في مثل هذا اليوم من عام 2007م, تم إنشاء موقعي الرسمي في الحوار المتمدن, موقع لكاتب يقال عنه في الأردن أنه مجنون وغير مسئول عن تصرفاته , وعملية عثوري على الحوار المتمدن لم تكن صدفة أبدا, كنتُ أبحث عن أي صحيفة أردنية تنشر مقالتي هذه بعنوان(الحجاب الاجتماعي) ورفضت كل الصحف والمجلات في الأردن المختصة بالمرأة نشر المقالة على اعتبار أنها لا تخص المرأة بل تخص الفلسفة, شوفوا الغيرة والحسد والجهل والعنجهية واللامبالاة إلى أين قد وصلت بنا.. حزنتُ كثيرا على مجهودي الذي ضاع مني هكذا فلقيني صديقي(خالد القرعان) وكنت مهموما ومحزونا فسألني عن سبب حزني وهمي فشرحت له الموضوع فقال لي: يا مجنون أنشر على النت, فسألته باستغراب: وما هو النت, ضحك وقال:مثقف مجنون بحجمك حرام عليه أن يجهل الإنترنت, فقلت له:حسنا سأنشرها ولكن كيف؟ قال أرسلها للحوار المتمدن, وكان يومها الحوار المتمدن باسم(رزكار) ثم أخذني من يدي ودخل إلى مقهى للإنترنت وأرسل لي المقالة من هنالك, وبعد عدة أيام ذهبت إلى مقهى للإنترنت يبعد كثيرا عن منزلي وسألت صاحبه عن كيفية السؤال أو كيفية معرفة مقالتي إن كانت نُشرت أم لا على الإنترنت والحوار المتمدن, فقال لي: يا مجنون أدخل على الغوغل, فقلت له وما هو الغوغل!!!!, فضحك وأخذني إلى الكمبيوتر, وطبع أسمي على الغوغل وظهرت مقالتي منشورة في الحوار المتمدن وعدة مواقع وصحف أخرى كرروا نشرها, فرحتُ كثيرا وشعرت بأن الدنيا لا تتسع لي من كثرة الفرح وقلت: أنا مش مجنون كما يقولون,أنا عاقل أنا ناجح,أنا كاتب,أنا مُعترفٌ بي رسميا,وبعدها بعدة أيام أرسلت مقالة ثانية وثالثة ونشرت كتابي :أثر الثقافة الشرقية على المرأة والرجل, وجاءتني رسائل لا أذكرها بالعدد وبالعدة وأغلبية القراء تريد التعارف عليّ, ومن يومها وأنا مواظب على نشر ثقافتي على الحوار المتمدن, وشعرت بأن لي أهمية كبيرة, وطلبت مني بعد ذلك صحف ورقية في الأردن أن أنشر عندهم, ولكنني رفضت معتبرا النشر على الإنترنت له مكانة أفضل من النشر الورقي.
تعرفتُ عليكم جميعا على الشبكة العنكبوتية وحظيت بصحبة كثير من الأصدقاء , منهم من اختفى ولم يعد له أي وجود ومنهم من مازال معي إلى اليوم وفي كل يوم أتعرف على أصدقاء جدد ومعجبين جدد, وأنا طوال حياتي لم أكن متطرفا لا دينيا ولا ثقافيا, وبدأت حياتي كاتبا عن المرأة فقط لا غير ومعظم المتابعين لي على الإنترنت يذكرون بأن 99% من مقالاتي كانت كلها عن المرأة, وشيئا فشيئا بدأت أكتب الكتابات الساخرة الاجتماعية والقصائد الشعرية الفصحى والمكتوبة باللهجة الأردنية العامية,وكتاباتي الساخرة أكثرها عن حياتنا العامة وما يشوبها من أحزان ومن أوجاع, ومعظم تلك المقالات الساخرة كنت ولا زلت أسخر فيها من نفسي ذلك أن أهم عنصر من عناصر الأدب الساخر أن يسخر الكاتب من نفسه في كل كتاباته, حتى لا يغضب عليه أحد إن سخر منه.
