صباح ابراهيم
ستيفن هوكينج ، عالم الفيزياء المشلول جسديا بمرض تصلب العظلات النادر، يعيش حبيسا في كرسي متحرك كهربائيا امام حاسوبه الناطق بالكلمات التي يكتبها والمصمم خصيصا له ، لا يحرك سوى اصابعه وعينيه كي يكتب افكاره على الحاسوب الناطق ، يكافح هذا الفيزيائي المقعد كي ينافس البرت انشتاين في شهرته وفلسفته، محاولا ان يخلفه على عرش الفيزياء النظرية عن طريق الالحاد .
نشرستيفن هوكينج كتابا اسمه (هَلْ خَلَقَ اللهُ الكَوْنَ؟) ظمنه نظريته الالحادية في نكران وجود الله ونفيه ان يكون هناك اله خالق خلق الكون والانسان . وقد سببت هذه النظرية لستيفن الكثير من الاستنكار والاستهجان والرفض من قبل الاف العلماء والمفكرين ، وقد اعترف هو بذلك.
انطلق البروفيسور ستيفن هوكينج في افكاره من خلال فلسفة البرت انشتاين في النظرية النسبية
فتقدم بنظرية تفسير خلق الكون تعتمد انكار وجود الخالق ، وان الكون خلق نفسه بنفسه !!.وان المادة والطاقة خلقا من العدم اعتمادا على نسبية انشتاين في استمرار توسع الكون ، فلو عكسنا نظريا عملية التوسع اي نعود الى الوراء عندما كان الكون اصغر حجما وقبلها اصغر وهكذا نستمر بالتراجع حتى نصل الى ان الكون كان في مرحلة ما في اول نشوءه صفرا تقريبا. او كان جسيما بحجم البروتون ذو كتلة هائلة وطاقة تفوق الخيال مخزونة بداخله ، ولا تنطبق عليه قوانين الفيزياء التي نعرفها الان ولم يكن هناك لا زمان ولا مكان ولا ضوء. وصل هذا الجسيم الى مرحلة حرجة فانفجر بالانفجار العظيم المسمى ( بيك بانك) وتناثر بالفراغ مكونا المجرات والسدم الغازية والنجوم والكواكب والاقمار وغيرها .
ان الزمن بدأ بعد الانفجار الكبير ، وقبل ذلك لم يكن هناك اي زمن ، وان والطاقة الكونية من حرارة وضوء واشعاعات وموجات كهرومغناطيسية في جميع المجرات والنجوم تحررت بعد الانفجارمتحولة من مادة مضغوط وفائقة الكثافة الى طاقة هائلة ، وهذا تجسيدٌ لنظرية انشتاين الذي اوجد معادلة الطاقة تساوي الكتلة مضروبا في مربع سرعة الضوء
[E=MC2] .
E: Energy الطاقة
M: Mass الكتلة
C: Speed of Light سرعة الضوء
الطاقة والكتلة هما حالتان متلازمتان ووجهان لعملة واحدة ويمكن تحويل الواحدة للاخرى .
يقول ستيفن هوكنج ان الزمن لم يكن له وجود قبل الانفجار الكبير ، وبناء على ذلك فلا يوجد بالضرورة اله ! وعليه فإن الكون لم يخلقه خالق عاقل ، بل ان الجسيم الذي هو ربما اقل حجما من البروتون اوجد نفسه بنفسه وهو الذي انفجر بسبب كثافته الهائلة وطاقته الفائقة مسببا نشأة الكون بمجراته ونجومه وكواكبه وغباره وطاقته الحرارية والضوئية الهائلة !.
