نقترب اليوم من نهاية العالم كما كنا تماماً خلال الحرب الباردة

قبو يوم القيامة لمخزون الحبوب

لورانس كراوس وروبرت روزنر
أعلنت نشرة علماء الذرة «ساعة نهاية العالم» نقل التوقيت الخاص بها 30 ثانية للأمام، وتقول المنظمة إن الساعة الآن أقرب إلى النقطة الرمزية للإبادة، مما كانت عليه منذ عام 1953 في ذروة الحرب الباردة.

وبعد أيام من أداء دونالد ترمب قسم تولي منصبه الجديد، أعادت نشرة علماء الذرة ضبط ساعة نهاية العالم إلى دقيقتين ونصف الدقيقة إلى منتصف الليل، ويرجع ذلك جزئياً إلى التعليقات المزعزعة للاستقرار والتهديدات التي أطلقها القائد الأعلى الجديد للأمة الأميركية. وبعد مرور عام كامل، تعيد المنظمة ضبط توقيت الساعة من جديد بواقع 30 ثانية، نظراً لفشل الرئيس ترمب وغيره من زعماء العالم في التعامل مع التهديدات المحدقة باندلاع الحرب النووية والتغييرات المناخية.
ويقدر مجلس العلوم والأمن لنشرة علماء الذرة أن العالم ليس فقط أكثر خطورة اليوم مما كانت عليه الأوضاع قبل عام كامل، بل هي أكثر تهديداً كما كانت كذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي واقع الأمر، فإن ساعة نهاية العالم باتت أقرب إلى منتصف الليل اليوم، كما كانت في عام 1953 عندما بلغت مخاوف الحرب الباردة آنذاك أعلى مستوياتها.
ووصف الموقف النووي العالمي بأنه شديد الخطورة يوحي بالتقليل من المخاطر الحقيقية والتهوين من الطابع الفوري الذي تتسم به تلك المخاطر. يبدو أن برنامج كوريا الشمالية النووي قد أحرز قدراً معتبراً من التقدم في عام 2017، مما يزيد من المخاطر على النظام الكوري الشمالي نفسه، وعلى البلدان المجاورة في المنطقة، وعلى الولايات المتحدة الأميركية كذلك.
ولم يكن الفشل في العام الماضي (2017) في تأمين التجميد المؤقت لتطوير القدرات النووية الكورية الشمالية مفاجئاً لمراقبي حالة الخطاب النووي المتدهورة بين الرئيس ترمب وزعيم كوريا الشمالية. ولكن البرنامج النووي الكوري الشمالي سوف يتردد صداه ليس في منطقة آسيا والمحيط الهادئ فحسب، حيث تعيد الدول المجاورة النظر في خياراتها الأمنية، وإنما على نطاق أوسع، مع استعراض كافة البلدان لتكاليف وفوائد الإطار الدولي لمعاهدات واتفاقات حظر الانتشار النووي.
ولقد تفاقمت المخاطر النووية العالمية من خلال العلاقات الأميركية الروسية التي باتت أكثر توتراً وسخونة عن ذي قبل. ولا تزال الولايات المتحدة وروسيا على خلاف قائم، مع استمرار المناورات العسكرية على طول حدود دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الأمر الذي يقوض من معاهدات القوات النووية متوسطة المدى، ورفع مستويات الترسانات النووية، والتخلي عن مفاوضات الحد من التسلح.
كما ارتفعت مستويات التوتر بشأن بحر الصين الجنوبي. وتواصل الهند وباكستان بناء المزيد من ترسانات الأسلحة النووية. وفي منطقة الشرق الأوسط، تضيف حالة عدم اليقين السائدة بشأن استمرار الدعم الأميركي للاتفاق النووي المبرم مع إيران المزيد من القتامة على الصورة العامة للأوضاع هناك. ومن المخاطر ذات الصلة أيضاً، ارتفاع التهديدات السيبرانية التي تستهدف البنية التحتية الوطنية، بما في ذلك شبكات الطاقة الكهربائية، وإمدادات المياه، والنظم العسكرية.
