هذه هي فوسايو ايها النجباء

محمد الرديني 

بعيدا عن عركات البرطمانيين بالقنادر التي جرت تحت قبة البرطمان قبل يومين، وبعيدا ايضا عن مهاترات الشرف والاخلاق وحب الوطن من الايمان وليس بعيدا ايضا عن لغو السيرك السياسي وهو يرى سيول الامطار تجتاح البيوت.

بعيدا عن كل ذلك يقول اولاد الملحة كم واحد من هؤلاء “يروح فدوى” للسيدة فوسايو؟.

لاتستعجلوا فهذا الاسم معروف في “سوك العورة” اكثر من صاحبنا الزعيم الشاب.

الفضل كل الفضل للخبير القانوني احمد محمد العبادي الذي كان له السبق ،وليسمح لي بذلك،في ان يلتقط آخر “غرغرة” وهي من اشتقاق الغيرة ويعلقها “بشيشة” صغيرة في الساحة الهاشمية بعمان.

يقول العبادي:

مدام فوسايو سيدة يابانية الجنسية تعيش منذ فتره طويلة في العاصمة الاردنية وتعمل في منظمة نسوية كورية عالمية تسمى ( الأتحاد النسائي للسلام العالمي الدولي) ؛ وقد نذرت نفسها لمحاربة الفقر في العالم وتركز اهتمامها لمساعدة الفقراء من ألأيتام وألارامل والمعوزين من اللاجئين العراقيين في الاردن . اتيحت لي فرصة ان التقي مع – فوسايو- في أعداد طعام الفطور للفقراء واليتامى العراقيين في شهر رمضان الماضي ، وعلمت ان عدد العوائل التي تقوم فوسايو بمساعدتها يقترب الى (1500عائلة فقيرة) اكثرهم من العراقيين وتجمع المساعدات لهم من جميع انحاء العالم .

هل علمتم من هي فوسايو ايها النجباء؟.

ويكمل:تعمدت ان ادخل الى شقتها لأرى كيف تعيش هذه السيدة ، وذهلت عندما وجدتها تنام على الارض وتستخدم ادوات بسيطة جدا ومتواضعة في شقتها . وعندما سألتها لماذا هذا حالك وانت تمتلكين هذه المبالغ الكبيرة التي تصلك من جميع انحاء العالم ؟

فقالت ان هذه المبالغ تصلني لغرض أيصالها الى الفقراء والمساكين ويجب ان اقوم بتوزيعها عليهم بشكل عادل ، وهي تعتبر امانة لدي ولايحق لي ان استخدمها لمنفعتي الشخصية وتسألت ” كيف أجرأ على أنتزاع لقمة من فم يتيم وأتصرف بثمنها لمصلحتي الشخصية ” ؟؟؟

وجدت ان هذه المرأه غير المسلمة تطبق مبادئ الاسلام الحقيقية وتطبق مقولة الأمام علي عليه السلام التي نرددها نحن ولا نطبقها ( البشر نوعان : اما أخ لك في الدين او نظيرٍ لك في الخلق ) … لقد طبقت فوسايو اليابانية هذا المقولة بشكل عملى ونحن نتكلم فقط … وحاولت سؤالها عن احوال العراقيين في الاردن فقاطعني الحاضرين من العراقيين قائلين بالحرف الواحد ( يمعود عوفهه بس تحجي عن العراقيين وخاصة الايتام والارامل تكوم تبجي واحنه جاي نحضر الفطور… ) ؟

خجلت من نفسي وانا اقارن بين ماتقدمة هذه السيدة وماقدمتة انا وأمثالي للأيتام والأرامل وضحايا الحرب الاهلية التي انكوى بنارها البسطاء من الشعب العراقي وضحايا الاعتداءات الارهابية وابناء الشهداء على يد قوات الاحتلال .

لقد جمعتني مائدة أفطار فوسايو؛ بعدد من العراقيين الميسورين – رجالاً ونساء – من المقيمين في عمان والذين حظروا لمساعدة فوسايو في تهيئة وجبة الفطور ، ومنهم من جلب معه هدايا لتوزيعها على ألايتام … والذي افرحني كثيرا عندما عرفت بأنهم ليسوا من طائفة او قومية واحدة وانما من جميع اطياف الشعب العراقي ، فمنهم شاب كردي وزوجتة متطوعين لتوزيع المعونات واعداد الطعام ويعاونهم شاب عربي من الاعظمية هو وزوجتة واخبرني بانهم يعملون مع فوسايو منذ فترة طويلة ، فبادرتهم بالسؤال ؛ وهل زاركم احد من السياسيين العراقيين هذه الفترة وقدم لكم المعونه ، فقالوا نعم زارونا كثير من السياسيين وذكرهم بالأسم ولكن قبل الأنتخابات وخلال الحملة الأنتخابية واوعدونا بالكثير ولكن لم نرهم بعد الانتخابات …؟ وهم وجميع أللاجئين ألذين يعرفهم نادمون وآسفون على انتخابهم .

لن اطلب من احد ولا حتى من نفسي ان نكون كـ ( فوسايو ) ، ولكن… لم ادعه يكمل،فمن لم يعرف ان هلهولة من امرأة عراقية تقلب الكون وتجعل من لا صحوة له صاح بالضمير عليه ان ينتحر.

ولكم النسوان احسن منكم بالف مرة.

سليمة تكر….   تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.