هذه النظرية لا تؤيدها الاديان السماوية ولا قوانين الفيزياء التي تنص على ان المادة لاتفنى و لاتخلق من العدم بل تتحول من حالة الى اخرى. وبما ان لكل شيئ في الوجود من سبب ومسبب ، فلابد ان يعطي هوكنيج شرحا من اين جاء الجسيم الاولي الذي كان نواة للكون ، ومن اين جاء بطاقته الفائقة هذه ، ومن كان المسبب للانفجار الكبير . فان كان جسيما بحجم البروتون قد ولد بلايين المجرات الفائقة الحجم والتي تحوي تريليونات الشموس والنجوم والكواكب التي تدور بانتظام وبقوانين فيزيائية في غاية الدقة وينطلق في الكون بسرع وافلاك ثابتة لا تتغير . فمن اوجده ومن خلق النور والمادة والحرارة والموجات الكهرومغناطيسية والاشعاعات الكونية الرهيبة ؟ هل الصدفة هي من خلق الكون ؟ هذا السؤال يعجز هوكنيج ومؤيدوه عن الاجابة عليه ويقفون عاجزين عن التفسير . كما انهم اصطدموا بفكرة عدم ازلية الكون وانه ولد في لحظة الانفجار الكبير ، وهذا يطابق فكرة خلق الكون في لحظة صدور أمر الله “ليكن نور” فكان الانفجار العظيم .
ولهذا فقد ارتد عدد كبير من العلماء من الذين ايدوا هوكينج في فكرته الاولى الى رفض افكاره الالحادية لكونه عاجزا عن الاجابة عن كيف ظهر الجسيم الاولي منشا الكون ، وكيف خزن كل هذه الطاقة الهائلة بداخله ومن كان المسبب للانفجار العظيم . ولماذا تدور كل المجرات والنجوم والمجموعات الشمسية والكواكب واقمارها بنظام في غاية الدقة والانتظام منذ الخلق ولحد الان ؟ ومن هو المتحكم في ذلك كله ؟ ومن العلماء الذين رفضوا فكرة هوكينج العالم الامريكي جورج كرينشتاين الذي قال : ” كلما دققنا في الادلة ، واجهنا على الدوام الحقيقة نفسها ، وهي ان هناك قوة عاقلة فوق الطبيعة تدخلت في نشوء الكون . ان النظام الدقيق والتوازن الحساس في الكون لا يمكن ان يكون نتيجة لصدف عمياء . أنه يدل على وجود خالق وقدرة لا نهائيتين خلق الكون بكل دقة من العدم وهو الله رب العالمين”.
يستند هوكينج في نظريته الالحادية من التجارب النووية في المفاعلات والمعجلات الذرية التي اظهرت ظهور جسيم غريب غير معروف سابقا وفي غاية الصغر ، ويبقى لفترة زمنية هي اجزاء من المليون من الثانية ثم يختفي ويظهر في موقع آخر ويختفي ، ويدّعي هوكينج ان هذه الجسيمات المتناهية في الصغر ما هي الا جسيمات تُخلق ذاتيا من دون خالق ومن لا شئ ولا تحتاج الى طاقة لتكوينها ونشأتها، ويستدل هوكينج من هذه التجربة الغير واضحة المعالم ان الكون تكوّن بنفس الطريقة من دون خالق ونشأ من العدم، ويضيف انه لم يكن هناك اي خالق عاقل قبل ان يبدأ الزمن وقبل الانفجار الكبير . ويناقض هوكينج نفسه بقوله : ” لنفرض انه من الطبيعي ان نفرض – ربما الله – كان قد سبب ان يأتي الكون للوجود ، وعندما نتكلم عن الكون ككل فالامر لا يحتاج ذلك بالضرورة “!!
كلام لا يفهم منه شيئا واضحا. كيف يفترض ان الله سببا لوجود الكون ثم لا يحتاج ذلك للكون كله بالضرورة.
ان افكار ستيفن هوكينج لأنكار وجود اله خالق للكون تستند كما يقول لانعدام الزمن قبل الانفجار الكبير هو منتهى الغباء ، لأن خالق الكون وموجده لا يحده زمن ولا مكان ومتسام فوق كل شئ ، وهو سرمدي في الزمن اي ازلي – ابدي ، لا بداية ولا نهاية له . فالله خالق الزمان والمكان وهو من قال له كن فكان وطبعا هذا فوق قدرة البشر على ادراكه.