وعلى نطاق التغييرات المناخية، قد تبدو الأخطار أقل إلحاحاً من خطر الفناء النووي، ولكن تجاهل الزيادات الكارثية في درجات حرارة كوكب الأرض على المدى البعيد باتت تستلزم الاهتمام العاجل الآن. إذ لم تُظهر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية حتى الآن بداية الانخفاض المستمر في درجات الحرارة صوب الصفر، التي سوف تصل إليها إن أردنا تجنب زيادة الاحترار العالمي. وسوف يتعين على دول العالم التقليل بصورة كبيرة من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري من أجل إدارة المخاطر المناخية المقبولة، وفقاً لاتفاقية باريس المناخية. وحتى الآن، لم تصل الاستجابة العالمية لهذه المشكلة إلى مستوى التصدي لهذه التحديات القائمة.
وجاء قرار الإدارة الأميركية بغض الطرف تماماً عن قضية التغييرات المناخية في ظل الأحوال المناخية المتفاقمة، بما في ذاك الأعاصير العاتية والقوية للغاية في البحر الكاريبي وغير ذلك من المناطق في أميركا الشمالية، وموجات الحرارة الشديدة في أستراليا وأميركا الجنوبية وآسيا وأوروبا وكاليفورنيا. ولقد سجل الغطاء الجليدي في القطب الشمالي أدنى حد له في الشتاء على الإطلاق في عام 2017. وفي الأسبوع الماضي، أظهرت البيانات المسجلة في عام 2017 استمرار اتجاه الدفء العالمي بصورة استثنائية.
وإننا نعتقد أن الوضع الأمني العالمي الخطير والموصوف هنا، يبرر في حد ذاته تحريك ذراع ساعة نهاية العالم صوب منتصف الليل. ولكن هناك أيضاً تهديد حقيقي متمثل في الانهيار الأساسي في النظام الدولي، الذي تفاقم بشكل خطير إثر التصرفات والإجراءات الأميركية الأخيرة. وفي عام 2017، تراجعت الولايات المتحدة عن الدور القيادي الذي اضطلعت به منذ فترة طويلة على مستوى العالم، وقللت من التزاماتها سعياً وراء الأرضيات المشتركة وتقويض الجهود الشاملة المعنية بإيجاد الحلول للتحديات العالمية الملحة. ولم يتمكن الحلفاء أو الخصوم من التنبؤ بشكل موثوق منه بالتصرفات الأميركية، أو التمييز بين التصريحات الأميركية الصادقة وبين الخطابات المنطلقة للاستهلاك الإعلامي العام.
يحتاج حلفاء الولايات المتحدة إلى طمأنة بشأن النوايا الأميركية أكثر من أي وقت مضى. وبدلاً من ذلك، اضطروا إلى التفاوض على مجموعة كبيرة من التصريحات السياسية المتضاربة من الإدارة الأميركية التي أصابها الوهن بسبب كوادرها المهنية العاملين في السياسة الخارجية، وباتت تعاني من الدوران المستمر في شخصيات القيادة العليا. وتحت القيادة غير المنضبطة والمثيرة للإزعاج المستمر، فشلت الإدارة الأميركية في صياغة، وتنسيق، والتواصل الواضح بشأن السياسة النووية المتماسكة. وأسفر هذا التناقض الصارخ عن تحديات كبيرة لقدرات الردع، وإدارة التحالف الدولي، والاستقرار العالمي.
إننا نأمل أن إعادة ضبط ساعة نهاية العالم سوف تُفسر تماماً على النحو المقصود منها: أي الإنذار العاجل من الخطر العالمي المحدق. لقد حان الوقت لقادة العالم للتصدي للمخاطر النووية التي تلوح في الأفق والتغيرات المناخية المستمرة منذ فترة طويلة. وحان الوقت أيضاً لشعوب العالم للمطالبة باتخاذ مثل هذه الإجراءات العاجلة. لقد حان الوقت لعكس عقارب ساعة نهاية العالم.
– خدمة «واشنطن بوست»

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.