حين كنت أبلغُ من العمر 13 عاما كان في حارتنا طبيب عام , وكانت عيادته بدون ثلاجة وكنت أحضرُ له الماء البارد من بيتنا فيشكرني على كريم خلقي وخصوصا في شهر رمضان , وأذكرُ مرة أنني سمعته يتحدث لأحد الجيران وهو رجل غير طاعن في السن وكان يقول :
الشيوعي بتزوج أمه .
وجارنا طبعا يهز برأسه إعجابا وتصديقا ..
-والشيوعي بمارس الجنس مع أخته ..
.وكان جارنا يستمع له بإصغاء شديد وهو يقول :
لعنة الله على اليهود أولاد الكلب .
ثم يستمر الطبيب بالحديث عن الشيوعية وجارنا يضرب الكف على أخوه وهو يقول :
لعنة الله على اليهود والنصارى ..
طبعا نحن في الدول العربية نسبُ كثيرا على اليهود والنصارى فجاراتنا دائما إذا أرادت الواحدة منها أن تلعن زوجها تقول : يلعن اليهود , وإذا أرادن لعن حظها تلعن اليهود , وإذا تعثرت في الطريق تلعن اليهود وتحملهم المسؤولية ..إلخ
وكان الطبيب أيضا يستمر في الحديث وأنا طبعا مصغي جدا جدا لحديثهما ..ثم يستمرُ الطبيب في القول : والله يا أبو محمد وما إلك عليّ أي يمين والله العظيم إنه في نفس اليوم الذي وضع به ماركس اليهودي اللعين نظريته عن الشيوعية كانت هذه النظرية توضع وتدبر في إحدى الجامعات وبغرفة أخرى مجاورة للغرفة التي وضعت بها النظرية الشيوعية , نعم , في غرفة أخرى كان هنالك عالم آخر مسيحي لعنة الله عليه يضع النظرية الرأسمالية .
ودارت الأيام وألتقيت بنفس الطبيب في إحدى سهراتي وسألته عن محاضراته العظيمة , وسرّ طبعا جدا ظنا منه أنها عظيمة غير أنها سخيفة جدا , وقال لي حين ذكرته بها :
أي والله صحيح ألا لعنة الله على ماركس بنته إنتحرت وزوجته هربت من عنده , على شانه كافر لا يتقي الله .
طبعا هذا الكلام السوقي والهرطقي والهش مازال إلى اليوم قائما , وهو ليس كلام الطبيب بل أيضا هو كلام السوقة …والخضرجية…. والصنايعية والأكاديميين …إلخ
الدعاية الرأسمالية المضللة نحو الشيوعية لا تصل إلى كافة المثقفين الجادين والمحترفين فالدعاية الرأسمالية الهدامة على الشيوعية لم تعد اليوم نافعة , فكلمة العمال الكسالى يريدون مقاسمة العمال الكسيبة أصبحت هذه الكلمة اليوم مشبوهة ومردودة على أصحابها , وكذلك الكلمات التافهة بحق الشيوعيين .
فمن المعروف أن أصحاب الثراء يثرون على حساب نشاط العمال والبرجوازيين الصغار والكبار في المجتمعات الرأسمالية كل أولئك يثرون على حساب ساعات العمل ويستفيدون أيضا من السوق غير المنظمة إطلاقا فهم يجعلونها محل صيد ثمين فالعمال في الأسواق العربية في عمان الأردن مثلا يعملون دونما تنظيم وهم غارقون في أوهام الصبر , و(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنهُ ) فهذه المقولة تزيد من ثراء أصحاب العمل الذين يثرون هم كسالى نائمون دونما تعب .
أوليس هذا هو الكفر بعينه .
أنظروا إلى العواصم العربية الأكثر فقرا تجدونها الأكثر ثراءا , وسمعت مرة مقولة على لسان القذافي حين زار الأردن وتجول في عمان , عندها أصيب بدهشة حين رأى العمارات الحجرية والفلل , حيث تبلغ تكلفت كل منزل ما يعادل بناء 100منزل بمساحة 90 متر مربع لكل منزل .
العواصم العربية الرأسمالية هي الكافرة وهي التي تمارس الجنس مع المحارم وهي التي تقتل العمال والشغيلة , بجشعها وطمعها .