وتطورت علاقتي بالكتابة ومنحتني السيدة الرائعة(وفاء سلطان) جائزة أشجع كاتب, فرحتُ فيها جدا وفرحت بالصداقة معها جدا, وشعرت بقيمتي وأعطتني هذه الجائزة هيبة ووقارا أمام عائلتي وقلت لأمي: أنظري لي,أنا لستُ مجنونا , أنا كاتب محترم, وتعارفت عليّ عدة شخصيات في الأردن واستدعوني لزيارتهم في بيوتهم, وفزت بصداقات كثيرة من الناس ولم أكن أحلم بهذا الكم من الصداقة مع الناس, وكل عائلة وكل شخص كنت أزوره كنت أطلب منه رأيه بي هل أنا مجنون أم عاقل؟ والأغلبية كانوا يقولون عني(زين العاقلين)… ولكن الحوار المتمدن منحني كثيرا من الثقة بالنفس بعد أن كنت أنوي عدم الكتابة مطلقا لأن الصحف في الأردن لم تكن تنشر لي إلا مقالة أو مقالتين خلال سنة أو سنتين, ولكن في الحوار المتمدن تمكنت من نشر مقالة واحدة كل يوم, وكانت صحيفة الحوار المتمدن تصدر كل يوم في تمام الساعة التاسعة مساء أو العاشرة مساء وأحيانا في العاشرة والنصف وأحيانا أخرى في التاسعة والنصف, وكنت كل يوم أرسل بمقالة للنشر ولم تكن الحوار المتمدن تنشر للكاتب إلا مقالة واحدة, وبعد ذلك تطورت الحوار المتمدن وأصبحت هذه الصحيفة تنشر للكاتب كل إنتاجه سواء أكان مقالة أو مقالتين أو حتى ثلاثُ مقالاتٍ باليوم, ولم أكن أعرف الطباعة على الكمبيوتر وكنت أرسل بمقالتي إلى مراكز الطباعة وكانت المقالة تكلفني نصف دينار أردني في اليوم وأحيانا دينارا كاملا هذا عدى استئجار شاشة كمبيوتر في مقهى الإنترنت لمتابعة الكتابة والنشر, ولم أكن أملك في بيتي جهاز كمبيوتر إلا منذ 3 سنوات حين قدمه لي كهدية الروائي الأردني الشهير(هاشم غرايبه) , فقد حزن عليّ واستغرب جدا كوني لا أملك في البيت جهاز كمبيوتر, استغرب وقال:كيف تكتب بهذا الحجم والكم والنوع وأنت لا تملك جهاز كمبيوتر!!!!!!, فقلت له: اذهب إلى مقاهي الإنترنت وهنالك أعطي المقالة للشباب المتواجدين في المقهى فيساعدونني على طباعتها, وفي أغلب الأيام اذهب إلى مركز تطوير وخدمة المجتمع في المنطقة التي أسكنها وهنالك صديق لي يتركني أجلس على الكمبيوتر بشكل مجاني لأتعلم الطباعة, وفعلا بقيت عدة أشهر وأنا أذهب إلى هذا المركز لتعلم الطباعة, ولم أكن أفرق بين الألف الممدودة في الكيبورد وغيرها لأنني كنت أجهل الطباعة, وكانت المقالة حين تصدر, تصدر بشكل عجيب جدا وكنت أخطئ في كل سطر أكثر من 4 أربعة أخطاء طباعية وإملائية وشيئا فشيئا تعلمت أكثر حتى أصبحت طابعا ماهرا على الحاسوب.
وأغلب الناس الذين يختمون لي بأصابع يديهم العشر بأنني مجنون حين يقرئون لي مقالة مهمة:يقولون هذا يكتب له بعض الكتاب وينشرونها باسمه,فهذا مجنون ومن المستحيل أن يكتب هو بهذا الكم والحجم, خصوصا وأنني لا أملك إلا شهادة المدرسة الإعدادية, فأنا تركت المدرسة وأنا في سن ال16 سنة ولم أنهِ دراستي المدرسية ولا حتى الجامعية….إلخ.
