون عن ( التجانس ) ويرفضون الغرائب والغرباء
والزمان شر على الإنسان وهو في مواجهة الموت ( كل البشر تخاف من الموت ) مع أن الموت جزء من الحياة ونقطة لا مفر من الوصول إليها … يخاف الإنسان من الموت ليس لأنه مؤلم … ولكن لأنه رحلة في عالم غريب ومجهول
قيل لي : يا ميسون أنت مسلمه .. هل توجد في القرآن آيه تتحدث عن الوقت والزمان ؟ قلت نعم في ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) وهي الآيه 189 من سورة البقره .. فالقمر حين يتحرك من محاق الى محاق فهو محتاج الى زمان ووقت .. المفسر ضيق الأفق قد يتصورها ساعه يحدد بها مواعيد أفعاله اليوميه .. لكن النظر بعمق الى معناها في الكون سيفسر لنا ان الله هو خالق الوقت في اللحظة ذاتها التي خلق فيها الكون

About ميسون البياتي

الدكتورة ميسون البياتي إعلامية عراقية معروفة عملت في تلفزيون العراق من بغداد 1973 _ 1997 شاركت في إعداد وتقديم العشرات من البرامج الثقافية الأدبية والفنية عملت في إذاعة صوت الجماهير عملت في إذاعة بغداد نشرت بعض المواضيع المكتوبة في الصحافة العراقية ساهمت في الكتابة في مطبوعات الأطفال مجلتي والمزمار التي تصدر عن دار ثقافة الأطفال بعد الحصول على الدكتوراه عملت تدريسية في جامعة بغداد شاركت في بطولة الفلم السينمائي ( الملك غازي ) إخراج محمد شكري جميل بتمثيل دور الملكة عالية آخر ملكات العراق حضرت المئات من المؤتمرات والندوات والمهرجانات , بصفتها الشخصية , أو صفتها الوظيفية كإعلامية أو تدريسة في الجامعة غادرت العراق عام 1997 عملت في عدد من الجامعات العربية كتدريسية , كما حصلت على عدة عقود كأستاذ زائر ساهمت بإعداد العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الدول العربية التي أقامت فيها لها العديد من البحوث والدراسات المكتوبة والمطبوعة والمنشورة تعمل حالياً : نائب الرئيس - مدير عام المركز العربي للعلاقات الدوليه
This entry was posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.