لايستطيع العقل البشري المحدود ان يفهم ويستوعب الاله الغير محدود واللامتناهي فكيف نُحَجّم الله ضمن عقولنا البشرية المحدودة التفكير ، وكمثال على ذلك نقول : هل يستطيع الانسان مهما كان له من عبقرية ان يجد حدوداً للارقام المتصاعدة من الصفر الى الالف والمليون والبليون والتريليون و..و..و…و الى الما لانهاية الموجبة الاتجاه
Infinity Positive(∞ + )
. ونفس الشئ لا يستطيع اي انسان ان يصل بالارقام المتناقصة في الاتجاه السالب الى المالا نهاية ؟ اي بالعد من الصفر الى ناقص الف وناقص مليون وناقص تريليون ..الخ ويستمر بالتناقص باتجاه اللانهاية السالبة (∞ – ) التي لا يعرف العقل حدودها اللامتناهية.
فمهما اضيفت ارقام بالاتجاهين السالب والموجب فهي قابلة للزيادة ولا تنتهي ابدا .
وبنفس الفكرة نقول هل يدرك العقل المحدود للانسان سر خالقه اللامحدود واللامتناهي القدرة ، ان كان لا يدرك سر وحدود الارقام ؟
هل نستطيع ان نملأ ماء البحر في إناء محدود ؟
هل يُعقل ان الكون الفسيح الغير محدود واللامتناهي ، بجميع مجراته وكواكبه ونجومه وفضاءه المتوسع باستمرار ومداراته المضبوطة بنواميس الخالق وقوانينه الدقيقة ان يكون ناتجا من العدم ومن لا شئ ؟ فالكون ليس ازليا ، فقد حدث الخلق والتكوين في بداية الزمن ، ولابد لكل حدث من محدث ولكل سبب من مسبب ، وهذه الفكرة ازعجت علماء الكون الغير مؤمنين بوجود الخالق للكون ، لأنهم كانوا يريدون ان يستغنوا عن خالق الكون بأزلية الكون او يستبدلوا الخالق بالازلية ، لكنهم فشلوا .
اول مصدر يخبرنا عن خلق الكون هو الكتاب المقدس حيث يفتتح الكتاب اول جملة فيه هكذا :
في البدء خلق الله السماوات والارض . (التكوين 1-1)
في البدء كان الكلمة ، وكان الكلمة عند الله ، وكان الكلمة هو الله ، به كان كل شئ ، وبغيره ما كان شئ مما كان .( يوحنا 1-1)
هذه الكلمات البسيطة والعميقة المعنى هي التي تفسر من خلق الكون . وكانت اولى كلمات الخالق هي” ليكن نور ” وكان الانفجار العظيم فكون ذلك الانفجارعناصر الكون المختلفة من مجرات وسدم ونجوم عملاقة وصغيرة وكواكب وغيرها التي تشكلت من معادن وغازات ودخان .وهذا ما يطابق الاديان السماوية والعلم .
وهنا نسال سؤالا لم يجب عليه اي عبقري اوفيلسوف على سطح الارض، ان كانت المادة الجامدة والطاقة مخلوقة من العدم بالصدفة ، فمن خلق الحياة والعقل والتفكير ووضعها في دماغ الانسان ليجعله سيد المخلوقات الناطقة والمفكرة والعاقلة ، هل هي الصدفة ايضا ؟
لنجري تجربة ونرى إن كانت الصدفة والاحتمالات تستطيع ان تخلق لنا شيئا منتظما .
لو رمينا مليارت الحروف المختلفة من طائرة على مساحة محددة من الارض، وان امكن ان تتجمع تلك الحروف وتنتظم ذاتيا وعشوائيا بطريقة الصُدفة فهل ستتكون من تلك الحروف المتقاربة قصيدة من قصائد المعلقات مثلا او كتابا علميا او ادبيا ؟ فأن كان هذا الاحتمال صحيحا ، كان مولد الكون صدفة .
فهل هكذا نشأ الكون يا ستيفن هوكينج ؟ ام تريد عن طريق نكران الخالق نيل الشهرة والحصول على جائزة نوبل ؟ تواصل مع صباح ابراهيم فيسبوك