كانت رحلة تعلم الكتابة قد جعلتني أتمرن على احترام الناس واحترام الآراء الأخرى, وكسبت شهرة واسعة على الإنترنت , حتى مللت من هذه الشهر ة, وسببت لي الكثير من المشاكل وخصوصا مع أقربائي وزبائني في العمل, وفقدت صداقة بعض الزبائن أو لنقل أغلبية الزبائن بسبب كتاباتي, فالكتابة جلبت لي الفقر المدقع وكنت قبل الكتابة على الإنترنت ميسور الحال جدا جدا جدا , واعتقلت عدة مرات خصوصا على قصيدة (يا عمي يا طاغيه) الموجودة على الحوار المتمدن والموجودة أيضا على اليوتيوب
واعتقلت إداريا مرتين وتم الإفراج عني بسبب شهادة الأمراض النفسية التي معي, فالكل في حينا السكني يقولون عني (مجنون) وهذه الشهادة تضمن لي عدم المثول أمام القضاء الأردني والمحاكم على اعتبار أنني لا أملك الأهلية وغير مسئول عن تصرفاتي بشهادة أطباء نفسيين كمتخصصين بالأمراض النفسية, طبعا وكل الذين يعرفونني معرفة رسمية يشهدون بأنني شخص مجنون ولا يؤخذ كلامي على محمل الجد كوني أشيع وأشهر أفكارا غريبة لا أحد سمع بمثلها مطلقا, وكافة الشيوخ الإسلاميين الذين يعرفونني يطلبون من الله شفائي العاجل من مرضي النفسي الذي أعاني منه, طبعا بدأت سيرتي المرضية بقلق زائد اكتئاب أو قلق مصحوب باكتئاب زائد وتطور هذا المرض إلى حالة أخرى وهي الثنائية القطبية والازدواجية في الشخصية, وهذه الشهادة حمتني قانونيا ولكنها أضرت بي أمنيا بحيث لا تستطيع الأجهزة الأمنية في الأردن وضعي في أي اتجاه فكري أو سياسي أو أيديولوجي, ومن هذه الناحية تضرر مصدر رزقي ضررا كبيرا, ولم أجد إلا الأصدقاء على الإنترنت حيث يتبرعون لي ببعض المصاريف العائلية, وهذا نادرا ما يحدث, المهم في الموضوع أنني أصبحت كاتبا شهيرا على الإنترنت ومفكرا شهيرا ولكن على أرض الواقع الكل يتعامل معي على أساس أنني مجنون وليس عاقلا.
فالناس اليوم يعرفونني بكثرة ويسألونني عن هذا المقال وعن تلك المقالة , ومنهم من يتفق معي بالرأي ومنهم من لا يتفق معي بالرأي, ولم يكن الإنترنت معروفا جيدا في منطقتنا إلا بعد ثورات الربيع العربي التي أجبرت الناس على شراء الحواسيب والانضمام إلى شبكات التواصل الاجتماعي وأهمها الفيس بوك.لذلك اصبحت لهذا السبب معروفا بكثرة عند أقربائي وقبل ذلك كانوا يسمعون عني سمعة أما اليوم فهم يقرئون لي ويعرفون آرائي وهذا جعلني بنظرهم مجنونا أكثر من أي وقتٍ مضى.
في أول يوم تم إنشاء موقعي الفرعي على الحوار المتمدن قفز عدد زواره إلى أكثر من ألف زائرٍ في اليوم وبعدها ألفي زائر, وكنت مبهورا بهذا الكم من القراء وبعدها أصبحت أحصل على مليون زائر في السنة الواحدة,والآن مضى لي على الحوار المتمدن 8 ثماني سنوات بالتمام وبالكمال وعدد زوار موقعي الفرعي زاد عن الثمانية ملايين قارئ وزائر, ولا أظن أن في الحوار المتمدن كاتبا مجنونا مثلي قفز إلى هذا الرقم, وهنالك 2030موضوع تم نشرهن لي وأكثر من 200موضوع تم حذفهن لي بناء على طلبي نزولا عند رغبة القراء.أحيانا بعض الناس يتمنون جنونا كجنوني.وبعض الناس يقولون:شو احنا كاينين مجانين حتى ننجن مثله!!!لم أعرف كاتبا مجنونا مثلي يفضل الثقافة والكتابة على حساب مصدر رزقه.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=88145