نيتشه , ما لهُ وما عليه
رعد الحافظ
raad57dawood12@yahoo.com
عندما تحدّث نيتشه عن الإنسان المتفوّق الخارق ( السوبرمان ) في روايتهِ الفلسفية ذات الأجزاء الأربعة / هكذا تكلّم زرادشت .
حقّ لخصومهِ ( وقد يكون هو الذي دفعهم الى ذلك بغيرِ قصد ) الى إتهامهِ , بالكثير من التهم كالفاشية والنازية والعنصرية .
مع أنّ تركيز ذلك الكتاب كان عن فلسفة الأخلاق بما لايقبل الجدل .لكن ضدّ الأديان في الواقع .
وممّا زاد الطين بلّه هو موقفهِ من المرأة في الجزء الأخير من حياته
( إذا ذهبتَ الى المرأة فلا تنسى السوط ) , ( هدف الزواج إنتاج الإنسان المتفوّق )
موقفه هذا الذي قد يكون نتج عن صدمتهِ برفض تلميذتهِ ( لوسالوميه ) الإرتباط بهِ وإقترانها بآخر !
***********
كتبَ عن نيتشه , د. إبراهيم الحيدري ( في الشرق الأوسط ) عام 2006 ما يلي :
في كتاب نيتشه / أصل الاخلاق 1887 ,يقدّم نيتشه أفكارهِ الأساسيّة كما يلي :
في العالم / أقوياء وضعفاء , سادة ومسودين , طيور وجوارح , حيوانات مفترسة وحملان !
تجمع بينهم علاقات ماديّة بحته , يغيب عنها العنصر الأخلاقي , إنّها علاقات الحياة نفسها .
الضعيف يُفسّر قوّة خصمهِ قسوة أو مؤامرة , كي يفلت من علاقات القوّة التي في غيرِ صالحهِ .
يرى نيتشه الكون مساحة لتصارع الإرادات , يظهر ذلك في جميع مظاهر الحياة .
عند نيتشه / الفضيلة هي الغاية والوسيلة .
معناها الوصول إليها … هو ثوابها
علينا فعل الفضيلة لأجل بلوغها , لا لأجل إنتظار الثواب عليها ! { أيّ فلسفة أخلاقيّة أفضل من هذهِ ؟ }
عند نيتشه / أخطر الناس هم أدعياء العدل والصلاح . رجال الدين الذين يحاكمون ويكذبّون ويقتلون ( بكل عدل ) , فهم يمارسون وصايتهم على البشرية ويعرفون خيرها وشرها .
وعن نسبيّة الخير والشر , يجعل نيتشه الإنسان نفسهُ هو المسؤول عن وصولهِ للجادة التي يبغيها .
عند نيتشه لا مساواة , لكن نعم للعدالة .
وعلى الإنسان إستخدام أسوء ما فيه للوصول لأحسن مافيه ! ( أنا رعد الحافظ , لا أوافق ولا أتفهّم هذا المبدأ )
يرى نيتشه , أمام العجز والإحباط ليس هناك من طريق سوى التحرّر , تحرّر الأنا والدخول في نيرفانا الفناء !
النيرفانا / هي حالة الإنطفاء الكامل التي نصل إليها بعد فترة طويلة من التأمّل العميق .
نيتشه يميّز بين شخصيتين بشريتين
ديونيسي / نسبةً الى ديونيس / إله الخمر والخلاعة والمجون عند اليونان , وهذهِ شخصيّة تميل الى إلغاء القيود المفروضة من المجتمع .
أبوليني / نسبةً الى أبولو , إله الحُبّ والجمال , وهذهِ شخصيّة متزنة من الناحيّة الإنفعاليّة .
نيتشه حارب الأخلاق النفعيّة بإعتبارها ( فلسفة الخنازير )
إنّها تتميّز عنده بالجشع والجُبن لتحقيق المنافع .
في كتابه / هكذا تكلّم زرادشت , صوّر نيتشه , نموذج الإنسان الخارق للعادة / السوبرمان , المتحرّر من القيود الإجتماعيّة والأخلاقيّة , مثل إنسان عصر النهضة .
كان نيتشه شديد الإعتداد بنفسهِ , يقول عن لغتهِ / لقد أوصلتُ الالمانية الى ذروةِ كمالها .
نيتشه حطّم الإيمان بالحقيقة المُطلقة . كسر جميع الحواجز التي صادفتهُ حتى القيم الإنسانية منها .
يقول / ليس هناك وجود مُطلق , لكن وجود يتكوّن .
يقول / ليس هناك تحديد لا نهائي , لكن عودة أبدية .
كالساعة الرمليّة الأبديّة للوجود , تعيد دورتها بإستمرار .
يقول / لايحتاج الإنسان الى شعور رقيق , كلّ المبدعين يجب أن يكونوا أقوياء الارادة .
ويقول / إنّ الحقيقة والكذب يوظفان دوماً لأجل الكائن المُتفرّد .
ويقول / لقد إكتشفنا السعادة , هكذا قال آخر البشر وغمزَ بعينيهِ
يقول / لا يوجد راعٍ إنّما قطيع , الكلّ يُريد الوصول لنفس الهدف والتساوي مع الآخر .
*************
تنبأ نيتشه بحروب فظيعة في القرن العشرين ينتصر فيها الأشجع .
يصف نيتشه تنبؤاتهِ قائلاً :
الغدُ سيكون لي , بعض الرجال يولدون بعد مماتهم !
وقال في كتابهِ / الأنسان المجنون 1882
وُلدتُ مُبكراً … أنا لستُ لهذا الزمان !
إنسان نيتشه المتفوّق , يقترب من رؤية ( كيركير غارد ) لإبراهيم الذي ضحّى بولدهِ لأجل الرب .
من الممكن فهم إنسان نيتشه في النهاية على أنّهُ غير مُخادع .
لكن من جهة اُخرى فإنّ النازيين جعلوا من نيتشه بطلهم , وبنوا لهُ متحفاً في فايمار .
لكن نيتشه سَخَرَ في النهاية من الجميع بما فيهم الالمان وإستثنى الإغريق .
وأيضاً إحتقر نيتشه التمييز العنصري . وكان مُعجب بالشاعر الالماني اليهودي / هانريش هاينة , وقال عن كتاباتهِ ما يلي :
أنا أبحثُ عبثاً عن موسيقى بهذهِ العذوبة والهوى .
ثمّ قال / يالها من نعمة , أن تجد يهودياً بين الالمان .
{ أين عداؤهِ للساميّة هنا ؟ }
ويكمل د. إبراهيم الحيدري كلامهُ عن نيتشه قائلاً :
مارتن هايدغر وهو من أنصار الحزب النازي في ألمانيا , أصدر كتاب لتكريم نيتشه عام 1961 , وضع نيتشه في ظلال هتلر والنازية .
وفي الواقع , فإنّ الحكومات النازية والفاشيّة تبنّت مقولات نيتشه وأفكارهِ في القوة .
في حين كان الفيلسوف الذي دعى الى القوّة يُعانق حصاناً لأجلِ حمايتهِ من ضربات حوذي قاسٍ .
ويقول الحيدري
نيتشه كان مُصاب بالشيزوفرينيا , وهي أهم خصائصهِ التي طبعت تفكيرهِ الكئيب , وحبّهِ لنفسهِ وكرههِ للمراة
{ لاحظوا تناقض ذلك مع حبّه لتلميذتهِ لوسالوميه , أو ربّما رفضها لهُ هو السبب في إختلال توازنه وإنقلابهِ على المرأة / رعد الحافظ }
نيتشه وصف الفلسفة بإنّها علم ممنوع / إنّها مليئة بالكذب والقُبح .
روّاد ما بعد الحداثة الفرنسيون / أمثال دلوز , وفوكو
وجدوا في أفكار نيتشه مناهض قوي لليسار الاوربي .
إنتهى كلام الحيدري !
***********
الآن نأتي الى ترجمة الكتاب نفسه ( هكذا تكلّم زرادشت )
بواسطة علي مصباح التونسي .
الذي يقول : كثيراً مايتحوّل المُترجم الى قاتل .
ويقول / العبارة الإيطاليّة تُعرّف الترجمة بأنّها خيانة !
بالمناسبة / علي مصباح فنان تونسي بمعنى الكلمة / مسرحي سينمائي تلفازي إذاعي
مترجم قلّ مثيلهُ في الدقّة والإتقان { شكراً يا زيرجاوي لهذهِ الهديّة } .
ولِد عام 1958 , وإنطفأ المصباح ( خميس الخياطي / القدس العربي ) عام 2005 ودفن في مسقط رأسهِ / مساكن .
ص36
نيتشه يقول على لسان زرادشت
على الحكمة أن تكون مثل الشمس , تشّع على الجميع , وأن يكون بوسعها أن تقذف ولو بشعاع باهت على أكثر الأنفس حطّة وإتضاعاً !
الرجل المسعور عند نيتشه , هذا الذي يصرخ في الاسواق مُردّداً
أنا أبحث عن الله
بينما الناس تنظر إليه بعجب وتقول / عيّل تايه ده ولاّ إيه ؟ ههههههه
ويقول / اُريد اُسوداً ضاحكة تأتي إليّ .
{ أظنّها إشارة الى القوة والفرح }
***********
تعبت … سأتوقف لاقرأ بمتعة , لاتقطعها مختصرات الكتابة والملاحظات !
سأترك باقي المهمة للأخ شامل لو شاء
وسأنتظر مباراة الكلاسيكو غداً بين الريال الملكي والبارسا
حظاً طيباً , وتذكروا العالم بمحبّة يتسع للجميع !
تحياتي لكم
رعد الحافظ
20 إبريل 2012